إسلامقصص وحكايات

قصة ولادة سيدنا النبي موسى عليه السلام


طارق سويدان- قصة النبي موسى من قصص الأنبياء

النبي موسى عليه السلام، هو واحد من أعظم المرسلين، الذي خلد الله ذكره، في أكثر من سبعين موضع في القرآن الكريم.

وفي كل موضع، وجدت عشرات الآيات، لقصة موسى عليه السلام، ذلك لأخذ العبر والمعاني العظيمة فيها، وتعليم للنبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة الكرام، والبشرية على مدى التاريخ.

قصة موسى عليه السلام، تنقسم أساساً إلى جزئين رئيسيين، القصة الأولى، هي قصة موسى عليه السلام مع فرعون.

وفيها تحليل لشخصية فرعون، ونظامه السياسي، وتعليق على الوضع السياسي، الذي كان يدار به أمر مصر، وتنتهي القصة لتبدأ قصة عظيمة أخرى.

هي قصة موسى عليه السلام، مع بني إسرائيل في فلسطين، بعدما عبروا البحر، وكلا القصتين عظيمة، وفيهما عبر ومعان كبيرة.

قصة النبي موسى عليه السلام

النبي موسى عليه السلام، هو موسى بن عمران، بن قاهث بن لاوي، بن يعقوب عليه السلام، فهو ينتسب إلى النبي يعقوب عليه السلام.

يصفه لنا النبي صلى الله عليه وسلم، أنه آدم، أي أسمر اللون، وكان ضخماً جسيماً عظيماً، وبقوة عشرة من الرجال.

وكان النبي موسى، يتأتئ عندما يتحدث، لذلك كان فرعون، يستهزئ به، ويقول النبي موسى عن نفسه، في القرآن الكريم (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني)

فرعون مصر رمسيس الثاني

ولد موسى عليه السلام في مصر، وكانت مصر تحت سلطة الملك الوليد بن مصعب، وهو الاسم العربي، الذي أطلق عليه بدل اسم فرعون.

حيث أن العرب، كانوا يلقبون كل فرعون، باسم عربي، حتى يفرقون بينهم، وذلك منذ قصة يوسف عليه السلام المعروفة.

وفرعون اسمه لدى الفراعنة، هو رمسيس الثاني، زوجة رمسيس الثاني، هي آسيا بنت مزاحم، من المصريين، وليست من بني إسرائيل، وكانت مؤمنة بالله الواحد.

والإيمان بالله الواحد جاء، من أن مصر قد انقسمت إلى قسمين، بنو إسرائيل، الذين كانت لهم مكانة كبيرة في مصر، إلى أن جاء الفراعنة، وسيطروا عليهم، وكانوا على التوحيد.

والمصريون، جماعة فرعون، وكانوا على الكفر، فكان بعض المصريين، متأثراً بدين بني إسرائيل، وهم قلة، ومن بينهم عائلة آسيا بنت مزاحم.

قصة زواج فرعون من آسيا

مزاحم والد آسيا، كان مؤمناً، وابنته كذلك، وكانوا عائلة كريمة في مصر، وأراد فرعون أن يتزوجها، فرفض أبوها لأنها صغيرة، فقال له: إن لم تزوجني بها، فلك الويل.

فقال مزاحم لابنته: إن هذا ظالم، فماذا نفعل، فقد يقتلنا جميعاً، ويهلكنا جميعاً، فوافقت آسيا تحت هذا الضغط، وظلت مع فرعون، وهي كارهة له، مع تمسكها بإيمانها.

وآسيا هي من النساء القليلات، اللواتي كُملن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلى أربع.

آسيا امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، هؤلاء النسوة، هن الكاملات في التاريخ، عليهن الرضوان.

تجبر فرعون على بني إسرائيل

تبدأ القصة بتجبر فرعون على بني إسرائيل، فلقد أذلهم وسخرهم، وأخذ كل أموالهم، وحولهم من الحرية إلى العبودية، وسخرهم لصناعة الأهرامات والمسلات.

وبدأ يقسم الشعب إلى طبقات، فوضع بنو إسرائيل، في طبقة العبيد، يقول الله عز وجل عن فرعون وسيطرته (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا)

وأطاعه الناس، إما خوفاً أو طمعاً، يقول الله عز وجل (فاستخف قومه فأطاعوه) وكانت أحوال مصر، ظلم وطغيان وطاغوت.

ثم طال فرعون أكثر من ذلك، وقال: أنا ربكم الأعلى، ما علمت لكم من إله غيري، فأخذ المصريون يعبدونه، مع علمهم أنه كاذب.

الرؤيا التي أخافت فرعون

مرت الأيام، ورأى فرعون رؤيا في منامه، أن ناراً عظيمة خرجت من بيت الله المقدس، فأحرقت دور مصر جميعها، ولم تحرق ديار بني إسرائيل.

فجمع الكهنة والسحرة، وبدأ يسألهم ما قصة هذه الرؤيا، فقالوا: الرؤيا تشير إلى أمر خطير، ولدينا معلومات، أن هناك أخبار عند كهنة بني إسرائيل، وأحبارهم.

أنه على يد بني إسرائيل، سيكون هلاك مصر والفراعنة، وسيخرج شخص من بني إسرائيل، هو الذي على يديه، سيكون تخليص بني إسرائيل من عذابهم، وهلاكك يا فرعون.

فغضب فرعون غضباً شديداً، وسأل الكهنة: هل هو موجود؟ قالوا له: لا، لم يولد بعد، فقال: إذا لم يولد بعد، فإن الأمر هين، واتخذ أمراً بقتل أي مولود ذكر، لبني إسرائيل.

قتل الذكور من بني إسرائيل

كان هارون أخ موسى عليه السلام، كبيراً آنذاك، عندما بدأوا يراقبون مواليد بني إسرائيل، عن طريق الأخبار، والقابلات، حيث جمعهن وهددهن.

بأن أي قابلة، لا تخبر عن مولود ذكر، تقتل هي وأهلها جميعاً، وتحت هذا التهديد، اضطررن أن يخبرن عن ذلك، واستفحل الأمر، وبدأ قتل مواليد بني إسرائيل.

يقول الله عز وجل (يدبح أبناءهم ويستحيي نساءهم) أي يتركهن أحياء، ويقتلون الذكور، فنزل البلاء العظيم، على بني إسرائيل.

ولادة النبي موسى في الخفاء

كانت أم موسى عليه السلام، حاملاً به، فخافت خوفاً شديداً، وكانت في أشهرها الأولى، وأخفت الحمل، وعندما جاء موعد الولادة، لم تطلب قابلة، بل ولدها أهلها في السر.

وعاشت مع وليدها موسى عليه السلام، بالخفاء وترضعه في بيتها، كان لديها تابوت مثل السرير الصغير، تضعه في النهر، وتخفيه فيه.

حيث أن جنود فرعون، كانوا يدخلون البيوت بشكل مفاجئ، ويفتشون عن المولود الجديد، في إحدى الروايات، أنه كان لدى أمه حبل طويل، تربط فيه التابوت.

فإذا بدأ التفتيش، أطلقت التابوت في النهر، وعندما يذهب الجنود، تجر التابوت إليها، وأنه في إحدى مرات التفتيش، فلت الحبل وسار التابوت في النهر.

وفي رواية أخرى، أن أم موسى، هي التي رمت التابوت في النهر عن قصد، من كثرة خوفها عليه، فسار التابوت لوحده في النهر.

وفي الحالتين، القصة هي واحدة، أنها وضعت ولدها في تابوت صغير، وذهب التابوت في النهر، يقول الله عز وجل (وإذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل)

التابوت يصل إلى قصر فرعون

هكذا كانت البداية، ويقول الله عز وجل (فالتقطه آل فرعون) ويقول الله سبحانه (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)

والذي حدث، أن أمه ألقته فعلاً في اليم، وأمرت أخته، قالت لها (قصيه) أي تابعي أخباره، أو تابعي التابوت إلى أين يذهب.

فكان يمشي التابوت في النهر، وهي تمشي على طرف النهر، تراقبه، يقول الله عز وجل (فليلقه اليم بالساحل)

وألقي إلى قصر فرعون، الذي كان مطلاً على النهر، ورأته الجواري، وأخبرن آسيا، التي جاءت لتجد، طفلاً صغيراً جميلاً، مع لونه الأسمر.

تبني آسيا للنبي موسى عليه السلام

الله سبحانه وتعالى، جعل في موسى عليه السلام ميزة، أنه كان لا يراه أحد، إلا وكان يحبه، إلا الكفار، يقول الله عز وجل (وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني)

فأحبته آسيا حباً شديداً، ويقول الله عز وجل (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين)

وكان من الواضح أن موسى من بني إسرائيل، فأراد فرعون أن يقتله، لأنه خاف منه، فجاءت امرأة فرعون آسيا، وبدأت تترجاه، لأنها لم تنجب الأولاد.

فقالت (قرت عين لي ولك) قال لها قرت عينك، وليس لي، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: لو قال قرت عين لي ولك، لما دمره الله عز وجل.

فألحت عليه وقالت (عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً) وتحت إلحاحها، وافق فرعون، وترك موسى عليه السلام، يعيش في القصر.

تحريم المراضع عن النبي موسى

أصبح فؤاد أم موسى فارغاً، فكادت تخرج إلى الناس، وتسأل أين ولدي، وحتى كادت تذهب إلى القصر، لتقول أعطوني ولدي.

ويقول الله تعالى (لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع)

طبعاً امرأة فرعون، لم تكن تستطيع أن ترضعه، فكانوا يأتون له بالمراضع، ويرفض أن يرضع من أياً منهن، وذلك بوحي من الله عز وجل.

ويقول الله سبحانه وتعالى (فحرمنا عليه المراضع) هنا بدأوا يبحثون عن مرضعة، يقبل حليبها، فجاءتهم أخته قالت (هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون)

أنا أعرف امرأة ترضعه، فسألوها: كيف عرفت؟ قالت لهم: أنها امرأة حنونة وصالحة، ولا يرفض حليبها طفل، وهي حريصة على رضاعته، لأنه ابن الملك.

فجاءوا به إلى أمه الحقيقة، ورضع منها، ويقول الله عز وجل (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون)

وهكذا دخل موسى عليه السلام، في قصر فرعون، وتربى كأنه ابن فرعون وآسيا، وتطورت الأحداث بعد ذلك، واضطر إلى الفرار من مصر إلى مدين، حيث جاءته النبوة، بوحي من الله سبحانه وتعالى.

 طارق سويدان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى