الوثائق السرية
ما الذي تكشفه الوثائق السرية عن مآساة البوسنة؟… سيبربا نيتسا هو اسم لمدينة جبلية صغيرة جميلو هادئة موجودة في شرق منطقة البوسنة والهرسك والتي كانت جزء من الاتحاد اليوغسلافي الذي كان يضم إلى جانب البوسنة والهرسك كلا من، صربيا، كرواتيا، سلوفينيا، الجبل الأسود، مقدونيا،
في الثمانينات كانت التركيبة السكانية لسيربانيتسا كالتالي: 68% من المسلمين البوسنيين والمعروفين باسم البوشناق 28% من الصرب، وكمناطق كثيرة في الاتحاد اليوغسلافي كانت المجموعتين العرقيتين الرئيسيتين في المدينة الذين هم المسلمون متعايشين مع بعض بدون أي مشاكل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية،
لكن بعد حوالي عشر سنين ذات المدينة الهادئة وقعت بها واحدة من أسوء و أبشع المجازر في التاريخ، أكثر من 8000 رجل وشاب من مسلمي البوشناق تم قتلهم بدم بارد بعدما تم جمعهم في مستودعات ومدارس وحقول،
وفي حين تم اغتصاب ألاف النساء وتهجير أكثر من 20000 أخرين وتركهم المدينة، من فعل كل هذا؟ هم مليشيات عسكرية وعناصر من الشرطة الصربية.
الوثائق السرية | ما الذي تكشفه الوثائق السرية عن مآساة البوسنة؟
الوثائق السرية | ما الذي تكشفه الوثائق السرية عن مآساة البوسنة؟
لماذا الصرب كانوا بهذا الإجرام والوحشية؟
الصرب طوال حياتهم عنصريين ويكرهون المسلمين و قوميتهم الشديدة واعتقادهم أنهم عرق متفوق هو الذي جعلهم يرتكبون هذه المذبحة البشعة، هذه هي القصة المشهورة لكن هل هي صحيحة وما علاقة صندوق النقد الدولي بالأمر، هذا ما سنعرفه في هذا المقال الذي سيكشف لكم الحقائق التي قد تعمد إخفائها وتهميشها.
بعد خسارة ألمانيا للحرب العالمية الثانية عام 1945 تحررت مملكة يوغسلافيا من الاتحاد الالماني، وفي ذات السنة أعلنت تأسيس اتحاد الجمهوريات اليوغسلافية الذي كان يضم ستة دول الذين ذكرناهم،
وتم تعيين الكرواتي جوزيف بروزتيتو رئيس لهذا الاتحاد وعلى مدار 40 عام ظلت العلاقات بين الدول الستة والأعراق والطوائف المختلفة التي تعيش في الاتحاد تعاونية وسلمية إلى حد كبير والدليل أنه طوال هذه السنين لم يحصل أي اقتتال على أي أساس عرقي، ممكن حوادث أو مشاجرات فردية لكن لم يحصل قتال على نطاق واسع،
الجميع كان متعايش مع بعضه تحت شعار الأخوة والوحدة الذي أطلقه جوزيف بروزتيتو خلال الوحدة، لذلك لا نستطيع القول أن الصرب ومسلمي البوسنة و ألبان كوسوفو والكرواتيين والسلوفينين والمقدونيين الذي عاشوا سوية لأكثر من 4 عقود من الحرب العالمية الثانية كانوا يكرهون بعضهم،
لكن التفسير الساذج الذي قاله ألغور نائب بيل كلينتون عام 1995 عندما كان يشرح أسباب تفكك الاتحاد اليوغسلافي قال أن هذه مأساة تتكشف منذ فترة طويلة والبعض يقول أن جذورها تعود ل500 عام، لكن ما الذي حصل بالضبط حتى تغيرت أحوال ونفوس الصرب بهذا الشكل في غضون عشر سنوات؟
للأسف الصحف الاعلامية والبرامج التلفزيونية التي غطت حرب البوسنة وبداية تفكك الاتحاد اليوغسلافي في 1992 لم تحاول أن تحلل أسباب وجذور هذا النزاع، ببساطة لأن البحث والتحليل سيصل إلى حقائق محرجة جدا للبعض.
في أواخر فبراير 2012 نشرت WikiLeaks وثيقة سرية مسربة من مركز الدراسات الاستراتيجية والعلمية الامريكي stratfor، وهذه الوثيقة يعود تاريخها لعام 2009 تقول ادارة المركز للمحللين: لا تنسوا ان تدابير التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي على يوغسلافيا كانت السبب بشكل جزئي في اندلاع الحرب هناك،
وهذا معناه ان صندوق النقد الدولي وبرامج التكيف الهيكل الخاص به كان لها دور رئيسي بوصول الوضع في يوغسلافيا لنقطة الحرب و الاقتتال بين الاعراق المختلفة، ليس فقط مركز stratfor الذي رأى هذا،
لو عدنا للوراء لعام 1995 سنجد أن المحلل الكندي ميشيل شوسودوفسكي يقول: اثناء تعليقة على اتفاقية دايتون للسلام التي انتهى بموجبها الصراع في البوسنة والهرسك أن تفكك الاتحاد اليوغسلافي له علاقة مباشرة ببرنامج إعادة هيكلة الاقتصاد الكلي الذي تم فرضه على حكومة بلغراد من قبل دائنيها الخارجيين
وقد ساهم هذا البرنامج الذي بدأ تنفيذه على عدة مراحل بداية من 1980 في دفع الاقتصاد الوطني نحو الانهيار مما أدى إلى تفكك القطاع الصناعي وتفكيك دولة الرفاه بشكل تدريجي، وفي كاتبه مأساة البلقان الذي صدر عام 1995.
قالت عالمة السياسة الأمريكية الشهيرة سوزان وودورد: أن تفكك يوغسلافيا لم يكن نتيجة ظهور التوترات والنزاعات العرقية لأول مرة منذ 40 عام كما يروج البعض بل السبب الحقيقي هو التدهور الاقتصادي الذي كان سببه لحد كبير برنامج سداد الديون الذي فرضه صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات المالية والدولية الأخرى على يوغسلافيا،
وقالت أيضا: أن الاشارة إلى الكراهية العرقية باعتبارها السبب في الذي حصل هو تدليس وقلب للحقائق.
ما علاقة التدهور الاقتصادي بالمشاكل التي حصلت في البوسنة والهرسك؟
كي نجيب على هذا السؤال يجب أن نتطرق لهذه القصة، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ازدهرت اقتصادات القوى الغربية بشكل كبير جدا وحققت طفرات رأسمالية هائلة الوضع بقي هكذا لحد عام 1973،
وهذه السنة التي انهارت بها تماما اتفاقية بريتموتس الخاصة بمعيار الذهب التي قامت بها دول أوبك بزعامة السعودية بحصر النفط ومنع وصوله للاقتصادات الغربية في إطار دعمها لمصر في حرب أكتوبر وخلال عام واحد تضاعفت أسعار النفط 4 مرات،
وهذا أدى لأزمة في ميزان المدفوعات عند الدول المستوردة للنفط ومن ناحية أخرى أفاد الدول المصدرة التي كثير منها أخذ قروض من البنوك الأوروبية لأن اسعار الفائدة القليلة جدا في ذاك الحين جعتها وكأنها (أموال ببلاش)،
وهكذا توالت الأزمات لحدما الاقتصاد الأمريكي وقع في فخ الركود التضخمي في منتصف السبعينات وهذا أسوء شيء ممكن أن يحدث لأي اقتصاد لأن هذا يعني أن هنالك ركود وتضخم في نفس الوقت، الوضع الاقتصادي في اميركا كان سيء جدا وكان لابد من حل،
بول فولكر قال لدي حل في عام 1979 تم تعينيه كرئيس لمجلس الاحتياط الفيدرالي الذي هو البنك المركزي لأمريكا، هذا الرجل قال أنا اريد السيطرة على التضخم بأي شكل ومهما كان الثمن فقام برفع معدلات الفائدة لمستويات غير مسبوقة كي يسحب الاموال من ايدي الناس،
فولكر وصل الفائدة لحد 20% وهذا رقم كبير جدا خاصة في امريكا التي كانت ومازالت تملك اكبر اقتصاد في العالم، معدل الفائدة الرئيسي حاليا في أمريكا هو 1% لاحظوا الفرق الكبير،
طبعا الدول التي كانت تقترض من غير حساب من البنوك والمؤسسات الغربية تضررت جدا من هذه الحركة وهذه الضربة كانت مزدوجة، من ناحية الدين الذي كانت هذه الدول تدفع عليه فائدة دولار واحد اصبحت تدفع عليه 20 دولار،
ومن ناحية أخرى اسعار السلع التي كانت تبيعها في الاسواق العالمية وتأخذ مقابلها دولار قلت بشكل كبير باختصار تكلفة خدمة الدين ازدادت وإيرادات الصادرات انخفضت، الحل كان بسيط هم مديونين ولا يستطيعون أن يسددوا الديون فصندوق النقد الدولي سيعطي قروض لتسديد الديون القديمة لكن بشرط أن تنفذ غرامة التكيف الهيكلي،
وهذا كان رأي يوغسلافيا التي كانت واقعة في ديون لأمريكا أخذتها منها خلال الحرب العالمية الثانية وواشنطن أعطتها درس كي تبعدها عن المعسكر السوفيتي الاشتراكي التي تركته من وقت خلاف تيتو مع ستالن عام 1948،
في عام 1970 كان الدين الخارجي ليوغسلافيا لا يتعدى 2 مليار دولار وفي عام 1975 ال 2 مليار أصبحوا 5 مليار وفي عام 1980 أصبحوا 20 مليار دولار، وهذا كان يعادل حوالي ربع الدخل القومي وخدمة الدين كانت تأخذ لوحدها 20% من عوائد الصادرات وكي تخرج من الأزمة بسلام انضمت يوغسلافيا لصندوق النقد الدولي في أوائل الثمانينات،
يوغسلافيا كانت دولة شيوعية بعيدة عن المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي وهذا يفسر كيف كانت يوغسلافيا عضو في المنظمات الرأسمالية والشيوعية في ذات الوقت، عام 1981 وافق صندوق النقد الدولي أن يعطي يوغسلافيا أول قرض وكان بقيمة 2.1 مليار دولار وكان هذا القرض حينها أكبر قرض في تاريخ الصندوق،
وفي اليد الأخرى الصندوق أعطى يوغسلافيا تفاصيل برنامج التكييف الهيكلي الذي ستنفذه الذي كان عبارة عن مجموعة من السياسات التقشفية، و وعد يوغسلافية أن اقتصادها سيتعافى لو نفذوها بحذافيرها و كانت تشمل هذه السياسات.
على سبيل المثال إلغاء الدعم على المواد الغذائية وحظر شبه كلي للواردات التي لن تستخدم بعملية الانتاج وتجميد الاستثمار في البنية التحتية وخفض المعاشات و بيع بعض شركات القطاع العام والجزء المتبقي من الشركات ملزم بتسريح أعداد كبيرة من العمالة لديه كي تزيد أرباح هذه الشركات وتعلى تنافسيتها،
وهذا كان نتيجته أنه في الفترة ما بين عامي 1979-1985 انخفض الدخل الحقيقي للعمال في يوغسلافيا بحوالي 25% وبعدها بأربع سنين كان حوالي 60% من العمال يعيشون بمبالغ أقل من الحد الادنى للجوع وتراجع مستوى المعيشة حوالي 40% اجراءات التقشف ساهمت بالفعل بخفض عجز ميزان التجار من 7.2 مليار دولار في عام 1976 ل600 مليون دولار في عام 1988،
ولكن في ذات الوقت الدين الخارجي عاد من جديد وارتفع لأكثر من 20 مليار دولار والانتاج الصناعي الذي كان ينمو حوالي 7.1% في المتوسط في الفترة ما بين 1966-1979 انخفض معدل نموه ل 2.8% في الفترة بين 1980 و1987 وهذا قبل أن ينخفض لصفر عام 1988 وينهار تماما وينكمش بنسبة 10.6% عام 1990،
الاجراءات الشديدة حقا تم فرضها في يناير عام 1990 عندما وقعت يوغسلافيا مع الصندوق وافقت خلاله على خفض الانفاق بما يعادل 5% من ناتجها المحلي وطبقا للاتفاق يوغسلافيا كانت ملزمة أن لا تزيد الأجور وتثبتها عند مستوياتها التي كانت موجودة من نوفمبر 1989،
وعلى الرغم من أن الدينار اليوغسلافي كان مربوط بالمارك الألماني إلا أن الأسعار ارتفعت بشكل كبير في أول ستة أشهر من سنة 1990 والأجور الحقيقية انخفضت أكثر من 41% أما التضخم فخرج عن السيطرة ووصل لأكثر من 1000% عام 1993 وكان من ضمن الشروط أن الحكومة تتوقف عن تمويل الشركات الحكومية الخاسرة،
وعلى هذا الأساس تمت تصفية 889 شركة حكومية يعمل بها 525 ألف عامل في أول تسع أشهر في عام 1990 وهذا غير 248 شركة تمت تصفيتها بالكامل في عام 1989 كان يعمل بها 89 ألف عامل، هذه الشركات أغلبها كان في صربيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا واقليم كوسوفو،
وأخطر ما في الاتفاق هو موافقة يوغسلافيا على حق صندوق النقد الدولي بمنعها الحصول على الائتمان من البنك المركزي، فالحكومة لم تكن تستطيع أن تقترض من البنك المركزي الخاص بها الا بموافقة صندوق النقد وهذا شل الحكومة وجعلها غير قادرة على تمويل خططها ومشاريعها الاقتصادية والاجتماعية،
كل هذا كان يحدث في اتحاد من مكون من ستة دول ومنطقتين مستقلتين هم كوسوفو وفولكلينا الذين يقعون في صربيا وبعدما تدهورت الامور أكثر كل دولة بدأت تعيد حسابتها لتنجو بنفسها من الجحيم الاقتصادي الذي يسيطر على الاتحاد اليوغسلافي،
لو شاهدنا خريطة الاتحاد اليوغسلافي قبل الانهيار سنى في الشمال سلوفينيا وكرواتيا وفي الجنوب سنجد البوسنة والهرسك وصربيا ومقدونيا والجبل الاسود وكوسوفو،
دول الشمال كانت هي الأغنى والأكثر ثراء مقارنة مع جيرانها في الاتحاد لذلك عندما تدهورت الاوضاع كرواتيا وسولوفينيا أحسوا بالظلم وكانوا يروا ان عوائد اقتصادهم و إنتاجيتهم العالية يتم نقلها للجنوب الفقير وهذا الشعور بالظلم ازداد جدا في أواخر الثمانينات وتحديدا عندما أثار سياسات صندوق النقد الدولي بدأت بالظهور في هذا الوقت وصلت البطالة في سلوفينيا ل5% وفي كرواتيا 7%
وهذه كانت نسب ضئيلة مقارنة مع 15% بطالة في صربيا و 40% بطالة في كوسوفو، اما معدلات التضخم كانت مثل فنزويلا الأن ووسط يأس الناس وكفاحهم لإطعام أولادهم ظهرت الحركات القومية التي أقنعت الدول الغنية في يوغسلافيا ان شركائهم في الاتحاد هم الذين يؤخرون نموهم،
واقنعت الدول الفقيرة أن كرواتيا وسلوفينيا يسرقونهن ويأخذون فلوس الاتحاد، هذا التفاوت بين الدول حصل بسبب أن الحكومة في يوغسلافيا ركزت في المناطق الصناعية في سلوفينيا وكرواتيا في حين أن صربيا كانت تقوم بشكل كبير على الزراعة الذي هو أقل من ناحية العوائد مقارنة بنظيره الصناعي، أما البوسنة والهرسك كانت مهملة بشكل كبير والأموال المقدمة لها من الاتحاد انخفضت بشكل كبير جدا بعد دخول صندوق النقد الدولي،
وهذا كان السبب الرئيسي وراء انخفاض مستويات المعيشة هناك، سلوفينيا تركت الاتحاد في نهاية 1990 بعد ما قامت باستفتاء وافق فيه 88% من الشعب على الخروج من الاتحاد، وقالت أنها لن تدفع لأحد أو تتحمل أعباء أحد،
أما الكرواتيين أعلنوا انفصالهم عن يوغسلافيا في 1991 ودخلوا في حرب مع الجيش الشعبي اليوغسلافي الذي كان يسيطر عليه الصرب واستمرت الحرب بينهم لحدما نجحت كرواتيا بالحصول على استقلالها في عام 1995،
وتبقى صربيا والبوسنة والهرسك والجبل الاسود ومقدونيا والمنطقتين المستقلتين كوسوفو وفوفودين اغلب الصرب احسوا أن الأمور تفلت من يدهم والاتحاد على وشك الانهيار ويوغسلافيا محتاجة واحد بنفس اجرام هتلر الذي للأسف وجدوه ويدعى سلوبودان ميلوشيفيتش،
27 أبريل عام 1987 سافر ميلوشيفيتش لإقليم كوسوفو ذو الاغلبية المسلمة ووقف امام حشد هائل من الصرب الغاضبين في مركز كوسوفو وخطب فيهم خطبة صور لهم من خلالها أنهم مهددين من قبل الألبان المسلمين الذين يعيشون معهم في كوسوفو واعلن نفسه بطل للصرب،
ميلوشيفيتش كان يعلم أن هذا كلام فارغ ومواقفه السابقة تبين ذلك، لكنه حاول يستغل اللحظة لأنه كان يعلم أنه أي كلام سيقوله غير هذا الأناس الغاضبة لن تسمعه، وهذا ساعده أن يتولى رئاسة صربيا بعد هذا الخطاب بعامين فقط، وببعض اللطافة استطاع ميلوشيفيتش وغيره من السياسيين الصرب تحويل غضب الناس ناحية بعضهم البعض،
وهذا بعدما كان الشعب اليوغسلافي بشكل عام يتهم قياداته السياسية بالفشل، تماشيا مع السياسة الجديدة بدأت وسائل الإعلام الصربية تبث دعاية معادية لألبان كوسوفو وأنهم سبب التدهور الاقتصادي بسبب معدل مواليدهم الكبيرة وأنهم يخططون للانفصال عن يوغسلافيا لينضموا لألبانيا وبذلك سيأخذون الموارد الطبيعية للإقليم،
وهذا إضافة لاختلاق وسائل العلام حوادث عنف لم تحدث زعموا من خلالها أن الألبان اعتدوا على الصرب وبنفس الوقت تم تنظيم مظاهرات حاشدة للترويج للقومية الصربية في جميع انحاء صربيا،
المشهد كان عبثي بامتياز فالعامل الذي فصل من عمله بسبب تنفيذ الحكومة لتوجيهات صندوق النقد الدولي بدل أن ينتقد هذا ذهب للتظاهر ضد ألبان كوسوفو واحتد عليهم مع ان الالبان نفسهم كانوا ضحايا لذات الاجرام
ويعيشون في كوسوفو التي هي أفقر منطقة في الاتحاد اليوغسلافي وارتكب ميلوشيفيتش جرائم عنف وإبادة ضد البوشناق في البوسنة والهرسك والألبان في كوسوفو،
وفي يوليو من عام 1995 حصلت المجزرة الابشع على الاطلاق عندما دخلت المليشيات الصربية لمدينة سربرنيتسا في البوسنة وعزلوا الرجال بداية من عمر 12 عام عن أهلهم قبل أن يقتلوهم ويدفنوهم في مقابر جماعية،
ووفقا لنيويورك تايمز هذا كله حدث تحت سمع وبصر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي اقنعت سكان المدينة بتسليم سلاحهم بعد أن وعدتهم بحمايتهم وحماية المدينة.
التفاصيل التي تم تجاهلها عن عمد كانت ستكون المحرك الرئيسي للأحداث والصورة يجب أن تحكى كاملة، كل الملابسات والتفاصيل التي تكلمنا عنها ليست سر وهي ببساطة مدفونة في كتب ودراسات وأبحاث ووثائق استخباراتية وكل ما تحتاجه كي تفهم هذا الموضوع هو قدرة وصبر على البحث والتحليل وقبل هذا كله أن تتخلى عن وجهات نظرك المسبقة حول هذا الموضوع تحديدا.
خاتما سنشير لتقرير ارسله الصحفي الامريكي الشهير والكاتب السابق لصحيفة وول ستريت جورنال جود وانيسكي في مايو 1993 لوزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت يوجد عبارة في التقرير تقول الاتي:
في عام 1987 كانت يوغسلافيا القديمة رغم كل إخفاقاتها لاتزال دولة عاملة ثم تولى صندوق النقد سياستها الاقتصادية ونفذ بها برنامجه المعروف للعلاج بالصبر ث
م بدأ تمزق الاتحاد بعد ان رأت سولوفينيا وكرواتيا الأكثر ثراء أن جيرانهم الأكثر فقرا يستنفذون مواردهم وتم احياء الخصومات العرقية والدينية في محاولة للسيطرة على الموارد المتقلصة بسرعة،
ولم يتحول الناس العاديون في يوغسلافيا لوحوش عنصرية الا بعد ان تم تدمير جميع خياراتهم في عيش حياة اقتصادية عادية ولم يظهر التطهير العرقي الا بعد ان ظهرت اثار العلاج بالصبر.
الوثائق السرية | ما الذي تكشفه الوثائق السرية عن مآساة البوسنة؟
اقرأ أيضاً… أسباب الحرب العالمية الأولى الحقيقية
اقرأ أيضاً… ثلاث خرافات عن إسرائيل