التمويل الجماعي : الحاجة الاقتصادية إلى التمويل الجماعي مع الدكتور معن قطامين
على الرغم من توفر الوظائف عالمياً، إلا أنها غير كافية.
منذ فترة أعلنت السكك الحديدية الهندية عن أكبر عملية توظيف في العالم، 90 ألف وظيفة. وتقدم لها 28 مليون شخص.
إن عدد العاملين في العالم الذين يعيشون حالياً تحت خط الفقر المدقع ولا يملكون التمويل، يقارب 176 مليون إنسان.
تقول منظمة العمل الدولي أنه في عام 2017 بلغ معدل البطالة عالمياً 5.6%، وهذا يعني 192 مليون إنسان عاطل عن العمل في العالم.
وفي العالم العربي وصل معدل البطالة إلى 8.3%، وفي دول شمال أفريقيا 11.5% وفي الأردن 18.7%.
مفهوم التمويل الجماعي والريادة
ومام الشباب ثلاث طرق لبدء حياتهم العملية، إما البحث عن العمل لدى الحكومة أو العمل في القطاع الخاص.
أو أن يشقوا طريقهم في الحياة من خلال بدء مشاريعهم الصغيرة هذه تدعى الريادة.
العمل لدى الآخرين أصبح شحيحاً، والدليل أرقام البطالة التي ذكرناها قبل قليل، إذن، الحل هو في الريادة.
والريادة مهمة جداً للعالم بشكل عام وللعالم العربي والشرق الأوسط أيضاً.
هل تعلم أن أكبر خمس شركات في العالم بدأها رياديون؟ Apple، Amazon، MicroSoft، facebook، Google. وطبعاً ملايين غيرها.
الحل أن تفتتح عملاً. لكن هناك مشكلة بسيطة وهي التمويل. آلاف الدراسات بيّنت أن أهم سبب لعدم قدرة الرياديين على بدء مشاريعهم الصغيرة هو نقص التمويل.
ما الخيارات التمويل ؟ هل الأهل والأصدقاء، أم المصارف؟ لكن المصارف غالباً لا تعط تمويلاً للشركات الناشئة.
إلا إذا توفر رهن أرض أو عقار أو كفلاء وغيرهم. أي لا يعطون تمويلاً لفكرة فقط ولو كانت عظيمة جداً.
إن القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل حوالي 9.3% ، من مجمل القروض المصرفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يبقى عندك رأس المال المغامر أو الجريء Venture Capital. وهؤلاء نادراً ما يمولون مشاريع، وإذا مولوا غالباُ يقيدون الشركة الناشئة.
ويأخذون نسبة كبيرة من الحصص فيها، ويصبحوا في مجلس الإدارة. يعني سيطرة شبه تامة على العمل، ليس جميعهم بل جلهم.
حلول التمويل الجماعي
هناك حاجة هائلة للتمويل، ولأن الحاجة أم الإختراع فبعد الأزمة العالمية عام 2008 وإنهيار النظام المالي العالمي وضعف قدرة المصارف على التمويل.
برز مفهوم جديد إسمه التمويل الجماعي أو الجماهيري Crowd Funding.
وأهم شيء ساعد في انتشار هذا المفهوم هو ثورة الإنترنت وثورة التواصل الإجتماعي وأصبح هو في حد ذاته ثورة جديدة في عالم التمويل
ما هو التمويل الجماعي
من خلال منصة على الإنترنت تقدر أن تسوق مشروعك الخاص وتطلب من الناس أن تمولك
هناك خمسة استراتيجيات أمامك
نظام التبرع Donation Crowdfunding
مثلاً تريد أن تبدأ مشروع عيادة أسنان في منطقة نائية، يمكن أن تأتيك تبرعات بدون مقابل غير أن تفتح عيادتك
نظام المكافأة Reward CrowdFunding
ويعني أنك تعطي مكافأة للذي يمولك، مثل أن تؤلف كتاباً وتنشره، يمكنك أن تعطي الذي يتبرع لك نسخة منه.
أهم موقع تمويل جماعي قائم على مبدأ المكافآت في العالم هو kick starter وقد وفر دعم للرياديين أكثر من 15 مليون شخص من خلال دعم تمويل أكثر من 150 ألف فكرة
نظام الاشتراكات Subscription CrowdFunding
فإذا أردت أن تؤسس نادياً رياضياً، تعطي الذي يساهم بمئة دولار إشتراكاً لمدة ستة أشهر، على سبيل المثال، هكذا يصبح مشتركاً ومساعداً لك.
نظام القروض Debt Crowdfunding
أو الند للند Peer To Peer Crowdfunding.
وعلى فكرة هذا هو الأغلب انتشاراً في العالم، أي تستدين من الجمهور بقيمة استثمارك وتقسطهم إياه مع الفائدة.
نظام الملكية Equity CrowdFunding
يعني الذي يدفع 10 دولار أو 100 أو 1000 تعطيه أسهم في الشركة بقيمة مساهمته.
كيف يتم كل ذلك
يتم عن طريق منصات تمويل جماعية، حيث تقوم بدراسة مشروعك وترفعه لواحد من هذه المنصات وتقوم بالترويج له وتنتظر أن يأتيك التمويل.
غالباً المساهمين يدفعون لمحفظة معينة وعندما يكتمل التمويل يصلك وتبدأ عملك والمنصة تتقاضى نسبة من هذه العملية قد تصل من 3% – 5%
هل هذا حل جيد؟
في دراسة لشركة Ernst & Young العالمية في عام 2012 بينت أنه كان يوجد حوالي 452 منصة تمويل جماهيري في العالم.
هذا الرقم ارتفع في عام 2014 إلى حوالي 1000 منصة، في عام 2016 وصل إلى أكثر من 2000 منصة، وفي عام 2018 هناك حول العالم أكثر من 3000 منصة.
تمت خلالهم تمويل مئات الآلاف من المشاريع. أكبر ثلاث شركات في العالم للتمويل الجماعي هم Kick Starter و indiegogo و Circleup.
ومثلما الاقتصاد التشاركي خلق شركات ضخمة جداً في مجالات عديدة مثلاً في النقل أنشأ Uber و Careem و blablacar و lyft.
في الضيافة أنشأ Airbnb والخدمات freelancer و taskRabbit وغيرها.
الاقتصاد التشاركي اليوم سيغير خارطة التمويل في العالم.
لأنه بصراحة سيطرة المصارف على التمويل لا بد أن تنتهي وخصوصاً أن المصارف تعطي الشركات الكبيرة فقط.
وهذا مهم لكن فيه تجاهل كبير للشركات الناشئة والرياديين الذين يحتاجون في كثير من الأحيان دفعة بسيطة ليحققوا طموحاتهم.
وهذا الذي يحدث حالياً
اليوم وفقاً لتقرير لمجلة Forbes العالمية التمويل الجماعي لعام 2016 تجاوز التمويل المقدم من رأس المال المغامر.
التمويل الجماعي في عام 2012 بلغ 2.7 مليار دولار، عام 2013 بلغ 6.1 مليار دولار، في عام 2014 وصل إلى 16 مليار، وفي عام 2015 وصل إلى 34.4 مليار دولار.
والمصرف الدولي يتوقع أن يصل التمويل الجماعي إلى أكثر من 90 مليار بحدود عام 2020.
لاحظوا النمو الهائل والسريع لهذا القطاع.
ضرورات تمويل الريادة في العالم العربي
بناءً على ما سبق، وأقدر أن أقول أن الحل هو في تمويل الريادة في العالم النامي والشرق الأوسط، هو في تطوير آليات ومنصات التمويل الجماعي.
لهذا أتمنى على حكومات العالم العربي أن تبدأ وفوراً بتنظيم هذا السوق التمويلي، بأسرع وقت ممكن.
ويمكن أنها تسترشد بسلطة دبي للخدمات المالية، التي وضعت إطار تنظيمي خاص بمنصات التمويل الجماعي، سواء القروض أو الاستثمار.
وأيضاً هيئة السوق المالية السعودية، التي رخصت أول شركة تمويل جماعي في المملكة.
ليس علينا أن ننتظر حتى شباب العالم العربي يفقدوا الأمل، ولا يظل عندهم أية خيارات. يجب أن نتحرك بسرعة كبيرة جداً. وإلا المستقبل يمكن أن يكون مظلماً أكثر مما هو عليه الآن.