الناس التي تحب أن تسمع عن نظرية المؤامرة والسيطرة على العالم، أكيد أنها سمعت عن اسم عائلة النفط ” ركفلر ”
ولكن بغض النظر عن نظرية المؤامرة، سنتحدث عن رجل أعمال صنع امبراطورية من أربعة آلاف دولار، قرض، وأوصلهم إلى ثروة تتجاوز الخمسمائة مليار دولار، قبل أن يصبح التضخم الذي وصل إليه اليوم.
السبب في هذه الثروة، هي صناعة النفط، بهذا الرجل صنعت له قوانين خاصة، لكي تمنعه من الاحتكار.
وكان يتحكم في أسعار النفط، فمن الممكن أن يخفضها لكي تخسر باقي الشركات المنافسة له، فيذهب ويشتريها.
كان لديه هدفين في الحياة:
تحقيق ثروة تتجاوز مثلاً مئة ألف دولار
العيش لمئة سنة
وفعلاً قد توفي بعد 97 عاماً من حياته.
بدايات جون روكفلر
هو شاب أمريكي ولد في نيويورك عام 1839 لأسرة فقيرة جداً، أمه متدينة ووالده شخص يقوم على الاحتيال، حيث كان يذهب إلى البلاد جميعاً، ويخبر الناس أن لديه علاج لأمراض مستعصية.
وروكفلر كان يحب التجارة منذ صغره، ففي عمر 16 سنة، ترك المدرسة وعمل في محل كمساعد محاسب.
عمل روكفلر في هذا المكان لمدة عامين، وكان يأخذ في اليوم نصف دولار، وبعد عامين طلب زيادة في الأجر، ورفض صاحب العمل، فترك العمل.
ولكن قبل أن يترك عمله، خلال هذين العامين، تعلم أصول العمل، وصنع علاقات جيدة في السوق، وبالتالي هذا مكنه أن يأخذ قراراً لفتح شركة لينافسهم.
أول شركة لجون روكفلر
فسحب قرضاً من البنك بحدود أربعة آلاف دولار، مع بعض المال لديه، ودخل مع أصدقائه في شراكة بالعمل.
وفي أول عام وصلت الأرباح لأكثر من 17 ألف دولار، أي ما يعادل اليوم بعد التضخم، فهي تساوي نصف مليون دولار تقريباً.
اكتشاف النفط في بنسلفانيا
وبعد العالم الثاني، تم اكتشاف النفط في أمريكا لأول مرة في ولاية بنسلفانيا، وهي قريبة من ولاية أوهايو، التي يسكنها جون روكفلر.
وبدأ الأمريكيون من باقي الولايات بالذهاب إلى بنسلفانيا، لكي تعمل في النفط، وأي شخص يعمل في النفط في ذلك الوقت، يكون من الأثرياء.
والنفط كان يحقق ثروة كبيرة، على الرغم من أن استخدامات النفط كانت محدودة على الكيروسين، لأجل الإنارة فقط.
لم يكن هناك سيارات، ولا كل الاستخدامات الكثيرة لمادة النفط في ذلك الوقت، وكان هناك طريقتين لتعمل في النفط.
أن تعمل في البحث عن النفط نفسه، والثانية أن تأخذ النفط المستخرج وتبدأ بعمليات التكرير، ليتم استخراج المنتجات اللازمة.
الطريقة الأولى فيها مخاطرة كبيرة، وليست مضمونة.
أول مصفاة لمادة النفط لشركة روكفلر
لذلك قرر جون روكفلر أن يعمل في تكرير النفط، فأنشأ روكفلر مصفاة لمادة النفط، وكان عمره لم يتجاوز 24 عاماً.
وفي عام 1870 قام مع رجل الأعمال هنري فالغلر، بتأسيس شركة ستاندرد أويل، وبدأوا العمل لمحاولة السيطرة على كل الشركات المنافسة، الموجودة في أوهايو، وكانوا يشترون كل مصافي النفط في أمريكا.
حتى وصلت ستاندرد أويل إلى السيطرة على أكثر من 90% من إنتاج النفط في أمريكا.
منافسة شركات النفط لشركة روكفلر
وعندما بدأ روكفلر السيطرة على كل الشركات، بدأت الشركات تكثر عليه، ولم يستطع أن يقوم بإدارتها كلها.
فقام باستجلاب مدراء الشركات التي اشتراها، وعملوا لديه لكي يستطيع أن يقوم بإدارة كل هذه المجموعة.
وأصبح بذلك المسيطر الأكبر على أهم صناعة في أمريكا في هذا التوقيت، وفي نفس الفترة، بدأت تزدهر فكرة الاعتماد على السكك الحديدية لنقل البضائع، وخاصة النفط.
فكانت صناعة جديدة لا تقل أهمية عن صناعة النفط بحد ذاته، وروكفلر أراد أن يسيطر على هذه الصناعة ويجعلها تخدم صناعة النفط.
السكك الحديدية وروكفلر
أقام روكفلر صفقات مع شركات السكك الحديدية، ويعتمد عليهم أكثر في النقل، مقابل أن يعطوه أقل الأسعار لنقل النفط، ولا يعطون الأسعار القليلة هذه لأي منافس صغير يفكر بنقل البضائع أو النفط عن طريق السكك الحديدية.
وطبعاً شركات السكك الحديدية لن تستطع أن تضيع زبوناً كبيراً مثل روكفلر، ففعلوا الذي كان يريده، فسيطر روكفلر على السكك الحديدية أيضاً.
الوجه القانوني الجديد لشركة ستاندرد أويل
ولذلك بدأت الناس تهاجمه، من رجال أعمال وسياسيين وصحفيين، بحملة شرسة وكبيرة عليه، والمحاكم ستتخذ قرارات ضده بأنه يبتز أصحاب شركات النفط المنافسة، ويقوم بالاحتكار، لكي يخفض الأسعار، وبالتالي يجعل المنافسين يخسرون ويشهرون افلاسهم، لكي يشتريهم هو.
فبدأ روكفلر يتصرف بذكاء قبل اقرار المحاكم عليه هذه التهم، فقام بلعبة قانونية فحول شركة ستاندرد أويل إلى ستاندرد أويل ترست.
فهو مسمى قانوني وكان النوع من الثقة، سمح له أن يضم كل شركات النفط، التي هي في الأصل كانت منافسة له واستولى عليها، إلى إدارة واحدة، وشركة واحدة تتحكم بهم كلهم.
وهذا الموضوع كله أصبح بشكل قانوني بذلك الوقت، وكان هذا 1890
وبعد عشرين عاماً ترفع الأصوات عليه مرة أخرى، وخاصة أنه أصبح بعد توحيد شركاته، أخطر وأشرس من الأول.
وبمساعدة عائلات له مثل عائلة مورغن، أصبح يسيطر على أموال كثيرة، والبنوك، مع ثلاث وأربع عائلات قد سيطروا على الاقتصاد الأمريكي في ذلك الوقت.
وكانت هذه المرة الأصوات ضده شديدة، مع الكونغرس والحكومة والرئيس، ضد روكفلر، وهنا ظهر تطبيق قانون قديم لمكافحة الاحتكار من جذوره.
قانون شريمن أنتي تراستاكت، وصدر عام 1890 لم يطبق في هذا العام، ولكن طبق بعد عشرين عاماً، لأنه لم يكن كاملاً قانونياً ضد شركات الاحتكار.
وقبل هذا القانون كان هناك ثغرات قانونية، استطاعت الشركات بالخروج من صفة الشركات الاحتكارية لمادة النفط.
ولكن في عهد الرئيس تيد روزفلت تم تطبيقه، والمحكمة في النهاية فصلت بضرورة حل شركة ستاندرد أويل، وتقسيمها.
انقسام الشركة لصالح روكفلر
وفعلاً تقسمت الشركة إلى أربع وثلاثين شركة، ليحد هذا القانون من الاحتكار، ويصبح روكفلر مستثمر عادي، له حصص في أربع وثلاثين شركة.
وعلى عكس المتوقع من الحكومة، أنها ستدمر شركة ساندرد أويل، وستقضي على الاحتكار المسيطر على أمريكا.
إلا أن هذا الموضوع وهذا الانقسام، جاء في صالح ستاندرد أويل، لأنه مع مرور الوقت، هذه الشركات دخلت في استثمارات أكثر، وتضخمت أكثر.
واندمجت الشركات مع بعضها البعض مرة أخرى، إلى أن وصلوا في النهاية، إلى أربع وثلاثين شركة، صفوا إلى أربع شركات كبيرة وهي: اكس موبايل، وشيفروم، ومارشون وبي بي.
ثروة جون روكفلر
وأصبحت ثروة جون روكفلر تقريباً في حدود 400 مليار دولار، بعد معادلة التضخم في يومنا الحالي.
فأغنى أغنياء العالم في وقتنا الحالي، الذي تكون ثروته قد وصلت إلى 100 مليار دولار، فكانت ثروة روكفلر تعادل أربع أضعاف.
فما الذي سيحصل لثروة روكفلر التي جمعها من النفط بعد وفاته، لأن المعلن عن ثروته هو تقريباً 11 مليار دولار.
فعائلته تتكون من 174 فرد، وتحتل المرتبة 23 وسط أغنى العائلات الأمريكية، وهذه الأرقام المعلنة فقط، ويمكن أن يكون هناك جزء كبير لم يعلن عنه.