حول العالمشخصيات

اليهودي الأمريكي برنارد لويس  وخطط تقسيم الشرق الأوسط


مشاريع خطت لإعادة تقسيم الدول العربية، تعرفها لكنك على لا تعرف من يقف ورائها. لنخبرك إذن عن أهم واحد بينهم، اسمه برنارد لويس ، من المرجح أنك رأيت إحدى هذه الخرائط من قبل.

برنارد لويس عراب الحرب الأمريكية على العراق، الذي درس الإسلام واحتفى به، ثم هاجمه بلا هوادة.

وازدرى العرب قائلاً: إن الطريقة الوحيد للتعامل معهم، هي ضربهم بين أعينهم بعصا كبيرة.

برنارد لويس: اليوم العقبة الوحيدة أمام الإرهاب العالمي الإسلامي هي الولايات المتحدة، ولذا فهي الهدف التالي.

نشأته في بريطانيا

ولد برنارد لويس في لندن عام 1916 لأسرة يهودية، درس اللغات والتاريخ منذ صغره، أتقن العربية والعبرية مبكراً، ولاحقاً أجاد اللاتينية والفارسية والتركية.

عام 1939 حصل على شهادة الدكتوراه في تاريخ الإسلام.

انخرط في الحرب العالمية الثانية في صفوف الجيش والاستخبارات البريطانية، وبعد الحرب عاد إلى الجامعة متفرغاً للبحث العلمي.

وكان أول باحث أجنبي يتم منحه حق الوصول إلى الأرشيف العثماني.

انتقاله إلى الولايات المتحدة الأمريكية

وفي السبعينيات انتقل إلى الولايات المتحدة ليعمل محاضراً جامعياً، وهناك حصل على الجنسية ووطد صداقته مع السيناتور هنري سكوب جاكسون.

الذي سيصبح في وقت لاحق الأب المؤسس للمحافظين الجدد.

شيئاً فشيئاً، تحول لويس من مقعد الباحث إلى كرسي السياسي.

علاقاته مع حكام الشرق الأوسط

أسس علاقة قوية مع حكومة شاه إيران في السبعينيات، والدكتاتورية العسكرية في تركيا في الثمانينيات.

وكان على اتصال مع الرئيس السادات في مصر، حيث حمل رسالة منه إلى إسرائيل تتعلق بالسلام بين البلدين.

ولكن نجم لويس سطع بشدة مع قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. بسبب نبوءة له قبل ثلاثة أعوام بتراجع الأنظمة العلمانية وصعود حكومات إسلامية في الشرق الأوسط.

وفي عام 1990 نشر مقاله الأشهر بعنوان جذور الغضب الإسلامي، تناول فيه الصراع بين الإسلام والمسيحية، وخلص إلى أن العقيدتين متورطتان في صراع أبدي.

برنارد لويس: بدأت الحرب بين الطرفين – الإسلام والمسيحية – مع مجيء الإسلام تقريباً.

أحداث 11 سبتمبر

وفي الوقت الذي ضرب فيه أسامة بن لادن قلب أمريكا عام 2001، تحول برنارد لويس لنبي سياسي لواشنطن.

حيث كان أول من لفت الإنتباه لخطابات وتحركات بن لادن، قبل سقوط برجي التجارة بثلاثة أعوام كاملة.

نبوءة علق عليها برنارد لويس فيما بعد قائلاً: لقد جعلني أسامة بن لادن مشهوراً.

وتحول لويس إلى عراب للسياسة الأمريكية ما بعد 11 سبتمبر.

أثر كتاباته في توجه الحكم الأمريكي

كان جورج بوش الإبن يحتفظ بنسخ مكتوبة من مقالاته في البيت الأبيض، وكانت إحاطاته تقدم إلى نائب الرئيس ديك تشيني، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

أصبح كتابه الذي نشر بعد أشهر من أحداث 11 سبتمبر بعنوان: ما الخطأ، دليلاً للمحافظين الجدد، ودستوراً لمروجي الحرب الأمريكيين، أمثال بول وولفويتز، ومايكل فلين، وجون بولتون.

دقت أفكاره طبول موجة جديدة من الحرب الأمريكية في الشرق الأوسط.

بدأ الأمر في أفغانستان ولكن لويس كان يرغب في أبعد من ذلك، فسخر مقالاته للترويج للإطاحة بنظام صدام العراقي. لكن النتائج الكارثية للحرب دفعته للتبرؤ منها.

تصريحه عما جرى في العراق

برنارد لويس: اقترح العراقيون تأسيس حكومة مؤقتة في شمال العراق، باسم العراق الحر، لم يطلبوا أي مساعدة عسكرية أو مالية، كل ما طلبوه هو مساعدة سياسية ودبلوماسية.

وقالوا بأن هذا ما سيساعدهم أعني أن حكومة العراق الحر، يؤسسها عراقيون داخل العراق كانت لتكون شديدة التأثير والقوة.

كل ما طلبوه كما ذكرت، هو مساعدة سياسي ودبلوماسية، لم يحصلوا عليها، بل حصلوا بدلاً منها على الاجتياح العسكري، والذي أعتقد أنه خطأ كارثي.

من وقف في وجهه

لم تكن الحرب كافية لدفع لويس لمراجعة أفكاره، ظل العجوز الأمريكي حتى آخر لحظة يدعم إسرائيل بلا كلل، وينكر حق الفلسطينيين في دولتهم، ويزدري العرب، ويصم المسلمين بالإرهاب.

وبينما كانت أفكاره تجتذب المؤيدين في الغرب، كانت تخلق له الأعداء في بلاد العرب، أعداء تزعمهم المنظر الفلسطيني إدوارد سعيد.

الذي خاض سجالاً ضد لويس عبر ربع قرن، ولكن الأمر الأكثر خطورة حول إرث لويس، كان إلهامه لعدة مشروعات كبرى لتفتيت الشرق الأوسط وإعادة تقسيمه.

نظرته إلى الدول العربية

بدأ الأمر عام 1978، حين حذر مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي من انهيار الدول الهشة في الشرق الأوسط.

دول أطلق عليها إسم قوس الأزمة، حينها طرح لويس رؤيته، قرر أن الدول العربية فقدت وظيفتها ككيانات سياسية، وأن حلم العروبة قد انتهى.

وفي عام 1992 طرح لويس أفكاراً حول إعادة تقسيم الدول العربية على أسس عرقية وطائفية. عبر إشعال الحروب في القدس والعراق وتركيا واليمن ومصر والبلقان وباكستان وأفغانستان.

رؤية برنارد لويس وحلم إسرائيل

كانت رؤية لويس، امتداداً لحلم إسرائيلي قديم لتحويل إسرائيل إلى دولة إمبريالية وتفتيت الدول الكبرى حولها.

حلم رسمه المنظر الصهيوني، أودد ينون في الثمانينيات، دعا ينون إلى تفكيك العراق وسوريا إلى مناطق إثنية، واستعادة سيناء إلى السيطرة الإسرائيلية.

وتوقع أن يتم تقسيم سوريا بين دولة علوية على الساحل، ودولة سنية في حلب ودمشق، ودولة للدروز في الجولان وشمال الأردن.

ورغم أن خطط التقسيم ظلت حبيسة الظل لعقدين، لكنها عادت إلى الواجهة في أعقاب حرب العراق، بالتزامن مع مشروع الإدارة الأمريكية المعروف بالشرق الأوسط الجديد.

خطط الشرق الأوسط الجديد

ففي عام 2006 نشر الكولونيل الأمريكي المتقاعد رالف بيترز خطة تقسيم جديدة في مجلة القوات المسلحة الأمريكية، حملت عنوان حدود الدم.

وشملت تقسيماً عرقياً وطائفياً جديداً لدول سوريا والعراق والسعودية وإيران وتركيا، بهدف إنشاء دول مستقلة جديدة، للأكراد والبلوش والشيعة.

وفي عام 2008 قام الصحفي جيفري جولدبرج بنشر رؤية للتقسيم، تزامناً مع مناقشة مجلس الشيوخ خطة غير ملزمة لتقسيم العراق.

قسمت خرائط جولدبرج السودان لدولة شمالية وجنوبية قبل حدوث الإنقسام فعلياً بثلاث سنوات.

وتشارك مع رالف بيترز ذات الرؤية لتقسيم السعودية مع إعادة تقسيم سوريا والعراق والأردن إلى أربع دول بينها دولة للشيعة السوريين والعراقيين، ووضع سيناء تحت سيطرة دولية.

خطط التقسيم ونظرية المؤامرة

لم تتوقف الأمور عند هذا الحد ففي عام 2013، نشرت صحيفة نيويورك تايمز خطة جديدة مثيرة للجدل، خريطة قسمت خمس دول عربية إلى أربعة عشر دولة.

تم تقسيم كل من سوريا والعراق إلى ثلاث دول، بينما قسمت اليمن وليبيا إلى دولتين، واقترح تقسيم السعودية إلى خمس دول كاملة.

على مدار سنوات طويلة أنكر صناع القرار الغربيون وجود أي خطط لتقسيم الشرق الأوسط، واصفين الأمر بأنه نظرية مؤامرة كبرى.

ولكن تلك التقسيمات تتحول اليوم إلى حقيقة بفعل الحروب الأهلية، الممتدة من سوريا والعراق إلى اليمن وليبيا.

فارضة واقعاً جديداً مخيفاً، ومجددة الجدل حول إرث العجوز الأمريكي برنارد لويس، الذي ترك الدنيا بعد قرن من الزمان، بينما تراثه الصادم يتشبث بالبقاء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى