الحياة والمجتمعحول العالممال وأعمال

خطط الصين للسيطرة على الاقتصاد العالمي


خطط الصين  الحزام والطريق

لو أن أحدهم يملك أموالاً طائلة ولا يدري ما يفعل بها فيرقى إلى سطح منزله ويصيح على الناس: الذي يحتاج نقوداً فليأتِ إليّ، وأنا أقرضه.

بل ابقوا في أماكنكم وأنا سآتي إليكم وسأقرضكم رغماً عنكم. لتأخذوا نقودي وتستثمرونها، لا فرق إن كسبتم أو خسرتم. المهم أن تعملوا بها وآخذ عليها فوائد.

الصين ومخططها العالمي

هذا ما حصل بالضبط في 2013 عندما أعلن الرئيس الصيني عن مشروع الحزام والطريق في محاولة منه لإحياء طريق الحرير الصيني القديم. لكن ما هو الحزام وما هو الطريق، وما هو طريق الحرير أصلاً؟

بكلام أبسط لنقل أن الصين تريد توسيع استثماراتها حول العالم، من خلال شبكة طرق وممرات وموانئ بحرية وخطوط سكك حديدية في أكثر من 65 دولة حول العالم.

وتربطهم معاً، حيث يبدأ الطريق من الصين وينتهي فيها. هذا المشروع يتوقع أن يكون أكبر مشروع في التاريخ باستثمارات مبدأية أكثر من 900 مليار دولار. 

بعض الدول شككت بالموضوع وبدأت تفكر بأنه ليس كما تظهره الصين، وأن الصين لديها أهداف أخرى غير الاستثمار، كأهداف استعمارية، أو أن تصبح أكبر دولة عظمى متحكمة في كل شيء، سياسة واقتصاد، كل شيء.

السلام عليكم وأهلا بكم في حلقة جديدة في اقتصاد الكوكب معكم مصطفى الصعيدي واليوم سنتكلم عن طريق الحرير الصيني ومشروع الحزام والطريق والتكاليف والمكاسب والمخاوف وما شابه.

 الصين  و استعمار الكوكب

منذ ثلاث آلاف سنة قبل الميلاد كانت تشتهر بصناعة الحرير، لدرجة أذهلت كل الناس التي ترى منتجاتهم. وأن هذه المنتجات كانت تباع بوزنها ذهباً وأحجار كريمة.

واستمرت الصين مشهورة بصناعة الحرير حتى القرن الثاني قبل الميلاد.

حيث أرسل أحد الملوك الصينيين جنرالاً إلى المنطقة الشمالية الغربية من الصين لإقناع بعض القبائل بالتضامن معه للقضاء على فتنة وحروب داخلية.

وقد بقي الجنرال في رحلته إلى 13 سنة، وعندما عاد أخذ يتكلم عن العجائب والغرائب والدول والبلاد التي رآها، ومن ثم أخذ قافلة كبيرة ليذهب بها لتلك البلاد ثانية.

حينها توصلوا إلى طريق يربطهم بالغرب، ويمتد إلى أكثر من 12 ألف كيلومتر، ويتفرع عن هذا الطريق عدة طرق جانبية. وبدأت التجارة تتوسع لتشمل دول آسيا الصغرى والوسطى وبلاد العرب والفرس وأفريقيا وأوروبا.

الصين وطريق الحرير

كانت الصين عبر هذا الطريق تصدر الحرير وبعض التوابل وسلع أخرى، وتأخذ بدلاً منها ذهباً وعاجاً وزجاجاً ومعادن نفيسة. وبسبب هذا الطريق تراكم المخزون العالمي من الذهب في الصين.

حيث في القرن العاشر الميلادي تقريباً أصبحت الصين تمتلك من الذهب ما تمتلكه كل دول أوروبا مجتمعة في ذات الوقت. وسمي الطريق بطريق الحرير نسبة لأشهر سلعة كانت تباع حينها.

والذي أطلق هذا الاسم كان الجغرافي الألماني فرديناند فون ريتشهوفن Ferdinand Von Richthofen ، في القرن التاسع عشر.

ما هو مشروع الحزام والطريق الصيني؟

بكل بساطة هو مجموعة من المشاريع الصينية في أكثر من 65 دولة حول العالم.

وتقريباً أصبح الرقم 100 دولة مشاركة في هذا المشروع، أغلب هذه المشاريع عبارة عن طرق وممرات وموانئ بحرية وسكك حديدية لتصل هذه الدول ببعضها.

وفي النهاية يكون لديها طريق كبير يبدأ من الصين يمر بكازاخستان، أوزبكستان، طاجكستان، إيران، تركيا، روسيا، ألمانيا، بولندة، ايطاليا، اليونان، ومن ثم نزولاً إلى مصر من خلال قناة السويس، ثم جيبوتي، كينيا، سيرلانكا، إندونيسيا، ماليزيا، فيتنام، وينتهي في الصين.

وهناك عدة دول أخرى مشاركة في المشروع من خلال عدة تفريعات وطرق وممرات وسكك حديدية تربطها بالدول الواقعة على الطريق الأساسي الذي يبدأ من الصين.

والصين ستقوم بتمويل الجزء الأكبر من ميزانية المشروع من خلال المؤسسات المالية والبنوك الصينية.

الخلاصة من فكرة هذا المشروع

هي حملة دعاية MARKETING كبيرة جداً للأموال الصينية.

والدول التي تحتاج قروضاً تقوم باستدانتها من الصين، سواء كانت الدول  قادرة على أخذ هذه القروض أم لا. وسواء كانت قادرة على تسديد هذه القروض أم لا.

معلومة جانبية: ليس أي دولة ستأخذ قرضاً تطلب من دولة مجاورة بعض المال لتتخلص من أزمة لديها لحين تتحسن أوضاعها.

إن الأمور لا تسير هكذا. يجب بداية أن تكون لديها جدارة ائتمانية و تصنيف ائتماني مرتفع قليلاً. هنا يدخل دور مؤسسات التصنيف الإئتماني وتعطي تصنيفات لكل دولة بناءً على حالة الاقتصاد وعدة دراسات معقدة.

كل دولة لها تصنيف ائتماني، وهو بكل بساطة يوضّح إن كانت هذه الدولة قادرة على أخذ قروض أم لا.

وهل قادرة على تسديدها بسهولة، وهنا تبدأ المؤسسات المالية تتنافس فيما بينها لتعطي قروض للدول التي تملك تصنيفاً ائتمانياً عالياً.

إن مشروعاً بهذا الحجم يخيف أناساً كثر، وعلى الخصوص الدول الكبيرة من فكرة تعاظم نفوذ الصين ومن أنها يمكن أن تسيطر على دول كاملة من خلال مشروعها الحالي من خلال القروض التي تعطيها لدول فقيرة جداً وبقروض كبيرة جداً غير قادرة على سدادها فيما بعد.

مما دفع دولاً أخرى على أن توقف أعمال ومشاريع من المفترض أن تكون بمشاركة الصين أو شركات صينية عليها ضمن مبادرة الحزام والطريق.

ودول أخرى قللت من القروض ودول ثالثة ألغت القروض كلياً.

مثل ماليزيا حيث قام رئيس وزرائها مهاتير محمد عندما أوقف مشاريع بقيمة 22 مليار دولار كان من المفروض أن تنفذها الصين في ماليزيا.

ما الذي حصل وأخاف هذه الدول؟

لا بد من حصول شيء أقلقهم من المشروع بكامله. السبب هو أنهم رأوا مثالاً عما سيحصل لهم إن تعثروا في سداد القروض.

وهو ما حصل مع سيريلانكا عندما اضطرت إلى بيع الغالبية العظمى من أسهم أهم الموانئ لديها، لشركة صينية. ومن المعروف أن معظم الشركات الصينية الكبيرة في الأساس شركات حكومية.

وبالتالي استحوذت الصين على 70% أو أكثر من أسهم ميناء هامبانتوتا Hambantota Port مقابل 1.1 مليار دولار لتسعة وتسعين سنة، وبموجب الاتفاقية بينهما.

الاتفاقية الجديدة

بموجب الاتفاقية الجديدة تستحوذ الصين بسيطرة كاملة على الأعمال التجارية وأعمال التطوير والتنمية في الميناء إلى جانب بند في الاتفاقية.

ويقول أنه يمنع أي طرف أو بلد ثالث من الدخول وتقديم عروض منافسة في العمل أو إنشاء ميناء آخر على حدود 100 كيلومتر حول هذا الميناء.

لم تدع الولايات المتحدة أي اجتماع أو مؤتمر دولي إلا وحذرت من مشروع الحزام والطريق، لكن مع تزايد عدد الدول المشاركة في المشروع وتعطش دول كثيرة أخرى إلى فكرة القروض الصينية.

قامت الولايات المتحدة بتجميع بعض الدول المضادة للمشروع كاستراليا والهند واليابان، وأقاموا مبادرة خاصة بهم.

لكن هناك فرق كبير بين المشروعين من حيث الميزانية والتسويق بغض النظر عن فكرة المخاوف من أن مشروع الحزام والطريق يمكن له أن يوقع دول كثيرة في فخ الديون.

إلا أن المشروع يخدم فعلاً الدول المشاركة من خلال بنية تحتية وفرص حرفية للتنمية.

لو أن لديهم حكومات واعية تقدر على الاستفادة من هذه الأموال، وهذا عكس فكر الإدارة الأمريكية الحالية التي يهمها بشكل رئيسي مصلحتها أولاً.

أمريكا أولاً ، وهذا ما يؤكد عليه  دونالد ترامب في كل اجتماع ومناسبة ويكرر هذا الكلام.

 النهاية

من المتوقع أن يصل حجم الإنفاق على هذا المشروع من 4 إلى 8 تريليون دولار، ومعظم هذه القروض عائدة لشركات ومؤسسات صينية تتبع للحكومة الصينية. المشكلة فعلاً هل هذه الدول التي أخذت قروضاً من الصين ستقدر على سداد هذه القروض أم لا.

إن الجدارة الائتمانية والتصنيف الإئتماني لهذه الدول منخفض جداً ناهيك عن  الفساد الموجود فيها، لذا هناك احتمالاً كبيراً ألا يسددوا هذه القروض، وبالتالي يمكن للصين أن تضع يدها على اهم المرافق الحيوية في هذه الدول.

مصطفى الصعيدي / خطط الصين للسيطرة على الاقتصاد العالمي

المصادر:

https://www.weforum.org/agenda/2017/06/china-new-silk-road-explainer/

https://www.bloomberg.com/tosv2.html?vid=&uuid=3245b610-8ef2-11e9-8db0-63096a4f3a1b&url=L3F1aWNrdGFrZS9jaGluYS1zLXNpbGstcm9hZA==

https://www.theguardian.com/cities/ng-interactive/2018/jul/30/what-china-belt-road-initiative-silk-road-explainer

https://www.cnbc.com/2019/01/18/countries-are-reducing-belt-and-road-investments-over-financing-fears.html

https://www.bloomberg.com/quicktake/china-s-silk-road

https://www.ancient.eu/Silk_Road/

https://www.khanacademy.org/humanities/world-history/ancient-medieval/silk-road/a/the-silk-road

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى