الحياة والمجتمعحول العالممال وأعمال

مفهوم التضخم الاقتصادي والفائدة؟


هل فوائد البنوك حلال أم حرام ؟

مفهوم التضخم الاقتصادي والفائدة

لو كنت تملك 1600مليار دولار ماذا يمكن أن تشتري بهم ؟ لو كان هذا المبلغ 1600مليار دولار أمريكيأً فإنك تستطيع شراء نصف العالم.

ولو أن هذا المبلغ كان من زيمبابوي على سبيل المثال، تستطيع شراء رغيف خبز واحد فقط.

ما هو السبب وما هو الفرق !

السبب باختصار شديد هو التضخم. ليس كل ما نسمعه نستوعبه دائماً، التضخم بإيجاز شديد هو قصة كبيرة جداً وهناك عشرات النظريات للاقتصاديين.

وبالتالي انخفاض قيمة العملة أياً كانت هذه العملة، إذا كان دولار أو جنيه إسترليني أو جنيه مصري أو ريال سعودي أو دولار من دولة زيمبابوي.

التضخم المقبول هو الذي لا يؤدي إلى فوضى في اقتصاد بلد ما.

والمعروف حده كاقتصاد دول مستقرة اقتصادياً كالاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة بحيث لا يتجاوز نسبة 22%أو أقصاه 3%وفي هذه الحالة تكون الأمور مستقرة و الأسعار مقبولة.

و في الدولة النامية مثلنا، وجدنا أن الأسعار تكون مضاعفة يعني 11% وتصل إلى 13%وهذه نسبة كبيرة وتجعل المعيشة صعبة لكن ما زالت مقبولة.

في المقابل التاريخ سجل نوبات فيها تضخم متوحش جداً، لا نتكلم على 12%؜ أو 13% بل نتكلم عن أرقام فلكية.

دراسة حول التضخم الاقتصادي

وفي دراسة أمريكية قامت سنة 2012 سجلت 56 حالة صعبة جداً من هجمات التضخم على اقتصادات العالم. على سبيل المثال سجلت الدراسة حالة ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى.

وذكرت تحديداً عام 1923 وكما نعلم أن الحرب العالمية الأولى استمرت منذ عام 1914 حتى عام 1918. وبحيث أجهدت و أجهزت على معظم ثروات الدول التي شاركت في الحرب، سواء كانت الدول المنتصرة مثل بريطانيا وحلفائها أو كألمانيا وحلفائها الذين خسروا الحرب.

على سبيل المثال في ألمانيا كان قيمة المارك قبل عملة اليورو في عام 1914 يعادل 4.2 دولار. في عام 1923 بعد عدة سنوات أصبح الدولار يساوي أكثر 4 تريليون مارك أي أكثر من 4000 مليار مارك، رقم فلكي.

وهنا تعددت القصص العجيبة والطريفة في أسعار السلع في هذه الفترة العصيبة على الألمان.

على سبيل المثال أحد الألمان دخل لكي يحتسي كوب قهوة في أحد المقاهي فكان سعر أول كوب 5000 ألاف مارك، وبعد ساعة طلب فنجان آخر فجاءت الفاتورة بقيمة 14000 ألف مارك بحيث كان يتوقع أن يكون الثمن 10000 ألاف فعندما سأل عن السبب قالوا له أنك عندما طلبت الفنجان الأول كان السعر 5000 ألاف، لكنك عندما تجاوزت الساعة فإن السعر خلال هذه الساعة قد تضاعف من 5000 إلى 9000 ألاف مارك.

التضخم ليس قاصر على التجربة الألمانية، فبعد الحصار الأمريكي للعراق منذ بداية التسعينيات ثم الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 انهارت العملة العراقية التي كانت تعد عملة قوية قبل الغزو. بحيث أنه لم يعد الناس يعدون الدينار العراقي بل يتم وزنه لأن العد كان مجهد جداً.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لماذا يحدث التضخم !

إن نظريات التضخم الاقتصادي كثيرة و تفاصيلها كثيرة و مكانها الحقيقي في كتب الأقتصاد، و لكن في منتهى البساطة و في تعريف بسيط هي كَم كبير من النقود يطارد عدد محدود من السلع، بحيث لو أن الدول لا تنتج ويكون اقتصادها منهار.

عادة يكون كم النقود المطبوعة والمطروحة أكبر من السلع المتداولة، كأن عدد البيوت لا يزداد كل يوم وعدد المحاصيل الزراعية والمصانع لا تنتج أكثر كل يوم، بالمعدل الذي تقوم الحكومات بطبع المزيد من النقود.

أي كَم كبير من النقود يطارد حجم قليل من السلع، و لكي نفهم معنى التضخم يجب فهم نقطة مهمة جداً ستأخذنا لموضوع أهم.

نسبة الفائدة

عادةً الناس تقوم بوضع نقودها في البنوك وبالمقابل تحصل على فائدة، مثلاً في البنوك المصرية من يضع نقود في البنوك يحصل على نسب تتراوح ما بين 7%إلى 9%. كأن تضع مبلغ 100 جنيه مصري فإنك تحصل على 7 جنيه مصري فائدة في نهاية السنة.

فهذه النسبة والتي تكون سبب البهجة لبعض الناس خاصة ممن ليس لهم دخل ثابت، كرجل متقاعد أو ليس له مصدر دخل ثاني.فأنت تكون سعيداً بهم لكن عليك أن تدرك أن هناك فرق ما بين الفائدة الاسمية والفائدة الحقيقية.

الفائدة الاسمية هي التي يقوم البنك بمنحها للمستفيد.إن كانت 7% أو 9%.

الفائدة الحقيقية هي التي يحسب معها معدل التضخم، بمعنى لو كان معدل التضخم في مصر على سبيل المثال كان 13% فإن الفائدة لكي تحافظ على قيمة نقودك يجب أن تصل إلى 13% .

لو أنك حصلت على 9% فإن كل عملية الفائدة البنكية هو تقليل معدل الخسارة أي معدل تآكل أموالك ومعدل تآكل قيمتها الشرائية، أي أنك تحصل على فائدة سلبية أي معدل ناقص  4% فقط.

لو أن هذه الحسبة أصبحت مفهومة فإنه سيجرنا لموضوع آخر أهم نعطي عليه إشارة صغيرة. وقد يستحق حلقة قادمة مستقلة.

هل الفائدة التي تمنحها البنوك على الأموال حلال أم حرام؟

الكثير من العلماء يقولون أن هذه الفائدة حرام و لديهم نصوص شرعية تدل على ذلك لأنها فائدة ثابتة.

ولكن البعض من العلماء يحللون هذه الفائدة بناءً على فكرة تستحق الدراسة، أي أن الأموال الموجودة في الأسواق الأن سواء كانت جنيه مصري أو ريال سعودي أو دولار أمريكي تختلف تماماً عن الأموال التي كانت موجودة في عهد الإسلام الأول و في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام.

في عهد الرسول كانت الأموال تستند إلى سلع قيمتها شبه ثابتة أو ثابتة، كالفضة والذهب، فإذا أنت اقترضت 100 دينار سواء كانت فضة أو ذهب و رغبت أنت أن تعيد الأموال هذه بعد 10 سنوات فهذا تقريباً استرداد بذات القيمة منذ 10 سنوات.

أما ما حدث للأموال منذ بداية عام 1971 حين استبدلت الأموال التي يمكن تحويلها إلى ذهب بنظام أموال يسمى fiat money يعني أموال ورقية ليس لها أي غطاء لا ذهب و لا فضة، وهي الأموال الموجودة الأن منذ بداية عام 1970. فهو نوع آخر من الأموال لم يكن معهوداً في صدر الإسلام.

هذا النوع من الأموال متغير القيمة من لحظة إلى لحظة، فإذا قمت على سبيل المثال باقتراض مبلغ 100 ألف جنيه من البنك في عام 1915 و رغبت في سدادها في عام 1917 فإن القوة الشرائية لهذه الأموال ستتغير إلى حد كبير.

العلماء الذين يحللون هذه الفائدة يستندون إلى أن قيمة الأموال الورقية تتغير من وقت إلى آخر.

و على هذا الأساس يرون أن فائدة البنوك حلال فهي تراعي بُعد لم يكن معهوداً في أيام الرسول عليه الصلاة و السلام.

فإن أي من وجهتين النظر تعتنق متروك لك و متروك للعلماء الذين تثق في رأيهم.لكنني أحببت أن أوضح وجهة النظر في ما يتعلق بعلماء المسلمين الذين يحلون فوائد البنوك. أشكركم وإلى لقاء آخر إن شاء الله.

مفهوم التضخم الاقتصادي والفائدة

الصحفي سيد جبيل

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى