إسلام

عبادات يوم عرفة

عبادات يوم عرفة من أيام الحج هو يوم تجاب فيه الدعوات، وتُقال فيه العثرات، وتُغفر فيه الزلات، ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، يوم عظيمٌ عَظّم الله شأنه، ورفع على الأيام قدره.

تُعتق فيه الرقاب وتُرتفع الأعمال للعليّ الوهاب، ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة.

وفي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء) رواه مسلم

وقال أيضاً (إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: أنظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبرا) رواه أحمد.

يدركه الحاج ولو جاء قبل فجر يوم مزدلفة، اليوم العاشر بلحظة، لو دخل حدود عرفات قبل فجر اليوم العاشر بلحظة أدرك عرفة.

وهذا اليوم هو يوم أكمل الله فيه الدين، وأتم فيه النعمة على المسلمين، ونزل فيه قوله تعالى:

(اليوم أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) رواه البخاري ومسلم.

ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ، منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى تنزل الرحمة وتجاوز الله سبحانه عن الذنوب.

إنه يوم إكمال الدين وإتمام نعمة رب العالمين، وفيه نزل الروح الأمين على قلب محمد إمام المرسلين.

عبادات يوم عرفة وصيام يوم عرفة

عبادات يوم عرفة وصيام يوم عرفة

يوم عيد لأهل الموقف وهو من مفاخر المسلمين.

كما قال عليه الصلاة والسلام (يوم عرفة هو يوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب) رواه أبو داوود والترمذي.

هذا بالنسبة للحجاج، أم بالنسبة لأهل البلدان فيشرع لهم أن يصوموا يوم عرفة، وأما يوم النحر وأيام التشريق فهي كلها أيام أكل وشرب للمسلمين في جميع أنحاء العالم.

سواء الحجاج أو غيرهم، لا يجوز صيامها.

فضائل يوم عرفة

من فضائل عرفة أنه يوم أقسم الله به، والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فقال تعالى (وشاهد ومشهود) فهو المشهود.

وقوله تعالى في هذه السورة اليوم الموعود هو يوم القيامة، واليوم المشهود هو يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة.

يتأكد صيام هذا اليوم على أهل البلدان، بقوله عليه الصلاة والسلام (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبلها والسنة التي بعدها).

وعرفة هو اليوم قبل الأخير من الأيام العشر، فالزمن فاضل والعمر يذهب والأنفاس معدودة والأعمار محدودة، والمؤمن يبادر لاغتنام الساعات ويسارع إلى مرضاة رب البريات.

ما هي عبادات يوم عرفة

ما هي عبادات يوم عرفة

لغير الحاج والحاج يشرع له الفطر اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي وقف بعرفة وشرب والناس ينظرون إليه.

وذلك تعليماً منه للحجاج ليتقووا على الذكر والدعاء، عشية ذلك اليوم، وفي صيام يوم عرفة لأهل البلدان تكفير عن سنتين.

ويوم العيد وأيام التشريق، لا يجوز صيامها إلا للحاج الذي لم يجد الهدي، فيجوز أن يصومهم، أما العيد فلا.

وربك يخلق ما يشاء ويختار، فلا يجوز للحاج أن يصوم أياماً فاضلة ولو كان الإثنين والخميس إذا وافقت أيام التشريق، أو من الأيام البيض.

ولا بأس للمسافر غير الحاج أن يصوم عرفة مالم يشق عليه، ومن منعه العذر من صيام عرفة، كالمريض والحائض والمرضع والنفساء، فإنه يؤجر على نيته لأنه عجز وهو يريد.

شروط صيام يوم عرفة

والذي يصوم من أهل البلدان بيوم عرفة، يشترط لإتمام الأجر أن ينوي الصيام من الليل، فلو تسحر تكون تلك نية.

وقد كان الصحابة يحرصون على تصويم أطفالهم في مثل هذه المناسبات العظيمة، ليعتادوا الطاعات ويعظموا شعائر الله.

ويجب حفظ الجوارح عن المحرمات، (إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه، غُفر له) رواه أبو يعلى وهو حديث صحيح.

الدعاء وفضائله و عبادات يوم عرفة

ويُسنُّ فيه الإكثار من التهليل والتكبير، أما بالنسبة للحجاج فتكون التلبية بالإضافة إليهم، وكذلك إكثار الدعاء بالمغفرة والعتق من النار، فإنه مشهد عظيم ليس في الدنيا مثله، لا يأتي في العام إلّا مرة.

وقد ذكر بن رجب رحمه الله أن العتق من النار في يوم عرفة، عام لجميع المسلمين وليس خاصاً بالحجاج، فقال:

(ومن وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأنصار فهنيئاً للجميع بقول النبي عليه الصلاة والسلام: خير يوم طلعت عليه الشمس هو يوم عرفة) وهذا من منّة الله علينا وفضله، يؤتيه من يشاء.

ومن تمنى الحج وعليه عذر فليبشر بقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن بالمدينة أقواماً ما قطعتم وادياً أو سرتم مسيراً إلا وهم معكم، حبسهم العذر)

يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا

                                     إنا أقمنا على عذر وقد رحلوا ومن أقام على عذر كمن راح

من فاته في هذا العام القيام بعرفة، فليقم بحقه لله الذي عرفه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليبيت عزمه على طاعة من قربه إليه وأزلفه.

ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المنى، ومن لم يصل إلى البيت العتيق لكونه منه بعيد، فليقصد رب البيت الذي هو أقرب إليه من حبل الوريد.

يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (الدعاء الدعاء خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).

وظاهر هذا الحديث أن فضل يوم عرفة يكون لمن كان في عرفة أو في باقي البقاع، وأن الفضل مخصص لليوم، وأن الدعاء عام للحجاج وغيرهم.

ولكن من كان في عرفة له ميزة، فقد جمع بين فضل المكان والزمان، فينبغي أن يأخذ الانسان وسعه في الذكر والدعاء وقراءة القرآن.

ويأتي بأنواع الأذكار ويدعو لنفسه ووالديه وأقاربه وإخوانه، وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، فهو يوم لا يمكن تداركه إذا ذهب لا يعود إلّا بعد سنة.

لقد شرع الله لنا الله الدعاء ووعدنا بالإجابة وقال ربكم (أدعوني أستجب لكم)، وبالدعاء تتحقق عبودية الله، كما في الحديث (الدعاء هو عبادة).

فهذا تعلق القلب بالله والافتقار إلى الله وعدم الالتفات إلى غيره، وكلما طمع عبد في فضل الله لقضاء حاجة أو دفع ضرورته قويت عبوديته له.

وقد كان للأنبياء شأن مع الدعاء، فهم أهل التجاء إلى الله ينزلون به حوائجهم، وهذا أيوب عليه السلام (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين).

وزكريا (ربي لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين)، والنبي عليه الصلاة والسلام لما نظر إلى المشركين يوم بدر وهم ألف، وأصحابه وهم ثلاثمائة وتسعة عشر.

استقبل القبلة فما زال يهتف بربه مادّاً يديه مستقبلاً القبلة، حتى سقط ردائه عن منكبيه، فأنزل الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) رواه مسلم.

سهام الليل نافذة ولكن لها أمدٌ وللأمد انقضاء، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء وأدناهم همة من التخلف عن النداء.

أصول الدعاء

(ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وحد ربك في الدعاء، ناشده باسمه الله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأثن عليه وامدحه بأسمائه، وصل على نبيه.

دخل رجل فصلى وقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال صلى الله عليه وسلم: عجلتَ أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصلي عليَّ، ثم ادعه.

استقبل القبلة ولا تلتفت لا بقلبك ولا بوجهك، اعزم في المسألة وأجزم في الطلب، لا يقل أحدكم الله اغفر لي إن شئت وارحمني إن شئت، (فليعزم المسألة فإن الله لا مكره له) رواه البخاري ومسلم.

وألح في السؤال وكرر، فكان عليه الصلاة والسلام إذا دعا، دعا ثلاثاً، وإذا سأل، سأل ثلاثاً، رواه مسلم، فكلما كرر الانسان ألح كان أقرب للإجابة، واعترف بالذنب.

قال الأبوان (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)، فتضرع بخوف وخشية وخشوع، ليكن لديك رهبة منه ورغبة بما لدى الله سبحانه.

(أدعوا ربكم تضرعاً وخفية)، وطيب مأكلك ومشربك وملبسك، فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به، سبب موجب لإجابة الدعاء.

أدعو من أدعية النبي، وتحرى أوقات الإجابة مثل جوف الليل، حين يتنزل سبحانه فيقول: (من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) رواه البخاري.

(أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء) رواه مسلم.

الإكثار من ذكر الله في يوم عرفة، فتحيا الأرواح بذكر الله، وتسعد النفوس، وكذلك تنتعش القلوب بذكر الخالق، (يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكراً كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا).

فذكر الله يطرد الشيطان ويرضي الرحمن ويحط الخطايا ويطهر القلب، ويدفع النقم ويجلب النعم، هو قوت القلوب وقرة العيون، (ولذكر الله أكبر) فهو أكبر من كل شيء.

عليك بذكر الله في كل لحظةٍ
                              فما خاب عبد للمهيمن يذكر
لو يعلم العبد ما في الذكر من شرفٍ
                              أمضى الحياة بتسبيح وتهليل

(ألا بذكر الله تطمئن القلوب) أي من اضطرابها، وتحفُّ الملائكة أهل الذكر وتغشاهم الرحمة، مثل الذي يذكر ربه، كمثل الحي والميت.

فالذكر هو العبادة المطلوبة وخصوصاً في يوم عرفة (يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكراً كثيرا)، فلم يفرض الله على عباده فريضة إلّا جعل لها حداً معلوماً، إلّا الذِكر، ولم يعذر أحداً في تركه.

فقال (فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم) بالليل والنهار في البر والبحر، في السفر والحضر والغنى والفقر والصحة والمرض والسر والعلانية.

وهذه الأذكار في العشر غاية في الأهمية، كما قلنا تهليلاً وتسبيحاً تحميداً وتكبيرا، أحب الكلام إلى الله أربع، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، ولا يضرك بأيهن بدأت.

المصادر

 محمد صالح المنجد

شاهد أيضاُ:

يوم عرفة وفضل الدعاء فيه


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

ماكتيوبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى