تقنيةتكنولوجيا

الألواح الشمسية في الصحراء الكبرى حلم أم مشروع

تثبيت الألواح الشمسية في الصحراء الكبرى الأفريقية، مشروع يتم طرحه من قبل المفكرين في مستقبل الطاقة حول العالم.

فلو أن العالم بأسره توقف عن استهلاك الفحم أو النفط أو الغاز الطبيعي، واتجه إلى استثمار طاقة الشمس، فهل هذا يبدو كأنه أمر صعب التحقيق؟

إنه في الواقع ليس بعيداً عن الحقيقة فعلاً لكن الأمر ليس بالبساطة التي يبدو عليها.

أهمية الألواح الشمسية في توليد الطاقة

تعد الألواح الشمسية من القوى الهامة للطاقة المستدامة الحديثة، إذ أن الشمس ذلك النجم الضخم من الغاز المحترق هو المولد الأكبر للطاقة المستدامة.

كما أن معظم سطح الكوكب يتمتع بنور الشمس كل يوم دون أي تكلفة تذكر، وتعمل الألواح على تحويل ضوء الشمس الساطع إلى كهرباء يمكن استخدامها.

ونحن حالياً نملك بالفعل هذه التكنولوجيا، فهذا ليس من ضرب الخيال، إذن، لماذا لا نضعها في كل مكان ونقلل اعتمادنا على مصادر الطاقة الملوثة لكوكب الأرض ونعتمد على الاستدامة؟

لكن الأمر معقد أكثر مما نفكر، حيث تتطلب الألواح الشمسية مساحة معينة، حيث تبلغ قياسات اللوح المنزلي في المتوسط بين 65 في 39 بوصة ما يعادل 165 في 100 سنتيمتر.

وكل لوح واحد منها يمكنه فقط إضاءة بعض المصابيح الكهربائية، هذا يعني أن تزويد منزل بأكمله بالطاقة يتطلب عدداً أكبر من الألواح، ما بين عشرة إلى خمسين أو أكثر.

فإن تمكنا من وضع عدة ألواح بمساحة 1.4 متر مربع لتوفير الطاقة لمنزل واحد، فكم نحتاج منها لتوليد الطاقة لمدينة بأكملها، أو دولة، أو حتى العالم بأسره.

الألواح الشمسية لا تصلح في أي مكان

نحن لا يمكننا تثبيت الألواح الشمسية في أي مكان، فنظراً لأنها مصنوعة لتجمع أشعة الشمس فهي بحاجة لموضع فيه الكثير من الأشعة ولمدة طويلة يومياً.

ولهذا السبب فإن بعض المناطق على الكوكب ليست مناسبة لهذه الخطط، مثل المناطق شبه القطبية التي تمتد لياليها القطبية الباردة لفترة طويلة.

وأفضل أشعة شمس يمكننا الحصول عليها هي تلك القوية الساطعة التي تتيح لنا الحصول على أقصى كفاءة من الألواح الشمسية.

فإذا كان مناخ المنطقة المطلوبة غائماً في الغالب، فلن يكون ممكناً إنتاج الكثير من الطاقة كما في الظروف المشمسة، وهذا يضع بعض القيود على المكان المأمول لتثبيت الألواح فيه.

تكلفة تثبيت الألواح الشمسية

إن الهدف الأساسي من تركيب الألواح الشمسية هو خفض التكاليف على المدى البعيد ومساعدة البيئة في التعافي.

لكن النفقات ستكون مرتفعة جداً، حيث أن بناء وتركيب عدد كاف من الألواح لتشغيل مدينة متوسطة الحجم ستحتاج مئات الملايين من الدولارات.

ولن يسر ذلك الكثير من الحكومات أو الشركات حول العالم في أن تستثمر أموالها في كل ذلك.

وإذا كنا سنحقق حلم الطاقة المستدامة للجميع على كوكب الأرض، ونساعد البيئة للتعافي، سنحتاج إلى دعم مالي كبير، واقناع كل من على الكوكب بأن يتعاون.

أين نضع الألواح الشمسية

بداية، نحن بحاجة إلى مساحة مفتوحة وكبيرة بما يكفي حيث يوجد الكثير من ضوء الشمس يومياً بدون غيوم أو مع قليل منها.

ويجب ألا تكون هذه المساحة بعيدة جداً عن البلدان المستهلة لها، لأن نقل الطاقة لمسافات طويلة سيجعل المشروع أكثر تكلفة.

وهذه المنطقة الضخمة الحارة والتي تملك الكثير من أشعة الشمس هي الصحراء الكبرى الأفريقية، فهي أكبر صحراء في العالم، وستكون المكان المثالي لتركيب الألواح التي تحتاجها البشرية جمعاء.

فحسب التقديرات يمكنها أن تستوعب عدد ألواح أكثر من أربعة أضعاف مما نحتاجه بالفعل لتلبية مطالبنا الحالية.

ففي عام 2017 استخدم الناس حول العالم حوالي 18 تيرا واط من الطاقة الكهربائية، وإن تمت تغطية الصحراء الكبرى بالألواح الشمسية ستولد ما يقارب 79 تيرا واط في السنة وهو أكثر مما نحتاجه.

وليس علينا تثبيت كل ذلك العدد من الألواح المولدة للطاقة هناك، بل مجرد ربع الكمية هو أكثر من كاف.

التغير المناخي نحو الأفضل

يقول الدكتور يان لي الباحث في جامعة إلينوي أن كمية كبيرة من هذه الألواح في الصحراء الكبرى ستفيد المناخ الصحراوي أيضاً.

فاللون باهت جداً للرمل الصحراوي سيعكس الكثير من أشعة الشمس إلى الغلاف الجوي، والألواح الشمسية الغامقة ستجعل السطح يستهلك المزيد من الشمس مما يزيد من درجة حرارة السطح.

هذا بدوره سيؤدي لارتفاع حرارة الهواء، وبالإختلاط مع الهواء البارد والتكثيف يعود للسطح ثانية على شكل أمطار.

وفي النهاية ستتحول الصحراء الكبرى من صحراء قاحلة إلى سافانا أو حتى حديقة مزهرة.

صعوبات في الطريق

تبدو خطة نقل الألواح إلى الصحراء ممتازة على الورق، لكن عند البدء بالتطبيق العملي ستظهر المشاكل الحقيقية، إذ كيف سيتم نقل كل تلك الطاقة حول العالم؟

الأمر الأكثر منطقية هو توصيلها إلى افريقيا وأوروبا فقط، نظراً لقربهما من المصدر. لكن لا تزال هناك مسألة نقل الطاقة الشمسية عبر البحر.

وللقيام بذلك على الدول بناء خطوط كهرباء جديدة وبنية تحتية جديدة، ولا يمكننا معرفة إذا كان بالإمكان نقل هذه الطاقة الشمسية من الصحراء الكبرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

إضافة إلى كل ذلك تكلفة تثبيت الألواح، وستكون هناك حاجة لاستثمار مئات المليارات من الدولارات في المشروع.

ربما تستطيع الدول الأوروبية التعامل مع هذه التكاليف، لكن الأمر لا ينطبق على أكثر الدول الأفريقية، رغم أن الطاقة الشمسية ستجلب لهم فوائد هائلة، لكن أغلبية الدول لن تقدر على تحمل تكلفتها.

إضافة إلى عقبة النفقات العالية، فهناك مسألة التعامل مع الحكومات، فالصحراء الكبرى تعود ملكيتها لعدة بلدان، لذلك فإن بناء أي شيء هناك يتطلب إذن جميع هذه الدول.

قد يبادر إلى ذهنك أن الجميع سيرون منافع هذا المشروع، وأن لن يكون هناك مشاكل في العمل، لكن قد تنشأ المشاكل عند العمل مع السلطات المحلية.

فمثلاً تسمح إحدى الدول للمشروع بالمرور في أراضيها، ويتم العمل لعدة أشهر، ثم تتغير السلطة الحاكمة، وهذا يحدث فعلاً في أفريقيا بين الفينة والأخرى.

وتأمل أن تواصل العمل في ظل الحكم الجديد، لكن ذلك غير مضمون، وإن لم يتم ذلك ستعود ثانية للبداية، ولا يعود بإمكان المشروع المرور في المنطقة حتى يتم اتفاق جديد

بطبيعة الحال، تتعطل سلسلة التوليد، والأسوأ من ذلك قد لا تصل حتى إلى اتفاق جديد، فربما يغير البلد رأيه حول المشروع برمته.

إن هذه لمخاطرة كبيرة، خاصة إن اضطررنا لأن يكون جزء كبير من المال تم انفاقه بالفعل.

الأمل موجود في الاستدامة

بالنظر إلى الجانب المشرق من الأمر، وحتى إن بدا هذا مستحيلاً أو خطراً كبيراً في الوقت الراهن، فالأمل أن يتحقق المشروع في يوم ما.

الحلم بصحراء مخضرة وعالم أكثر خضرة بفضل كل هذه الطاقة المستدامة المتجددة، يمكن أن يستحق العمل لأجله.

كما أننا لا نعرف، فيمكن أن يتم التوصل لطريقة مبتكرة لجعل الأمر حقيقة واقعة كما نتخيلها وأكثر، وأن يكون الوقت قد حان للتحول إلى الطاقة الشمسية كبديل عن الطاقة الأحفورية الحالية.

اقرأ أيضاً… الثورة المعلوماتية والإلكترونيات منذ البداية

اقرأ أيضاً… أتمتة المشاريع وفوائدها لرواد الأعمال والشركات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى