إسلامشخصيات

سـيّـد الأنـصـار (سعد بن عبادة)

سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن الكعب بن الخزرج الأنصاري الصحابي النقيب،

سيد الخزرج في وقته وأحد النقباء الاثني عشر اللذين بايعو رسول الله صل الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية والنقباء جمع نقيب والنقيب هو الطبيب قيل سموا نقباء لأنهم ضمنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إسلام قومهم،

واختلف ايضا في سعد بن عبادة هل شهد بدر أم لم يشهدها فقال البخاري شهدها، وقال ابن سعد لم يشهدها، قال ابن سعد أنه أراد أن يخرج فدهسته حية فأقام وكان سعد يكتب في الجاهلية بالعربية وكانت حينها الكتابة بالعربية قليلة وكان يحسن العوم والرمي،

ولذلك كان يلقب الكامل وكان جوادا مشهورا جدا بهذا هو وابنه وأبيه وجده حتى كان يقال أنه لم يكن بيت في الأوس ولا في الخزرج يطعمون أربعة يتوالون إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم وكان له أطم الذي هو الحصن يصعد عليه أحدهم كل يوم،

فينادي من أراد اللحم والشحم فليأتي أطم دليم بن حارثة وكانت له جفنة يرسلها كل يوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم مملوءة  فريذاً ولحماً تدور مع النبي حيث دار، حيثما ماكان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت من بيوت أزواجه كانت الجفنة هناك

ويقول أهل الصفة اذا اظلم الليل ذهب الرجل بالرجل منهم ليعشيهم وذهب الرجل بالرجلين منهم وذهب الرجل بالجماعة منهم وكان سعد بن عبادة يذهب ب ثمانين رجلاً ليعشيهم حيث كان مشهور بالجود والسيرة والكرم، وكان من دعائه ” اللَّهم هب لي حمداً ومجداً، اللَّهم لا يصلحنِي القليل، ولا أصلح عليه ” أي اسألك مالاً كثيراً.

قبيل إسلامه يقال ان اهل مكة سمعوا قائلاً يقول أبياتاً من الشعر على جبل ابي قوبيس، يقول:

فإن يسلم السعدان يصبح محمد    بمكة لا يخشى خلاف المخالف

فلما سمعوا أهل مكة ذلك فإن يسلم السعدان، فمن هذين السعدان؟ حسبوا ان السعدين هما سعد بن هزيم قضاعة و سعد بن زيد، فسمعوا بعد ذلك…

 أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا    و يا سعد سعد الخزرجين الغطارف 

أجيبا إلى داعي الهدى و تمنيا    على الله في الفردوس منية عارف

 فإن ثواب الله للطالب الهدى    جنان من الفردوس ذات رفارف

فلما سمعوها أيا سعد سعد الأوس و يا سعد سعد الخزرجين، علموا ان سعد الأوس هو سعد بن معاذ و سعد الخزرجين هو سعد بن عبادة.

ولما أسلم سعد بن عبادة وبايعوا الرسول عليه الصلاة والسلام بيعة العقبة الثانية، اصبحوا فانسرفوا فاسمعت قريش وعلمت بالذي قال و أن فتية من الأنصار من أهل يثرب بايعوا الرسول عليه الصلاة والسلام فاتبعوه وكان الانصار قد قفلوا رجعه،

فأدركه سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو، فأما منذر فأعجزهم وهرب وأما سعد بن عبادة فوقع في أيديهم وربطوا يديه إلى عنقه وجعلوا يسحبونه ويضربونه ويجرونه من شعره وكان كثير الشعر ولا يزالوا به كذلك حتى دخلوا مكة،

فقال فوالله أني بين أيديهم يسحبونني إذ طلع عليّ نفر من قريش فيهم رجلٌ وضيء أبيض، فقلت ان كان في قومٍ من خيراً فعند هذا،

شيء يتفاءل به البشر، رجل جميل الوجه حسن الهيئة يغلب عليه ان يكون رجلاً فيه خير فقال اني يكون عند احد من القوم خيرٌ ففي هذا، فقال فلما دنى مني فرفع يده ولكمني لكمة شديدة، فقلت والله ما بعد هذا في القول من خير،

فقال اني في أيديهم يضربونني إذ أوى ألي رجلٌ كان معهم فقال ويحك؟ أمالك عند احد من قريش عهدٌ ولا جوار؟ فقلت بلا، والله اني كنت اجير لجبير بن مُطعِم بن عدي بن نوفل بن عبد المناف تجاره (جمع تاجر) كنت اجير لهم تجارهم وأمنعهم من يريد ظلمهم في بلادي واحالف بن حرب بن امية بن عبد شمس،

فقال له ذلك الذي أوى أليه فهتف باسمهما وذكر ما بينك وبينه من الجوار، قال ففعلت، فخرج ذلك الرجل أليهما فبحثا عنهما فوجدهما في المسجد عند الكعبة فقال لهما ها هنا رجلٌ يبطح يضرب، يهتف باسمكما ويقول انه بينكم وبينه جوار، فقال له من هذا؟ قال: سعد بن عبادة، فقال: صدق أنه كان يجير لنا تجارنا ويمنعهم من يريد ظلمهم ببلادي، فانطلق معه وخلّص سعد من بين ايدي من كان يضربه ثم رجعا إلى المدينة.

وفي ذلك يقول ابن خطاب شاعر قريش ومقدمها يخاطب ابي سفيان تداركت سعداً عنوة فاخذته وكان شفاء لو تداركت منذرا، فلو نلته طلت هناك دمائه وكانت حريا أن يهان ويهدرا.

فأجابه حسان بن ثابت رضي الله عنه على القافية والروي فيقول له:

لست إلى سعد ولا المرء منذر         إذا ما مطايا القوم أصبحن ضمرا

فلولا أبو وهب لمرت قصائد             على شرف البرقاء يهوين حسرا

أتفخر بالكتان لما لبسته              وقد تلبس الأنباط ريطا مقصرا

فلا تك كالوسنان يحلم أنه            بقرية كسرى أو بقرية قيصرا

ولا تك كالشاة التي كان حتفها               بجفر ذراعيها فلم ترض محفرا

ولا تك كالعاوي فأقبل نحره               ولم يخشه، سهما من النبل مضمرا

فإنا ومن يهدي القصائد نحونا                 كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا.

الشاة التي كانت تحفر فأخرجت سكيناً فذبحت بالسكين.

وكان لرسول الله صل الله عليه وسلم رايتين في المواقع، راية للمهاجرين مع علي بن ابي طالب، وراية للأنصار مع سعد بن عبادة، ولسعد رضي الله عنه مناقب وذلك لما رواه المسلم في صحيحه أن رسول الله صل الله عليه وسلم لما بلغه ان ابا سفيان قفل راجعاً من تجارته في الشام و ان قوماً خرج من قريش يريدون النبي عليه الصلاة والسلام ، فقام استشار القوم، فقام ابي بكر يتحدث فأعرض عنه الرسول عليه الصلاة والسلام، وقام عمر يتحدث فأعرض عنه الرسول عليه الصلاة والسلام، فقام سعد بن عبادة وقال كأنك تريدوني يا رسول الله.

هذه قضية غزوة بدر، النبي عليه الصلاة والسلام بينه وبين قريش حرباً اقتصادية، الكفار اخرجوا المسلمين من دورهم واخرجوهم من اموالهم واخذوا ما كان لهم من مال وارسلوهم لا شيء لهم إلى المدينة.

فكان من الطبيعي ان يأخذوا المسلمون ما قدروا عليه ليستردوا ما أخذوا الكفار منهم، وكانت تجارة قريش إلى الشام تمر بالمدينة، فخرجت قافلة عظيمة عليها ابي سفيان وفيها الكثير من الأموال لقريش،

فأراد الرسول الله عليه الصلاة والسلام أن يخرج إليها فندب إلى ذلك من يريد أن يخرج إلى العير، فذلك لم ينتدب معه إلا ثلاثة مئة وبضعة عشر رجالاً لأن لم تكن الناس تعلم أنها ستكون حرباً، وإنما يريدون القافلة،

فلما بلغوا موضعاً هناك، وجدوا ان ابي سفيان قد فاتهم، الذي يفوتهم في المشي لن يفوتهم في العودة.

بلغ ابي سفيان ما يبته الرسول الله عليه الصلاة والسلام، فلما كان عائداً انتحى بالقافلة لطريق آخر وبعث ان انقذوا اموالكم، فخرج أهل مكة نحو الف انهم يريدون الحرب، فلما بلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال أشيروا عليه،

فقام ابو بكر وقام عمر وكلهم يقولوا خيراً، يا رسول الله اصمد لهم اقصد لهم نحن معك، فيعرض عنهم لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول أشيروا عليه أيها الناس فهو لفظ عام، أنما يريد قوماً بأعيانهم وهم الأنصار.

لماذا يريدهم رسول الله؟ لأن بيعة العقبة من بنودها ان يمنعوا الرسول الله عليه الصلاة والسلام مما يمنعوا انفسهم ونسائهم وابنائهم لكن بين اراضي مكة ولكنهم خارج اراضي مكة، فالمعاهدة ليس فيها هذا البند، فلذلك يستشيرهم ففهم سعد بن عبادة كأنك تريدونا يا رسول الله،

والله لو امرتنا ان نخيضها البحر لأخضناها ( أي خيلنا ) ولو امرتنا ان نضرب اكبادها إلى برك الغماد لفعلنا

فحينئذ أمرهم رسول الله ان ينطلقوا إلى بدراً وكان ذلك الفتح العظيم

من مناقب سعد رضي الله عنه عما رواه الحاكم وابن حبان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال جزا الله الأنصار عنا خيراً ولا سيما عبد الله بن حرام و سعد بن عبادة.

كان سعد غيوراً جداً ومعروفاً بذلك، روا المسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان سعد بن عبادة قال لرسول الله صل الله عليه وسلم ارأيت رجل يجد مع اهله رجلاً؟ ايقتله؟ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لا، فقال له سعد بلا والذي اكرمك بحق، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام لمن معه ألا تسمعون ماذا يقول سيدكم.

وفي رواية عند مسلم، ان سعد بن عبادة قال لرسول الله عليه الصلاة والسلام، يا رسول الله لو وجدت مع اهلي رجلاً لم امسه حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام نعم، فقال له سعد كلا والذي بعثك بالحق، والله ان كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟ أنه لغيور وأني لأغير منه والله أغير مني.

وقد روا هذه القصة الإمام أحمد بسياقة أخرى وبأسناد فيه ضعف ولكن يشهد للقصة كلها حديث مسلم والإمام أحمد يروي هذه القصة عن ابن عباس انه لما نزل قول الله تعالى الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فجلدوهم …إلى آخر الآية،

قال سعد بن عبادة يا رسول الله هكذا نزلت؟ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ألا تروا ماذا يقول سيدكم؟ فقالوا له يا رسول الله لا تلومه أنه رجلٌ غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكراً ولا طلق امرأة قط واجترأ أحداً ان يتزوجها من شدة غيرته.

فقال سعد حينئذ والله يا رسول الله أني اعلم انها حق واعلم انها من عند الله ولكني تعجبت ن لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أُهَيِّجَهُ ولا أُحرِّكَهُ حتى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شهداءَ واللهِ لا آتِي بِهِم حتى يَقْضِيَ حاجَتَهُ.

من مناقبه رضي الله عنه مما رواه الامام احمد ان رسول الله عليه الصلاة والسلام اتاه دار سعد بن عبادة، فاستئذن وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: السلام عليكم ورحمة الله وكان سعد بن عبادة في الدار فرد السلام ولكن رده بصوتٍ خفي لم يسمع رسول الله عليه الصلاة والسلام،

فلما لم يسمع رسول الله عليه الصلاة والسلام فرد السلام وقال السلام عليكم ورحمة الله مرة ثانية، فرد سعد كرده الاول ولم يسمع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فسلم رسول الله عليه الصلاة والسلام مرة ثالثة، فرد سعد كما رد في المرة الأولى،

فرجع رسول الله عليه الصلاة والسلام لأنه حسب ان سعد غير موجود في بيته، فلما ادبر رسول الله عليه الصلاة والسلام راجعاً، اتبعه سعد، فقال سعد بأبي انت وامي والله ما سلمت تسليمة قط ألا بها بأذني ورددتها عليك ولم اسمعك، اردت الاستكثار من تسليمك وادرت الاستكثار من البركة،

فدخل رسول الله عليه الصلاة والسلام بيت سعد وقدّم له سعد زبيب فأكله رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم قال أَكَلَ طَعَامَكُمُ الأبرارُ, وصَلَّتْ عليكم الملائكةُ وأفطر عندكم الصائمون. فأخذ دعوات من  رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وذكر ابن عساكر في تاريخه ان سعد بن عبادة صنع مأدُبة لرسول الله عليه الصلاة والسلام ودعاه فإذا بقصعة مملوءة مخان، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام لسعد: ما هذا؟ فقال: والذي بعثك بالحق لقد نحرت اربعين ذات كبد، اردت ان اشبعك من المخ.

فأكل رسول الله عليه الصلاة والسلام ودعا له بالخير

قال ابن حبيب سمعت ان الخيزُران ( ام هارون الرشيد ) زوجة المهدي سمعت بذلك فقسمت قسماً من مالها ووزعته على ولد سعد بن عبادة فقالت اردت ان اكافئهم على حسن صنيعهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وفي خلافة عمر بن خطاب خرج سعد بن عبادة إلى الشام فمات في حوران سنة 25 او 26 وقيل ان جلس يبول في نفق فمات من ساعته.

يفسرون ذلك ويقولون لعله ذلك كان يبول في مسكن للجن وكانوا يكرهون من مواضع قضاء الحاجة فيها، فقالوا فوجدوه ميتاً وجلده قد اخضر ولم يعلم بموته في المدينة حتى سمعوا بغلمان يلعبون بجانب البير وسمعوا صوتاً يقول من البير قد قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسهمين فلم نخطأ فؤاده. فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه في اليوم الذي مات فيه بالشام رضي الله عنه

اقرأ أيضاً… القصة الحقيقية لقوم لوط، وكفى تزويراً!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى