الحياة والمجتمعحول العالم

جورج فلويد وتاريخ العنصرية في أمريكا

العنصرية الأمريكية وتاريخها، اليوم سنتكلم عن العنصرية فأسوأ شعور أن تجد شخصاً يعاملك معاملة سيئة بسبب لونك أو شكلك أو دينك أو جنسيتك.

حينها تشعر أنه تجرد تماماً من كل معايير الإنسانية والأسوأ عندما يتطور الأمر من مجرد معاملة سيئة إلى الحقد والكراهية والغل لدرجة أن يقتلك.

العنصرية في أمريكا

العنصرية في أمريكا

منذ بضعة أيام انتشر فيديو بشكل واسع للشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية من ولاية مينيسوتا ألقت القبض على جورج فلويد.

كمشتبه به في أعمال تزوير. وحيث وضع الشرطي ركبته على رقبته بينما يقول له جورج فلويد: لا أستطيع التنفس.

ورغم وجود الكثير من الناس يصورون ويشهدون هذه الواقعة ويناشدون الشرطي أن يبعد رجله لكن ضابط الشرطة كان مصمماً.

وكانت النتيجة بعد استمرار الضابط بوضع رجله بهذا الوضع لمدة سبعة دقائق أن جورج فلويد مات.

هذه الواقعة أثارت الرأي العام بشكل كبير جداً في الولايات المتحدة الأمريكية لدرجة إحداث حرائق كبيرة في الولاية واحتجاجات مستمرة.

والشرطة من ناحيتهم قالوا أنهم فصلوا ضباط الشرطة الأربعة المتورطين في العمل لكن الناس ما يزالون يستمرون في الاحتجاج.

لأنهم يرون أن هذه ليست عدالة وهذا ليس العقاب الكافي الذي يستحقونه.

ومن هنا تحول الأمر بالفعل إلى قضية العنصرية وأن الضابط ذو البشرة البيضاء وضع رجله وركبته على جورج فلويد ذو البشرة السوداء.

تاريخ أمريكا في التمييز العنصري

ولكن ما حدث لم يكن أول حادثة تحصل في أمريكا، فنجد مثلاً في عام 1992 تعرض رودني كينج لضرب مبرح.

وذلك من ضباط الشرطة لمجرد مخالفته للسرعة المقررة، وهؤلاء الضباط بعد سنة حصلوا على البراءة من القضية.

في عام 2010 قُتل أوسكار غرانت على يد الشرطة وكان الحكم سنتين فقط للضباط وطبعاً سبب قلقاً كبيراً واحتجاجات كثيرة.

أدت إلى مشادة كبيرة بين الشرطة والمتظاهرين وأعاد فتح قضية العنصرية والناس يتحدثون عنها بشكل كبير جداً.

في عام 2012 قُتل مارتن على يد الحارس المتطوع اللاتيني والحادثة علق عليها الرئيس أوباما وقال أنها ذات طابع عنصري.

عام 2014 قُتل إريك بنفس الظروف التي قُتل فيها جورج فلويد عندما أمسكت به الشرطة وهو يبيع سجائر بشكل غير قانوني ظلوا يخنقونه حتى توفي.

وهذا عدا عن مظاهر العنصرية الكثيرة جداً، لكن هل العنصرية والشحن الذي يدور في أمريكا وليد اللحظة أم هو جديد؟

لا بالطبع، الولايات المتحدة الأمريكية تعيش تاريخاً كبيراً وعريضاً من العنصرية والكراهية والغل بين ذوي البشرة البيضاء وذوي البشرة السمراء.

كيف بدأ كل هذا الحقد والتمييز

ذهب الأوروبيون قديماً إلى أمريكا وسكنوا فيها وأسسوا مستعمراتهم هناك، ولكي يزرعونها ويخرجوا ثرواتها المعدنية كانوا يحتاجون إلى عمالة كثيرة.

فكانوا يأخذون العمالة الأوروبية لكنها مكلفة وغالية، فخرجوا بفكرة أن يأتوا من أفريقيا بعبيد لهم يشغلوهم بالسخرة بدون مال.

وحينها يوفرون أجرة العمالة الأوروبية للأعمال الأكثر رقياً وهذا ما حدث. وظل مستمراً حتى قبيل الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861.

وخلال هذه الفترة كلها كان في منطقة المحيط الأطلسي تجارة العبيد من الأسس الاقتصادية القوية جداً للأوروبيين للتجارة في أمريكا.

وأتوا بالعبيد الأفارقة رغماً عنهم إلى أمريكا ليعملوا في الزراعة والتنقيب.

وبالفعل استطاعوا جلب أكثر من 470 ألف شخص قصراً وأصبح من الطبيعي أن يكون أي شخص ذو بشرة بيضاء لديه عبد أسود البشرة.

لدرجة أن هناك ثمانية من رؤساء أمريكا كان لديهم عبيد يعملون في منازلهم لأن الدستور حينها لم يناقض فكرة الاستعباد.

وأيضاً كانت هناك قوانين تكفل أن يكون لكل عائلة أربعة عبيد. وكان متعارفاً على فكرة السادة والعبيد قبل الحرب الأهلية.

وبينما كان يتم توريد العبيد منذ عام 1626 أخيراً قامت الحرب الأهلية عام 1861 واستطاعوا أن يعترضوا على الوضع.

ومن أهم الأسباب التي قامت من أجلها الحرب أن العبيد السود طفح بهم الكيل وقرروا أن يحتجوا وبناء على نتائج الحرب قرر الرئيس لينكولن تحرير العبيد.

وبالفعل تم تحرير 4 مليون عبد أسود 95% منهم تمركزوا في منطقة الجنوب لدرجة أنهم شكلوا ثلث تعداد السكان فيها.

ومن هنا تحول الأفارقة السود من مجرد عبيد إلى مواطنين أمريكيين ولهم حقوق، والمواطن الأسود له حقوق مثل المواطن الأبيض.

بين الكلام والتطبيق

ولكن هذا الكلام فقط على الورق لأنه في الواقع لم يحدث تماماً وما زالت التفرقة والعنصرية موجودة في كل مجالات الحياة.

فنجد الأمريكي الأبيض لا يستطيع أن يستوعب أن العبد الأسود الذي أحضره ليعمل عنده أصبح أمريكياً مثله وله حقوق.

وهذا كان ردة فعل لأفعالهم السابقة التي كانوا يقومون بها من إحضارهم من قارتهم رغماً عنهم ليخدمونهم بالسخرة وبدون مقابل.

الأمر مع السنوات ظل مستمراً وينمو لدرجة ظهور مناضلين من أجل هذه القضية مثل مارتن لوثر كينج.

الذي حصل على جائزة نوبل للسلام لأنه رفع شعاراً لا للتمييز ولا للعنصرية، لكن تم اغتياله عام 1968.

ومازالت أمريكا حتى الآن تعاني من مظاهر العنصرية والتمييز بين البشرة السوداء والبشرة البيضاء.

ونجد هذا في كل مكان كالرعاية الصحية والوظائف والأجور حتى في معدل الوفيات، حيث أن معدل وفيات السود أكبر من معدل وفيات البيض ب 50%.

وحتى عند ترشح أوباما اعترضت شريحة من المجتمع ليس لأنه رئيس سيء بل لأنه ذو بشرة سوداء.

هل التمييز فقط ضد السود

هل التمييز فقط ضد السود

التاريخ لا يقول أن الأمريكيون عنصريين فقط ضد البشرة السوداء، الأمريكيون الذين أصولهم أوروبيين كانوا عنصريين بين بعضهم.

بين بريطاني وإيطالي وإيرلندي وبولندي، فالعنصرية متواجدة بشكل دائم لدى الأمريكيين حتى ضد العرب والمسلمين وغيرهم.

العنصرية طبع سائد ولا علاقة له باللون بل حتى أي أحد مختلف عنهم بأي شيء يجب أن يكون بينهم تمييز.

عنصرية عربية

نحن كعرب لدينا عنصرية بشكل بشع، فتجدنا نقسم أنفسنا بين خليجي ومصري وشامي وسوداني وهكذا.

حتى في مصر أي شخص أسمر يجب أن نلقبه بألقاب متعارف عليها فيما بيننا مثل أوتاكة وجلبرتو وأوسمان.

وهذا الأمر في ظاهره هزل لكن أكيد هذه الكلمة تؤذي من يلقب بها ولا يستطيع الاعتراض لأن الناس سيتكاثرون عليه.

في النهاية، العنصرية ستظل موجودة في العالم طالما هناك نفوس مريضة ومليئة بالغل والحقد والكراهية ولن ينتهي التمييز والعنصرية أبداً.

لذلك كل ما علينا فعله أن نبدأ بأنفسنا ولا نتعامل مع أي شخص بعنصرية سواء للونه أو دينه أو جنسيته.

المصادر

قناة أحمد رضا Break


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى