أبو العلاء المعري شيخ المعرة

أبو العلاء المعري : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على النبي الكريم، أيها الأحبة أهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات أسمار وأفكار.

حديثنا الليلة سيكون سمراً أدبياً بامتياز سنتحدث عن شيخ المعرة أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المشهور بالمعري رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

شعر وأدب أبو العلاء المعري

سنجول في فكره وشعره وأدبه ومنثوره، سيحدثنا عنه الليلة الأستاذ عبد القدوس الهاشمي، وثم نبدأ النقاش بعد ذلك.

عبد القدوس الهاشمي

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل ونعوذ بك من التكلف لما لا نحسن كما نعوذ بك من العجب بما نحسن ونعوذ بك من السلاطة والهذر كما نعوذ بك من العيّ والحصر.

وبعد، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وفي البداية أحب أن أشكر الدكتور محمد حامد الأحمري لاستضافته الكريمة لهذا المجلس الكريم.

الذي أعاد لنا جمال وبهاء وحسن صوالين الأدبية التي كنا نقرأ عنها ونستمتع بها، والشكر للأصدقاء الأصفياء الذين قدموني وصدروني في هذه الليلة فلهم الشكر والامتنان.

نسب أبو العلاء

وحديثنا الليلة عن أحد نوابغ البشرية وأحد أعلام الأدب العربي وهو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي نسبة إلى تنوخ.

وتنوخ كما يقول أهل النسب مجموعة من القبائل نزلت واستقرت في البحرين في منطقة الإحساء فسموا بتنوخ من التنوّخ وهو الإقامة، ثم تفرقوا فضرب فرع منهم إلى الشام واستقروا في معرة النعمان.

وكان هذا الفرع مليء بالأدباء والفضلاء والقضاة، وقد ذكر منهم ياقوت الحموي في معجمه خلقاً كثيراً في ترجمته لأبي العلاء المعري.

وينسب أبوالعلاء إلى معرة النعمان، فيقال أبو العلاء المعري ، وإن شئت الإغراض قلت أبو العلاء المعرنومي.

فقد ذكر السمعاني في الأنساب نقلاً عن أبي نصر الرامشي أنه قال النسبة الصحيحة لمعرة النعمان هي المعرنومي لتتميز عن معرة أخرى بالشام وهي معرة مصرين. ومعرة مصرين ينسب إليها بمعرمصري.

نشأته

ولد رحمة الله عليه في سنة 363 في بيت فضل وعلم وقضاء، كان سليم الجوارح حين ولد بريئاً من الآفات حتى بلغ الرابعة من عمره فجدّر وذهب بصره.

طلب العلم على يد أبيه وعلى شيوخ الشام فبرز في القراءات، وله بها سند عال. كما روى الحديث وله فيه أيضاً سند عال.

واستوعب اللغة العربية شعراً ولغة ونحواً وصرفاً، حتى قال عنه تلميذه أبو زكريا التبريزي لا أعرف أن العرب قالت كلمة لا يعرفها أبو العلاء.

وتميز أبو العلاء كان في أمرين اثنين أولهما ذاكرته الحادة التي يلتصق فيها كل شيء والميزة الثانية هو خياله المجنح.

ذاكرته القوية

أما عن ذاكرته فلعلكم تعرفون خبر التبريزي معه، فقد ذكر أهل التراجم أنه كان جالساً مرة عند أبي العلاء في المسجد يدرس عليه سقط الزند.

فدخل رجل من أذربيجان فالتفت التبريزي إلى ذلك الرجل عندما سمع لهجته، وبدا أنه اشتاق إلى وطننه وأهله، فقام يحادثه وأخذا يرطنان بلهجتهما وشيخنا أبو العلاء منصت.

فلما قضيا سأل تلميذه: ما هذا اللسان الذي كنتما تتكلمانه؟ قال: هذا لسان أهل أذربيجان. قال: لا أعرف ما قلتما لكن إن شئت أعدت عليك حديثكما، وأعاده أبو العلاء.

وهذا من أغرب الأشياء أن يحفظ المرء شيئاً لا يفهمه.

لكن يعجبني في ذكر حافظته ما رواه ابن خلكان في ترجمة أبو النصر المنازي الوزير، قالوا أنه كان مجتازاً مرة بمعرة النعمان يريد القسطنطينية.

فدخل على أبي العلاء وأنشده هذه الأبيات التي يصف فيها وادي بزاعة، ووادي بزاعة زعم ياقوت أنه واد بين منبج وحلب فقال أبو نصر:

وقانا لفحة الرمضاء واد سقاه مضاعف الغيث العميم

نزلنا دوحه فحنا علينا حنو المرضعات على الفطيم

وأرشفنا على ظمأ زلالاً ألذ من المدامة للنديم

يصد الشمس أنى واجهتنا فيحجبها ويأذن للنسيم

تروع حصاه حالية العذارى فتلمس جانب العقد النظيم

فقال له أبو العلاء: أنت أشعر من بالشام.

وذهبت الأيام ثم دخل أبو نصر المنازي على شيخنا أبي العلاء عندما ذهب إلى بغداد بعد عشر سنوات، فدخل وأنشده أبياتاً في النسيب يقول فيها:

لقد عرض الحمام لنا بسجع إذا أصغى له ركب تلاحى

شجى قلب الخلي فقيل: غنّى وبرّح بالشجي فقيل: ناحا

وكم من شوق في أحشاء صبّ إذا اندملت أجدّ لها جراحا

ضعيف الصبر عنك وإن تقاوى وسكران الفؤاد وإن تصاحى

كذاك بنو الهوى سكرى صحاة كأحداق المها مرضى صحاحا

فقال له أبو العلاء: ومن بالعراق. عطفاً على كلمته التي قالها قبل عشر سنوات أنت أشعر من بالشام. فهذه ذاكرته العجيبة

سعة خياله في شعره

أما اتساع خياله فيعجبني منه الأبيات التي رثى بها أباه عندما توفي، وأبوه كان قاضياً مهيباً وقوراً وأبو العلاء يستحضر الصورة التي حفظها عن والده وهو صغير واستحضرها في موقف الحشر فيقول:

أبي حكمت فيه الليالي ولم تزل رماح المنيا قادرات على الطعن

فيا ليت شعري هل يخف وقاره إذا صار أحد في القيامة كالعهن

وهل يرد الحوض الروي مبادراً مع الناس أم يأبى الزحام فيستأني

فهذه الميزتان اللتان بلغت بأبي العلاء منزلته.

تحول أبو العلاء المعري إلى رهين المحبسين

أريد الآن أن يدور مجلسنا على تحرير مسألتين مهمتين المسألة الأولى هو تحول أبي العلاء فقد ترجم له الثعالبي في يتيمة الدهر وهو أحسبه أول من ترجم له.

قال: أبو العلاء شاعر ظريف بمعرة النعمان يلعب بالشطرنج والنرد ويدخل في كل فن من الهزل والجد.

فما الذي حصل لهذا الرجل؟ الذي كان يدخل في كل فن من الهزل والجد ومن ثم انطوى واعتزل الناس وأصبح رهين المحبسين ؟

وقد اتهمه كثير وظُلم كثيراً من أصحاب التراجم، واعتدوا عليه فسّقوه وزندقوه.

وعلى كل حال الباحث في سيرة أبي العلاء لا يخشى أن يقول أن جمهور العلماء المترجمة لأبي العلاء ذهبوا إلى زندقته وإكفاره والصحيح خلافهم.

بعد الثعالبي ترجم له الباخرزي في دمية القصر وتعجبني مقدمة الباخرزي في ترجمته يقول فيها: أبو العلاء المعري ضرير ماله في الأدب ضريب، ومكفوف في قميص الفضل ملفوف.

ومحجوب خصمه الألد محجوج وقد طال في ظلال الإسلام آناؤه وربما رشح بالإلحاد إناؤه ولدينا خبر بصره والله أعلم ببصيرته والمطلع على سريرته.

وقد هان أبو العلاء على كثير من الناس ممن ترجموا له، حتى إن طه حسين كتب عنه ثلاث كتب وأصر فيها على زندقته وإلحاده:

فواعجباً حتى كليب تسبني كأن أباها نهشل أو مشاجع

وأنا أريد في هذا المجلس أن أبرئه من هذه التهمة وقبلها أن أشرح قصة تحوله من ذلك الرجل الظريف إلى المنعزل المنزوي على نفسه.

رحلته إلى بغداد

ذهب أبو العلاء بنص ما ذكره القفطي عنه، أنه كان يريد أن يذهب إلى بغداد وكانت إذ ذاك عاصمة العلم، فكان يقصد دور الكتب ويقول عن نفسه ما ذهبت أتكثر من النشب ولا من الرجال.

وأريدكم أن تتخيلوا معي هذا الرجل النابغة الذي شهد له كل من حضره بتفرده، وكان يسمع بالرماني والسيرافي وبأبي علي الفارسي وبأبي حيان التوحيدي وابن جني صاحب المتنبي.

هذه الحياة الثقافية في بغداد حدثته نفسه بزيارة هذه المدينة التي يشعر أنه سيكون مشاركاً فيها، فذهب إليها سنة 398 وقيل 399 .

ولما وصلها كان قد كتب في طريقه إلى أبي حامد الإسفراييني رسالة، يصف بها شوقه فنحن نقرر أنه ذهب متطلعاً إلى بغداد، وإنما عندما وصل كان قد مات الرماني ومات أبو علي الفارسي.

والسيرافي مات قبلهما، وخرج أبو حيان إلى فيافي شيراز، وابن جني كان في الموصل، فالتقى بطبقة دونهم، وحدثت له أمور غيرت نفسه وكبحت من حماسته وأشعرته بنوع من الوحشة.

قصته مع الشريف الرضي

منها قصة عندما دخل إلى مجلس الشريف المرتضى فعثر برجل أحد الضيوف، فقال: من هذا الكلب؟ فالتفت إليه أبو العلاء بسرعة بديهته وثقته بنفسه وقال: الكلب من لا يعرف سبعين إسماً للكلب فخرس الرجل.

ثم مجلسه مع الشريف المرتضى، وهذا أنا أشك فيه لأنه ليس من عادات الأشراف أن يعاملوا ضيفهم بهذه الطريقة، ولا هو أصلاً تعصب المرتضى على أبي العلاء ليس وارداً، وقد ذكره في مختاراته.

فالمتن فيه غموض فلا يمكن أن يكون فيه هذا التعصب على المتنبي ثم يورد له أبياتاً يختارها.

على كل حال تسير القصة على أنه ذم أبا الطيب فرد عليه أبو العلاء لم يكن لأبي الطيب إلا قوله:

لك يامنازل في القلوب منازل أقفرت وهن منك أواهل

لكفى فقال: جروا برجل الكلب، فسحب وأخرج. هذه لها أثر كبير على أبي العلاء.

قصته مع علي بن عيسى الربعي

وموقف ثالث مع علي بن عيسى الربعي، وكان هو من أنحى أهل عصره، لكن علي بن عيسى الربعي كان لديه مشاكل، وعر الخلاق وكان فيه لوثة من جنون.

قال عنه أبو البركات الأنباري في نزهة الألبة: كان مولعاً بقتل الكلاب، كان يطارد الكلاب في بغداد ويقتلها، وله خبر في مطاردة كلب في بغداد لابن جني.

لما ذهب يزوره أوقفه على الباب مدة، ثم قال: أدخلوا الاسطبل. وهي كلمة عامية يعنون بها الأعمى. فأنف أبو العلاء وانصرف. هذه الثلاث مواقف أظنها تركت في أبي العلاء أثراً كبيراً.

زد على ذلك أنه في زيارته لدار الكتب، ذكر القفطي أنه لم ينبهر بشيء، ولم يجد في بغداد من الكتب ما أبهره إلا كتاباً أو اثنين استعارهما للقراءة ثم ردهما.

فهذه المواقف كلها أحدثت صدمات عند أبي العلاء وهذا لا أقوله اعتباطاً وإنما عليه دليل، فعائشة بنت الشاطئ وغيرها عندما درسوا فترة بغداد، قالوا أن فيها سبعة قصائد ومنهم قصيدتين تعززان ما ذهب إليه.

أولها التي مطلعها من النسيب، وأنا أظن أنه كان يخاطب الدنيا التي حرمته من أمور كثيرة، من والده ومن بصره، وضيقت عليه في المعاش.

صدمته من واقع بغداد

ثم لما جاء إلى بغداد يريد أن يشارك ويبين عن منزلته، لم يلتفتوا إلى موهبته، ولم يسلم لسانهم في ذكرهم لعاهته فيقول:

منك الصدود ومني بالصدود رضا من ذا علي بهذا في هواك قضى

بي منك ما لو غدا بالشمس ما طلعت من الكآبة أو بالبرق ما ومضا

جربت دهري وأهليه فما تركت لي التجارب في ود امرئ غرضا

إذا الفتى عاب عيشاً في شبيبته فما يقول إذا عصر الشباب مضى

وقد تبدلت عن كل بمشبهه فما وجدت لأيام الصبا عوضا

مل من بغداد وقد انطفأت روحه من هذا العالم الذي لا يقدرونه قدره، والغريب يؤذيه ويهينه. والنص الذي يعزز هذا الرأي قصيدته المشهورة:

طربن لضوء البارق المتعالي ببغداد وهناً ما لهن وما لي

فيا برق ليس الكرخ داري وإنما رماني إليه الدهر منذ ليال

فهل فيك من ماء المعرة قطرة تغيث به ظمآن ليس بسال

أإخوتنا بين الفرات وجلق يد الله لا خبرتكم بمحال

أنبئكم أني على العهد سالم ووجهي لما يبتذل بسؤال

وأني تيممت العراق لغير ما تيممه غيلان عند بلال

ندمت على أرض العواصم بعدما غدوت بها في السوم غير مغال

وهذا بيت واضح فيه أنه ندم على زيارته بغداد. وفي هذه الأوقات ورد عليه كتاب من أخيه، يستعجله العودة ليدرك والدته، وله مع والدته علاقة خاصة.

موت والدة أبو العلاء المعري

أسرع إلى المعرة لكن ملك الموت كان أسرع فوصل وقد توفيت فيقول في رثائها:

مضت وقد اكتهلت فخلت أني رضيع ما بلغت مدى الفطام

كفاني ريها عن كل ري إلى أن كدت أحسب في النّعام

لأن العرب تزعم أنها لم ترى النعام يرد الماء، وإنما يكتفي بالرطب من العشب. وبحثت عن هذه المعلومة في اليوتيوب فوجدت أنه يشرب الماء. وأن هذه من خرافات العرب.

خرج من بغداد وعاد، وملا وصل وجد والدته تحت التراب ازداد صدمته وأظلمت نفسه ودخل بيته وبقي فيه حتى توفي.

وأريد أن أختم بالقول أن دعاوى الإلحاد التي رمي بها أبو العلاء تقوم على ثلاثة أمور:

مذهبه في تحريم اللحم

قيل أنه كان برهمياً أو اتخذ من طريقة الفلاسفة بتحريم إيذاء الحيوان، وهذا مردود بوجهين.

الوجه الأول في فقره

أنه ذكر في مراسلته للداعي الفاطمي ابن عمران أنه لا يحرم اللحم وإنما يزهد به. فقد ترك اللحم زهادة ورحمة بالحيوان ثم لوضعه المادي.

يذكر يقول أن ميزانيته السنوية 30 ديناراً، فلا يستطيع أن يتشري بها سوى الفول والعدس وكل ما لا يعذب على الألسن. وهذا مثبت في رسالته وقد ذكرها ياقوت بتمامها.

الوجه الآخر في رثائه

عندما رثاه أحد طلبته عندما مات:

إن كنت لم ترق الدماء زهادة فلقد أرقت اليوم من جفني دما

مسألة الفصول والغايات

الأمر الثاني الذي رموه به مسألة الفصول والغايات، قالوا أنه حاول فيها محاكاة القرآن وسور القرآن، وشانئوا أبو العلاء المعري. أن إسم الكتاب الفصول والغايات في محاذاة السور والآيات.

وهذا غير صحيح بالمرة، ومحبوه أيضاً يزيدون في العنوان ويقولون الفصول والغايات في تمجيد الله والعظات. وهذا أيضتً زيادة من محب والموجود في ثبت قوله أنها الفصول والغايات فحسب.

لكن إذا فتحت الكتاب، الذي أخرجه محب الدين الطيب وقرأت المقدمة تعرف أن هذا الرجل يوق أني وضعت هذا الكتاب تمجيداً وتقديساً لله عز وجل.

وقد أملاه مراراً على طلابه، الذهبي في السير يقول وقد وقف على بابه كملة الرجال، هل معقول أن يملي على هؤلاء معارضة للقرآن ويكون في سعة. هذا غير متصور أصلاً.

أشعار أبي العلاء وكتاباته

أشعاره التي أوردها ابن الجوزي وابن عقيل الحنبلي، تنقسم إلى ثلاث أقسام:

كذب محض

لا وجود لها في دواوين أبي العلاء، وهي كفر صريح مثل قوله:

فلا تحسب مقال الرسل حقاً ولكن قول زور سطروه

وكان الناس في عيش رغيد فجاؤوا بالمحال وكدروه

هذه لا وجود لها في دواوين أبي العلاء. أو قوله:

صرف الزمان مفرق الألفين فاحكم إلهي بين ذاك وبيني

أنهيت عن قتل النفوس تعمداً وبعثت أنت لقبضها ملكين

وزعمت أن لها معاداً ثانياً ما كان أغناها عن الحالين

هذه أبيات لا توجد في دواوينه وإنما هي منحولة له.

أشعار تم العبث بها

وهو ضرب ثاني قاله أبو العلاء لكن عبثت به أيدي الكتبة ومنه قوله:

قد ترامت إلى الفساد البرايا واستوت في الضلالة الأديان

لم يقل أبو العلاء المعري هذا بل قال:

قد تناهت إلى الفساد البرايا ونهتنا لو ننتهي الأديان

والبيت الثاني الذي يصف به فتنة حصلت بين المسيحيين والمسلمين في اللاذقية فيقول:

في اللاذقية فتنة ما بينأحمد والمسيح

هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يصيح

فزاد الرواة:

كل يعظّم دينه يا ليت شعري ما الصحيح

وهذا غير موجود في بعض النسخ.

أشعار يمكن تأويل معانيها

وضرب ثالث لا يعتاس على التأويل يمكن أن يحمل على أحسن الأوجه، منها تمجيده للعقل ومنها يقول:

جاءت أحاديث إن صحت فإن لها شأناً ولكن فيها ضعف إسناد

فشاور العقل واترك غيره هدراً فالعقل خير مشير ضمّه النادي

ويقول:

أيها الغر إن خصصت بعقل فاتّبعه فكل عقل نبي

إذا حملته على معنى النبوة اللغوي ارتفاع الإشكال، وقوله:

وينفر عقلي مغضباً إن تركته سدى واتبعت الشافعي ومالكا

ولا بد أن تستحضر أن عصر أبي العلاء كان عصراً طغت فيه الباطنية والتقليد، فهو كان شمعة يضيء في ذلك الليل البهيم لاستخدام العقل.

كتاباته

وقد وضع كتابه زجر النابح، الذي يشرح فيه بعض ما التبس على بعض القراء يفسر فيه ويقول:

أما ما تعلق بكتاب الله عز وجل أو بالسنة الصحيحة للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقابل عندنا بالتسليم.

وذكر الخبر الذي ذكره الذهبي في السير وغيره:

تناقض ما لنا إلا السكوت له وأن نعوذ بمولانا من النار

يد بخمس مئين عسجد فديت ما بالها قطعت في ربع دينار

قال أنه سأله التبريزي: ما أردت بهذا، قال: أردت بذلك قول الفقهاء هذه علة تعبدية، لأن إذا أجريت العقل فيه ظهر لك فيه شيء من التناقض.

قال الذهبي كذب قبحه الله، لو كان الأمر كما يقول لانبغى أن يقول: تعبد ما لنا إلا السكوت له.

خاتمة

هذا الذي أحببت تقديمه وأنا أحمد الله عز وجل بأني لم أت بدع من القول فقد برأ أبو العلاء المعري مجموعة كبيرة من العلماء، لكنهم غمروا بين أولئك الذين سبوه ونالوا منه.

فمنهم ابن العميد، ومنهم ابن الوردي ومنهم أحمد تيمور باشا المصري في كتابه أبو العلاء، وعمر فروخ في كتابه، وعائشة بنت الشاطئ في مقدمة الشاحج.

وفي رسالة الغفران وفي كتاب دار السلام في حياة أبي العلاء، وعبد العزيز في كتابه الطريف أبو العلاء وما إليه.

وأختم بأبيات قالها ابن الوردي يحكي فيها موقف أبي الطيب الطبري وهو من أعلام الشافعية وقد عمر طويلاً وبينه وبين أبي العلاء مراسلات فيقول:

شهادة الطبري الحبر كافية أبا العلاء فقل ما شئت أو فذر

من أغمد السيف عنه كان في دعة ومن مضى السيف قابلناه بالطبر

الطبري قال أحمد تيمور أن هنا تورية، إما الطبري الشيخ أو الطبري تعريب من الطبرسن وهو الفأس. وهو من أسلحة الروم.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وللشيخ رحمة الله عليه واشكر لكم حسن الاستماع.

تعقيبات وحوار

شكراً جزيلاً للأستاذ عبد القدوس الهاشمي على هذه المرافعة الجميلة البديعة عن شيخنا أبي العلاء رحمه الله تعالى رحمة واسعة، الآن حان وقت النقاش مع أحبتنا وأساتذتنا.

محمد حامد الأحمري

شكراً للأديب النابغ الذي قدم شخصية ابي العلاء في انحياز شديد له ولإيمانه، ونرجو أه كذلك وأحسن.

إنما هناك قضايا وأشعار غير هذه الأشعار التي احتججت بها ورديتها، وربما هذه بعض التي اهتم بها طه حسين على أبي العلاء في أحد كتبه.

وبعض العلماء يرى أنه مر بمرحلة شك، ومن الأبيات التي يقول فيها:

قال المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأجساد قلت إليكما

إن صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما

طهرت ثوبي للصلاة وقبله طهر فإن الطهر من ثوبيكما

ويقول أنه احتاط في هذا، أنه لو هناك حساب وعقاب فإنه احتاط وصلى ولكن إذا لا يوجد فهذه قضية أخرى.

لا ننسى أن من الذين اهتموا به وبالدفاع عنه محمود شاكر رحمه الله في أباطيل وأسمار وأفرد له مقطعاً يرد على شيخه وانحاز للدفاع عن أبي العلاء.

قضية بغداد وقضية نفقته

القضية الأخرى فيما يتعلق بقضية بغداد، فقد شرح في بيت آخر يقول:

كلفنا بالعراق ونحن شرخ فلم نلمم به إلا كهولا

وردنا ماء دجلة خير ماء وزرنا أشرف الشجر النخيلا

فهي نوع من الزيارة لعاصمة الثقافة والناس يشتاقون لها وهذا وضع طبيعي. أيضاً هناك مسألة النفقة.

في بعض المصادر تحدثت عن النفقة التي كان يعيش منها هي أجار بيت كان يؤجره وكان يعتاش منها ولم يحتاج إلى أحد.

الكتب عن حياته

وهناك كتاب جميل من أجمل ما كتب عنه هو كتاب الجندي الذي جمع أخباره في ثلاثة مجلدات وهي ممتعة من حيث الاستقصاء وطويلة على القارئ إنما هو كتاب ممتع من ناحية استعراض حياته.

اشتهر المعري بأنه كان نافذاً في معرة النعمان، وفي كتاب سفر نامه أشار إلى أحد الذين نقل عنهم أنه كان يحكم معرة النعمان وقال أنه من العجيب أن هذه المدينة يحكمها رجل أعمى.

وهذا ليس صحيحاً لم يحكم بل كان نافذ الرأي في المدينة، ويدل ذلك على وساطاته عندما سجن أحد الأمراء بعض الناس من معرة النعمان فذهب يتوسط إليه وقال البيت المشهور:

ويسمع مني سجع الحمام وأسمع منه زئير الأسد

أحمد مولود أكاه

القصة الشهيرة والتي ذكرتموها في عرضكم عن أبي العلاء المعري،  مع الشريف الرضي لما تحدث عن المتنبي هذه من أو لما تناهى إلي عن أبي العلاء.

كل مصادري عنه من المجالس. ومنها هذه القصة وبعد ذلك بفترة ألف السيوطي كتاباً أسماه دفع معرة إمام المعرة وأورد فيه سبعين اسماً للمسمى.

ومما تنطبع به شخصيته من الثقافة والعلم هي الظرافة، وتتجلى في الملكة الإبداعية فهو في تناوله لدواوين شرح ديوان المتنبي وديوان أبي تمام والبحتري.

وسمى ديوان المتنبي عندما شرحه معجز أحمد وديوان أبي تمام أسماه ذكرى حبيب، والبحتري وسماه عبث الوليد.

إبراهيم الدويري

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، شكراً للأستاذ عبد القدوس على هذه الإضافة الماتعة والمرافعة القوية.

الحقيقة أن أبو العلاء المعري من الشخصيات التي شغلت المثقف العربي قديماً وحديثاً، فمن الناس  من يرفعه إلى مقام الولاية والرهبة والانقطاع عن الدنيا، ومن الناس من يخرجه من الملة.

أدب أبي العلاء أدب ذر تجد فيه كل ذلك، وأنا شخصياً لا أهتم إن هو زنديق أو مؤمن، لأن أدبه لا علاقة له بالإيمان أو بالزندقة فرحمة الله عليه على كل حال.

قدرته على السخرية

ومفتاح الشخصية بنظري لأبي العلاء هي قدرته على السخرية اللاذعة.

فكل شيء عنده سخرية، سخر من الدين والفقهاء ومن الأديان وحتى من الملائكة في رسالة الملائكة.

الأديب الروسي في مخطاط العربية أنه وجد رسالة الولاء في القاهرة فكتب في مذكراته أنها رسالة في النحو ونقد الدين.

وهي رسالة بدأها من السخرية من الملك رضوان، وقدرة أبو العلاء على السخرية في رسالة الغفران وممازحة الشعراء وكلها يستوحيها من أشعارهم ومن عاهاتهم.

مثل الأعشى، وامرؤ القيس، فالسخرية إحدى سمات شخصيته.

فلسفة الرثاء

أشار الأساتذة أيضاً إلى قدرته على فلسفة الرثاء، في رثائه لأمه وأبيه القاضي ورثاؤه لفقيه الأحناف ولآخرين تدل على مذهبه في الرثاء مبتكر.

بين العراق والشام

القضية التي شغلت الدارسين أيضاً هنا أخالف الأستاذ عبد القدوس على روعة ما قدم في قضية ذهابه من العراق.

وعلاقة أبو العلاء مع العرق أنه كان يشعر أن المعرة لا تعني شيئاً بالنسبة لبغداد في ذلك الزمن فهو كما ذكرت أنه ذهب هناك لأجل دار الكتب فيها.

وإقامته فيها كما قال هو مضطربة، فكان يجد في الشام هواء جميلاً وعقولاً صحيحة. وكان مضطرباً بين هذين.

وفي إحدى رسائله يقول: دمشق عروس الشام موموقة وواسطة عقدها المرموقة، وأرجو أن يكون قد أنساه جامعها جامع المدينة وسلاه ماؤها عن ماء دجلة.

وقد كنت عرفته أن من رحل عن بغداد لن يجد عنها عوضاً وإن وجد محلاً مروضاً لأن غابر العلم بها غريض وصحيح الأدب في سواها مريض والشام أكثر أرفاقاً وأقل نفاقاً.

فهذه مشكلة أبو العلاء المعري مع الشام وبغداد. ويتضح هذا في شعره في الشام:

يفوح إذا ما الريح هب نسيمها شامية كالعنبر المتضوع

بينما عن العراق

نعم حبذا قيظ العراق وإن غدا يبث جماراً في مقيل ومضجع

فكم حله من أصمع القلب آيس يطول ابن أوس فضله وابن أصمعي

فلم يمل من العراق لكن لأن خاله كان شبه الوصي عليه واستدعاه إلى العودة فودع العراق بنوع من الملحمة الأدبية.

رحمة الله على أبي العلاء المعري والسلام عليكم ورحمة الله.

هشام الشريف التلمساني

بسم الله الرحمن الرحيم

أشكر الأستاذ عبد القدوس الهاشمي على هذه الإطلالة الطيبة، وأشكر الأستاذ على الاهتمام بالمعري وله مدونات في الدفاع عنه.

أريد الإشارة إلى مسألة قد تكون الآن من أحوج الناس إليها، إن أغلب من وقع فيهم نقاش يقودنا ذلك إلى أنهم من العظماء.

أبو العلاء له كتابات طيبة وشعره بلغ الآفاق يدل على عبقرية وفلسفة، فلا شك في عظم الرجل.

من الأشياء التي يجب أن ينتبه لها القارئ العربي والمسلم أن أبا العلاء المعري ذكر في كتبه ويصرح بعظمة الله وعظمة كتابه ويقدس الدين والإسلام والمسلمين.

وله مواطن محتملات ولا يخفى على جمهور العقلاء أن لازم القول ليس قولاً، ولازم المذهب ليس مذهباً، لا يجدر بالإنسان أن يحمل أشياء مشتبهات في وجود كلام صريح صحيح في التقديس لدين الله.

الإشارة الثانية أن أبا العلاء المعري له كثير من النقاط الإيجابية التي يجدر للمسلم أن يذكرها، وهو عنونة الشعر فهو أول من كتب عنواناً للشعر.

وأيضاً اشعاره الطيبة  وأنا وقفت على شيء يذكر فيه مسألة اتهامه أنه من البراهمة فيقول أنه ترك اللحم زهداً.

مصطفى عبد الباسط كريدي

سمعت مرة الدكتور الأحمري يتكلم أن الأفكار التي تنتشر هي الأفكار التي نصفها صحيح ونصفها خطأ.

فيأخذ بعض الناس بالصحيح وبعض الناس بالخطأ وتشتهر الأفكار ويبدو أن أبا العلاء من هذا النوع.

لكن هناك إشكالية بشكل عام هي سيطرة الفقهاء الذين هم القانونيون في الإسلام على هذه الشخصيات وتناولها بشكل فقهي تجزيئي.

ومحاكمة أصحابها ثم يتم نسيان التراث والشخصية ويتم التركيز على القضية، بين مدافع وبين متهم.

أول مرة تعرفت بها أبو العلاء كنت أستمع لدرس الشيخ محمد النبهان وهو مؤسس المدرسة التي علمت فيها وكان يفسر بيتاً لأبي العلاء:

كل من تلقاه يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن

يقول الشيخ وأنا أشرح هذا البيت اعترض بعض الناس أن البيت لأبي العلاء، وأنه زنديق فبدأت أبين مرتبة أبو العلاء في الوجود بمعنى صوفي.

فسألت الشيخ ما معنى منزلة الشيخ في الوجود، وهو زنديق؟ قال هذا من الأولياء الكبار ولكن هؤلاء يسمون أولياء الدهشة. وبعدها أخذت كتاب بنت الشاطئ لأتعرف عليه.

لا بد من دراسة هذه الشخصية بشكل كامل وكشف أسس تفكيرها، فلما قال: استضعفوك فوصفوك، وأنه لا ياكل اللحم، وفي نفس الوقت عفيف النفس.

مرة دعاه وزير فاعتذر فيبدو أنه كان أنفاً عزيز النفس، وكان ينقض السلطة وله في ذلك أحاديث ورسائل، وهذا يقترب من قوله استضعفوك فوصفوك وهي إشارة إلى هذه الأمور.

وجزاكم الله كل خير.

عماد محمد بابكر

آخر الكتب المنشورة عن أبي العلاء هي رسالة العلامة عبد الله الطيب ، أبو العلاء نظرة جمالية وهذه الرسالة كتبت عام 1950 لكنها ترجمت للعربية في العام الفائت.

ففيها شيء كثير وجديد عن أبي العلاء ومنها القصة التي دحضها الأستاذ عبد القدوس في مجلس الشريف المرتضى وعدد العلامة عبد الله الطيب سبعة أسباب تجعل من هذه القصة ملفقة.

لأن الأشراف لا يفعلون ما قيل، وأهل المعري لهم وزنهم فقد كان الرجل صاحب عشيرة لها  وزنها وأمور كثيرة.

وما أعاده إلى المعرة شوقه لوالدته التي لم يلتقها.

عبد الله الطحاوي

بالنسبة للاتهامات باسماعيلية الرجل، هناك دأب في مؤرخي الإسماعيلية أنهم ينسبون إليهم أفاضل الرجال، كلما وجدوا رجلاً فاضلاً نسبوه إليهم، مثل إخوان الصفا وابن سينا وغيرهم.

وخاصة أن المعري كان مواكباً لعصرهم والكثير نفوا عن  الشيخ هذا الأمر.

لكن ما أردت أن أسأل الأستاذ عبد القدوس هو إشكالية في أبي العلاء المعري هو التوظيفات المعاصرة والكتاب المعاصرين.

الذين يوظفون بعض المناهج الماركسية أو الشعوبية في قراءة التاريخ لمحاولة تصدير صورة معينة دون الإحاطة بحياة الرجل ونصوصه .

فقد كان ابن تيمية يفرق بين حال الصحو وحال السكر، كانت هناك مناهج مركبة في التعرف على الشخص وليس التسليم بصورة واحدة، وأعتقد أنه من المهم الإطلاع على هذه الدراسات.

وألاحظ استعارة هذه الأبيات في التواصل الاجتماعي عند بعض كتاب اليسار أو من لديهم موقف من الدين فيحاول أن يزيد صفحاته بأقوال من هنا وهناك.

وذكر الأستاذ أبو حامد هؤلاء بأنهم لا يعرفون الصوفية ولا يفهمونها وإنما ينقلون الأقوال للحلية، وكنت تذكرت المسافرين المعاصرين مثل السيد قطب الذين سافروا وعادوا بشخصية أخرى.

أعتقد أن يمكن في التاريخ القديم أن تتغير الأحوال بسبب السفر الطويل وزيارة بعض المدن الكبيرة.

أشكر حضرتك على هذه المحاضرة الطيبة وبارك الله فيك ونفعنا بعلمك.

أحمد فال ولد الدين

المعري دخل إلى عالمي بجانبه الإيجابي والسلبي وأول مرة قرأت له كانت عند الإمام الذهبي، في سير أعلام النبلاء، فتكلم عنه وعن قضية ملاحدة الإسلام الثلاثة وهي قصة مشهورة.

وفي نهاية الكلام قال وشعره في الذروة ومن أعذب الشعر:

يا ساري البرق أيقظ راقد السمر لعل بالجزع أعواناً على السهر

وهي قصيدة جميلة وبهذه الطريقة دخل إلى عالمي. أزعم أن المعري وليد عاهته وقد ولدت لديه تشاؤماً وضيقاً بالناس ونظرة سوداوية للعالم.

كان دائماً ما يتكلم عنه في اشعاره فلعله خلع على الدنيا من هذا السواد الذي يعيش فيه، لذلك سمى نفسه رهين المحبسين. فهو حبس الظلمة وحبس بيته.

في شعره مثلاً:

عللاني فإن بيض الأماني والظلام ليس بفان

عندما جاء يتغزل:

ويا أسيرة حجليها أرى سفهاً حمل الحلي لمن أعيا على النظر

لديه إشكالية البصر تلازمه وهذا رأيته في معظم شعره. ويشعر أنه ليس محظوظاً من الدنيا.

وأجمل ما قال أبو العلاء المعري، هو رسالة الغفران، هذه الرسالة تلخص نظرة أبي العلاء للكثير من الأشياء تلخص روحه وفكره وهوسه باللغة وخياله الخصب.

أبو العلاء المعري شاعر بديع فيه روح، والشاعر ما يتحدث في خواطر الناس. ويعايشهم في يومياتهم.

أنا أيمل مع الأستاذ عبد القدوس إلى الدفاع عن الشيخ وكما يقول السوريون الفقهاء، المشهور تفسيقه والراجح أنه من الصالحين.

عبد القدوس الهاشمي

بالنسبة إلى السفرناما، قد قرأت ما كتبه ناصر خسرو أنه ليس فقط يأمر بل ايضاً محفول ولديه الكثير من الحاشية والخدم وهذا مخالف لكل ما قرانا عنه في التراجم.

لكن لعله دخل في الوقت الذي فيه حاصر صالح ابن مرداس وكان أمير حلب وكان خرج أبو العلاء يشفع فيه.

ومن آخر ما طبع كتاب عبد الله الطيب وإن كان كتابه يخالفنا في الهوى فقد زعم أن في الفصول والغايات أكد الزعم لكن الطريف في هذا الكتاب هو ترجمة الشاذلي من أفضل ما تقرأ.

لغة عالية جداً تكاد تسامي الدكتور عبد الله الطيب في لغته، ترجمة ممتازة جداً وفيها لفتات جيدة منها التي ذكرها في إبطاله.

وهذا ما استفدته منه، أما نسبته للإسماعيلية فقد ذكرها أكثر من واحد، ومارون عبود أكدها، لكن هذا يس وارداً اصلاً.

فمذهب الإسماعيلية في المعرفة هو قول الإمام، والرجل معلي جداً لقيمة العقل وله ردود على هذه المذاهب والله أعلم وأحكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبو العلاء المعري شيخ المعرة / أسمار وأفكار