أخبارالحياة والمجتمعحول العالم

دولة إيطاليا والكارثة الإقتصادية وقلة عدد السكان

دولة إيطاليا والكارثة الإقتصادية : في صقلية بجنوب دولة إيطاليا يوجد بلدة اسمها أكوا فيفا بلاتاني، حيث يوجد هناك حدث نادراً أن يحدث، لدرجة أن البلدة تدق أجراسها احتفالاً، وهو ولادة طفل جديد في البلدة.

وتدق الأجراس مرة أو مرتين في السنة كاملة، بمعنى أن هناك طفل أو طفلين يولدون في البلدة كلها طوال السنة فقط.

الكارثة الإقتصادية في دولة إيطاليا

الكارثة الإقتصادية في دولة إيطاليا

اكوا فيفا بلاتاني من بين آلاف المدن الإيطالية التي تواجه خطر الإنقراض خلال الأعوام القادمة، وأحدث أرقام صادرة عن مركز الإحصاء الإيطالي.

تقول أن عدد سكان دولة إيطاليا يتقلص بمعدلات لم تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الأولى، ووباء الإنفلونزا الإسبانية في عام 1918.

وفي ظل اقتصاد يعاني من الركود وارتفاع معدلات الديون والمعاشات التقاعدية، فهذا الوضع مأسواي جداً،

وحتى نتخيل حجم انهيار المواليد، يجب أن نعلم ما هي الأسباب التي أدت إلى الكارثة.

انخفاض معدل الولادات والخصوبة

إن معدل الولادات قد انخفض إلى 1.32 طفل لكل امرأة، وإيطاليا تحتاج إلى 2.1 طفل لكل امرأة حتى تحافظ على عدد السكان.

معدل الخصوبة ووسطها هو متوسط عدد الأطفال الذين يولدون لإمراة واحدة طوال حياتها، فمعدل الخصوبة 1.32 معناه، أن كل ثلاث نساء يولدون أربعة أطفال طوال حياتهن.

في حين أنه يجب أن يولد ستة أطفال للحفاظ على عدد السكان الموجود حالياً، في العام الفائت 2019 سجلت إيطاليا أقل عدد من المواليد منذ توحيد البلاد سنة 1861، وذلك وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني.

المواليد في إيطاليا كانوا 440 ألف طفل فقط، في حين أن الوفيات كانوا ضعف هذا الرقم، وفي عام 2016 نصف النساء في إيطاليا اللواتي أعمارهن بين 18 و 45 سنة، لم يكن لديهن أي أطفال أبداً.

لهذا كتب زعيم الحزب اليميني ماتيوس والذي يناهض المهاجرين، في مقدمة كتابه عن الديموغرافية الإيطالية في عام 2018، هل نحن كدولة نواجه الإنقراض؟ وأجاب عن السؤال لسوء الحظ نعم.

ما هو سبب انخفاض معدلات المواليد في إيطاليا

السبب الرئيسي لوقوع الكارثة الإقتصادية في دولة إيطاليا هو الشعور العام بين الشباب الإيطالي أن مستقبلهم الإقتصادي قاتم وغير مستقر، وبالتالي هناك مخاطرة لإنجاب الأطفال.

إيطاليا هي من أعلى الدول في مستويات الديون في العالم، فقد وصلت ديونها إلى 2.3 ترليون دولار، أي يمثل 133% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه الديون الهائلة تضع إيطاليا في المركز الخامس على مستوى العالم.

وبالتالي الشباب الإيطالي يرى أن هذه الديون تعني أنه لا توجد أموال في المستقبل، بالإضافة إلى أن الوضع الإقتصادي السيء الآن يدع المرأة بين اختيارين إما الأمومة أو العمل.

ولو اختارت المرأة الإيطالية الأمومة فلا يوجد من يصرف على الأطفال، ولا يوجد إعانات حكومية مثل بلدان أوروبا الشمالية مثلاً.

وفي النهاية تضطر المرأة إلى عدم الإنجاب حتى تتفرغ للعمل والكارثة الإقتصادية الأخرى في إيطاليا التي يواجهها الإقتصاد الإيطالي، هجرة الشباب الإيطالي إلى دول أوروبية أخرى، في العام الفائت هاجر 160 ألف شاب إيطالي وهو أعلى مستوى من الثمانينات.

لم لا يسمح بالهجرة من الخارج إلى إيطاليا؟

موضوع الهجرة معقد قليلاً في إيطاليا، فإن فكرة المهاجرين أصبحت مسيسة بتدخل الأحزاب في إيطاليا، والحزب اليميني المناهض للمهاجرين بدأ يأخذ مقاعد في الحكومة وهو يكره المهاجرين.

والأمر الآخر أن المهاجرين أنفسم لا يريدون الذهاب إلى دولة إيطاليا بسبب الكارثة الإقتصادية في إيطاليا المتأزمة، وفرص العمل القليلة، وإذا فكر أحدهم الهجرة إليها عبر السواحل تكون الفكرة هي مجرد نقطة انتقال إلى بلد آخر.

وبالتالي فإن إيطاليا لم تعد واجهة جاذبة للمهاجرين مثل ألمانيا وبعض الدول الأوروبية، وحتى يتم إنعاش المدن الإيطالية تبنى رؤساء البلديات فيها استراتيجية جيدة.

وهي بيع المنازل المهجورة أو التي تخلى عنها أصحابها لأي شخص يريد أن ينتقل إلى البلدة، بسعر رمزي للمنزل وهو يورو واحد.

ومدن آخرى مثل سوتيرا فتحت أبواب المنازل لطالبي اللجوء الذين عبروا البحر المتوسط قادمين من ليبيا.

كيف أثر التراجع السكاني على الكارثة الإقتصادية في إيطاليا؟

نظرياً فإن وجود عدد أقل من السكان يعني إنتاجاً أقل في العمل، وحدوث إنخفاض في النمو الإقتصادي أو الإنتاج، وهذا يسبب الركود وبالتالي ارتفاع مستويات البطالة، وبالتالي الوصول إلى الكارثة الإقتصادية لا محالة.

بالإضافة إلى أن انخفاض الإنتاج معناها أيضاً أن الدولة ستأخذ نسب قليلة من الضرائب، ولن تستطيع أن تدفع للبنية التحتية والخدمات ولا أن تسديد الديون المفروضة على إيطاليا.

وقد قام أستاذ الإقتصاد في جامعة ستانفورد تشارلز جونز، بتقديم ورقة بحث أسماها نهاية النمو الإقتصادي، وعرض فيها نماذج لما قد يحدث في عالم يتناقص فيه السكان.

وقد استنتج في نهاية البحث أن انخفاض عدد السكان سيؤدي إلى تراجع مستويات المعيشة، لأن النمو الإقتصادي يأتي من الأفكار الجديدة، واكتشاف تلك الأفكار يعتمد على عدد الأشخاص الذين يبحثون عنها.

وبما أن السكان يقلون، فإن عدد الأفكار يقل، والنتيجة التي توصل لها جونز هي احتمالية وقوع الإقتصاد في حلقة مفرغة، بمعنى أن انخفاض الخصوبة في جيل سيؤدي إلى انخفاض الخصوبة بصورة أكبر في الجيل الذي يليه.

وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في عدد السكان وهذا سيكون سيناريو شهير معروف بإسم فرضية مصيدة الخصوبة المنخفضة. والإقتصاد الإيطالي بوضعه الحالي يتجه إلى هذه الحلقة المفرغة.

ارتفاع معدلات الشيخوخة وكبار السن في دولة إيطاليا

هناك مشكلة أخرى ستؤدي إلى الكارثة الإقتصادية في دولة إيطاليا، وهي ارتفاع معدلات الشيخوخة، حيث أن إيطاليا تمتلك أكبر معدل للشيخوخة في العالم بعد اليابان.

23% من عدد السكان عمرهم أكبر من 65 عاماً، وهذه النسب هي مرهقة للإقتصاد، لأن هذه الفئة من الأشخاص كبار السن لم تعد تنتج، ويعيشون على المعاشات التقاعدية.

وفي النهاية الإيطاليين لم يجدوا حلاً للكارثة الإقتصادية التي يقدمون عليها، والحزب اليميني المناهض للمهاجرين، يرى أنه من المفروض التركيز على القيم المسيحية التي تركز على ضرورة تكوين الأسرة،

في حين أن الإيطاليات يرون أن الحكومة يجب أن تساعدهن وترعاهن، مثل دول شمال أوروبا تماماً.

 أشرف إبراهيم

المصادر:

Why Italians don’t make babies | Europe

(PDF) The Low Fertility Trap Hypothesis. Forces that May Lead to Further Postponement and Fewer Births in Europe

The End of Economic Growth? Unintended Consequences of a Declining Population

The costs of a declining population

Battle with time: Italian towns face demise by depopulation

Italy’s collapsing birth rate rings demographic alarm bells

Why Germany’s birth rate is rising and Italy’s isn’t

Italy is in a ‘demographic recession’ not seen since World War One

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى