أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمر الليثي الحجازي، آخر من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا.
ولد بعد الهجرة، وقال أدركت من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، وحج معه حجة الوداع وكان طفلاً وقتها.
وكان يحب علياً رضي الله عنه حباً عظيماً، وشهد معه مشاهده كلها، ولكنه كان يتولى أبا بكر وعمر وغيرهما ويحبهما، لكنه كان يفضل علياً على الجميع، وهذا هو التشيع الأول.
عندما تقرأون في كتب التراجم وكان فيها تشيع، هو هذا، أنه كان يفضل علياً على غيره مع الترضي على جميع الصحابة.
وليس التشيع الأول هذا الرفض الذي نشهده الآن، ونسأل الله العافية بفضله وكرمه.
وكان أبو الطفيل مع علي، فلما مات علي رضي الله عنه، كتب إليه معاوية يلاطفه فقدم إليه الشام ثم بعد زمن يزيد لما خرج المختار بن أبو عبيد الثقفي على بني أمية فخرج معه أبو الطفيل.
ولما قتل المختار بن أبي عبيد، رجع أبو الطفيل إلى مكة ومكث فيها إلى أن مات بها.
قصته مع معاوية في الشام
يقال أنه لما وفد على معاوية رضي الله عنه، قال له معاوية: أبا الطفيل؟ قال: نعم؟ قال: ألست من قتلة عثمان؟ قال: لا، ولكنني ممن حضره فلم ينصره.
فقال معاوية: فما منعك من نصره؟ قال: حضره المهاجرون والأنصار فلم ينصروه.
وينبغي أن تفهموا هذا، هذا حق، وعثمان رضي الله عنه قتل في المدينة، والمدينة كانت عامرة بالمهاجرين والأنصار، لكن لماذا لم ينصروه؟ لأنه أمرهم بذلك.
وكان يعزم على كل من يرى عليه طاعة، أن يغمد سيفه وينصرف إلى بيته. وذلك لأنه رضي الله عنه كان قد أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يموت شهيداً، وأنه يموت على بلوى تصيبه.
فكان يعلم كل ذلك، وأنه صائر إلى الله ولا مفر من قضاء الله، فكان لا يحب أن تهرق بسببه الدماء.
لذلك كان كل من أتى من الصحابة للدفاع عنه، كان يقول لهم: من رأى لي عليه طاعة فليغمد سيفه ولينصرف إلى بيته. ولولا ذلك ما أسلموه.
وهذا معنى قول أبو الطفيل شهده المهاجرين والأنصار ولم ينصروه، ليس لأنهم لم ينصروه إسلاماً له وزهداً فيه ورغبة عنه، معاذ الله.
هل لأحد طلب نصرة عثمان
فقال له معاوية: أما إن حقه كان واجباً، وقد كان عليهم أن ينصروه. فقال أبو الطفيل : ما منعك أن تنصره يا أمير المؤمنين؟ ومعك أهل الشام؟
فقال معاوية: أما طلبي بدمه نصرة له؟ فضحك أبو الطفيل وقال: أنت وعثمان كما قال الشاعر:
لألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادي
والواقع أنها قضية أخرى، لماذا لم يأته معاوية، لأنه ما كان أحد يظن أن يجترئ الناس على أمير المؤمنين فيقتلونه. فهذا شيء شبيه بالخيالات.
ولذلك ما فعلوا، ولولا ذلك لقلنا، ما أسلمه من كان معه في الدار.
ما أبقى لك الدهر من ثكل علي
فسأله معاوية وقال له: يا أبا الطفيل، ما أبقى لك الدهر من ثكل علي؟ قال له: ثكل العجوز المقلاة والشيخ الرقوب.
العجوز المقلاة هي المرأة التي كلما ولد لها مات ولدها، فإذا كبرت هذه وصارت عجوزاً وولد لها، ثم مات ولدها فكيف يكون ثكلها؟
الشيخ الرقوب هو الرجل الذي ولد له بعد أن يئس من أن يولد له، وقد صار شيخاً. ثم مات ولده فكيف يكون ثكله؟
فقال له معاوية: كيف حبك لعلي؟ قال: حب أم موسى لموسى، وإلى الله أشكو التقصير.
قلت لكم مات في مكة رحمه الله ورضي عنه سنة قيل مئة وقيل سبع ومئة والأصح أنه مات سنة عشر ومئة وهو آخر الصحابة موتاً، أبو الطفيل عامر بن واثلة.
وهذا يشير الشيخ العربي الفاسي رحمه الله بقوله: آخرهم موتاً أبو الطفيل في مئة وعشر.