فايروس كورونا وأثره على اقتصاد العالم مع الدكتور معن قطامين
بسم الله الرحمن الرحيم، هل من المعقول أن يتأثر الاقتصاد بسبب فايروس؟
كما نرى فإن الصين بأكملها متأثرة بفايروس كورونا ولكن هل تعلم أنك أنت أيضاً ستتأثر اقتصادياً بهذا الفايروس.
أينما كنت في العالم ستتأثر حتماً بالنتائج الاقتصادية لهذا الفايروس اللعين. لكن كيف ستتأثر الصين بالفايروس وكيف سيتأثر العالم كله به.
أعلنت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي حالة طوارئ صحية عالمية بسبب تفشي فايروس كورونا .
ولغاية تاريخ 7/2/2020 بلغ عدد الإصابات بالفايروس حوالي 31 ألف إصابة وعدد وفيات 636 وفاة، أي أن الوضع يزداد خطورة يوماً بعد يوم.
كيف سيؤثر فايروس كورونا على العالم
يتأثر كما يلي:
سكان العالم حوالي 7.5 مليار إنسان وعدد سكان الصين 1.34 مليار إنسان، أي أن الصين تشكل تقريباً 19% من سكان العالم.
حجم الاقتصاد العالمي لعام 2019 كان حوالي 86 تريليون دولاراً:
الاقتصاد الأول عالمياً هو الولايات المتحدة الأمريكية ويبلغ حجم اقتصادها 20 تريليون دولاراً أي بنسبة 23% من حجم الاقتصاد العالمي.
بينما الاقتصاد الثاني عالمياً هو الصين ويبلغ 13.6 تريليون أي حوالي 15.8% من حجم الاقتصاد العالمي، وهذه فكرة بسيطة عن حجم الاقتصاد الصيني.
كيف يؤثر فايروس كورونا بالاقتصاد الصيني
لنأخذ الاقتصاد الصيني من عدة محاور:
النشاط الاقتصادي الداخلي
ومثال على النشاط الاقتصادي الداخلي هو التعليم والمطاعم وكافة الخدمات.
فايروس كورونا وقطاع التعليم
أغلب المدارس في الصين مغلقة، وفي 5/2/2020 أمرت السلطات الصينية بإغلاق جميع المدارس في شنغهاي مثلاً حتى نهاية شهر شباط على الأقل.
وذات الشيء في بكين ووهان وغيرها من المدن الصينية.
فايروس كورونا وقطاع الخدمات
عدد هائل من المطاعم في الصين مغلقة، ووفقاً لنيويورك تايمز في العاصمة الصينية بكين الحركة شبه متوقفة فلا يوجد باصات ولا قطارات ولا أحد يتحرك في الشوارع.
قدّر الاقتصاديون خسارة قطاع الخدمات من مطاعم ودور سينما ومقاهي وسياحة وغيرها تقريباً 144 مليار دولار خلال أسبوع واحد بسبب فايروس كورونا .
وهذا الخبر تم نشره في تاريخ 1/2/2020.
فايروس كورونا وأسواق المال
بداية فتح أسواق المال بعد عطلة السنة الصينية فتحت على انخفاض:
Shanghai Composite Index
انخفض تقريباً بنسبة 7.7%.
المؤشر المعياري الصيني
خسر ما يقارب 393 مليار دولار، وهذا على الرغم من أن السلطات الصينية ضخت في الأسواق المالية حوالي 174 مليار دولار حتى لا تنهار.
بنك Standard Chartered
في بنك Standard Chartered اقتصادياً تم توقّع أنه خلال الربع الأول من عام 2020 سينخفض النمو الاقتصادي الصيني من 6% إلى 4.5 %.
Goldman Sachs
يتوقع أن هذا سيؤثر على النمو الاقتصادي الأمريكي وسيخفّضه ما بين 0.4% إلى 0.5% خلال الربع الأول من عام 2020.
وهذا كله بافتراض أن فايروس كورونا سيتم احتوائه في شهر شباط من عام 2020.
فايروس كورونا والتجارة
وفقاً لجريدة Wall Street Journal:
شركة Apple
أعلنت شركة آبل عن إغلاق جميع مكاتبها وجميع فروعها في الصين.
StarBucks
لديها 4125 فرعاً في الصين يحققون لها 763 مليون دولار سنوياً تم إغلاقهم، ولهذا السبب أسهم StarBucks التي قيمتها السوقية 105 مليار هبطت 4%.
أي حوالي 4 مليار دولار بسبب إغلاق فروعها في الصين لغاية الآن.
Mcdonalds
أغلقت ما يفوق 300 فرعاً في الصين.
سلسلة Yum China
وهي Pizza Hut و KFC في الصين، أغلقت 30% من فروعها في الصين وتراقب الوضع، ويمكن أن تغلق المزيد بناءً على التطورات.
والأفرع الأخرى لهذه السلسلة انخفضت مبيعاتها بنسبة أكثر من 50% فلا أحد يرغب في الذهاب إلى المطعم وهو يخاف من أن يعطس أحدهم في وجهه.
التصنيع
بالنسبة للمصانع أيضاً عدد كبير منها أوقف عملياته، مثل Ford و Fiat Chrysler و Tesla و General Motors و Toyota Motors.
وآلاف المصانع الأخرى أغلقت على الأقل لغاية 9 شباط، ويمكن أن تستمر بالإغلاق إذا لم يتم السيطرة على الفايروس.
وهذا لا يؤثر فقط على الصين لكنه سيؤثر على سلاسل الإمداد العالمية.
صناعة السيارات
مثال على ذلك صناعة السيارات العالمية خارج الصين يدخل فيها كثير من المكونات الصينية.
شركة هيونداي الكورية هي أول شركة خارج حدود الصين توقف عمليات الإنتاج بسبب نقص القطع التي تصنع في الصين.
وبالمناسبة مدينة ووهان مسقط رأس فايروس كورونا تعتبر من أهم مدن صناعة السيارات في الصين.
صناعة الإلكترونيات
وذات الشيء ينطبق على صناعة الحواسيب وصناعة الهواتف والجوالات وصناعات كثيرة جداً مكوناتها قطع صينية.
فحتى لو تم تصنيع الكمبيوتر في أمريكا فإن أجزاءً منه ستأتي من الصين، وهذا سيؤثر على كل المنتجين والمصنعين خارج الصين ويعتمدون عليها.
السياحة
عدد سواح العالم المسافرين إلى الصين في عام 2019 كان حوالي 141 مليون سائح. معدل إنفاق السائح وفقاً لمنظمة السياحة العالمية حوالي 1800 دولار للسائح الواحد.
فإذا استمر الوضع كما هو عليه الآن لمدة عام من منع السفر، ستخسر الصين حوالي 141 مليون مضروباً ب 1800 دولار أي مبلغ 253 مليار دولار دخل سياحي.
تعتبر الصين أكبر مصدّر في العالم للسياحة ففي عام 2018 وصل العدد إلى 150 مليون سائح صيني حول العالم.
السياحة الصينية الخارجية
ماكاو 72.5 مليون، هونج كونج 49 مليون، اليابان 9.25 مليون صيني، تايلاند 10 مليون، كوريا الجنوبية 6.25 مليون، فرنسا 2.5 مليون، إيطاليا 5 مليون.
كل هذا تقريباً انتهى حتى إشعار آخر.
الآن في أغلب دول العالم يمنع دخول أي شخص كان في الصين قبل على الأقل الشهر الأول من عام 2020.
أي ممنوع دخول أي صيني قادم من الصين لعدد كبير من دول العالم وهذا سيؤثر على السفر العالمي.
وهذا القرار تم اتخاذه في أمريكا وروسيا وهونج كونج، وأغلب دول العالم أغلقت حدودها مع الصين.
شركات الطيران
ليس فقط الدول بل شركات الطيران العالمية أوقفت رحلاتها من وإلى الصين، منها:
British Airways و KLM و United و American و Delta و Lufthansa وغيرها.
شركات أخرى مثل Cathay Pacific خفضت رحلاتها، وطيران الإمارات تعلق رحلاتها إلى الصين وتستثني بكين.
إذا استمر هذا الوضع كما هو عليه ولمدة عام من الآن ستتأثر السياحة العالمية على الأقل بنسبة 16% فقط بسبب توقف السياحة الصينية الخارجية.
فوفقاً لمنظمة السياحة العالمية يبلغ إنفاق الصين على السياحة الخارجية حوالي 277 مليار دولار من 1.7 تريليون يتم إنفاقها عالمياً.
وبالمناسبة السائح الصيني هو الأكثر إنفاقاً من بين جميع سياح العالم.
كمثال، إذا استمر الوضع طوال عام 2020 بالنسبة لتايلاند مثلاً ستخسر حوالي 18 مليار دولار نتيجة توقف السياحة القادمة من الصين.
الصادرات الصينية
والأهم، إذا توقف التجار عن زيارة الصين وتوقف وصول البضائع الصينية في هذه الحالة ستنقطع بضائع كثيرة رخيصة جداً وسيتم استبدالها ببضائع أغلى ثمناً.
وهذا سيزيد الأسعار وسيزيد من تكاليف المعيشة عالمياً وخصوصاً إذا علمنا أن الصين هي أكبر مصدّر في العالم بقيمة صادرات في عام 2018 قاربت 2.5 تريليون دولار.
وتليها أمريكا 1.6 تريليون وتليها ألمانيا 1.56 تريليون
الواردات الصينية
ليس فقط الصادرات الصينية ستنخفض نتيجة لانخفاض الإنتاج أيضاً الواردات الصينية ستتأثر ولا تنسوا أنها أيضاً كبيرة جداً وهي بقيمة 2.1 تريليون دولار.
العالم يصدّر للصين بقيمة 2.1 تريليون دولار، ولو أن المستورد الصيني خبّر المصدّر الفيتنامي أنه لن يستطيع استقبال منتوجات الأغذية البحرية منه.
بسبب إغلاق المطاعم وإنخفاض الطلب في الصين، فهذا سيؤثر على فيتنام.
تايوان تحذر من انخفاض صادراتها للصين، وصادرات كوريا الجنوبية أيضاً للصين ستنخفض وخصوصاً السيارات وبضائع التجزئة.
النفط
وهو موضوع مهم جداً، حيث تعتبر الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، باستهلاك يقارب 14 مليون برميل يومياً.
لكن واردات الصين من النفط انخفضت وهذا أثّر على الطلب العالمي للنفط.
وفقاً لموقع بلومبرغ الاستهلاك اليومي للصين من النفط الخام انخفض بنسبة 20% خلال الفترة الماضية وهذه النسبة تعادل حاجات بريطانيا وإيطاليا مجتمعتين، وبالتالي انخفض سعر النفط.
ففي 31/12/2019 بداية معرفة منظمة الصحة العالمية بوجود فايروس كورونا كان سعر برميل برنت الخام 68 دولار للبرميل.
في 7/2/2020 وصل سعر البرميل إلى 54.38 دولار أي انخفاض بنسبة 20%.
المشكلة الآن في الصين أن الإنفاق انخفض بشكل كبير جداً لأن الكل قلق ولا يعرف ما الذي سيحدث.
فمن يريد شراء موبايل أو كمبيوتر أو ملابس أو سيارة أو غيرها سيؤجل الأمر حتى يعرف ما الذي سيحصل.
في هذه الحالة ستتأثر الصادرات الأسترالية مثلاً وستتدمر لأن 38% من صادرات أستراليا تذهب إلى الصين.
فإن استمر إغلاق الصين العالم كله سيتأثر بالفايروس الصيني وسترتفع حرارة الاقتصاد عالمياً وفي كثير من الحالات هناك عدد كبير من الاقتصاديات القائمة على الصين سوف تتأثر سلبياً.
إضافة إلى تأثر عدد كبير من الصناعيين والتجار وهذا سيكون له أثر كبير على الدول العربية مثلاً، وكل منها حسب ميزانه التجاري مع الصين.
خاتمة
في النهاية الصين دولة عظمى ولاحظوا كيف تمكنت من بناء مستشفى مساحته 25 ألف متر مربع في أقل من عشرة أيام لمواجهة فايروس كورونا في مدينة ووهان.
في بعض الدول مشروع بمثل هذا الحجم يمكن أن يحتاج لمدة خمس سنوات ويمكن أن لا ينتهي لأن الجميع سيكون قد مات بسبب فايروس كورونا ويتحول إلى مقبرة.
كلنا أمل وثقة أن الصين ستتمكن من احتواء هذا الفايروس وبأسرع وقت ممكن، أولاً حتى لا يصلنا وثانياً حتى يعود الوضع الاقتصادي إلى وضعه الطبيعي.
لأن الدول لا تحتمل زيادة في الانكماش الاقتصادي العالمي.
ويعطيكم جميعاً العافية.
المصدر يوتيوب قناة Maen Q