أهلا بكم، أنا الدكتور محمد منصور، وسنتحدث عن الطب النفسي وأنواع العلاج، مع طبيب نفسي مختص.
أشخاص جالسين في الجامع بعد الصلاة، يجدون فتاة محترمة، ترتدي طرحة ومحجبة، تدخل إلى المسجد، وتبدأ بخلع ملابسها، وسط الناس الموجودين.
الناس خافت من هذا الفعل، وبدأوا يقومون بتغطيتها، ولكنها كانت مصممة بفعلها، وتضحك ضحك هستيري، بطريقة غريبة.
والفتاة زادت من تصرفاتها، وأصبح شكلها غريباً، ولا تتحدث بشكل جيد، حتى عرف الناس زوجها، وأتوا به فأخذها معه، واتضح أن لديها فصام في الشخصية.
شخص آخر مسيحي كاثوليكي، مريض بفشل كلوي، وكان يقوم بغسيل الكلى كل فترة، وبقي على هذه الحالة منذ سنوات، ولكنه فجأة قرر أن يبتعد عن غسيل الكلى.
أخبره صديقه أنه لو ترك غسيل الكلى سيموت، فقال له، هناك شيطان، يريد أن يدخل إلى جسدي عن طريق غسيل الكلى، وهو يراني من خلال جهاز غسيل الكلى.
وتم بعد ذلك معرفة أن لدى هذا المريض، هلوسات غير طبيعية، وقد تم علاجه، وعاود غسيل الكلى.
بعض المعلومات الخاطئة عن الطبيب النفسي
هناك أسئلة كثيرة عن الطب النفسي، فهل هو وهم ونصب وتجارة، أم هو طب حقيقي، مبني على علاج مفيد لحياة المرضى.
وأشخاص آخرين يقولون أن الطبيب النفسي، يأتي دون داع لوجوده، فالمشاكل النفسية يمكن أن تذهب لوحدها بعد فترة، دون تدخل أي شخص.
وأن الطبيب النفسي يقدم الدواء، إذا كان لديك اكتئاب حاد، وبمجرد أن يعطيك الدواء، لن تستطيع أن تترك الدواء، والذي له آثار جانبية أساساً.
وإن الطب النفسي منذ زمن بعيد، مشكوك في أهميته، فهناك أطباء نفسيين، يقومون بحركات مضادة للطب النفسي.
هذا الحديث الذي يقوله الناس غير صحيح، فهو غير نابع عن ثقافة لهؤلاء الأشخاص، وهم لا يقرأون بشكل جيد.
ولكن مع كل احترامي، فإن لا أحد من هؤلاء، رأى كم الأسر، التي كانت تنهار، وانحلت مشاكلها مع الطب النفسي.
ولم يروا آلاف البشر، الذين كانوا على وشك الإنتحار، وتم انقاذهم، عندما بدأوا بالعلاج النفسي.
والرجل الذي يعتقد نفسه سيدنا عيسى عليه السلام، وجاء ليطهر الأرض من الأنجاس، ويقتل كل جيرانه، لولا الطب النفسي الذي أنقذه.
والفتاة التي تحدثنا عنها في البداية، والشاب الذي ذكرناه، والمرأة التي تغسل جسدها بشكل دائم، لأنها مقتنعة بأنه نجس، حتى أنها غسلته بماء النار الحمض الكبريتي المركز.
وحرقت كلها، ورغم ذلك، بقيت مقتنعة في أن جسدها، لم يتم تنظيفه بشكل جيد، وأنها متسخة، إلا عندما بدأت بالعلاج النفسي.
الأطباء النفسيين، يشاهدون أكثر من هذه الحالات آلاف المرات، فلا أحد رأى كم الأشخاص، الذين أرواحهم تم انقاذها، والنفوس التي تعالج بالطب النفسي.
والآن للحديث عن موضوع الطب النفسي، سنتحاور مع الدكتور أحمد العوضي، وهو طبيب نفسي في بريطانيا، وعضو الملكية البريطانية للأكاديميين النفسيين، ومؤسس مركز الاستشارات النفسية لا تحزن.
متى يأتي دور الطب النفسي؟
عند بعض الناس، إن الطبيب النفسي هو الشخص، الذي يأتي عندما يفقد الأطباء الآخرين الحل، فيقولون أن هذا المريض، لديه مرض نفسي.
ولكن إن الطب النفسي، هو فرع من فروع الطب البشري، وقد تطور على مراحل كثيرة، منذ زمن، فلقد كان القدماء المصريين، لديهم نوع من الطب النفسي.
وكانت طريقة علاجهم غريبة ومخيفة، حيث أنهم كانوا يفتحون الدماغ، لاعتقادهم أن هناك أرواح شريرة، تسكن عقل الإنسان.
طبعاً الفلسفة في الطب النفسي قد تغيرت، فإن الممارسة الحديثة للطب النفسي، تعتمد على أنه أحد أفرع الطب البشري، حتى أن كل الأطباء النفسيين، يدرسون الطب البشري أولاً.
ففي البداية الطبيب البشري، يجب أن يفحص المريض، ويتم التشخيص إذا ما كان المريض، بحاجة إلى طبيب نفسي أم لا.
ويعتمد ذلك على بعض البيانات الشخصية، مثل أنه لا يعرف أن ينام، أو أفكار لا يمكن أن يتحكم بها، وهنا يظهر ذلك من خلال بعض الحركات، التي قد تظهر على المريض.
والغالب أن الذي يحصل، أن المريض يزور الكثير من الأطباء، دون التفكير بأن الذي لديه من حالة معينة، هي بحاجة الطبيب النفسي.
ما هو دور الطبيب النفسي أثناء عيادة المريض؟
إن فكرة التشجيع والتقوية للمريض، يقوم به الأشخاص الذين يدرسون الفلسفة، أو الطاقة البشرية، ولكن بالنسبة إلى الطب النفسي، فالوضع مختلف.
الطب النفسي، يدخل فيه أفرع كثيرة جداً، فهناك دور الطبيب النفسي، والمعالج النفسي Psycho therapy، والممرضة المتخصصة بالطب النفسي.
المعالج النفسي، هو يعالج من ناحية علم النفس، كأن يتحدث مع المريض عن نفسه، لفترة طويلة، ويكون حديث مدروساً.
وهناك دراسات تقول، أن هذا النوع من التدخل النفسي، والحديث بطريقة معينة إلى المريض، تؤدي إلى نتيجة إيجابية بشكل كبير.
والطبيب النفسي، هو الشخص الذي يقود العلاج النفسي، والخدمات النفسية، المتعلقة بالمريض، فهو أول شخص يكشف عليه، ويشخص مرضه.
هناك الكثير من أنواع العلاجات النفسية، والطبيب النفسي، يقوم في البداية بدور قيادة المجموعة العلاجية.
وعند معاينة المريض، يحدد نوع العلاج اللازم له، هناك أمراض تحتاج إلى الأدوية، ومنها من يحتاج المعالج، ومنها يحتاج إلى وجود عائلة المريض، للمشاركة في رعايته.
الطبيب هو فقط، من يحدد نوع الأدوية، التي يحتاج لها المريض، وتشمل بعض التدخلات مثل الإثارة العصبية، أو العقلية، وهي لها طرق مختلفة.
أسباب المرض النفسي
هناك نظريات كثيرة، لدراسة ما هي أسباب المرض النفسي، فهو اختلال لمجموعة كبيرة، للنواقل العصبية الموجودة في المخ.
أو انه اختلال، في شكل الاتصالات العصبية، الموجودة في المخ، وبالتالي هناك نظريتين مختلفتين للعلاج، منها من يحتاج إلى بعض الأدوية، لهذه النواقل العصبية.
والنوع الثاني يقول، أنه يمكن القيام بالاثارة الكهربائية، لمناطق مختلفة في المخ، بحيث أننا نغير شكل الاتصالات، ونعيدها إلى الشكل الطبيعي.
هل الطبيب النفسي يلجأ دائماً إلى الصدمات الكهربائية؟
إن تاريخ ممارسة الطب النفسي، كان يشوبها أشياء كثيرة، فهناك بعض الأفكار السائدة، ومنها الإثارة العصبية.
ونسميها الإثارة العصبية، لأنها ليست بالضرورة هي الصدمات الكهربائية، ولكن في الماضي، كان الأطباء يستخدمون الصدمات الكهربائية، للقيام بهذه الإثارة العصبية.
ولكن اليوم، هناك إثارة باستخدام الموجات المغناطيسية، وليست بالادوات الكهربائية، وهي بعيدة عنها تماماً.
الصدمات العصبية أو الكهربائية، هي من الأشياء المهمة، وهي تعطى للمريض النائم والمخدر، ولا يكون المريض مستيقظاً، كما يعتقد الجميع.
والإثارة العصبية، تكون مدتها من 60 إلى 90 ثانية فقط، فهي لا تتعدى ذلك، كما نشاهد في الأفلام، هي مدة بسيطة لا يشعر بها المريض.
هل هناك أنواع أخرى للعلاج غير الأدوية والإثارة العصبية؟
Psycho therapy أو العلاج النفسي، هو من أنواع العلاج المستخدمة، ولكن في الغالب الطبيب، لا يقدمه بل يستعين بالمعالج النفسي.
لأنه يحتاج إلى وقت طويل جداً، فقد يحتاج إلى عدة جلسات ،من ساعة إلى أكثر، كل أسبوع أو إلى أكثر من يوم في الأسبوع، حسب الحالة النفسية للمريض.
في معظم حالات التدخلات النفسية عن طريق الطبيب النفسي، تكون الخط الأول في البداية، مع المريض، قبل الأدوية أو الإثارة العصبية.
هل أخاف إذا فكرت أن أذهب إلى الطبيب النفسي؟
إن مجرد الذهاب إلى الطبيب، والتحدث إليه، هو من نوع العلاج النفسي Psycho therapy، ولها ميزة علاجية قوية، ومنهم من يتحسن، لمجرد الحديث للطبيب النفسي.
وهناك أطباء مختصين ومخضرمين، يعرفون طبيعة المريض عند تحدثه معهم، فيستطيعون أن يشعروا المريض بالراحة الفورية.
وليس كل المرضى يحتاجون إلى الأدوية، أو الإثارة العصبية، ولكن معظمهم وخاصة في البلاد العربية، يحتاجون إلى هذا النوع من العلاج.
لأنهم يذهبون إلى الطبيب النفسي بوقت متأخر، ولكن الأشخاص الذين يذهبون في بداية الأمر، فتكون أعراضهم بسيطة، ولا تحتاج إلى علاج قوي.
متى أذهب إلى الطبيب النفسي؟
الطب النفسي، يركز على الوظائف العليا للمخ، وهو فرق بين الطب النفسي وطب الأعصاب، لأن طب الأعصاب، يركز على المرض العضوي في الأعصاب.
ولكن الطب النفسي، يركز على تشتت الأفكار، وعدم التركيز لدى المريض، والخلل في المشاعر، مثل الحزن المفرط لفترة طويلة، والعكس.
وخصوصاً إذا ظهر على المريض، حالة من الهوس الظاهر، ولو أتيح لجميع الأشخاص الذين يشعرون بهذه الأعراض، حتى لو كانت بسيطة زيارة الطبيب النفسي، فإن هذا جيد بالنسبة لهم.
ولكن بالنسبة للمريض النفسي الفعلي، فإن الطبيب النفسي ينظر إليه، من مجال واسع ،كمثال طبيب الأعصاب، يميز بين الشخص ذو القدم المكسورة، من السليمة.
وفي الطب النفسي، يوجد هناك درجات، تبدأ من شيء بسيط من الأعراض، وتتدرج حتى تتسع، وتظهر بشكل واضح.
وكل إنسان يمكن أن يكون في مرحلة من المراحل، لديه بعض الأعراض النفسية، ولكن نستطيع أن نقول ،أن هذا الإنسان لديه مرض نفسي.
عندما تبدأ المشاعر تؤثر على عمله، وعلى الأشخاص الذين من حوله، والعلاقة مع العائلة، ومع الأولاد والزوجة، فهنا أنت تحتاج إلى زيارة الطبيب النفسي.
ما هي الفائدة من زيارة الطبيب النفسي؟
نحتاج كأطباء نفسيين، أن نشخص المرض بشكل جيد، فنحن نستخدم مفهوم المرض النفسي، حتى يفهم المريض، ما الذي يتعرض له فعلاً.
لهذا يجب على الطبيب النفسي، ذكر المرض للمريض، وذكر العلاج واسمه، وبهذا يكون لديه فكرة عما يعانيه.
والشيء الآخر، لسهولة التواصل بين الأطباء النفسيين الآخرين، فعندما يذهب المريض إلى طبيب أخر، سيفهم الطبيب، أن الذي سبقه، قد شخص لديه مرض معين.
ولكن المهم أكثر، هو ما الذي يمكن أن نساعد به المريض، لهذا يتوجب علينا في الطب النفسي، أن نخبره أننا نساعده بالعلاج مهما كان.
ما هي أكثر الأمراض التي قد شاهدتها وتمت معالجتها؟
في كل بلد هناك أمراض مختلفة، يمكن أن تشاهدها كطبيب نفسي، وفي البلاد العربية، معظم الناس يعتقدون، أن الذي يعانون منه ليس مرضاً.
مثل الخوف من شيء معين، أو التعب بشكل دائم، ولكن في الواقع، أغلب الناس عندما تبدأ بالحديث معه، تلاحظ كطبيب، أنه بحاجة إلى علاج فعلي.
وهذا بالنسبة إلى الأشخاص البالغين، والصورة تختلف، عندما يكون المرضى، من صغار السن.
وبعض الناس، يمانعون من أنهم أصلاً مرضى، أو يعانون من مرض نفسي، ولكن هناك بعض الأمراض النفسية، قد تزيد لديهم.
فيعيشون منفصلين عن الواقع الموجودين به، ويعتقدون أن هذه هي الحياة الطبيعية لديهم، مثل أن يعيش أحدهم على المريخ، وأنه عبارة عن كائن آخر، يسكن في جسده.
ولهذا يجب على المريض أو المرافقين له، أن يتابعوا العلاج، وخصوصاً عند طبيب مختص، يستطيع أن يخرجه من حالته، خلال عدة جلسات مع المتابعة.
والرسالة التي أوجهها هنا، أنه كان هناك بعض الأمراض النفسية، التي ليس لها علاج، وكانت المشكلة الأساسية، هي عدم حصول المريض على العلاج.
ولكن اليوم اختلف الوضع، فقد أصبح هناك علاجات للأمراض النفسية، ولكن العائق الأساسي، هو خوف الناس من الذهاب إلى الطبيب النفسي.
والنصيحة التي أقولها، أن المرض النفسي، هو ليس عيباً ولا عاراً، بل إن مراجعة الطبيب النفسي، هي شيء مهم جداً.
ومركز لا تحزن، هو مركز للاستشارات النفسية، يستهدف الأشخاص الناطقين باللغة العربية، والمقيمين في المملكة المتحدة، وهو مجاني.
وهو مبني على الطب النفسي المدروس، والخطوات الواضحة، مع نشر الوعي، ومراجعة جميع الحالات، وإقامة برامج لتعلم العائلات، كيف تتعامل مع مرضاها.