عبد الله غيث شخصية معروفة محبوبة لدى كل العرب ، بل أصبح يتسابق عليها حتى الغرب . عرف بفصاحته باللغة العربية وقوته وشدته لدرجة أن أسموه بالشديد .
إذا تكلم ملك أسماع الجميع و وصل إلى قلوبهم وأسكت كل من حوله ، الفنان المصري العالمي المسرحي عبد الله غيث صاحب أشهر دور تاريخي قام به في فيلم الرسالة حمزة بن عبد المطلب .
نشأة عبد الله غيث وبدايته
لو تعرفنا على تاريخ عبد الله غيث وبدايته ونشأته فقد ولد في قرية كفر ششلمون في مصر من عام 1938 لأسرة عريقة ، وكان والده يدرس الطب في لندن وكان عبد الله أصغر الأولاد .
حصل بصعوبة على شهادة الثانوية لأنه كان يفضل الذهاب إلى السينما والمسرح على الانتظام في الدراسة و ظل طوال عمره يعمل في الزراعة .
لكن بعدما حصل على شهادة الثانوية انتقل إلى القاهرة والتحق بمعهد الفنون في أوائل الخمسينيات باشراف ابن أخيه المشهور حمدي غيث صاحب شخصية أبو سفيان الذي كان يعمل بالمعهد معيداً في عام 1955 .
أصيب الفنان عبد الله غيث بأزمة قلبية مفاجئة أثناء تصوير مسلسل ذئاب الجبل في عام 1993 ، و توفي على إثرها بأزمة قلبية و قد أتم الثالث و الستين من عمره .
وصفه النقاد بأنه النجم الأول على مستوى الوطن العربي في مجال المسرح والشعر ، و كانت لغته الفصحى قوية و طريقة أدائه معبرة عن صدق الإحساس و الذوبان في الشخصية .
قدم العديد من المسلسلات التلفزيونية الناجحة منها هارب من الأيام ، الصبر ، الثعلب ، وقام بدور الرئيس أنور السادات في فيلم عنه ومثل في مسلسل المال والبنون .
سر قوة شخصية عبد الله غيث
لماذا أجمع الكل على عبد الله غيث و ما سر شخصيته ؟
حقيقة الإنسان يخجل عندما يتكلم أمام هؤلاء الكبار ، لكن هنا نقوم بعملية تتبع نقاط القوة و نقوم بإظهارها لنستمتع بهذا الإبداع والجمال .
تتمركز قوة عبد الله غيث؛ في عدة عناصر :
الشخصية
كاريزما الشخصية وحدة ملامحه إذا تكلم فإن له حضور خاص و وجوده يطغى على كل الموجودين .
الصوت
الله رزقه صوتاً هداراً ، خامة جبلية مخملية ، جهور ، صنديد ، إذا تكلم صوته له نكهة خاصة ، إن استمعت إلى عبد الله غيث؛ دون أن تراه بعينك ستتمتع بصوته .
التعايش مع الشخصية
قوة التعايش مع الشخصية والإحساس بها ، فهو يذوب في الشخصية و ينسى نفسه أنه عبد الله غيث و يصبح حمزة بن عبد المطلب ، ينسى نفسه و يصبح أنور السادات .
يتحول إلى الشخص ، و هذا التحول هو سر الإبداع و سر قوة الامتاع .
لغة الجسد
عندما يقف على المسرح ويرتجل يصبح ملك الخشبة ولا يدع لأحد مكانة فقوته واسلوبه تجعل كل الأنظار تتجه إليه .
اللغة
لغته العربية فصيحة لدرجة أنه أسمى إبنه الأول الحسيني والثاني أدهم و الثالثة أسماها عبلة من شدة حبه للغة العربية .
كان ينتقي الأعمال الهادفة و الثقيلة و يبتعد عن الأمور التي لا يرتضيها لنفسه ولأخلاق العرب الأصيلة . ما جعلنا نعيش مع أجواء حمزة بن عبد المطلب .
مخارج الحروف
مخارج حروفه بالكاد تجد له بعض الأخطاء عندما ينسى نفسه و يعود إلى مصريته فيلفظ حرف الجيم بالمصرية .
لكن هذا أحياناً ليس بجريمة و إنما سليقة تغلب على الإنسان في بعض أوقات .
محطات هامة من حياته
يروي لنا الفنان غيث عن لقائه مع منافسه أنطوني كوين في فيلم الرسالة بالنسخة الأجنبية ، وكيف واجه هذا العملاق في عالم التمثيل فإذا بالأمر ينقلب لصالحه .
تم تصوير أحد المشاهد باللغة الإنكليزية ومن ثم يأتي الممثلين العرب ليمثلوا بعدهم نفس المشهد ، فأراد أن يرى أنطوني كوين كيف يمثل وكيف سيقلده أو يضيف إلى الدور .
فإذا بأنطوني كوين في يوم التصوير يفاجئه بمفاجأة مذهلة ، فيرسل إلى عبد الله غيث أن يتحدث إليه ويطلب منه أن يمثل الدور قبله .
لأنه يريد أن يتعلم منه ( وهذا من تواضع الممثلين العملاقين ) ليرى كيف يقف الإنسان العربي وكيف يتحدث وكيف يسير لأنه رأى الممثلين الإنكليز كيف يمثلون ولم يقتنع بأدائهم .
فوافق غيث وهو مرتبك ومضطرب ، وعندما استدعوه للتصوير شعر بسكينة فزال خوفه مذكراً نفسه بأنه ابن حضارة تمتد آلاف السنين أكبر من حضارة أنطوني كوين .
حيث أن حمزة هو منا والإسلام هو ديننا وتاريخ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو تاريخنا ، وهنا أقدم على تصوير مشهد عندما تأكل الحشرة وثيقة قريش على جدار الكعبة .
وكان هذا المشهد هو أول مشهد في التصوير ، وإذا بالجماهير الموجودة من مغاربة وسوريين ومصريين وكل الموجودين انبهروا به .
ماذا قالوا عنه
مخرج فيلم الرسالة مصطفى العقاد المخرج السوري العظيم هو شخص عجيب و انتقائه للشخصيات كان أعجب و أغرب ، ومع ذلك تسأله المذيعة من الأفضل برأيك عبد الله غيث أم أنطوني كوين .
فكانت الإجابة أن عبد الله غيث برز و تفوق على أنطوني كوين في المشاهد التي فيها مناظرة فالمسرح غلب عليه والمشاهد التي فيها حوار تفوق أنطوني كوين عليه .
يقول الممثل هشام عبد الله أنه في مرة حدث أنه سيمثل أمام غيث فأراد هشام أن يكون على مستوى وقوة وجرأة أمامه . لكنه شعر أنه يتراجع أمام قوة شخصيته .
يتحدث الحسيني نجله الأكبر عن شخصية والده ما بين الفروسية و المحطة الأخيرة في حياته ، فقد أسماه الحسيني لأن اسمه الحسيني عبد الله الحسيني و أخاه اسمه ادهم لأن خيله المفضل اسمه أدهم .
فقد كان عبد الله غيث؛ فارساً حقيقياً دون مبالغة كان من أحد أكبر الفرسان في الشرقية .
كان أحياناً يدخل في سباق خيل فينتصر على منافسه ثم يبدلون الخيل فينتصر أيضاً على الحصان الآخر . لأن الأمر يرجع للفارس وليس للحصان
فترة مرضه كانت مؤلمة حيث أن كان عبد الله غيث لا يعلن عن مرضه ولم يعرف أبناؤه إلا في أيامه الأخيرة وكان الوقت متأخراً وقد انتشر المرض ، فقد كان الفنان العظيم لا يظهر لأحد آلامه .
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com
