تصور أنك مسافر، وستعود إلى منزلك بعد يومين، وفجأة خطر على بالك أن تعرف ما لديك من طعام في الثلاجة، فالموضوع بسيط، الحل هو إنترنت الأشياء Internet of Things .
اليوم يوجد ثلاجات ذكية يمكن أن تتصل بالإنترنت، وتخبرك ما فيها، وتقول لك أن الطعام الفلاني انتهت صلاحيته لكن بشرط أن تكون سجلت متى وضعت الطعام، وتكون أخبرتها متى كل طعام تنتهي صلاحيته.
لكن ماذا لو قلت لك، أنه قريباً أصبحت الثلاجة بنفسها تحلل صلاحية الأكل الذي فيها، وستعرف أنت متى سترجع من السفر.
وبالتالي سترسل رسالة إلى السوبرماركت، لتحضر لك الحليب والخبز والخضروات والفواكه، كل
ذلك قبل أن تعود من السفر بيوم.
كيف يعمل إنترنت الأشياء Internet of Things
البطاقة الإئتمانية في المستقبل لن يكون لها حاجة، لأن الثلاجة ستدفع للمحل وتخصم من حسابك في البنك بطريقة مباشرة تماماً.
وتخيل لو أنك تريد أن تعرف من هناك جالس على كرسي المكتب، فمع الوقت سيخترعون كرسياً ذكياً، يرسل لك رسالة على هاتفك، أن هناك أحد جالس.
لكن تخيل أيضاً لو أن الكرسي بنفسه يقول لك من جلس وكم وزنه وكم حرارته ومعلومات كثيرة جداً، لكن ما الفائدة من كل هذا؟
الفائدة عندما يكون هذا الاختراع في الطائرات، والباصات، وبيتك وسيارتك فالعالم كله يتغير من حولك. هذا ليس ذكاءً اصطناعياً، بل هذا يسمى إنترنت الأشياء.
يعني كل شيء حتى البشر سيكونون مرتبطين بالإنترنت بواسطة IOT وبكل شيء تقريباً، وستتحول الشركات مثل جوجل إلى أشياء في داخل الاجهزة وأيضاً في داخل أجسامنا.
مجالات إنترنت الأشياء Internet of Things
فتى انجليزي يدعى براين ويك عمره 15 سنة، السنة الماضية قام بزراعة مايكرو شيب في داخل يده، وهذه الرقاقة تزرع في داخل الجسم باستخدام الإبرة.
بعدما زرع الرقاقة، أصبح عندما يلمس هاتفه يفتح مباشرة، وعندما يلمس هاتف آخر ينقل مجلد الاتصالات من ذلك الهاتف مباشرة، وعندما يلمس باب البيت يفتح مباشرة.
الموضوع بسيط جداً فالتقنية تدعى Near field communication أي nfc وهي موجودة في بعض الهواتف حالياً.
هذه التقنية موجودة في الرقاقة، ولن تصدقوا أن براين طلبها أونلاين وقام بزراعتها في جسمه من داخل غرفته، أي لم يذهب إلى مستشفى أو شركة ولا أي شيء.
وبذلك يكون براين هو أول مراهق في العالم يزرع رقاقة في جسمه، ويبدأ بالتحكم بالأشياء من حوله.
الثورة الصناعية الثالثة
في خلال آخر 200 عام شهد العالم ثورتين في عالم الاختراعات، غيرتا مسار البشرية تماماً. الأولى هي الثورة الصناعية التي بدأت باختراع الآلة البخارية في انكلترا في القرن الثامن عشر.
وبعد ذلك انتشرت في كل أوروبا، ورغم القسوة التي مارسها الإنسان على أخيه الإنسان لرفع الإنتاج والربحية، إلا أن الثورة الصناعية دفعت بالبشرية إلى المستقبل بسرعة كبيرة جداً.
كنا نسافر بالأحصنة، وصرنا نسافر بالقطارات، ومن ثم الطائرات، كنا نزرع باستخدام الحيوانات، واليوم نزرع باستخدام الجرافات، وقريباً جداً باستخدام طائرات الدرون.
ثم جاءت ثورة الإنترنت في التسعينات، وصار الاتصال وتبادل المعلومات سهل ومتاح للجميع، بل صار من ليس لديه اتصال بالإنترنت إنسان محروم، تماماً مثل المحرومين من الغذاء والسكن.
واليوم تبدو ثورة ثالثة تلوح في الأفق القريب ستغير كل حياتنا ومفاهيمنا.
كل ما تراه اليوم من تقدم تكنولوجي ستراه في سنوات قليلة القادمة شيئاً من الماضي السحيق، كل هذا بسبب ثورة إنترنت الأشياء Internet of Things .
مستقبل إنترنت الأشياء Internet of Things
تخيل وأنت تقود سيارتك في الشارع، أنك لن تضطر أن تقف عند إشارة ضوئية، وتخيل الشوارع ليس بها زحام.
وتخيل أنك ستدخل البيت فتعمل الإضاءة بنفسها، وآلة القهوة تعمل بنفسها، وتحضر لك القهوة بدون أن تقوم أنت بأي شيء.
وتخيل بأن يدخل موسم الأزهار فتأتي الشركة المختصة وتغير الأزهار وتذهب، بدون أن تكلمهم ويكلموك، وأموالهم تتحول أوتوماتيكياً عن طريق البنك.
وكل هذا يحدث لأن كل شيء سيكون متصلاً بكل شيء، وأيضاً يكون متصلاً بالإنترنت.
مستقبل الأجهزة الذكية
جسمك متصل بالإنترنت عن طريق رقاقة، لكنها متطورة أكثر من الذي زرعها براين، وكل أغراضك وممتلكاتك، كالسيارة مثلاً، ستكون متصلة بالإنترنت أيضاً، وأنت كذلك ستكون متصلاً بهذه الأغراض.
الآن عندما تركب السيارة وتشعر بالحرارة، ترسل الرقاقة رسالة للمكيف، ليخفض الحرارة.
ولأن الرقاقة متصلة بجدولك اليومي، فإذا مرضت ستقوم الرقاقة بإرسال رسالة إلى المرتبطين معك بمواعيد تخبرهم أنك مريض ولن تستطيع أن تراهم اليوم.
كل شيء حولك سيكون مرتبطاً بك، من العيادة والمستشفى إلى غسالة الملابس والفرن والهاتف والكمبيوتر، حتى مصابيح الإضاءة في البيت ستعمل وتنطفئ حسب ما تفعله.
هل ستعقد إنترنت الأشياء Internet of Things الحياة
في يوم عادي تقوم صباحاً فتعمل آلة القهوة وتحضر لك القهوة المفضلة، بعد شربك القهوة يعمل الحمام بحرارة الماء التي أنت معتاد عليها.
تركب السيارة لتذهب إلى العمل، فتختار لك السيارة الطرق الأقل ازدحاماً. مزاجك معكر؟ لا مشكلة تشغل لك السيارة موسيقى تعدل المزاج.
تأخرت عن موعدك؟ ترسل الرقاقة التي في جسمك رسالة إلى مديرك تقول له أنك ستتأخر بسبب الزحام، تفتح هاتفك فتأتيك رسالة شكر من صديقك الذي كان مريضاً في المستشفى.
وصديقك عندما مرض، عنده رقاقة أيضاً في جسمه، وقد أرسلت رسالة إلى رقاقتك تقول لها أن فلان مريض، فقامت بإرسال باقة ورد أبيض لصديقك.
كل هذا يحدث بدون أن تفكر به أو تتدخل، هكذا يعمل إنترنت الأشياء Internet of Things .
تطبيقات المدن الذكية
تخيل وجود كاميرا ذكية موجودة في كل شارع تراقب الشارع، وتجمع معلومات عن الزحام والطقس والحوادث.
هذه الكاميرا توصل المعلومات إلى مركز بيانات، وهذا المركز يرسل بياناته إلى مركز آخر، وتخيل أن هناك العشرات من مراكز البيانات في المدينة عن الجريمة والأمراض.
ومن ثم ترسل كل البيانات إلى مركز رئيسي، يقوم بتحليل هذا الكم الهائل من البيانات، ومن ثم يعطي نتائج واقتراحات للناس بناءً على التحاليل التي خرجت من هذه البيانات.
تصور أن لديك موعد في العمل، لكن حدث حادث في الطريق، فما الذي سيحدث؟
ما سيحدث أن مركز البيانات سيرسل رسائل إلى كل وسائل النقل في المدينة، وبالتالي أنت أتتك إشارة غير عن الإشارة التي تأتي إلى زميلك.
وأنت لديك موعد، وبالتالي يعطيك النظام إشارات بأن تأخذ طرق غير عن الطرق التي يأخذها زميلك.
الشيء الآخر الجميل، هو أن تتصور أن سيارتي أجرة تكسي بهما مراقبين، الأولى تذهب للمطار وصاحب السيارة متأخر عن طيارته والسيارة الأخرى تذهب إلى المول وهو ليس مستعجلاً.
التكسي الأول تأتيها إشارة مختلفة لكي يصل بوقت أقل من التكسي الثانية، وبهذه الطريقة سيقوم النظام بإدارة المدينة كلها ليضبط حياة الناس وقت الحوادث.
ليس هذا فقط ستكون في المدينة أيضاً أجهزة لاستشعار البنية التحتية، مثل أنابيب المياه والغاز وعند حدوث عطل في أي مكان، تصل رسالة إلى الجهة المعنية للتحرك فوراً وإصلاح الخلل.
الأجهزة الخاصة بشركات الاتصالات والمطارات والشوارع والحدائق والجسور، كلها ستتكلم مع بعضها البعض، وتنسق كل شيء يتعلق بإدارة المدينة.
والشيء الجميل أن هذه الأجهزة ستساهم في التخطيط لنمو المدينة بشكل أوتوماتيكي، إلى جانب تحديد أماكن الصيانة ومواعيدها وتنظيف الشوارع واستبدال الإنارة وغير ذلك من تفاصيل يديرها البشر اليوم.
ثورة إنترنت الأشياء Internet of Things
في 1 أغسطس عام 2007 في وقت ازدحام المساء، انهار جسر في مدينة مينيابوليس وسقط في المسيسيبي لخلل في التصميم.
ولأن لا أحد كان يعرف بوجود هذا الخلل، استمر مرور الشاحنات والسيارات فوقه، انهار فجأة.
13 شخص ماتوا و145 أصيبوا بجروح، لكن هذه الحوادث ستكون شبه معدومة مع ثورة إنترنت الأشياء Internet of Things .
في اللحظة التي ستبدأ فيها التشققات في الجسر، سترسل معلومات إلى الجهة المختصة لتقوم بالصيانة، وسيستطيع مركز البيانات بأن يقول أن المفروض من الجهة المختص أن تغلق الجسر فوراً.
والناس أيضاً تصلهم رسائل على سياراتهم بعدم ارتياد الجسر، لأنه يشكل خطورة على حياتهم.
وحتى السيارات ستتغير فتصور أنك تقود بسرعة جنونية، والسيارة طلبت منك أن تخفف السرعة، فأنت مسرع ومعاند، ولا تريد أن تخفف، حينها السيارة بنفسها ستخفف السرعة رغماً عنك
تخيلوا كم من الحوادث سنتفاداها بهذه التقنية؟
فوائد إنترنت الأشياء Internet of Things
باستخدام إنترنت الأشياء Internet of Things في المستقبل، لن تكون لدينا مفاتيح مثل التي نستخدمها اليوم.
هاتفك الذكي الذي يكون هو عبارة رقاقة، ليس فقط يفتح باب البيت والمكتب والسيارة، بل أيضاً يمكنك أن تمنح شفرة المفتاح لأهلك وأصدقاءك والناس المسموح لهم بدخول المنزل.
حتى الإشارات الضوئية ستكون ذكية وتتجاوب حسب حالة الشارع والزحمة التي فيه، فإذا كانت هناك حالات طارئة فستفتح الإشارة التي تأتي نحوها سيارة الإسعاف أو الإطفاء.
الأغرب من هذا لو كان هناك شخص يقود سيارته إلى المستشفى، لأن زوجته الجالسة بقربه على وشك الولادة، فإن الإشارات ستفتح لهم حتى يصلوا إلى المستشفى.
تطبيقات إنترنت الأشياء Internet of Things في مجال الصحة
البعض منا يلبس إسورة لتقيس نبضات قلبه، مع إنترنت الأشياء Internet of Things في المستقبل هذه الإسورة، في حال لم يضع الشخص رقاقة في جسمه.
ستقوم الإسورة مرتبطة بالإنترنت لتراقب جسمك، وكل المعلومات الحيوية عنك وترسلها إلى هاتفك وطبيبك.
ولو لا قدّر الله وصار مكروه، الإسورة ستبلغ مركز الإسعاف لإرسال السيارة، وفي نفس الوقت ترسل بيانات الشخص إلى المستشفى، لكي يكون جاهزاً عندما يصل إلى مركز الطوارئ.
لو أقول لكم أن فحص القولون سيكون من البيت، بأن يبلع الشخص حبة الكترونية تحوي جهاز استشعار وكاميرا تصوير بحجم حبة الأرز.
يبلعها فتصل إلى القولون، وترسل صور وفيديوهات، وتأخذ العينات المطلوبة وترسله إلى الإسورة.
الإسورة ستبعث كل شيء إلى آيباد الطبيب، وبعدها الطبيب يحلل كل هذا ويرسل إلى الإسورة المعلومات المطلوبة عن نظامك الغذائي وعن الدواء المطلوب.
تطبيقات إنترنت الأشياء Internet of Things في المنزل
من أغرب الأشياء في المستقبل، أن الحمام في البيت سيكون عبارة عن عيادة، عندما تستخدمه سيقوم بتحليل فضلاتك ومعرفة كل شيء في داخل الجسم.
فمثلاً هل لديك نقص معادن أو فيتامينات؟ هل لديك التهابات أو تحسس من طعام معين؟ وسيرسل تقريراً مفصلاً إلى هاتفك أو إسورتك ويخبرك لا قدر الله إن كان لديه القابلية أن يصاب بأمراض خبيثة أم لا.
يتوقع العلماء أنه في عام 2035 سيكون في العالم 892 مليون شخص مصابين بالسكري، فمن لديه السكري يعاني من أخذ عينة دمه ليقيس مستوى الغلوكوز، وهو أمر يضايق الإنسان.
لكن Google x حالياً يعملون على صناعة عدسات لاصقة، وهي تقوم بقياس الغلوكوز من خلال دموع العين. وهذا الاختراع قد يغير عالم الطب كله وقد يلغي الإبرة من حياتنا تماماً.
تطبيقات إنترنت الأشياء Internet of Things في الحياة
في الحقيقة الأمان هو أكبر تحدي يواجه إنترنت الأشياء Internet of Things ، فمع ارتباط كل شيء بالإنترنت قد تصبح كل المعلومات متاحة لكل الناس.
فمثلاً تخيل أن شخصاً يخترق غسالتك، ومن ثم شبكة بيتك، ومن ثم سيارتك وحتى يصل إلى جسمك عن طريق الرقاقة.
ومن الجانب الاجتماعي كيف صديقي والذي عشت معه طوال عمري، والذي أزوره في المستشفى وأكتفي فقط برقاقة في جسمي أن ترسل له باقة ورود؟
لا أعلم كيف ستكون الصداقة حينها، كيف سيكون الحب والعلاقات الأسرية، لكن الذي أعرفه ومتأكد منه، أن ثورة إنترنت الأشياء Internet of Things بدأت بالفعل.
وبعد أقل من عشر سنوات سيكون حجم السوق العالمي لهذه المنتجات أكثر من تريليون دولار.
يعني الذين يعتقدون أن هذه موضة ستنتهي، فأحب ان أخبرهم أن هذا هو المستقبل، كل شيء سيتغير من المدن والعمل والسفر والتسوق والأكل حتى الإنسان سيتغير، لكن نأمل أن يتغير للأفضل.