إسلامقصص وحكايات

الصحابي أنس بن مالك وقصته مع الحجاج


كيف رد أنس بن مالك على اهانة الحجاج له؟

أنس بن مالك بن زيد بن حرام، بن النضر بن ضمضم، الخزرجي الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه وتلميذه.

روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً، وكان ابن عشر سنين، لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وجاءت به أمه، أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فقالت: يا رسول الله هذا أنيس ابني، أتيتك به ليخدمك، فادعوا الله له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك له في ماله وولده.

الصحابي أنس بن مالك في خدمة رسول الله

قبله النبي صلى الله عليه وسلم عنده، وكناه أبا حمزة، وكان يناديه، يا ذا الأذنين، واستجاب الله دعوة نبيه، صلى الله عليه وسلم، فكثر مال أنس بن مالك.

يقول أنس بن مالك: والله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي، ليعدون اليوم، على نحو المائة، وكان له بستان، يعطي الغلة في كل سنة مرتين.

انتقال أنس بن مالك إلى البصرة

سكن أنس بن مالك المدينة، بعد موت رسول الله صلى  الله عليه وسلم، ثم انتقل إلى البصرة، وبها توفي عام 92 وقيل عام 94 للهجرة، وعمره يناهز المائة عام.

عندما كان أنس بن مالك في البصرة، جاء الحجاج بن يوسف الثقفي، أميراً عليها، من قبل عبد الملك بن مروان، فكان أميراً على العراق.

إهانة الحجاج للصحابي أنس بن مالك

دخل عليه أنس بن مالك، فأراد الحجاج أن يذله، ويصغر شأنه، فقال له: إيه إيه يا أنيس، يوم لك مع علي، ويوم لك مع ابن الزبير، ويوم لك مع ابن الأشعث.

والله لأستأصلنك، كما تسأصل الشأفة، ولأقلعنك، كما تقلع الصمغة، ولأعصبنك، عصب السلمة.

وعلي كان معه أنس رضي الله عنه، في الفتنة بينه وبين معاوية، وكان بعد ذلك مع ابن الزبير، في الفتنة، بينه وبين عبد الملك بن مروان.

وعبد الرحمن بن الأشعث، خرج عن عبد الملك بن مروان، وتسمى تلك فتنة القراء، فكان أكثرهم من القراء وأهل العلم، وقاتلوا عبد الملك بن مروان، وكانت بينهم موقعة، وقتلوا فيها.

فكان الحجاج يذكره بأن مواقفه كلها، كانت ضد بني أمية، والشأفة في الحديث، هي القرحة، التي تظهر في القدم، وتكوى حتى تزال.

والصمغة، هي صمغ الشجر، فإذا أردت أن تقلعه، فتحت فجوة في الشجرة، حتى يستأصل منها، والسلمة هي نوع من الشجر، كانوا يستخدمون ورقه، ولكن كان يصعب عليهم قصه.

فكانوا يأتون إلى الشجرة، فيعصبون أغصانها ويربطونها، إما بعصا أو بحبل، فإذا اجتمعت الأغصان، ضربوا الشجرة، حتى يسقط الورق.

رد أنس بن مالك على الحجاج

فقال له أنس بن مالك؛ رضي الله عنه: إياي يعني الأمير أصلحه الله؟ فقال له الحجاج: إياك أعني، سك الله سمعك، فقال أنس: إنا لله وإنا إليه راجعون، وانصرف.

فكتب أنس بن مالك إلى أمير المؤمنين، عبد الملك بن مروان، وقال له في كتابه: إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، من أنس بن مالك أما بعد.

فإن الحجاج، قد أسمعني نكرا، وقال لي هجرا، ولم أكن لذلك أهلا، فإني أمتُّ بخدمتي، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحبتي إياه.

فلما بلغ ذلك عبد الملك، استشاط غضباً، وتعاظمه ذلك من الحجاج، ودعا اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وكان مصاحباً للحجاج، وقال له:

دونك كتابي هذين، فاركب إلى العراق، وابدأ بأنس بن مالك، وقل له، يقول لك عبد الملك: يا أبا حمزة، لقد كتبت للحجاج الملعون كتاباً، إذا قرأه، وعرف ما فيه، كان أطوع لك من أمتك.

كتاب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج

كان في الكتاب الذي كتبه عبد الملك، إلى الحجاج: من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين، إلى الحجاج بن يوسف، أما بعد.

فإنك عبد، طمت بك الأمور، فسموت فيها، وجاوزت قدرك، وعدوت طورك، وركبت داهية إدا، فلعنك الله عبداً، أخفش العينين، منقوض الجاعرتين.

أنسيت كسب آباءك في الطائف، وحملهم الصخر على ظهورهم، وحفرهم الآبار، والله لأغمزنك غمز الليث للثعلب، والصقر للأرنب.

وثبت على رجل، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم تقبل له إحسانه، ولم تجاوز له اساءته، جرأت منك على الرب عز وجل، واستخفاف منك بالعهد.

والله لو أن اليهود والنصارى، لقيت رجلاً خدم عزيراً، والمسيح، لعظمته وشرفته، وأكرمته، وهذا أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يطلعه على سره، ويشاوره في أمره، وهو مع ذلك بقية من بقايا أصحاب رسول الله فينا، فإذا بلغك كتابي هذا، فكن أطوع له من خفه ونعله، وإلا أتاك مني سهم مثكل، بحتف قاض، ولكل نبأ مستقر، فسوف تعلمون.

فلما بلغ الحجاج الكتاب، ذهب وترضى أنس بن مالك؛ وصلح بعد ذلك له الأمر، وأنس بن مالك؛ كان آخر من مات، من الصحابة في البصرة.

 سعيد الكملي

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى