عبقري حرب العصابات المغربي ومرشد جيفارا الذي لا يعرفه أحد، تعرفوا على عبد الكريم الخطابي ، المسلم الذي أذل اثنتين من أكبر القوى الاستعمارية في عصره، وهدد عرش فرنسا الإستعماري.
ذاع سيط الخطابي عالمياً وأسطورة عسكرية لا تقهر، وصل ذلك الصيت للثائر العالمي، تشي جيفارا، الأسطورة الأرجنتيني الذي حاز شهرته بفضل تكتيكات حرب العصابات التي استلهمها منه.
أسطورة الريف المغربي الذي وصفه القائد الصيني التاريخي، ماو تسي تونغ بأنه أحد أكبر الملهمين الذي علمني كيف تكون حروب التحرير.
من هو محمد عبد الكريم الخطابي
ولد محمد عبد الكريم الخطابي عام 1883، نشأ في بيئة تملؤها الصراعات، أنهى دراسته ثم عمل معلماً ومترجماً وصحفياً مع الإسبان.
ثم عينوه قاضي قضاة، لتعاونه السياسي معهم، تعاون فسره هو وقتها أن الريف لن يحقق أي تقدم بلا دعم خارجي.
لكنه أدرك سوءهم وبدأ بانتقاد ممارساتهم الإستعمارية كصحفي، ثم أعلن وقوفه بوجه كل المستعمرين، وعزم على تأسيس جمهورية مستقلة في الريف.
فتم عزله من كل مناصبه، وسجنه الإسبان 11 شهراً قبل الإفراج عنه.
بداية انتفاضة الريفيين
عام 1918 انتهى شهر العسل بين الإسبان والريفيين الذين بدأوا بتنظيم أنفسهم تحت قيادة والد الخطابي الذي توفي مسموماً.
حمل الخطابي راية والده، وانتفضت قبائل الريف تحت قيادته في عام 1921، ليبدأ إحدى أذكى حروب العصابات ضد كل التقدم العسكري الإسباني حينها.
كان الريفيون يشقون الأنفاق والخنادق ببيئة الريف الوعرة، وبأبسط الإمكانات، لينطلقوا منها لاستهداف الإسبان بكمائن سريعة.
يضربون ضرباتهم ثم يختفون مباشرة بلا أثر. حرب حاصروا فيها المخيمات والنقاط العسكرية الإسبانية بتكتيكات نسخها جيفارا في كوبا بشكل كامل.
حقق الخطابي العبقري ومقاتليه انتصارات سريعة، لكنها لم تمثل شيئاً يذكر مقارنة بملحمة أنوال العسكرية.
ملحمة أنوال
في أنوال واجه الخطابي ومقاتلوه جيش الإسبان الأفريقي، 3000 ريفي مغربي تقريباً، مقابل أكثر من 20 ألف مقاتل إسباني متمرس.
والنتيجة كانت مذهلة، بل معجزة، لقد تفوق المغاربة على الإسبان، وقتلوا منهم 15 ألف جندي، وأسروا 700 وغنموا آلاف قطع السلاح والعتاد.
هزيمة دفعت قائد الجيش الإسباني مانويل سلفستري للإنتحار،أما المقاومة فقد استمرت وتحرر الريف بالكمال خلال أقل من عامين، وأعلن الخطابي جمهورية الريف عام 1923.
الجمهورية المسلمة المستقلة الوحيدة حينها، أثارت خوف الفرنسيين الذين رأوا في توسع الخطابي تهديداً لهم، فهاجموه بكل قوتهم عام 1924.
متكبدين آلاف القتلى من جنودهم تحت وطأة براعة الخطابي ورفاقه، ولم يجد الفرنسيون مفراً من التحالف مع الإسبان، وشكلوا معاً قوة مشتركة قوامها أكثر من ربع مليون جندي مدعومة بعشرات الطائرات.
كما استخدموا الأسلحة الكيمائية للمرة الأولى في التاريخ الحديث، مستهدفين المدنيين وعائلات الريف والأراضي الزراعية، ليستطيعوا بفضل هذا الهجوم الهادر، استعادة الأراضي التي فقدوها تدريجياً.
حتى وصلوا إلى الخطابي، عام 1926 وأسروه، ورغم أن فرنسا وأسبانيا انتصرتا عسكرياً بقوة كاسحة،كان الصيت العالمي حليف الريفيين الذين صمدوا في ملحمة مذهلة.
المنفى
وكانت نهاية الثورة الريفية ملهمة لكبرى ثورات العصر الحديث في حرب العصابات، فصار بيت الخطابي في منفاه بالقاهرة، قبلة للثوار من كل أنحاء العالم.
إلى أن رحل عام 1963تاركاً وراءه إرثاً أكبر من مجرد ثورة، مدرسة عسكرية فريدة، وتجربة سياسية نادرة، وأملاً دائماً للثوار بالنصر.
الخطابي: لقد هزمنا، لكنني مقتنع أننا لو كنا نملك الوقت، لكنا أمة عظيمة من الرجال الأحرار، ولأعطى نضالنا للريفيين الفخر والأمل والثقة بالنفس التي لا يمكن تمحوها أية هزيمة.
ميدان