إسلام

استثمار الوقت في العمل الصالح

استثمار الوقت في أداء العمل الصالح وكيفية دخول الجنة مع الدكتور محمد راتب النابلسي والدكتور محمد الشعال.

والعصر*إن الإنسان لفي خسر*إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات*وتواصوا بالحق*وتواصوا بالصبر*

كل إنسان خاسر لا محالة، لأن مضي الزمن يستهلكه. الإنسان بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك.

ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد. فتزود مني، فإني لا أعود إلى يوم القيامة.

والله أيها الأخوة ما وجدت تعريفاً جامعاً مانعاً شافياً محكماً للإنسان كهذا التعريف: بضعة أيام.

كلما انقضى يوم انقضى بضع منك.

فالبطولة لا أن تعد العمر عداً تصاعدياً، أو تقول لقد بلغت الستين، بل يجب أن تقول كم بقي لي؟

إذا مضى الماضي كلمح البصر، في الأغلب سيمضي ما بقي كلمح البصر. فجأة النعوة على الجدران، كان شخصاً فأصبح خبراً.

والعصر*إن الإنسان لفي خسر*

من هو الذي ينجو من الخسارة إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر؟

فابحث عن الحقيقة واعمل وافقه وادعو إليها واصبر على البحث عنها والعمل والدعوة إليها تنجو من الخسارة.

التقرب إلى الله بالعبادة و العمل الصالح

التقرب إلى الله بالعبادة و العمل الصالح

يا شباب هذه فلسفة اغتنام الوقت في زيادة القرب من الله.

وزيادة القرب من الله تصير بالصلاة والصوم والحج وببر الخلق وتعليم الخلق وببر الوالدين وإيصال النفع للعباد.

لكن ما الشيء الوحيد الذي نستفيد منه ونحن أحياء؟ ما الذي تستفيد منه؟ لا شيء، تأكل وتشرب وتلبس. ما الفائدة؟

الشيء الوحيد ولا ثاني له الذي نستفيد منه في الحياة هو تحصيل التقوى لنحصل على الحسنات حتى إذا متنا نأخذ ما جمعنا منها في الحياة الدنيا.

لذلك ما دمنا أحياء ليكون لدينا فلسفة الإفادة من الوقت في الإقبال على الله عز وجل.

بعضكم من يفتح له باب رزق في الإقبال على الله فليلزمه.

لذلك إذا ترك أحدنا الحرام، وأتقن الفرائض وأدى شيئاً من النوافل فبإذن الله دخل درب الولاية.

أيها الرجال والنساء، يجب أن ندخل درب الولاية كلنا، فلأجل هذا خلقت وبعد ذلك لا خوف عليك ولا يصيبك حزن.

بعد ذلك أنت سعيد في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى مهما اعترتك سهام هذه الحياة الصعبة.

فاستغلوا أوقاتكم يا شباب، لا يوجد وقت فلن نعيش كلنا طويلاً.

لا يوجد إطالة عمر، ستمر الحياة سريعاً، فاستغلوا الوقت واغنموه لتحصّلوا أعلى الرتب في الولاية والقرب من الله عز وجل.

المؤمن كل حركاته في الدنيا مقصدها واحد هو الله.

إلهي أنت مقصدي ورضاك مطلبي

الهدف من الحياة

نصيحة لوجه الله، لا يوجد أحد يستحق أن تعيش لأجله إلا الله عز وجل.

فالشباب الذين أعمارهم في العشرينات والثلاثينات والأربعينات، والرجال الذين بأعمار الخمسين والستين.

أيتها الأخوات، لا أحد جدير بأن تكوني له إلا رب العالمين فاجعلي كل مقصودك وكل حركاتك رضا الله عز وجل.

دراستك يا أخي ليس لأجل أن تصبح طبيباً ويعرف ابن عمك أن بقدرتك أن تصبح طبيباً مثله.

وعملك ليس لتجني الكثير من المال لأنك تريد أن تتنعم بالحياة وتعيش رغداً كما عاش غيرك.

وعلاقاتك الاجتماعية ليست من أجل أن تملك عزاً وجاهاً بين الناس.

نعم اكسب العلاقات الاجتماعية وادرس وحصل المال، لكن اجعل هدفك في كل ذلك: إلهي أنت مقصودي ورضاك هو مطلوبي.

فأريد أن أتعلم وأحصل على الشهادة من أجل أن أعلي كلمة الإسلام والمسلمين.

أريد أن أعمل وأجني المال الكثير من أجل أن أخدم عباد الله عز وجل تقرباً إلى الله عز وجل.

أريد أن أحصل على علاقات اجتماعية واسعة من أجل أن أهدي هؤلاء الناس إلى الصراط المستقيم.

استثمار الوقت في العمل الصالح

يا شباب ويا بنات، نصيحة استهلكوا كل أعماركم في العمل الصالح.

خسارة أن يأتي شخص ويقول أنه أصيب بديسك في ظهره من كثرة وقوفه في الشوارع مع أصدقائه للتحدث والمسامرة يومياً.

عندما تموت سيسألك الله عز وجل يا عبدي أعضاؤك فيما أتلفتها؟ فهل ستقول له لأنك كنت تقف في الشوارع كل يوم أربع ساعات؟

أحد الإخوة عضو في جمعية قال لي: كنا نصعد على الجبل نوصل السكر والشاي والرز لبيوت أسر فقيرة على ظهورنا.

فمن كثرة حملي الأغراض أصبت بالديسك.

فعندما سيموت سيقف بين يدي الله ويقول له الله عز وجل: يا عبدي أين ابليت أعضاءك من أين أتاك المرض؟

فيقول: يارب من أجل أن أخدم عبادك. وهذا لا يستوي مع الشخص الآخر.

فنصيحة لوجه الله نحن ذاهبون نحو الموت كلنا وأجسادنا ستتلف، دعه يتلف في عمل الصالحات أفضل أن يتلف من الزمن.

فتقول أن الزمن أتعبني، والزمن حنى لي ظهري، الزمن قلل سمعي، الزمن أضعف بصري.

إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما، اتعب فالله عز وجل قال: فإذا فرغت فانصب

اتعب ولا تذهب للدروس لتتسلى من الملل، ثم تذهب مع رفيقك بسيارته لترفه عن نفسك.

لا ترضى أن تتسلى بل احضر دروسك لتحمل شيئاً وتمضي، عملاً صالحاً. كلما أنهيت عملاً صالحاً ستشرع بعمل صالح آخر.

لذلك: آمنوا وعملوا الصالحات أي آمنوا واستمروا بالعمل الصالح.

اعمل ولا تتراخى

الشيء الوحيد الذي نكسبه ما دمنا أحياء على الأرض بعد الإيمان بالله تعالى هو العمل الصالح.

فإن مريضاً كان شفاؤه على يديك، كسيراً كان جبره على يديك، ضعيفاً قوته على يديك، أخرق كانت دلالته على يديك.

أعزب كان زواجه على يديك، بدون مأوى كانت مساندته على يديك، جاهل تعليمه على يديك، فعندما تموت هذا الذي سيبقى.

كل ما أكلناه سيذهب وكل ما لبسناه يذهب وكل الرحلات تذهب.

فلا يجلس مؤمن بل ليعمل، ما أن تؤمن حتى تتحرك، لا تضع كفك على خدك وتقول أزمة ولا يوجد عمل.

فقط تجلس تتأسف على الأحوال وتراقب الأخبار، قم تحرك وكن من جماعة عملوا ولا تكن من جماعة راقبوا وشاهدوا.

إن كنت من جماعة آمنوا فلا بد أن تكون من جماعة عملوا، الآية تدلك أن مجرد الإيمان يتفجر فيك عملك.

الإيمان قول وفعل

ليس صحيحاً قول الإيمان بالقلب، الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.

فلا يستقيم قول الإيمان بالقلب ولا يصلي، أو عاق الوالدين، أو مؤذي لجيرانه، أو يغش الناس، أو يؤذي المراجعين.

ولا يستقيم قول إيماني أكبر من إيمان الكثيرين دون عمل ولا صلاة ولا صوم ولا عبادة ولا خدمة البلاد والعباد.

فما هذا الإيمان؟ قال الله تعالى: آمنوا وعملوا.

أكرمنا الله عز وجل بفضله وبكرم منه أن نكون من جماعة الذين آمنوا وعلينا أن نكون من جماعة عملوا الصالحات.

وأنتم الحمد لله من هؤلاء لكننا نريد أن نستفرغ حياتنا كلها في عمل الصالحات.

إن كنت تملك المال، ابذله في العمل الصالح، لديك خبرة إدارية ابذلها في عمل صالح، لديك جاه بين الناس تواصل معهم لخدمة مشروع خيري.

لديك وقت فراغ شارك من يعملون العمل الصالح، المهم أن نتحرك جميعنا لكن لا يجلس أحدنا دون أن يفعل شيئاً.

فإن أصبحنا جميعنا من جماعة عملوا الصالحات فما جزاؤنا؟

الله قال لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن يبشرنا أن من آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات وليس جنة واحدة وبستان واحد.

بل جنات تجري من تحتها الأنهار.

نهر الجنة لا يجري منه مزاريب وليس له حفرة لكنه يجري على سطح الأرض ويحدّه الله بقدرته.

الجنة تختلف عما نعرفه: جنات تجري من تحتها الأنهار*كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل

أي كأن التفاح يشبه التفاح في الدنيا، فقال الله عز وجل: وأتوا به متشابهاً

أي أن شكلها يشبه شكل الموجود في الدنيا واسم مثل إسم الدنيا لكن تفاحة الآخرة غير تفاحة الدنيا.

ومن عظيم ما في الجنة: وهم فيها خالدون* أي أنك ستكون خالداً في الجنة.

فكونوا أيها الشباب من الجماعة الذين يعملون الصالحات، واستنفذوا كل أعماركم وجهدكم في العمل الصالح.

المصدر

قناة فوائد الدكتور محمد راتب النابلسي


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

ماكتيوبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى