مال وأعمال

الصراع الخفي.. لماذا ضمت أمريكا شركة “شاومي” الصينية للقائمة السوداء؟



الصراع الخفي.. لماذا ضمت أمريكا شركة “شاومي” الصينية للقائمة السوداء؟ في أوائل نوفمبر الفائت من عام 2020 أعلنت أكبر شركات لأبحاث وسوق الهواتف الذكية وهم  counterpoint research , HYDC, caralis عن بيانات صادمة للولايات المتحدة

وهي تفوق شركة شاومي الصينية على شركة أبل الامريكية لتصبح ثالث اكبر صانع للهواتف الذكية في العالم في الربع الثالث لعام 2020 أي من يوليو لسبتمبر، فالأول مرة من عشر سنوات تتصدر ثلاث شركات أسيوية التصنيف وتتراجع الشركات الأمريكية على المراكز الثلاثة الأولى على مستوى العالم

بالتالي التصنيف في هذا الربع كان على النحو التالي المركز الاول ل Samsung الكورية، المركز الثاني لHuawei الصينية، المركز الثالث ل شاومي الصينية والمركز الرابع لأبل الامريكية، ولأول مرة من 10 سنوات تعود شركة أمريكية للمركوز الرابع بهذا الشكل.

سنعود بالذاكرة للوراء قليلا لنتذكر متى شركة  Huawei تفوقت على شركة أبل واصبحت ثاني اكبر مصنع للهواتف الذكية حول العالم بعد سامسونج لأول مرة

في شهر سبتمبر عام 2018، و بعدها في مايو 2019 الذي حدث بدون دخول في التفاصيل ان الولايات المتحدة استفاقت من النوم وقالت ان شركة هواوي لها علاقة بالجيش الصيني وقامت بضمها للقائمة السوداء ومنعت وصولها الى الموردين الامريكيين

وكانت قصة طويلة وبعدها هذا التضييق خرج من النطاق المحلي الامريكي الى نطاق عالمي من خلال تقليد حكومات الدولة الحليفة للولايات المتحدة على منع هواوي من تركيب البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس 5g،

ونفس السيناريو الذي حدث مع هواوي يحدث الان مع شركة شاومي التي تم تأسيسها في عام 2010 واستطاعت غزو الاسواق العالمية باستراتيجية تقديم منتجات بمواصفات متميزة وبأسعار معقولة ولها طموحات عالمية كبيرة في النمو والتوسع وتعويض الفجوة التي تركتها هواوي بسبب حربها مع الولايات المتحدة وجهودها قد تكللت بالنجاح

بالنهاية واستطاعت اطاحة بشركة ابل واستطاعت اخذ مكانها الأول ولو حتى لفترة 3 شهور قبل ان يترك الرئيس دونالد ترامب البيت الابيض في ايام معدودة وتحديدا في 14 يناير 2021 ادرج البنتاغون شركة شاومي و 8 شركات صينية أخرى في القائمة السوداء بحجة ان لها صلات بالجيش الصيني

وقبل ذلك بعدة ساعات ادرجت وزارة التجارة الامريكية شركة الصين الوطنية للنفط البحري المعرفة اختصارا ب cnooc وهي ثالث اكبر شركة نفط مملوكة للحكومة الصينية تم ادراجها في القائمة السوداء وقال وزير التجارة الامريكي ويل باروس انها تصرفت كمتنمر للجيش الصيني للمساعده في تخويف إيران الصين في بحر الصين الجنوبي

وهددت بالتنقيب عن النفط والغاز البحري واستخراجهم في مناطق متنازع عليها في بحر الصين لاسيما مع فيتنام التي بينها وبين الصين صراع طويل الامد حول موارد النفط هناك، هذا يعني ان الشركات الامريكية لن تستطيع تصدير منتجات او تكنولوجيا لهذه الشركات الا بتصريح لا أحد يستطيع الحصول عليه،

و هناك سلاسل توليد كما نعلم و لو فككنا هاتف شاومي mi 11 مثلا الذي تم الاعلان عنه في شهر ديسمبر عام 2020 سنجد ان المعالج مكاو هو معالج شركة Qualcomm الامريكية العملاقة المتخصصة بأشباه الموصلات وطبعا Qualcomm لن تستطيع توريد معالجات من جديد لشاومي بعد هذا القرار

المشكلة بالنسبة لشاومي ليست بهذا فهي تستطيع بسهولة استبدال المكونات الامريكية من شركات أخرى خارج الكترونية فمثلا بدلا من Qualcomm الامريكية ممكن ان تتعامل مع mediate التايوانية او سامسونج الكورية الجنوبية او شركات اشباه المؤصلات الصينية الأخرى التي تطورت جدا بعد الذي حصل لهواوي من عام ونصف وبتوجيه من الحكومة الصينية،

المشكلة تكمن في رأس المال فمع خطط شاومي الطموحة للتوسع العالمي والاستفادة من انشغال هواوي بحربها مع الحكومة الامريكية وحلفائها ومعجنة شبكات الجيل الخامس وحرب الهيمنة على القارة الاوروبية مع اخواتها أوبو وفيفيو فهي محتاجة لرؤوس أموال أي محتاجة التمويل

في نوفمبر الفائت وقع ترامب على امر تنفيذي يمنع الامريكيين من الاستثمار في الشركات التي لها صلات بالجيش الصيني وهذا الأمر التنفيذي الذي دخل حيز التنفيذ في 11 يناير الفائت معناه ان المستثمريين الامريكيين لن يستطيعوا شراء أسهم أو أي أوراق مالية خاصة بشركة شاومي وبالتالي انحرمت الشركة من رأس المال الأمريكي،

اما الذين لديهم أسهم في الشركة عليهم التخلص منها ويقومون ببيعها ومعهم مهلة حتى نوفمبر 2021 وهذا شكل ضربة كبيرة لشركة شاومي بعد ادراجها بساعات انهارت قيمة اسهمها وانخفضت بنسبة 10% ببورصة هونغ كونغ وحرق 10 مليار دولار من قيمتها السوقية التي وصلت نهاية 2020 إلى حوالي 108 مليار دولار

شركة شاومي المحللين الاقتصاديين كانوا يتوقعون الخطوة هذه من ناحية الولايات المتحدة بعد تفوق شاومي على أبل لأول مرة لأن هذه هي استراتيجية الادارة الامريكية لاسيما بعهد ترامب وبدل من ان تترك الساحة للتنافس بين الشركات الصينية والامريكية لتتدخل لصالح شركاتها بهدف اضعاف الشركات الصينية

وهذا التدخل يكون فوري وعنيف عندما تتفوق شركة الصينية وتهيمن على الصناعة العالمية على حساب شركات أمريكية الغل الامريكي من التفوق الصيني ظهر ايضا في اواخر شهر ديسمبر لعام 2020 عندما اضافت وزارة التجارة الامريكية شركة DJI الصينية الى القائمة السوداء بحجة انها متورطة في المساعدة في ارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان

شركة DJI هي عملاق صناعة الطائرات بدون طيار وتم تأسيسها في عام 2006 ونجحت في سحب جميع المنافسين سواء أمريكيين أو من أي دولة أخرى خارج الصين وهذا كان عائد لقدرتها الفريدة على تصنيع معدات تكنولوجية متطورة بأسعار يستطيع المستهلك العادي ان يدفعها،

وهنا نتكلم عن طائرة بدون طيار ب 1500 دولار فقط، هذه الشركة تعملقت لدرجة انها اصبحت تسيطر على من 70 الى 80% من صناعة الطائرات بدون طيار في العالم كله وحوالي من 75% من الطائرات التي تباع في امريكا هي من تصنيع DJI الصينية أي 7 مليون طائرة بيعت في امريكا خلال السنة الفائتة 2020 فقط

منهم طائرات بيعت لهيئات عامة في امريكا مثل اقسام الاطفاء والشرطة الامريكية تقوم باستخدامها في مكافحة الجرائم، لذا عندما قامت وزارة التجارة الامريكية بأدراج DJI الى القائمة السوداء قالت انها ستسمح بالتراخيص للجهات التي تحتاج منتجات الشركة بالضرورة مثل معالجة الامراض المعدية مثلا،

وطبعا نعرف ان شركة DJI  يتم استخدامها لتوصيل الامدادات الحيوية اثناء جائحة كورونا دون التعرض لمخاطر الاتصال البشري وكانت تستخدم لرش الاسطح بالمطهرات،

بعد قرار ادراج هذه الشركة في القائمة السوداء كانت الشركات الامريكية المصنعة للطائرات بدون طيار في قمة السعادة لانها اصلا ذات حجم صغير مقارنة ب DJI مثل شركة skydio و impossible aerospace

في النهاية لا نعلم كيف ستتعامل ادارة جو بايدن مع هذا الملف الشائك، هل سيتعامل مع هذا الموضوع كما ترامب ويحاول تقليل نفوذ هذه الشركات عالميا، ام سيكون أقل تصادمية من ترامب!

اقرأ أيضاً… أخيرا ثورة أبل القادمة…

اقرأ أيضاً… حرب تكسير عظام .. الآلة التي تخشى أمريكا أن تمتلكها الصين؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى