سنتحدث في موضوع من الممكن أن كثير من الآباء والأمهات، لا ينتبهون من هذا الموضوع، وهو التمييز والتفرقة في التعامل بين أولادنا.
من الممكن أنك لا تنتبه، أنك بدون قصد، أنك تفرق في التعامل، ممكن أنك تعامل ولد بشكل ألطف من الآخر، صحيح أن الأهل لا ينتبهون، ولكن أولادنا ينتبهون لهذا.
فمن حوالي أسبوع، جاءتني أم تشتكي على طفلها، بأنه أصبح عنيفاً مع أخوته، وكأنه يحاول أن ينتقم، وعندما جلست معه، وقمت بالاختبارات النفسية.
قال الطفل: إن أمي وأبي لا يحبونني، كما يحبون أخي، يعاملون أخي أنه أفضل مني، حتى أنه قال: إن أمي تشتري الدجاج، وتخفيه، وتطعمه لأخي فقط.
فالأهل دائماً وبدون قصد، يفرقون بين أولادهم، وهم يقولون أنا أربي أولادي كلهم بنفس المحبة. ولا أفرق بينهم أبداً.
والحقيقة أنه لا يوجد أحد يربي الأولاد مثل بعضهم، بدون التفرقة، لأنك في تربية الطفل الأول، فأنت تجرب فيه، لأن لديك معايير سابقة، وتريد أن يكون أفضل إنسان في المجتمع.
وعند الطفل الثاني، يكون نقطة انطلاق عن الطفل الأول، فهو يرى أخاه كيف يفعل، فيتصرف مثله.
وأيضاً تكون أنت تعودت على التربية، فيكون نفس الانفعال الذي كان أثناء الطفل الأول،
وعند الطفل الثالث، يقل الاهتمام به، حسب التعود على التربية وهكذا.
فكرة التمييز بين الأولاد تؤدي إلى الحقد بينهم، وتبرز مشاكل كثيرة بينهم، عندما يكبرون في السن، وكذلك من الممكن أن يكرهوا أهلهم.
ما هي أشكال التمييز بني أولادنا؟
كيف نعرف أننا نقوم بالتمييز والتفرقة بين أولادنا، هناك عدة أشكال للتمييز بين الأولاد، وهم:
التمييز المادي
التمييز المادي، أي أنك من الممكن أنك تعطي مصروفاً مادياً إلى أحد الأولاد، أكثر من الآخر، وهذا طبيعي، إذا كانت أعمار الأولاد مختلفة.
فإذا كان أحد الأولاد في الجامعة مثلاً، والثاني في المرحلة الابتدائية، فأكيد أن المصروف سيكون مختلفاً طبعاً.
ولكن الذي أقصده هنا، أن يكون الأخوين قريبين في العمر، وبنفس المرحلة الدراسية، فأعطي أحدهم مصروفاً، أكبر من الآخر.
وأيضاً يمكن أن ألبي طلباته بشكل أسرع، وأن أدخله مدرسة أفضل من مدرسة أخيه، فهذا هو التمييز المادي، على أساس الأشياء المادية.
التمييز المعنوي
أي أنت من الممكن أن تستلطف طفل أكثر من غيره، فتعامله جيداً، وتحضنه وتقبله كثيراً، ونبرة صوتك، وأنت تتحدث إليه، تكون هادئة وبألفاظ محببة.
التمييز التربوي
يعني من الممكن أنك لا تعاقب احد أولادك، وتعطيه مبررات، وتدافع عنه، إلا أن يأتي أخاه أو أخته، يعترض ويقول: هو فعل مثل ما فعلت، فلما لا تعاقبه كما عاقبتني؟
ما هي أسباب التمييز بين الأولاد؟
نحن نميز بين الأولاد بدون قصد بالتأكيد، وهناك عدة أسباب لهذا الأمر:
التمييز بسبب الشكل
نحن نميز أحياناً على أساس الشكل، أي من الممكن أن يكون أحد الأولاد، يشبه أحد أفراد الأسرة، الغير محبب لأحد الوالدين.
ومن الممكن أن يكون أحد الأولاد، جميل ولطيف، واجتماعي، ولهذا يميل أحد الوالدين إلى هذا الولد، دون غيره من أخوته.
التمييز بسبب التصرفات والسمات
وهذا يحصل بدون أن نعي، أن الطفل الناجح في مدرسته، والذي يستجيب إلى تنبيهات الأهل، والذي يعرف كيف يتحدث، فالأهل يفضلونه عن غيره.
فيفضلون التحدث معه، ويعطونه الشيء الذي يريده، وبالتالي فإن أخاه ينتبه لهذا الأمر، فإن الصفات والتصرفات، هي التي تجعلنا نميل إلى أحد أولادنا.
التمييز بسبب الحالة
أي يمكن أن يكون أحد الأولاد مريضاً، فأهتم به وأعامله بشكل جيد، وأخاه يكون سليماً، فأكون قاسياً عليه.
ويكون أيضاً بسبب فرق العمر بين الولد، بعمر ثلاث سنوات، والآخر بعمر أربعة عشر سنة، فأنت تفضل الطفل الصغير عن الآخر، لأنه يكون مسلياً أكثر وظريفاً.
التمييز بسبب النوع والجنس
هناك بعض الأسر، يكون فيها الأب، يريد أن يكون ابنه رجلاً، فيعامله بشدة، في حين أنه يعامل بناته، بلطف ويلبي كل ما يريدون منه.
وبعض الأسر الأخرى، ترى أن هذا الولد هو المميز أكثر من البنات، فيقومون بمعاملة البنات بشكل سيء، والولد يكون مميزاً، ويلبون كل ما يريده.
ما هي نتائج التمييز والتفرقة بين الأولاد
هناك نتائج كثيرة سيئة، تنتج عن التعامل المتميز بين الأخوة، وهي:
الإضطرابات النفسية
فالأطفال التي تشعر بأنهم مهملون، يشعرون باضطرابات، وشعور بالدونية، ويحقدون على أخوتهم، وعلى أي شخص يرى أن والداه يعاملوه بشكل جيد.
فيكون لديه حقد داخلي، وقد يصل إلى كرهه لوالديه، وتكون سلوكياته فيها عنف، وانتقام، وعدم التزام، ويصلون إلى مرحلة صعبة جداً.
يمكن أن يكون الأهل لديهم الحق أحياناً، اتجاه هذا الولد، إذا كانت تصرفاته غير لائقة، ولكن إذا ظلوا على هذه الحالة، ستزيد المشكلة أكثر.
الغرور
فهذا الطفل الذي قد ميزته، عن باقي أخوته، وأحببته أكثر، وأعطيته كل الاهتمام، سيكون مغروراً في المستقبل، ولكي يكسب رضاك، من الممكن أن يؤذي أخوته.
ويكون لديه مشكلة في التعامل مع الآخرين، فهو يرى أنه من المفروض أن يكون مميزاً، ويكون لديه مشكلة العسي إلى الكمال، فيتأخر في حياته.
ما هو الحل مع مشكلة التمييز؟
كيف نحل هذه المشكلة، وكيف نتعامل مع التفرقة بين أولادنا:
الانتباه الادراك
فكما ذكرنا أن معظم الآباء والأمهات، لا يدركون أنهم يفرقون بين أولادهم، فالإدراك هو 50% من التغيير، وحتى يتم التوقف عن الخطأ.
والإدراك أن انتبه إلى بعض الكلمات، التي يقولها لنا الأولاد، مثل أنت تلبي جميع طلبات أخي، وأنا لا تلبي طلباتي.
فيجب أن ندرك من نظرات ابنك وابنتك، عندما تميز أحدهما عن الآخر، فكأن أحدهما عندما ينظر إليك، يقول: وهل لا يوجد لديك غيره؟
المساواة
كمثال، عندما يأتي الأب إلى المنزل، تأتي الابنة لاستقباله، ولكن الأب، بعد أن حضنها واستقبلها، يذهب ليهتم بأخيها، أو أختها كما فعل معها.
والمساواة تكون في العواطف والحب، والمصروف المادي وكل شيء، فلا نفرق بين أي من الأولاد، فنحن لا نحب أولادنا لأنهم متفوقين، أو لأنهم جميلين، ولكن لأنهم أولادنا.
الحب هو الذي يغير، وليس القسوة هي التي تغير، الحب يغير، وليس العنف، فأنت لو أظهرت مشاعرك لأولادك، عندها سيتغيرون إلى الأفضل.
عدم التدخل في الخلافات بني الأولاد
لا تتدخل في خلافات الأولاد، لأنك عندما تتدخل، فأنت ستدافع عن ولد تميل له دون الآخر، بل علمهم كيف يصفون خلافاتهم، ولا نتدخل إلا في حالة الإيذاء الجسدي.
انصت واعتذر
انصت للطفل الذي يشعر أنه مظلوم، ويشعر أنك لا تحبه، ولا تبرر له تصرفاتك، وتعطيه أسباب، وتفهمه أنه مخطئ، لأنك ستزيد المشكلة.
ومن الأشياء التي من الممكن أن تقوم بها، مع الأولاد حتى يحبون بعضهم أكثر، أن تقول لكل ولد على حدى، أنك تحبه.
وأيضاً أن تقوموا بلعب الألعاب الجماعية، ويكون الجميع هو الفائز، ليس واحد فقط، الألعاب الجماعية غير التنافسية، وهي موجودة على اليوتيوب للأطفال.
أنا أريد أن أقول لك، أن التربية هي مهمة سهلة، لو استطعت أن تعرف الخطوات والاجراءات، التي يمكن أن تفعلها، ولكن لو لم تعرف، ستكون الحياة عشوائية، وسنقابل مشاكل كثيرة مع أولادنا.