هناك روبوت يدعى تشارلي وهو قد يستكشف القمر يوماً ما، البروفسور فولس غانغ فالستر الذي يترأس منصب المستشار التنفيذي في مركز الأبحاث الألماني للذكاء الاصطناعي، حيث تم تصميم تشارلي.
يشير إلى أن الروبوتات يمكن أن تمتلك تطبيقات عملية في الحياة اليومية، حيث يقول: التكنولوجية الرقمية والذكاء الإصطناعي يحولان مجتمعنا، وهناك المزيد من التغيرات التي ستحدث ولكني آمل أن تكون جميعها إيجابية.
مغامرة الذكاء الإصطناعي
في مركز الأبحاث في برلين يعمل البروفيسور فالستر، حيث يستضيف فعالية الباب المفتوح وأمضى فالستر عقوداً في دراسة الذكاء الإصطناعي.
الذكاء الاصطناعي يتضمن الحواسيب التي يمكنها فهم لغة الإنسان، والآلات التي يمكنها التعلم وتكنولوجيا مصانع المستقبل.
وعن طريق مستشعرات يمكن أن تساعد سائقي الجرارات في الحصاد، والأنظمة الذكية تمكن المسعفين من الاستعداد بشكل أفضل لحالات الطوارئ.
والمشايات التي يستخدمها كبار السن يمكن أن تساعدهم في البقاء واقفين على أقدامهم، ويبدو أن الذكاء الاصطناعي موجود في كل مكان.
علينا أن نفسر الذكاء الاصطناعي بصورة أكبر للعامة، والبروفسور فالستر يعطي محاضرات حول هذا الموضوع في كثير من الأحيان.
وبعبارة بسيطة إن الذكاء الاصطناعي هو محاولة لإعادة خلق الذكاء البشري في الحواسيب، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الآلات والروبوتات في التكيف مع الأوضاع غير المتوقعة.
المثير للاهتمام حيال هذه الروبوتات هو أنه إن ظهرت مشكلة تقنية بها، يمكنها مداوات نفسها بنفسها، ومثال على ذلك الذكاء الحركي الاستشعاري.
وهو مشابه لعملية إعادة التشديد لدى العقارب وحيوانات السلمندر، إن تمت مهاجمتها وفقدت ذيولها أثناء الهرب يمكن أن تنمو لها ذيول جديدة.
أجهزة ذكية لمراقبة الشيخوخة وحماية كبار السن
السيدة ايفا ورتل تختبر أداة ذكاء اصطناعي، وهي النظارات الذكية المتصلة بسوار معصم، يقوم بقياس مستوى الإجهاد لديها، وهي تبلغ من العمر 80 عاماً وتعيش في برلين.
ايفا تشارك في دراسات يجريها مستشفى شاريتيه في برلين، تهدف إلى معرفة كيف يمكن لهذا النوع من التكنولوجية أن يسهل الحياة على كبار السن.
تقول ايفا: سمعت أنهم كانوا يطورون الكثير من هذه الأجهزة المعقدة، لذا فكرت في أن أجربها، حيث أن الناس يتذمرون كثيراً حيال مشاكلهم ولكنهم لا يفعلون شيئاً لحلها.
النظارة وسوار المعصم مرتبطان بشبكة بيانات عبر الهاتف المحمول، كي تحصل على تحديثات منتظمة في مجال الرؤية.
يمكن لهذا النظام أن يكون مفيداً على نحو خاص لكبار السن، حيث يوجد مستشعر في سوار المعصم يقيس النبض والحرارة وقابلية التوصل إلى الجلد .
إذا أشارت البيانات إلى وجود إجهاد في الجسم، يرسل تنبيهاً عبر عدسة النظارات بوجوب أخذ استراحة فورية للجسم، لأنه تعرض إلى إجهاد في الحركة.
ولكن ايفا ليست منبهرة بوجه خاص بهذه التكنولوجية، وهي تقول: هل أحتاج حقاً إلى هذا النوع من الأشياء؟ نظارة تذكرني بأخذ دوائي؟
وتذهب ايفا بشكل دوري إلى المركز الطبي للتحدث مع الباحثين عن تجاربها مع الأجهزة عالية التقنية، ولتجرب بعض الأجهزة الجديدة.
حيث بمقدورها التجول بشكل جيد بمفردها، ولكنها قلقة من أن يستولي الذكاء الاصطناعي على الكثير من خدمات قطاع رعاية كبار السن.
الدكتورة أنيكا شتاينتس رئيسة مجموعة الدراسات، العاملة على الشيخوخة والتكنولوجية في مستشفى شاريتيه تقول:
تزعم الكثير من الشركات المصنعة أن أجهزتها تعمل بطريقة بديهية وسهلة الاستعمال، وبطريقة قد تكون حقيقة لمعظم الناس.
ولكن ماذا عن الشخص المسن الذي لا يعرف قط كيفية استخدام لوحة لمسية، في هاتف ذكي أو جهاز محمول مشابه، فلن يكون ذلك سهل الاستعمال بالنسبة إلى كبار السن.
الأسرة الذكية للمسنين
وتقوم ايفا والممرض باختبار لوحات سرير ذكية، والتي تأتي مصممة لتنبيه الطاقم الطبي في الحالات الطارئة، مثلاً عندما يبلل المرضى أنفسهم، تأتي اللوحة مزودة بجهاز يعطي تنبيهات لممرض الرعاية.
ويقوم الجهاز أيضاً بارسال رسالة، عندما يغادر المريض سريره بشكل غير متوقع، يتم تسجيل كل هذه الوقائع في السجلات، وهذا يعني تخفيف العمل على الطاقم التمريضي.
ولكن الممرضين يقولون أن هذه الأجهزة لن تحل محل البشر، وإذا كانوا في المناوبة الليلية لوحدهم، وقام جرس التنبيه لكل هؤلاء المرضى بارسال الاشارات في نفس الوقت، فهذا سيكون صعباً للغاية.
ويقولون أن الذكاء الاصطناعي لن يكون قادراً على المساعدة في التعامل، ولا أن يحل محل البشر في المستشفيات فإن ذلك مستحيل.
تقنية الذكاء الاصطناعي في تحديث الآلات
ماركو غوت يحب التكنولوجية قديمة الطراز، ولكنه يستمتع بالعمل بالأجهزة الجديدة، فهو يعمل مهندساً للتطبيقات ويعيش في مدينة هيرشي فايلر في جنوب غرب ألمانيا.
يقوم ماركو بتحديث جراره باضافة مستشعرات رقمية جديدة، يقول ماركو: قبل سنوات كانت لدي فكرة رائعة حيال كيفية تغيير التكنولوجية لمستقبلنا، والآن يمكننا استخدام أدوات وبرمجيات جديدة لتحقيق ذلك.
قام ماركو بربط جراره بجهاز حاسوب، وهو يعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يستخدم مع أدوات المزرعة، لخلق نظام قادر على أخذ القرارات الذكية.
وقد قام بتنصيب بعض المستشعرات على الجرار القديم، الذي يبلغ من العمر 60 سنة، وذلك يظهر أن بمقدورك تحديث آلة قديمة بإضافة تكنولوجية جديدة.
فائدة الذكاء الاصطناعي في السيارات وحركة المرور
الذكاء الاصطناعي آخذ في الانتشار في حياتنا، مثلاً يمكن لأنظمة الملاحة المستندة إلى الشبكة العنكبوتية، تنسيق البيانات من مستخدمين آخرين لتوفير تقارير مرورية دقيقة.
في المنزل وفي العمل أو على الطريق وفي الازدحام المروري على الطريق السريع، حيث أن المركبات الموجودة في المنطقة مرتبطة ببعضها البعض ويمكن أن تعطي معلومات عنها للجميع.
كما يمكنها أيضاً تحذير سائقين آخرين من الظروف السيئة مثل الضباب، ويمكن لهذه التكنولوجية أيضاً أن تساعد الناس المصابين بإعاقات جسدية لزيادة حركتهم وتنقلهم.
العلماء في مركز الأبحاث الألماني للذكاء الاصطناعي في ساربروكن، يعملون مع شركة نوانس كوميونكيشنز لتطوير سيارات مستقبلية عالية التقنية.
ويقول البروفسور فالستر أن السيارات ستستجيب إلى إيماءات السائق باستخدام العين، وسوف يدرك النظام ما يبحث عنه السائق، وعن طريق أوامره اللفظية أيضاً.
الباحث نيلز لينكيه في شركة نوانس ساعد في تصميم مركبة اختبار مزودة بكاميرات، مركزة على السائق وبها برمجية خاصة للكشف عن حركات الرأس والعين.
وتستخدم نظام تحديد المواقع وبيانات شبكية، لمعرفة المكان الذي يريد السائق الذهاب إليه، ويقول لينكيه أن هذه التكنولوجية يمكن أن تساعد ألمانيا، في البقاء في طليعة الدول المصدرة للسيارات في العالم.
ولكن استخدام الذكاء الاصطناعي في السيارات يثير تساؤلات جدية، فماذا لو ركض أحد الأطفال في الشارع فجأة، سوف يتعين على الحاسوب أن يقرر كيفية استجابته.
فهل يجب أن تنحرف السيارة وتعريض مشاة آخرين إلى الخطر، وعلى من تقع المسؤولية في هذا الأمر، وقد تتحمل الشركة المصنعة المسؤولية، لأن التكنولوجية لا تتعامل مع الوضع على نحو صحيح.
الشركة التي قامت ببيع التقنية لم تأخذ في الحسبان، أن الحيوانات تقفذ أحياناً إلى الطريق ليلاً، مثلاً وإذا قام أحدهم برفع دعوى قضائية ستكون شركة التأمين مسؤولة عن أية أضرار.
الروبوت تشارلي
تشارلي النموذج الأولي لروبوت القمر، يمثل نوعاً من التكنولوجية الأقل اثارة للجدل، ويدرس حالة الروبوت تشارلي البورفيسور فالسر مع الخبراء في المقر الرئيسي لمركز الأبحاث الألماني للذكاء الاصطناعي.
يمكن للروبوت التكيف مع المناطق الوعرة، بشكل أفضل من المركبات المزودة بعجلات، كما يمكن استخدام تشارلي في أوضاع خطيرة للغاية على البشر.
ويقول البروفيسور فالسر: على سبيل المثال البيئات العدائية مثل الفضاء أو أعماق البحر، فمن الصعب على البشر أن يعملوا في قاع المحيط.
ولكن العلماء يريدون معرفة المزيد عن الهياكل البيولوجية والجيولوجية الموجودة في الفضاء والبحار، وأظهرت الدراسات أن استخدام الروبوتات في هذه البيئات القاسية، أقل تكلفة بكثير من استخدام البشر.
كما يمكن ارسال الروبوتات إلى مناطق الكوارث، وإلى أماكن وقعت فيها الزلازل أو الحرائق الكبرى أو أعاصير مدارية، للمساعدة في البحث عن ناجين في المناطق المنكوبة.
كما يمكن نشرها في مناطق الكوارث النووية، حيث سيواجه البشر مخاطر قاتلة، ولكن علم تصميم الروبوتات الاصطناعي لا يزال في مرحلة مبكرة في الوقت الحالي.
تطورت لدى تشارلي مشكلة تقنية لذلك يحاول العلماء اصلاحها، ويعتبر ذلك سهلاً في المختبر، ولكن سيكون القيام بالإصلاحات أمراً مستحيلاً لو كان على سطح القمر مثلاً.
الذكاء الاصطناعي في عملية الإنتاج بدل الموظفين
الذكاء الاصطناعي يشعل ثورة في أماكن العمل وتسمى الثورة الصناعية الرابعة، نتعرف إلى ماركو الذي طور عملية جديدة للاستعاضة عن الآلات التقليدية بالتكنولوجية الذكية.
تمكن الحواسيب من مراقبة نقاء زيت الآلة بشكل مستمر، الزيت الذي كان يتم تفقده في السابق يدوياً على فترات زمنية منتظمة.
يقول ماركو أن هذا النظام يزيد من الكفاءة والانتاجية، حيث تسمح لك التكنولوجية الذكية باتخاذ نهج استباقي، ويمكن استخدام تحليل الاتجاهات لدراسة عينات الزيت وتحديد أي مشاكل وتصحيحها.
مدير المصنع هذا متحمس حيال هذه التطورات الجديدة، وليس هناك ما يدعو للقلق بالنسبة إلى العمال في المصنع، فهناك حاجة إلى البشر للقيام بتقارير التحليل.
العمال على خط تجميع المنتجات المتعددة في المصنع، يقومون بتنفيذ صمامات كهربائية للآلات الزراعية، ويوجد خيارات متاحة حسب متطلبات الزبائن.
ويساعد الذكاء الاصطناعي في عمل نظام الآلات بكفاءة عالية، وتسجيل كل البيانات بما فيها خصائص المنتج وموقعه في عملية التجميع وظروف النظام.
ويتم استخدام الذكاء الاصطناعي لجمع كل البيانات، لكي يتسنى للموظفين معرفة ما هي الخطوة التالية في خط الانتاج.
الربط الشبكي الرقمي للعمل والآلات والمنتجات، يشار إليه الآن بأنه الثورة الصناعية الرابعة، وهذا يسمح بالتركيز على كل مرحلة من مراحل الإنتاج واجراء التصحيحات على الفور عند الحاجة.
الثورة الصناعية وتأثيرها على قطاع العمل
مقدمة كل هذه التكنولوجية الجديدة، فرضت متطلبات هائلة على العمال، ولكن من دونها ستتخلف ألمانيا عن سائر دول العالم بما يتعلق بالإنتاج الصناعي.
وسيكون ذلك بمثابة كارثة وحينها سيتعين عليهم تصدير الكثير من الوظائف إلى البلدان، ذات الأجور المنخفضة وسينهار الإنتاج.
فهم يستخدمون الثورة الصناعية الرابعة، لمحاولة تفادي هذا الأمر، ويتعين القيام بثورة تكنولوجية لمساعدة ألمانيا لتبقى في القمة.
ولكن في صناعات أخرى سيؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في الأغلب، إلى حالات مؤلمة مثل خفض الوظائف البشرية.
وستكون هذه الحالة في القطاعات المصرفية وقطاعات التأمين، لأن الكثير من ذلك العمل يمكن انجازه بواسطة آلات ذكية، ويتوقعون أنه في المستقبل ستتكون البنوك من حواسيب عملاقة.
وبعض المختصين للتعامل مع بعض المعاملات المالية، ولكن معظم الوظائف التي تتضمن مهمات يومية مثل الحجز والتعامل مع المدفوعات النقدية، سوف تختفي.
لباس يستشعر بيانات كبار السن
يقابل البروفسور فالستر ايفا في مستشفى شاريتيه، لمتابعة برنامج المستشفى للشيخوخة والتكنولوجية، حيث تختبر ايفا سترة محبوكة صممت من قبل مركز الأبحاث الاصطناعي.
المستشعرات الموجودة في السترة تكشف حركة الجسم والنشاط العضلي، وهناك تطبيق يخزن البيانات ويشير إلى ما إذا كانت ايفا تحصل على ما يكفي من التمرين.
ويمكن استخدام هذه السترة في تمرينات كبار السن، لتوثيق حركاتهم وتحليلها، وتساعد أيضاً في تحسين سلامة المريض، فإذا وقع مثلاً سيتم تسجيل ذلك بواسطة المستشعرات.
وبعد ذلك إن لم يقدر المريض على النهوض، يمكن للنظام ارسال تنبيه إلى الطبيب أو اختصاصي الرعاية أو إلى الأقارب مثلاً.
سوء استخدام الذكاء الاصطناعي
يحتفل مركز الأبحاث الألماني للذكاء الاصطناعي بعيد تأسيسه الثلاثين، وهو يعتبر أكبر منشأة للأبحاث في العالم فقد أنشأ أكثر من تسعين شركة متفرعة، كما أنه مشارك في العديد من مشاريع الأبحاث.
يبقى المركز مركزاً على المستقبل والمخاطر المنطوية على تطوير الذكاء الاصطناعي، بما فيها استخدام الأسلحة الذكية وسوء استخدام البيانات الشخصية الحساسة.
وتتخذ الولايات المتحدة نهجاً متراخياً لهذا الأمر وكذلك الصين، ولكن المخاطر موجودة بلا شك، مثل ماذا لو استمرت الشعبوية في الانتشار، فيمكن لأي أحد استخدام هذه التكنولوجية لصالحه.
حتى أن استخدام الأجهزة المتطورة للشيخوخة، تحمل الكثير من التساؤلات، فهي خطيرة من حيث أن بياناتك تصبح علنية، ولا تحصل على الخصوصية في التنقل بحرية.
هناك جانبان للذكاء الاصطناعي بغض النظر عن الجيل الذي تنتمي إليه، حيث يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً أكبر في حياة الشباب.
ويعتقد ماركو غوت أنه يوم ما سوف يضطر إلى أن يطلب من أطفاله شرح أحدث تقنية له مثلاً، وأن الذكاء الاصطناعي باق وسوف يستمر ليؤثر في المجتمع.
والانتقال سيكون بالتدريج ويتحول الناس إلى الذكاء الاصطناعي، في المنزل أو في العمل، لأنه سيصبح ضرورياً وسيعتادون على التكنولوجية، ويتقبلونها في النهاية باعتبارها وضعاً طبيعياً جديداً.
البروفسور فالستر يواصل بحثه حتى في فترة تقاعده، فهو مصمم على إتقان عملية الذكاء الاصطناعي ويرى نفسه كمبتدع وليس مبتكراً.
فهو لا يتدخل في أنظمة البشر البيولوجية، إنما يتم نسخ أنماط الذكاء، وذلك هو الفرق بين البشر وقطع التكنولوجية الحيوية.
وكل شيء يتم فعله مستند إلى بيانات، يتم الحصول عليها من المستشعرات، ولا شأن لذلك بعلم الأحياء اطلاقاً، ويقول البروفسور فالستر: خلال بضع سنوات يمكن رؤية تشارلي يركض على القمر.