إسلام

الفساد في الإسلام من الداخل


طارق سويدان- الإفساد من الداخل

الفساد في الإسلام : يبقى الدين في نفوس الناس أولاً، بحفظ الله تعالى، ثم بجهود العلماء، الذين ينفون عنه كل شائبة، من تحريف المنحرفين، وانتحال المبطلين، وتأول الجاهلين.

وقد يقتنص أهل الضلال الفرصة، في قلة العلم والوعي، عند بعض الناس، وحتى عاطفتهم الجياشة، لنصرة الدين، فيمررون بعض المعتقدات الفاسدة.

يسعون بها لتدمير بنية الدين، وزعزعت ثقة الناس في الدين، وهكذا تنمو بذور الفساد، وتتحول إلى شبهات، تصرف الناس عن أعداءهم، إلى فتن داخلية، تطيح بوحدتهم.

وتثبت أركان عدوهم وسلطانه، وتجعل الخيانة والعمالة، جزء أصيل من الفساد، الذي في داخلنا، ولهذا الإفساد من الداخل، والفكر الضال، هو ما سنتحدث عنه الآن، عن طريق شخصية أحمد القادياني.

حياة أحمد القادياني نشر الفساد في الداخل

ولد أحمد ميرزا غلام، في عام 1839 للميلاد، في قاديان في الهند، في أسرة هو يقول عنها، أنها كانت أسرة من المغول، ولكن ظهر له فيما بعد، أن أسرته كانت فارسية الأصل.

وكان أبوه يعمل موظفاً في ديوان الحكومة الانجليزية، لأن الهند في ذلك الوقت، كانت تحت الاحتلال البريطاني.

تعلم أحمد القادياني، العربية والفارسية، والمنطق والطب القديم، وتعلم قراءة القرآن الكريم، ودرس الكتب الأولية في اللغة الانجليزية، في مدرسة ليلية، مخصصة لموظفي الحكومة الانجليزية.

كانت طفولته مزيج من الخوف والفقر والأمراض، فتجمعت عليه كل هذه الظروف، وكان أهم ما فيها، أن أسرته تخدم الإنجليز.

بداية استغلال العامة

ظهر الشاب أحمد ميرزا غلام، في بيئة احتدمت فيها المعارك، والجدل والمناظرات، بين المسلمين والهندوس والنصارى.

والمسلمون كانوا يساندون علمائهم ودعاتهم بكل ما يستطيعون، وكان جزء من هذا الدعم، هو دعم مالي، حيث كانوا يطبعون الكتب، حتى يواجهوا محاولة، تغيير دين المسلمين ونشر الفساد.

فوجدها أحمد ميرزا غلام فرصة، للتكسب السهل، وخاصة أنه قد فقد وظيفته، في المحكمة الابتدائية، وكانت باكستان كلها في ذلك الوقت، تحت لواء الهند.

وكانت وظيفته تلك، لا تدر عليه أكثر من 15 روبية في الشهر، فبدأ يدرس كتب النصارى، وكتب الهندوس، وأكثر من القراءة والمطالعة، في الكتب المتداولة في المناظرات.

أول مقالات أحمد ميرزا

ثم بدأ يكتب اعلانات ومقالات ضد الهندوس، فلفت ذلك إليه الأنظار، والتف حوله المسلمون، وأعلن بعد ذلك أنه سيكتب خمسين مجلد، في الرد على أصحاب الشبهات، وأعداء الدين.

وصار يحث الناس، على التبرع لطباعة الكتب، التي سيطبعها وينشرها، في الرد على شبهات أعداء الإسلام، والبسطاء من المسلمين أخذهم الحماس.

فجمعوا له مبلغ كبير، وفعلاً خلال أربع سنوات، أخرج أربع أجزاء من كتابه، الذي سماه براهين أحمديةٍ، وفوجئ الناس أن كتابه هذا، ما كان إلا سرد لمجموعة من الأوهام والكرامات والفساد.

ادعى أحمد ميرزا القادياني في كبته، أنه هو المهدي المنتظر، وامتلأ الجزء الثالث من كتابه، بالمدح والثناء للمستعمر الإنجليزي، وأنه هو الذي طور الهند، ويجب على الناس احترام النظام الإنجليزي.

القصة الحقيقية للكاتب أحمد القادياني مع الإنجليز

قصته لها أصل، أن الإنجليز كانوا قد أخمدوا ثورة شعبية، قامت ضدهم في عام 1857 للميلاد، وأخمدوها بعنف وقسوة، وكادت الثورة أن تزيل الاحتلال الإنجليزي.

ومن أهم المشاركين في هذه الثورة، المسلمون، بسبب الروح الوثابة لديهم، وما حفظوه من آيات الجهاد في سبيل الله، والاستشهاد وقتال أعداء الله.

وكان العلماء يبثون في الناس، وجوب دفع العدو، كفريضة شرعية، فقام الإنجليز بدراسة أسباب الثورة وكيفية نشر الفساد، وأسباب اشتعال الثورة، وكيفية منع توهجها مرة أخرى.

فأرسلوا وفداً من المفكرين، ومكثوا في الهند، يراقبون يدرسون ويحللون، وكانت خلاصة تقاريرهم، التي رفعوها إلى الحكومة الإنجليزية، في بريطانيا والهند.

أن عامة المسلمين، يحترمون العلماء، ويتبعون الزعماء الدينيين، وينقادون لهم بشكل شبه أعمى، والحل كان هو صناعة رموز دينية، من أهل البلاد نفسها.

ممن لديهم حظوة وقبول لدى المسلمين، بحيث تقوم انجلترا بشراء ولائهم بالمال، من أجل تحقيق أغراض انجلترا، حتى لا تقوم الثورة مرة أخرى، ويسهل نشر الفساد.

فوقع اختيار الانجليز على أحمد ميرزا غلام لنشر الفساد، لما عرف من ولائه وولاء أسرته لهم، ووجدوا أن لديه طموح للجاه والمال، خاصة أنه عاش محروماً طوال حياته.

مسار الفتنة الدينية والفساد بين المسلمين

هكذا بدأ أحمد غلام القادياني، يعمل في مسارين متلازمين، أحدهما هو مسار الفتنة الدينية، وما يتعلق بتشويه الأفكار والمعتقدات.

والآخر هو تطبيقات، تبرر وجود الاحتلال الإنجليزي، وتدعوا إلى الطاعة والانقياد للانجليز، باعتبارهم ولي أمر المسلمين، والحاكم يجب طاعته لأنه ولي الأمر.

المهدي المنتظر والمسيح الموعود وآخر الأنبياء

أعلن أحمد ميرزا غلام في عام 1885 للميلاد، أنه مجدد الدين، والناس مع علمه وفصاحته، بدأوا يتبعونه، وعندما زاد أنصاره، تطورت المسألة.

فأعلن أنه المهدي المنتظر، والناس متعلقين بفكرة عودة المهدي المنتظر، فانضموا إليه، ولكنه لم يكتف بذلك، فأعلن أنه المسيح الموعود، وتطور الأمر بإعلانه أنه النبي المتبع.

والناس لجهلهم وأميتهم، لا يعرفون حتى القراءة والكتابة، كانوا معه، فكثير من الناس، لا يميزون بين الحق والباطل، ثم تطور الأمر في عام 1901 للميلاد مع بداية القرن.

استقل بالنبوة، وادعى أنه أفضل من كافة الأنبياء والمرسلين، ويقول هو أحمد ميرزا غلام: والله الذي في قبضته روحي، هو الذي أرسلني وسماني نبياً، وأظهر لصدق دعواي، آيات بينات، بلغ عدد معجزاتي، ثلاثمائة ألف بينة.

واستطاع أن يخدع الناس في الهند، ودعمه الإنجليز بالأموال، لينفقها على الناس، وتدرج في ادعاءاته، بإشراف من المستعمر الإنجليزي بشكل مباشر.

كان يقول كلاماً، ثم ينفيه، حتى يحدث الارتباك والفساد بين الناس، وادعاءاته موجودة إلى اليوم، في كتبه، وبعضهم يعتبرونها كتب مقدسة.

نظرية الاستنساخ

وصلت كتبه في الفساد والفتنة، إلى ثمانين كتاباً، ومن ضمن اعتقاداته فيها، أنه يؤمن بتناسخ الأرواح، وأن الروح تنتقل إلى إنسان آخر، أو إلى الحيوان.

وأن إبراهيم عليه السلام، قد أعيد استنساخ روحه، وولد بعد ألفين وخمسين سنة، متجسداً بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم إن النبي محمد، تجسد بعد ألف وثلاثمائة سنة، في جسد أحمد ميرزا غلام القادياني، ويرى هو أيضاً، أن الله تعالى، وحاشاه، يصوم ويصلي وينام ويخطيء، تعالى الله عن قوله.

ويعتقد كذلك أن النبوة، لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم، بل هي جارية، وأن الله يرسل الرسول حسب الضرورة، وأنه هو أفضل الأنبياء جميعاً.

ويرى أنه لا قرآن إلا الذي قدمه هو، واسمه الكتاب المبين، فغير القرآن أيضاً مع الأيام، ويقول أن رفاقه من حوله، هم مثل الصحابة، ويسميهم رجال البعثة الثانية.

المدن المقدسة والنبوءات

وأعلن أن الحج الأكبر، هو ليس إلى مكة، وإنما إلى قاديان، مدينته في الهند، وأن الأماكن المقدسة، هي ثلاثة مكة والمدينة وقاديان، وألغى القدس تماماً.

وكان يبيح الخمر والأفيون والمخدرات، ويقول أن دينه هو دين جديد مستقل، وكل مسلم كافر، حتى يدخل في دين القاديانية.

وكان ينادي بناءً على كل هذا، بالدين الجديد، وضمن أحكامه، إلغاء الجهاد، وادعى أحمد ميرزا، أن لديه معجزات عظيمة ونبوءات.

منها أن الطاعون لا يدخل بلده المقدس قاديان، ما دام هو فيها، ولكن دخل مرض الطاعون إلى قاديان، وهو فيها، وفتك بأهلها، وفشلت كل النبوءات الأخرى.

ومع ذلك الناس لجهلها تبعته، ثم لأجل استمرار دعوته، ونشر الفساد والفتنة، أوجب على أتباعه، أن يرسلوا له الزكاة، وإلا تعرضوا للحرمان، وكان يصرفها على رغد عيشه وملذاته.

وعندما بدأت الشكوى في بعض أتباعه، طالب أتباعه بعدم السؤال عن أمواله، وكيف يصرفها، فهو خليفة الله في الأرض، ولا يسأل عما ينفق، وأن الاعتراض عليه، موجب لسلب الإيمان.

علاقته مع الإنجليز

قدم أحمد القادياني للانجليز خدماته في نشر الفساد، ومدحهم بشكل دائم، وتفاخر بالولاء لهم بشكل علني، وعلاقته بهم، بدأت بوالده مع الانجليز.

ويروى أحمد القادياني يقول: أبي غلام مرتضى، كان من الذين لهم روابط طيبة، وعلاقات ودية مع الحكومة الانجليزية، كان له كرسي في ديوان الحكومة.

وهو ساعد الحكومة مساعدة طيبة، حينما ثار عليها أهل وطنه ودينه، الهنود في سنة 1857 ومدهم بخمسين جندي، وخمسين فرس، وخدم الحكومة العالية فوق طاقته.

ويقول أيضاً: نحن نتحمل كل البلايا، لأجل حكومتنا المحسنة، وسنتحمل في المستقبل، لأنه واجب علينا أن نشكرها، ولا شك نحن فداء بأرواحنا وأموالنا، للحكومة الانجليزية.

وفي رسالة إلى نائب أمير الهند الانجليزي، يقول عن أسرته: هذه الأسرة أسرة خدام، وأسرة مخلصة، فلذا أرجوا منكم، أن تكتبوا للحكام الصغار، برعاية هذه الشجرة وحفظها، التي ما غرسها إلا أنتم، كما أرجوا أن ينظروا إلى أتباعي، بنظرة خاصة ودية، لأننا ما تأخرنا عن التضحيات في سبيلكم، لا بالنفوس ولا بالدماء.

ووصل الأمر به، أن يعلن أنه يجب على كل مسلم، طاعة الحكومة طاعة صادقة، وعندما اعترضوا عليه قال: ما مدحت هذه الحكومة، إلا اتباعاً لتعليمات الكتاب والسنة.

الولاء والمساعدة في نشر الفساد

عندما سقطت دولة الخلافة العثمانية فيما بعد، كان أبتاع القادياني موجودين في تركيا، فقام خليفة أحمد ميرزا، بالقاء خطاب قائلاً:

إن علماء المسلمين، يتهموننا بتعاوننا مع الإنجليز، ويطعوننا على ابتهاجنا على فتوحاتهم، فنحن نسأل، لماذا لا نفرح ولا نسر، وقد قال إمامنا، بأني أنا المهدي، وحكومة بريطانيا سيفي.

فنحن نبتهج بهذا الفتح، ونريد أن نرى لمعان هذا السيف وبرقه، في العراق وفي الشام، وفي كل مكان.

فهذا منهجهم هو نشر الفساد بقوة، بل إن القاديانيين، بذلوا دمائهم في سبيل إعلاء الراية الإنجليزية، ويقول خليفتهم الثاني: إن مئات القاديانيين، تجندوا في الجيش الإنجليزي لفتح العراق، وأراقوا دماءهم في سبيله.

إذاً لهذا كله، لم يكن غريباً أن يفتي أحمد ميرزا القادياني، بإسقاط فرضية الجهاد في سبيل الله، وجعل الحكومة الانجليزية، هي الحكومة الشرعية، وذلك لنشر الفساد والفتنة.

لذلك فالعلاقات مع الانجليز، كانت ومازالت إلى اليوم وطيدة، فإن المركز الرئيسي لأتباع القادياني، القاديانية الأحمدية، هي لندن.

والفرع الثاني الأكبر في حيفا، في فلسطين المحتلة، وتأسس منذ الانتداب البريطاني، وهو الآن تحت رعاية المحتل الصهيوني، وبعض العرب المسلمين اليوم، أخذوا القاديانية ديناً لهم.

وفاة المهدي المنتظر القادياني

واستمر هذا المجرم، أحمد ميرزا القادياني في زمنه، ينشر الفتنة والفساد، والفتنة السياسية، ويعطي الولاء للانجليز، طوال حياته.

حتى أهلكه الله تعالى، بطريقة بشعة، فقد أصيب بمرض الكوليرا، ومات وهو في الحمام يقضي حاجته، بكل الأوساخ في ذلك المكان.

وبعد وفاة أحمد القادياني، تولى بعده رفقائه وأبناءه وأتباعه، وسموا أنفسهم باسم الخليفة، وأرسلوا دعاتهم إلى بلاد العالم، ينشروا دعوتهم.

وفي الدول العربية والإسلامية، كانوا ينتبهون لخطورتهم، عندما تم تعيين ظفر الله خان القادياني، أول وزير للخارجية الباكستانية، بعد انفصال الهند عن باكستان.

كان لهذا الأمر أثر كبير، في دعم هذه الفرقة في نشر الفساد، ولذلك خصصت لها الحكومة، بقعة كبيرة من خلال نفوذ الوزير، في اقليم البنجاب في باكستان، فصارت مركزاً عالمياً.

ثورة الباكستان ضد القاديانية

تسبب ذلك في ثورة عارمة، في عام 1953 اجتاحت باكستان، وطالبت بإقالة ظفر الله خان، واعتبار الطائفة القاديانية، أقلية غير مسلمة، ونجحت الثورة عليهم.

ثم أصدر مجلس الأمة الباكستاني، قراراً باعتبار القاديانية، أقلية غير مسلمة، تنشر الفتنة والفساد، وفي عام 1974 عقدت رابطة العالم الإسلامي، مؤتمراً في مكة المكرمة.

حضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية، من كل أنحاء العالم، وأعلن المؤتمر صراحة، كفر هذه الطائفة، وخروجها عن الإسلام، وطالب المسلمين بمقاومتها، وعدم التعامل مع القاديانيين. وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين، وهذا كله جعلهم يعيدوا استراتيجيتهم، فغيروا اسمهم من القاديانية، إلى الأحمدية، أو الأحمديون، أو الإسلامية الأحمدية،

ولهم اليوم مراكز منتشرة في البلاد الغربية، وأفريقيا، وقنوات تلفزيونية، ومدارس، يبثون من خلالها معتقداتهم التخريبية والفساد.

انظروا عندما يحاول أعداء الأمة، تخريب الأمة من داخلها، وينشرون الفساد، يركزوا على أمرين، الجانب الديني، وعلى الجانب السياسي.

لا يهمني أمر القاديانية، فكل مسلم لديه العقل، يعرف انحرافها، ولكن يهمني أن الحرب اليوم، لم تعد تركز على منهجية، محاولة الخلل في الدين، والفساد من الداخل.

انشروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله.

الفساد في الإسلام 

الدكتور طارق السويدان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى