أخبارإسلامالحياة والمجتمعحول العالمقصص وحكايات

مسلمي الإيغور في الصين والقصة المنسية

مسلمي الإيغور في الصين :

إذا كنت مسلماً حاول أن لا تكون صينياً، وإذا كنت مسلماً صينياً، فتأكد أن لا تكون من الإيغور، فلنتعرف على أوضاع المسلمين في أقصى بقاع الأرض.

قصة مسلمي الإيغور في الصين

قصة مسلمي الإيغور في الصين

انتقل الإسلام إلى غربي الصين في أواخر القرن السابع الميلادي، عن طريق البعثات الدينية، ثم عن طريق الفتوحات العسكرية.

وتأسست قاعدة جديدة للإسلام في منطقة كانت تعرف باسم تركستان الشرقية، وظلت هذه المنطقة جزءً من العالم الإسلامي، حتى غزو الصين لها في عام 1759.

وفي عام 1876 قاد مسلمو تركستان الشرقية عدة ثورات مسلحة، لنيل استقلالهم، أخفقت بعضها ونجحت أخرى، في إقامة دولة مستقلة على غرار ثورتي عامي 1933 و1944.

ولكن مع قيام جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، أصبحت تركستان الشرقية جزء من أراضي الصين، وأطلق عليها بشكل نهائي شنغهان.

يبلغ عدد سكان الصين مليار و300 مليون إنسان، ينتمي 92% منهم إلى عرق الهان، أما المسلمون فيبلغ عددهم حوالي 23 مليون إنسان.

وفق الإحصائيات الرسمية ينتمون إلى 10 أعراق، بينها شريحتان كبيرتان جداً، الهوي هم من يتحدثون اللغة الصينية، وهؤلاء لا يشكلون أي مشكلة لدى الصين، فهم موالون سياسياً، ومبعثرون جغرافياً ولا يطالبون بالإستقلال.

والقسم الثاني هم الإيغور، الذين يمثلون مشكلة الصين الكبرى، وأرقها الدائم، وهؤلاء يتحدثون اللغة التركية، ويطالبون بالإستقلال.

سياسات الصين تجاه المسلمين

بعد قيام جمهورية الصين الشيوعية بقيادة ماوتسي تونغ زعيم الصين وحكمه الإستبدادي في عام 1949، أصبحت تروج لفكرة سياسة الإلحاد في الدولة، تجاه الأديان بشكل عام.

وعليه اتبعت الصين عدة سياسات في التعامل مع المسلمين، فكانت مرحلة المهادنة والإرضاء، بين عامي 1949 و1958.

ثم مرحلة تحويل الهوية الإسلامية إلى هوية شيوعية، عبر موجة العنف الأولى بين عامي 1958 و1966، ولكن لم تفلح تلك السياسات تماماً.

بدأت الدولة بتعطيل الشعائر الدينية، ومنع رحلات الحج، وإغلاق المعاهد الإسلامية، أما المرحلة الأخطر فجاءت مع إنطلاق الثورة الثقافية في الصين، بين عامي 1966 و1976.

والذي جرى حينها هو ضرب رجال الدين، وحرق المصاحف، وتدمير المساجد وإغلاقها، ويقال أنه في بكين كلها لم يبق سوى مسجد واحد فقط، ليصلي به الدبلوماسيين.

وفي شينجيانغ تركستان الشرقية، حدث تدمير وإغلاق  97.5% من المساجد، لينخفض عددها من 20 الف مسجد إلى أقل من 500 فقط.

الإعتراف بالأديان واحترامها

ومع نهايات السبعينيات، وبالتوازي مع الثورة الإسلامية الإيرانية، وبدايات الجهاد الأفغاني، جاءت مرحلة الصلح.

فقد أعلنت الصين احترامها لمكانة جميع الأديان، وأعادت فتح أكثر من 1900 مسجد في شينجيانغ وحدها، بل وساهمت بنفقات إصلاح بعض المساجد.

وأعادت بعثات الحج والعمرة، والعطل الإسلامية، وكانت هذه المرحلة بداية العصر الذهبي لمسلمي الهوي، حيث أن الصين تتعامل معهم على أنهم المسلمون الحقيقيون.

وتمنحهم الصين كل الحريات الدينية التي يريدونها، ووصل عدد المساجد في الصين حينها بفضل وجودهم إلى 35 ألف مسجد.

أما مسلمو الإيغور وبقية الأقليات، التي لا تعرف التحدث باللغة الصينية جيداً، وتنتشر في الغالب في إقليم شينجايانغ، تم فرض الرقابة الصارمة عليهم، ومنعهم من أبسط حقوقهم.

قمع ومحاربة الدين الإسلامي ومسلمي الإيغور

أخذت حملات القمع بحق مسلمي الإيغور تتصاعد، منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول من عام 2011، فقد توفرت بيئة دولية، تتسامح مع أي عنف في مواجهة الإسلاميين.

وبدأت تظهر قرارات يحظر فيها على النساء من الإيغور، ارتداء النقاب أو الحجاب، أو أن يطلق الرجال اللحية، وهم يجبرون بشكل دوري على تسليم المصاحف وسجادات الصلاة، للسلطات المحلية.

خوفاً من اكتشافها ومصادرتها خلال عمليات الدهم والتفتيش، كما أن الصيام تم منعه مراراً وتكراراً في المدارس العامة، والمؤسسات الحكومية.

وفي عام 2015 أجبر أئمة المساجد على الرقص في الشارع، بحجة أن الله لا يدفع رواتبهم، حتى أن جوازات السفر تعد بالنسبة لمسلمي الإيغور حلماً.

أما أصحاب محلات السلع الغذائية المسلمين من الإيغور، فهم يجبرون على بيع الخمور والسجائر، خوفاً من إغلاق ومصادرة رزقهم.

وإذا دخلت مسجداً في شينجيانغ، فقد تجد لافتة تحذر من دخول أي شخص تحت سن 18 عاماً، فالحكومة الشيوعية تتعامل مع مسلمي الإيغور، كما تتعامل منظمة الصحة العالمية مع التدخين.

فلا يحق لهم ممارسة العبادات قبل بلوغ سن الرشد، وأصبحت الممارسات العنصرية على النواحي الإقتصادية أيضاً.

حيث أن مسلمي الإيغور لا تعليم لهم ولا توظيف، بحجة أنهم غير مؤهلين، ولا يعرفون اللغة الصينية جيداً.

إقليم غني لشعب فقير

تصنف الصين إقليم شينجيانغ كمنطفة خاصة، تتمتع بحكم ذاتي نظرياً، وهو إقليم صناعي يشكل سدس مساحة البلاد، ويساهم بقدر كبير في الثروات.

يوجد فيه حوالي 80% من إنتاج الصين من النفط، و90% من إنتاجها من اليورانيوم، هو بلد غني ولا يعود بالخير على مسلمي الإيغور.

الهان الذين بدأت الصين بتوطينهم في شينجيانغ، منذ تسعينيات القرن الماضي، هم الذين يعيشون الرفاه الحقيقي، وبفعل سياسة إغراق مسلمي الإيغور ببحر من الهان.

يكاد يصبح مسلمي الإيغور أقلية في أرضهم التاريخية، ليشكلوا 50% فقط من سكان الإقليم، مقابل أكثر من 40% من الهان، الذين كانوا يشكلون في السابق 10% فقط.

المقاومة لنيل الحقوق

وسط هذا الواقع المؤلم، يلجأ مسلمي الإيغور إلى المواجهة أحياناً، فقد شهد إقليم شينجيانغ ما بين عامي 2008 و2013، واحد وعشرون حادثة عنف كبيرة.

بينها خطف طائرات وهجوم بالسكاكين، وتفجيرات إنتحارية، في المقابل يفضل بعض مسلمي الإيغور الهرب من بلدهم، والعيش مسالمين في بلاد أخرى، أو الإلتحاق بجماعات متشددة منتشرة حول العالم.

وفي سياق محاولات السلطة كبت الهوية الدينية، تتنامى مقاومة فكرية سرية، من خلال المدارس الإسلامية التي تزدهر تحت الأرض، بعيداُ عن أعين السلطات.

الإسلام في الصين عبارة عن إسلامين إثنين، إسلام ترضى عنه الصين ويخضع لسلطتها الكاملة، وإسلام لا يمكن كبحه بسهولة، فيحل عليه الغضب.

يبحث مسلمي الإيغور عن حقهم في الإستقلال والحياة كما يريدون، ولكن تحل عليهم لعنة ثروة إقليمهم الباطنية، التي لن تتخلى عنها الصين، في سياق صعودها كقوة عظمى في الاقتصاد الصيني.

وبعد 1300 عام من دخولهم الإسلام، وكما خرجوا من جزيرة العرب، يبدو أن خيارهم الوحيد هو دخول في إسلام كما تريد الصين، بعيداً عن عالم إسلامي، مليء بالفوضى والصراعات.

فهل يتخلى الإيغور عن مطلبهم بالإستقلال، أم أنهم سيقفون وحيدين، في مواجهة أقوى السلطات البوليسية في العالم.

المصدر  يوتيوب قناة ميدان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى