أهلاً بكم في عشوائيات، أنا عمر عابدين وفي هذه الحلقة سنتكلم عن مرض السكري .
في يوم وأنت تسير في الشارع أو كنت تركب مواصلات أو موجود في مكان عام، وفجأة وجدت شخص أغمي عليه ومن حوله يقولون إنه مريض سكر، فغالباً هذا الشخص يمر بما يسمى غيبوبة السكر.
وهذه الحال خطيرة جداً ويمكن أن تؤدي إلى نتائج غير محمودة.
فإذا وقعت في مثل هذا الموقف، كيف يمكن أن تتعامل مع الموقف؟ وما هو التصرف الذي من خلاله تنقذ حياة الشخص الغائب عن الوعي؟
إسعافات غيبوبة مرض السكري
في البداية وقبل أي تتصرف، يجب أن تعلم أن هناك نوعين من السكر، سكر منخفض وسكر مرتفع، وأنت لا تعلم الشخص المغمى عليه هو بحالة انخفاض سكر أو ارتفاعه.
لكن في الحالتين يجب عليك أن تحضر قدر ملعقة صغيرة من السكر وأن تضعها في فمه.
إذا كان مريض سكر منخفض تكون قد أنقذت حياته، وكمية السكر التي أخذها كفيلة أن تصحيه من الغيبوبة.
وإذا كان المريض بحالة سكر مرتفع، فهل أسبب له أضرار إضافية؟
في الحقيقة لا، لو بعد إعطاء المريض ملعقة السكر واستيقظ من الغيبوبة، فيكون مريض سكر منخفض.
لكنه إذا لم يستيقظ تكون قد عرفت أنه مريض سكر مرتفع، وهذه الكمية من السكر لن تكون خطيرة بالنسبة له.
لكن أصبحت بالنسبة لنا مفيدة لأننا عرفنا من خلالها أن الشخص مريض سكر مرتفع ولا منخفض.
الأن نبدأ بالتفكير بالحلول السلمية لحالته، إعطاءه سوائل عبر الوريد أو إعطاءه نسبة أنسولين مناسبة، تناسب أنسجة جسده على امتصاص الغلوكوز الموجود في الدم.
تعريف مرض السكري
مرض السكري هو أحد الأمراض الشائعة والمنتشرة في معظم المجتمعات بشكل كبير، ملايين الأشخاص حول العالم يعانون منه، وملاين أخرين عرضة للإصابة به.
وحسب الإحصائيات، هناك أكثر من ربع مئة وخمسة عشر مليون إنسان يعانون من مرض السكري في أنحاء العالم.
أي من كل إحدى عشر إنسان تقابله، بينهم على الأقل شخص واحد مصاب بمرض السكري.
وهذه النسبة متوقعة أن تزيد لحوالي ستمائة وأثنين وأربعين مليون إنسان بحلول عام 2040.
مرض السكر أو داء السكري، هو أحد الأمراض المزمنة التي تصيب الإنسان نتيجة عجز غدة البنكرياس عن إنتاج كمية كافية من الأنسولين.
أو بسبب عجز الجسم نفسه عن استخدام الأنسولين الذي ينتجه البنكرياس بشكل طبيعي.
والأنسولين ما هو إلا هرمون منظم لمعدل السكر في الدم، ومع غيابه أو حدوث أي خلل فيه أو في ألية الاستفادة منه، يؤدي لعدم السيطرة على معدلات السكر في الدم.
وبالتالي يحصل أضرار خطيرة تصيب الجسم، سواء على المدى القريب أو البعيد، وخصوصاً الأعصاب أو الأوعية الدموية.
ما هو الأنسولين؟
لنتعرف على الأنسولين وصديقه المقرب الغلوكوز.
الأنسولين هو هرمون يأتي من غدة متواجدة خلف المعدة وتسمى البنكرياس، يبدأ البنكرياس بإفراز الأنسولين في مجرى الدم، وينتقل تدريجياً مع الدورة الدموية داخل الجسم.
ما الفائدة من الأنسولين عندما يفرز في الجسم؟
الهدف الرئيسي من الأنسولين في جسم الإنسان إنه يساعد سكر الغلوكوز أن يدخل للخلايا.
وسكر الغلوكوز هو نوع من أنواع السكر التي نحصل عليها من الأطعمة التي تدخل الجسم، وله دور رئيسي في بناء العضلات والأنسجة.
الأنسولين هو من يمهد الطريق للغلوكوز، لأن سكر الغلوكوز لا يدخل الخلايا بشكل مباشر، لكنه يحتاج لأحد يسمح له بالدخول داخل الخلية، ويساعده الأنسولين.
الأنسولين خلال جريانه في الدم يتوقف أمام الخلايا ويضرب عليها، لكي تفتح جدرانها وتسمح للسكر بالدخول.
وبالفعل مع وجود الأنسولين، يستطيع السكر أن يدخل الخلية مباشرة.
وداخل الخلية يتم حرق السكر والحصول منه على الطاقة اللازمة للبناء وتأدية باقي الوظائف الحيوية.
وهذا يعني أن الأنسولين هو القرين الخاص بسكر الغلوكوز.
فإذا زاد السكر يزداد إفراز الأنسولين، لتكون كميته متوازنة لكمية السكر الموجودة، ولو قلت نسبة السكر يبدأ إفراز الأنسولين يقل لأن الجسم ليس بحاجة لوجوده بكثرة.
هذا هو النظام الطبيعي الذي يحدث في أجسادنا.
لكن للأسف ليس دائماً تجري الأمور بالشكل الطبيعي، وأحياناً يمكن أن يحصل خلل في هذا النظام، ويتسبب بالنهاية بإصابة الإنسان بمرض السكري.
أنواع مرض السكري
وفي البداية سنوضح أنواع من مرض السكر، لأنه ليس نوع واحد، ولا نقصد بالأنواع بأنه سكر مرتفع ومنخفض، لكن نقصد آلية حدوث المرض نفسه داخل الجسم.
سكري الأطفال
سكر النمط الأول او النوع الأول، ويعرف طبياً باسم سكري الأطفال.
وسبب الإصابة أن الجهاز المناعي الموجود داخل الجسم يقوم بأشياء غريبة، الجهاز المناعي من المفروض أن يهاجم البكتيريا الضارة والفيروسات.
لكنه للأسف في حالة النوع الأول من السكر، يقرر الجهاز المناعي أن يهاجم الجسم نفسه، وتحديداً البنكرياس.
لسبب ما يبدأ الجهاز المناعي بمهاجمة خلايا الأنسولين الموجودة في البنكرياس ويدمرها، وهذا يؤدي لتقليل نسبة الأنسولين في الجسم بدرجة كبيرة.
وبما أن مصنع الأنسولين معطل ومتوقف عن العمل، فبتالي لا يوجد أنسولين، والأنسولين مرتبط بسكر الجلوكوز وهو الذي يأخذه إلى الخلايا لتحويله إلى طاقة.
وفي هذه الحالة لا يوجد أنسولين، ويبدأ السكر بالتراكم في مجرى الدم بكميات كبيرة، وهذا ما يسبب إصابة الإنسان بما يسمى بالنمط الأول من السكر.
السكر من النمط الثاني
النوع الثاني من السكر يطلق عليه اسم النمط الثاني.
والغريب في هذا النوع أن البنكرياس يفرز الأنسولين بشكل طبيعي، وجهاز المناعة في الجسم لا يهاجم البنكرياس، ولا مصانع الأنسولين.
فتكون المشكلة بأن الخلايا في جسم الإنسان تقاوم الأنسولين، وعندما يذهب الأنسولين إلى الخلايا لا تفتح الخلية، فتكون بحاجة كمية كبيرة من الأنسولين لكي يتغلب على الخلية وتفتح بالقوة.
لكن للأسف البنكرياس ومصانعه، لا تملك القوة والقدرة لإنتاج كميات كبيرة من الأنسولين، فينتج المعدل الطبيعي من الأنسولين، وهو غير كافي لاخترق جدران الخلايا.
وبالتالي سكر الغلوكوز لا يجد مكان للدخول، فيكون خياره الوحيد أن يترسب في الدم بكميات كبيرة.
سكر الحمل
بالرغم من شهرة النوعين السابقين، لكن هناك نوع خاص يطلق عليه اسم سكر الحمل.
وهو أحد أنماط مرض السكر الذي يصيب الحوامل فقط.
السبب من تعرضهم لهذا النوع، أن المشيمة التي داخل جسم الأم تبدأ بإفراز هرمونات معينة لتحافظ على عملية الحمل.
لكن للأسف هذه الهرمونات تؤثر على خلايا الجسم وتجعلها مقاومة للأنسولين.
وندخل في دائرة أن الأنسولين غير قادر على فتح جدران الخلايا، ويبدأ السكر في التراكم في الدم بكميات كبيرة بنمط السكر من النمط الثاني.
ومن الاحتمالات الكبيرة والشائعة، أن سكر الحمل يتم الشفاء منه بعد الولادة.
أسباب مرض السكري
السؤال الأكثر جدلاً في موضوع مرض السكري، لماذا نصاب بمرض السكري؟
لأن معظم الناس تعتقد أن من يتناول كمية كثيرة من السكر هو من يصاب بمرض السكري.
لكن الموضوع ليس بهذه البساطة، لأن السبب الرئيسي للإصابة يعتبر غير واضح للمجتمع العلمي بشكل كافي، ولا أحد يعلم سبب الإصابة الرئيسي.
لكن هناك بعض العوامل التي تساعد بدرجة عالية، فالإصابة بمرض السكر يمكن أن تعود لتاريخ العائلة من الوراثة.
إذا كان أحد الوالدين أو الأشقاء أو الأجداد كان مريض سكر، هذا يزيد من احتمال الإصابة.
ويمكن أن يكون السبب عوامل بيئية، إصابة الإنسان بفيروس معين، وهذا يمكن أن يكون سبب للإصابة بالسكر.
وأيضاً وزن الإنسان يعتبر أحد العوامل، لأن نسبة الدهون في الجسم مرتبطة بمقاومة الخلايا للأنسولين، فكلما زادت نسبة الدهون كلما قاومت الخلايا الأنسولين بشكل أكبر، وبالتالي يتراكم السكر في مجرى الدم.
وأخيراً وجود مضادات ذاتية في المناعة، أو عامل تقدم السن أو الخمول أو عدم ممارسة الرياضة، كلها تساهم بالإصابة بمرض السكري.
وأحد المفكرين يقول إن جغرافيا المكان الذي يعيش به الإنسان، يكون له دور في احتمال الإصابة بالسكري.
فدول مثل فنلندا والسويد، هم أحد أكثر الدول بالإصابة بالسكر، وبالتالي إذا كنت تعيش هناك ستكون عرضة للإصابة.
أساليب الوقاية من مرض السكري
يجب علينا الوقاية من مرض السكري قدر الإمكان، والوقاية ومحاولة التعافي يمكن أن نلخصها بثلاثة أمور.
أولاً القيام بفحوصات، تسمى فحوصات مقدمات السكر، وهذه الفحوصات يوصي الأطباء القيام بها بشكل دوري لأي شخص له تاريخ عائلي بمرض السكر أو يعاني من السمنة.
فيقوم بتحليل نسبة السكر في الدم أثناء الصيام، واختبار تحمل الغلوكوز.
وأحد أهم سبل الوقاية والتعافي من السكر، هو الأغذية الصحية السليمة، واختيار الأطعمة تحتوي على معدل منخفض من الدهون والسعرات الحرارية.
بالإضافة لاحتوائها على معدل عالي من الألياف، ويكون تركيز الأكل على الفاكهة والخضراوات والحبوب.
وممارسة الرياضة والأنشطة البدنية يوصى بها من قبل الأطباء وهي تلائم حالة كل مريض، ويستحب القيام بنزعة يومياً لمدة ثلاثين دقيقة أو ركوب الدراجة أو ممارسة السباحة.
والأهم هو فقدان الوزن الزائد والتخلص من الدهون التي في الجسم بقدر المستطاع.
وغالباً ما تكون أدوية السكر أحد الخيارات لتقليل الإصابة بداء السكري.
بالنهاية التعافي من بعض حالات السكر لم يعد مستحيل، وحالات كثيرة استطاعت أن تتعافى وتخرج منه بأقل أضرار ممكنة، من خلال إتباع نظام حياة صحي وسليم.