إسلام

كيفية أداء صلاة المسافر


محمود الدالاتي- الفقه المنهجي

ذكرنا سابقاً وتحدثنا عن أحكام صلاة المسافر ، وقلنا أن الإسلام رخص للمسافر عدة رخص منها الإفطار الصائم وجمع الصلاة وقصرها للمصلي وزيادة في مدة المسح على الخفين.

والمسافر يستطيع أن يستفيد من رخصة الإفطار في السفر في شهر رمضان، فيفطر في الصيام. وكذلك من الرخص التي شرعها الله سبحانه وتعالى تسهيلاً وتيسيراً للمسافر، القصر والجمع.

وقلنا أن هذه الرخصة تكون في اختصار كمية الركعات، وهذا يسمى قصراً وتصبح الصلاة الرباعية ثنائية.

والثانية في ضم صلاتين إلى بعضهما في الأداء ليكتسب المسافر أوسع وقت ممكن من الفراغ ويسمى الجمع بين الصلاتين.

وهذا الجمع ليس موجوداً عند الحنفية ولكن يقول به جمهور العلماء ومنهم  الشافعية ونحن نتحدث عن أحكام مذهب الشافعية هنا.

شروط قصر صلاة المسافر

تكلمنا عن القصر ولها بعض الشروط التي تنطبق على المسافر الذي يحق له أن يستفيد من هذه الرخصة:

الصلاة

تتعلق في ذمته في السفر وأن يؤديها في السفر أيضاً.

يتجاوز سور البلد

التي يسافر منها أو يتجاوز عمران البلد إن لم يكن لها سور، والمسافر لا يستطيع الاستفادة من هذه الرخصة قبل أن يخرج من بلده الذي يقيم فيه.

فلو اراد السفر من مدينة إلى أخرى، لا يبدأ بجمع الصلاة وقصرها والإطار في رمضان قبل أن يخرج من بلده، حتى يخرج خارج عمران البلد، عندئذ يسمى مسافراً. وعندئذ تنطبق عليه أحكام السفر.

الإقامة في صلاة المسافر

أن لا ينوي المسافر اقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والرجوع في المكان الذي يسافر إليه، وهذه المدة هي مسألة خلاف بين العلماء.

الحنفية يقولون أن المدة خمسة عشر يوماً، ولكن الحنفية  ليس لديهم الجمع لكن لديهم القصر فقط، والشافعية يقولون بالقصر والجمع، ولكن لديهم خلاف مع الحنفية في موضوع المدة.

وعند الشافعية  المدة ألا ينوي المسافر إقامة أربعة أيام إلى البلد الذي هو يسافر إليه غير يومي الدخول والرجوع، فإن نوى أن يقيم في هذا البلد أكثر من أربعة أيام لم يعد يسمى مسافراً، بل صار مقيماً وينطبق عليه أحكام المقيمين فقصر ويجمع ويصوم مثل أهل البلد.

الإقتداء بالمقيم في الصلاة

أن لا يقتضي بالمقيم،اً فإذا كنت مسافر ودخلت إلى المسجد وأقمت الصلاة وصليت إماماً، فأنت تقصر الصلاة، وإن اقتدى بك بعض المقيمين، فبعد أن تنتهي من صلاتك تقول لهم أتموا صلاتكم فأني مسافر، ويكملون صلاتهم.

ولو أنك دخلت إلى المسجد وكان فيه إمام مقيم وصلى الإمام وصليت خلفه، فهو يتم الصلاة وأنت تتم الصلاة خلف الإمام المقيم ولا يصح أن تقطع الصلاة والإمام يصلي.

جمع الصلاة للمسافر

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء.

أي إذا كان مسافراً يجمع بين الظهر والعصر، ويجمع بين المغرب والعشاء. لكن لا تجمع العصر مع المغرب، وصلاة الصبح لا تقصر ولا تجمع، والمغرب وحدها كذلك لا تقصر والصلوات التي تقصر الظهر والعصر والمغرب.

وروى الإمام مسلم عن رواية ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع صلى الله عليه وسلم بين الصلاة في سفرة سافرناها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

قال سعيد بن جبير رحمه الله قلت لابن عباس رضي الله عنهما: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته. أي تخفيفاً على المسافرين من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

أحكام جمع الصلاة

وينقسم جمع صلاة المسافر إلى قسمين، جمع تقديم وجمع تأخير:

وهي أن تسبق العصر وتصليه مع الظهر أو تنوي تأخير الظهر إلى العصر، وكذلك تفعل بالمغرب والعشاء.

قال الشافعي: بأن يقدم المتأخرة إلى وقت الأولى جمع تأخير بأن يؤخر المتقدمة إلى وقت الثانية.

روى أبو داوود والترمذي وغيرهما عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك، إذا ارتحل قبل أن ترتفع الشمس آخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، يصليهما جميعاً.

وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً، ثم سار. وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجّل العشاء فصلاها مع المغرب.

شروط جمع صلاة التقديم

هناك شروط لجمع الصلاة حتى تصح:

الترتيب بين الصلوات

ففي جمع التقديم  أن يصلي الظهر ومن ثم العصر. بأن يبدأ الصلاة الأولى صاحبة الوقت، ثم يتبعها بالأخرى لأن العصر لم يدخل وقتها قلا يصح أن يصلي العصر أولاً ثم الظهر. ومثله يصلي المغرب ثم يصلي العشاء.

نية الجمع

أن ينوي جمع الثانية مع الأولى قبل فراغه من الصلاة الأولى، ويسن أن تكون النية مع تكبيرة الإحرام في الصلاة الأولى.

فإذا نسي المسافر ذلك فأثناء الصلاة تذكر أنه مسافر ولديه رخصة الجمع، فيستطيع النية، ما لم ينتهي من الصلة.

أما إذا لم ينوي ولم يخطر على باله الجمع وانتهى من الصلاة وسلم، ومن ثم تذكر، هنا عليه أن ينتظر حتى يصلي العصر في وقتها.

الموالاة بين الصلوات

أي يلي الصلاة الثانية بعد الأولى، فبعد أن ينتهي من الصلاة الأولى يبادر إلى الثانية فور فراغه من الأولى ولا يفرق بينهما بشيء من ذكر أو سنة أو غير ذلك.

إذا اراد فيما بعد أن يصلي السنة لا مانع، لكن لا يفصل بينهما بسنة ولا بذكر ولا بتسبيحة ولا بحديث إلا إذا انتقض وضوؤه فذهب ليتوضأ وعاد.

فإن فرق بينهما بشيء طويل عرفاً، وذهب وقت الصلاة فيجب عليه أن ينتظر إلى وقت العصر أو وقت العشاء حسب صلاته ويصليها في وقتها.

قال: أو أخّر الثانية بدون أن يشغل نفسه بشيء، بطل الجمع، ووجب تأخيرها إلى وقتها.

روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنها، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير يؤخر المغرب فيصليها ثلاثاً ثم يسلم، ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء فيصليها ركعتين ثم يسلم.

مدة المسافر

أن دوم سفره إلى تلبسه بالثانية، أي لا يضر أن يصل إلى بلده أثناءها.

شروط جمع صلاة التأخير

وهي تأخير الظهر إلى العصر وكذلك المغرب والعشاء وله شروط معينة:

نية الجمع

قال: أن ينوي جمع الأولى تأخيراً خلال وقتها الأصلي. مثل إذا كنت في وقت المغرب وأنت مسافر وتعمل في السوق، فإنك تنوي تأخير المغرب إلى العشاء.

أما لو فرضنا أنك لم يخطر على بالك ذلك، ولم تسمع أذان المغرب، وأذّن العشاء، ولم تكن تنوي تأخير المغرب إلى العشاء، فهذا لا يعتبر تأخيراً في الصلاة، بل فاتتك الصلاة وأنت آثم، فعليك القضاء.

ففي الأسفار والعمرة والحج ، نذكر الإخوة الحجاج والمصلين بأننا على الطريق ولا يمكننا التوقف، ولا مكان للوضوء، فسنؤخر المغرب إلى العشاء، ونطلب منهم أن ينووا في قلوبهم أن يؤخروا المغرب إلى العشاء.

دوام السفر إلى انتهاء الصلوات

أن يدوم سفره إلى أن يفرغ من الصلاتين معاً. فلو أقام قبل الفراغ النهائي منهما، أصبحت المؤخرة قضاءً. وغالباً الناس تصلي قبل الدخول إلى بلده.

طالما لم تدخل إلى عمران بلدك عند عودتك فانت لا زلت مسافراً، وعند عودتك إن وجدت استراحة توقفت فيها.

وبقي لمدينتك 10 كيلومتر فأنت ما زلات مسافراً بإمكانك الجمع والقصر. حتى تدخل عمران البلد وعندها تنتهي الرخصة.

ترتيب الصلوات في التأخير

وفي موضوع التأخير الترتيب ليس شرطاً. مثل تأخير المغرب إلى العشاء وأذّن العشاء فتسنّ الموالاة بينهما مثل أن تصلي المغرب ثم العشاء أو بالعكس. وإن كان يسن الموالاة بينهما.

شروط السفر الذي يباح فيه القصر والجمع

ومن شروط السفر الذي يباح لنا فيه أن نجمع ونقصر:

السفر الطويل

أن يكون السفر طويلاً تبلغ مسافته 81 كيلو متراً فصاعداً، أما إذا كان أقل من ذلك فهذا السفر لا يعتد به، وعند الجمهور هذه المسافة هي المحددة.

والدليل على ذلك روى البخاري في صحيحه قال: وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما يقصران ويفطران في أربعة برد. قال وهي ستة عشر فرسخاً، وهذا توقيفاً.

أي أقل من ذلك لا يقصران ولا يجمعان. وهذه الآن تحسب 81 كيلو متر تقريباً، وكانا يفعلان ذلك يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السفر المحدد الاتجاه

أن يكون السفر إلى جهة معينة مقصودة بذاتها، فلا يعتد بسفر رجل هائم على وجهه ليست له وجهة معينة. ونحن نقرأ على المذهب الشافعي، وهذه مسائل يكون فيها اجتهادات واختلافات بين الأئمة.

الغرض من السفر

أن لا يكون الغرض من السفر الوصول إلى معصية، فإذا كان المسافر كذلك فيحرم من الرخصة في الجمع والقصر.

أما إذا كان تاجراً أو سياحة أو زيارة وحصل معه معصية دون قصد، فإن المسافر لا يعاقب من المنع من الاستفادة من الرخصة.

جمع الصلاة للمسافر في المطر

يجوز الجمع بين الصلاتين تقديماً في المطر، فتقدم صلاة العشاء إلى المغرب أو العصر تقدم إلى الظهر.

روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعاً وثمانية الظهر والعصر والمغرب والعشاء. زاد الإمام مسلم من غير خوف ولا سفر. أي في المطر

وعند البخاري فقال أيوب أحد رواة الحديث: لعله في ليلة مطيرة قال: عسى. وعند مسلم قال ابن عباس رضي الله عنهما: أراد أن لا يحرج أحد من أمته.

فقديماً كان إذا نزل المطر يحدث أوحال وسيول، ذكر مرة الشيخ طاهر الرئيس رحمه الله وسمعته من الشيخ محمود جنيد رحمه الله:

أن في يوم من الأيام في باب هود في الجامع الذي فيه الشيخ، في صلاة الفجر من كثرة المطر لم يات المؤذن، فأذن الشيخ، والمطر شديد جداً، فقال للناس: أيها الناس صلوا في رحالكم.

هذا الجمع يكون رخصة في وقت تقديم الصلاة وليس تأخيرها، ولا يجوز جمعهما في وقت الثانية لأنه ربما انقطع المطر فيكون أخرج الصلاة عن وقتها بغير عذر.

شروط جمع صلاة وقت المطر

ويشترط في هذه الصلاة الشروط التالية:

أن تكون صلاة جماعة في المسجد بعيد عرفاً

يتأذى المسلم بالمطر في طريقه إليه. وهذا الشرط لا ينطبق الآن في المدن الكبيرة التي نعيش بها، والتي فيها أمان وطرقات.

استدامة المطر أول الصلاتين وعند السلام من الأولى

فإذا توقف المطر في بداية الصلاة لا نقوم بالجمع، لكن إن انتهت الصلاة وسلم الإمام وما زال المطر يهطل، تقام الصلاة وتصلى الثانية.

وهي من الحالات القليلة، قد تحدث في بعض القرى وبعض المناطق والأرياف.

نكتفي بهذا القدر في الحديث عن صلاة المسافر ، وجزاكم الله خيراً والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آهل وصحبه أجمعين.

الفقه المنهجي

صلاة المسافر محمود الدالاتي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى