حاول أن تعرف نفسك هل أنت من المنافقين، والمقصود هنا النفاق العملي لا النفاق العقدي.
فالنفاق العقدي من السهل على الإنسان أن يدرك هل هو منافق أم لا، لأن النفاق العقدي معناه أن يظهر الإنسان الإسلام ويبطن الكفر.
لكن النفاق العملي هو الذي يصعب على الإنسان أن يكتشفه وهو معناه عدم الوفاء لله ببيعته.
تعريف المنافقين العمليين
أنت بينك وبين الله بيعة، عليك دين لله، وهذا الدين أكّده الله في التوراة والإنجيل والقرآن: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.
وأنت المطلوب منك في هذه الحالة أن تنصر دين الله، وأن تبذل ما تستطيع من النفس والمال في سبيل نصرة الدين.
فإذا كنت مقصراً في هذه البيعة ولم تحس بذلك ولم تحس بالتقصير، وكنت تظن أنك على خير وإن لم تؤد الحق الذي عليك فهذه علامة بارزة على النفاق العملي.
قال الله تعالى: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا*ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيما*
وتعليق عذاب المنافقين بالمشيئة دليل على أن النفاق هنا هو النفاق العملي لا النفاق العقدي فإن مات أهله عليه فهم في الدرك الأسفل من النار ولا توبة لهم ولا رجوع.
ولذلك علق عذاب هؤلاء المنافقين بالمشيئة لأن نفاقهم نفاق عملي فهم لم يوفوا لله ببيعتهم.
تعريف الصادقين
وقد عرف الله الصادقين فقال: إنما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله إذ هم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون
عرف المنافقين بصفاتهم تقرأونها في سورة التوبة ومنها قول الله تعالى:
ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين*فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون*فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون*
فهؤلاء الذين أخلفوا الله ما وعدوه، نافقوا نفاقاً عملياً حتى لو لم يكونوا من المنافقين نفاقاً عقدياً، وهذا الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على الخوف منه.
خوف المؤمن من النفاق
أخرج البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكة قال أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما منهم أحد يقول إيماني على إيمان جبريل وميكائيل وما منهم أحد إلا وهو يخاف النفاق على نفسه.
وكذلك علق البخاري عن ابن عون قال: ما أمنه إلا منافق ولا خافه إلا مؤمن.
أي أمنه في النفاق العملي غلا المنافق وما خافه إلا المؤمن.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة فيقول: يا أبا عبد الله أنشدك بالله الذي لا إله إلا هو هل سمّاني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟
وهو لا يخاف من النفاق العقدي وإنما يخاف من النفاق العملي، يخاف أن يقصر في بيعته مع الله سبحانه وتعالى.
فإذا تجاوزت عقدة النفاق حاول أن تنظر أيضاً إلى ما دون ذلك من أنواع التقصير. هل أنت مراءٍ هل أنت مسمّع؟
كيف تحفظ نفسك من النفاق
لا بد أن تتهم نفسك بذلك دائماً ولا بد أن يكون لك فحص دوري بأعمالك.
هذه الأمور لا يطمئن الإنسان عليها إلا في لحظة واحدة وهي عند الموت عندما يقبل على الله.
لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن ظنه بالله
لكن قبل ذلك لا بد أن تتهم نفسك دائماً.