مرحباً بكم.
صوت الثاء في اللغة العربية يخرج من بين الأسنان العليا واللسان وهو مهموز، ويجده العرب اليوم ثقيلاً فيجعلونه سيناً أو تاءً.
نقل الصاحب في المحيط عن الخارزنجي هو مبعوت في معنى مبعوث كما يقال: خبيت بمعنى خبيث.
فيبدو أن مشكلة اللسان العربي مع الثاء قديمة، غير أن أرياف بلاد الشام ومناطق الخليج تنطق الثاء قرآنية صحيحة.
من أين جاءت الكلمات العربية ؟
الأسطوانة مجسم هندسي، البرميل أسطواني، كانت أسطوانة الحاكي البيكاب الفونوغراف لأول عهدها عندما اخترعت على هيئة أسطوانة كبرميل صغير. ثم غدت قرصاً وظل إسمها أسطوانة.
والأسطوانة عمود المسجد، وكان يقال للعلماء الذين يتخذون مجالسهم عند أعمدة المساجد، عند اسطوانات المساجد الأساطين.
من أين جاء إسم الفتى هتون؟ الهتون: السحابة الماطرة.
واسم وائل من أين جاء: ألى معناها لجأ، وألتُ إلى الله، فالله موئل كل حي وأنا وائل إليه سبحانه.
أعنقت الناقة: أي مدت عنقها وأسرعت في مشيها، وأعنق الرجل أي رفع رأسه مبدياً عنقاً مفتخراً.
يقول أهل الشام: أريدك يا ابني أن ترفع رأسي، ويقول أهل مصر: أريدك أن تطيل رقبتي.
أقطعه أرضاً: أي منحه قطعة أرض بشروط، والنظام الإقطاعي يقوم على إقطاع الحاكم الأمير أرضاً يجبي ضرائبها ويتقاسمها مع الأمير الكبير.
وبعض الدول المتخلفة في هذه الأيام تُقطع الشركات الأجنبية الأراضي وحقوق الصيد وحقوق التنقيب عن النفط وتقتسم معها الغلة.
كان الحريري صاحب المقامات، يُكثر من العبث بلحيته في مجلس الأمير، والأمير ينهاه فيمتثل، وأجاب الحريري يوماً إجابة حسنة، فقال له الأمير: تستحق جائزة فاحتكم.
قال الحريري: أقطعني لحيتي، أي اجعلها لي إقطاعاً أعبث بها كما أشاء.
أقلعت الطائرة: طارت وكذا السفينة، ليس طارت وإنما أبحرت، وأقلعت أليق بالسفينة منها بالطائرة لأن القِلع هو الشراع.
الابتذال: هذه جاءت من البذل أي الإعطاء، من بذْل المرء وقاره في سبيل جلب الأنظار أو جلب المنفعة.
يبتذل الموظف نفسه بالدخول المتكرر على رئيسه، ويبتذل المذيع نفسه بأن يلعب دور المناضل وهو قاعد في الأستوديو.
لذّة التسقّط
أجلى السكان عن بيوتهم: أخرجهم ولا نقول أخلاهم، أخلى البيوت وأجلى السكان.
أجهش بالبكاء: أي بدأ يتهيأ له، فإن بكى واسترسل قلنا انخرط بالبكاء، والنشيج البكاء مع شهيق.
احتُضر: حضره الموت، ولا نقول احتضَر، لا أحد يموت طائعاً، هو احتُضر أي طُلب إلى الموت.
أخذ الشيء عنوةً: أي قهراً وبالقوة.
إدنبره: عاصمة اسكتلندا، تنطق بكسر الهمزة وبفتحة خفيفة على الباء، هكذا يلفظها ألها، وهم مثلنا يجعلون النون ميماً في هذه المواضع، إدمبره .
المخترع توماس إديسون: توماس بالتاء، وإديسون بكسر الهمزة.
الإرْب هو العضو، أقسم ليقطعنّه إربْاً إربْاً، أي عضواً عضواً، أما الجمع فهو الإرَب.
اطّردت القاعدة، أي خلت من الشذوذ، فهي قاعدة مُطّردة. اطّرد ليس فيها ضاد فهي من طرد. واضطرب فيها ضاد لأنها من ضرب.
كلام على الإعلام
الإعلام مهنة جعلها بعضهم ذاتَ ثلاث وظائف: الإخبار والتثقيف والترفيه.
فلإنْ كان أدنى ما يقف عليه الكرسي ثلاث قوائم فإن الإعلام إذا فقد أي من هذه الثلاث سقط.
فإذا كان الإعلام ترفيهياً خالصاً فليس بإعلام، وإن كان ثقافة محضة فهو شيء آخر، وإن كانت أخباراً لا تمتعنا فهذا سجلٌ جامدٌ من الوقائع.
الإشراق: هو عرض الخبر بما يؤدي إلى فهم حسن وسريع، هو من ركائز المضمون لا الشكل وحده، لأن الإشراق باب الفهم.
يحصل الإشراق بالصياغة الواضحة ومِلاكها العربية المتينة والابتعاد عن التعر والقصد في استعمال المجاز. هذا مع نبذ الحشو والثرثرة، وكذلك التفطن إلى مواطن اللُبس.
التلفزة
ثم هناك الصورة، ويجب أن تكون معبرةً وقوية، فمونتاج الصور في التلفزة يمكن أن يجعل التقرير رُكاماً أو بناءً جميلاً.
وهناك التسلسل الزمني، سياقة الأحداث بتسلسل قصصي، وتوفير المعلومات التي يدخلها الصحفي ضمن التقرير، وضمن الهيكل بحيث لا تكون ناتئة.
الإعتقال الذي تفرضه إسرائيل على عشرات الفلسطينيين دون إصدار حكم صريح بالسجن، ودون التصريح بالتهمة، تسميه الإعتقال الإداري.
وقد درجت التسمية حتى لقد أصبحت مقبولة في وسائل الإعلام العربية ، لكن الإسم الذي يصف الحقيقة هو الإعتقال التعسفي.
كثيراً ما يتهم الساسة الإعلام باجتزاء كلامهم، وكثيراً ما يجتزء الإعلام كلام الساسة الطويل.
غير أن المتلقي شديد الحساسية، ويدرك الفارق بين الاجتزاء باحترافية صحفية والاجتزاء بسوء نية.
الإحاطة: ركيزة من ركائز المضمون الإعلامي الخبري، لإن صاغ في الموجز إيراد الخبر في سطر أو سطرين فإنه مع ذلك يجب أن يحتوي على العناصر التي تشفي صدر المتلقي.
وقد صوّر الأكاديميون هذه العناصر في صورة إجابات عن ستة أسئلة ( ماذا، لماذا، متى، من، أين، كيف ) وفي النشرة بعد الموجز مجال للتفصيل في الإذاعة التلفزة.
الأمر مختلف في الجريدة والموقع الإلكتروني.
المشاهدون يهربون في الإذاعة والتلفزة لذا نضطر إلى إيراد الموضوع المهم على دفعات في الموجز والخبر.
ثم نستعرض أخباراً أخرى بعيدة، ثم نعود إلى الحدث المهم الكبير في مقابلة أو تقرير مصور.
هدف هذا التفتيت للموضوع الواحد ألا ينصرف عن الإذاعة أو التلفزيون من ليسوا مهتمين كثيراً بالخبر الكبير، أما في الصحيفة والانترنت فيمكن إيراد الخبر الكبير بكل تفاصيله في قطعة واحدة.
أغلاط أهل الطرب
تسمع محمد عبد الوهاب في الجندول يغني ( ذهبي الشِعر شرقي السمات، مرح الأعطاف حلو اللفتات، كلما قلت له خذ قال هاتِ ) يكررها ويعيدها ذهبي الشِعر ولها قصة.
قرأ الموسيقار المعروف أبيات علي محمود طه بالجريدة وطفق يلحنها حتى استقامت له أغنية رائعة، ورأى من اللياقة أن يهاتف الشاعر وأن يبشره.
قال له الشاعر: حسناً، هذه بكذا وكذا من الجنيهات، وسُقط في يد عبد الوهاب. لقد لحّنها ذلك اللحن البديع، فعطس الجنيهات العزيزة على قلبه وغنّى الأغنية.
وكل ما صنعه أن أنزل الفتحة من كرسيها وجعلها كسرة، فبدل أن يقول ذهبيُ الشَعر واصفاً ذلك الفتى الإيطالي قال ذهبيُ الشِعر.
ولهذه الأغنية الجندول قصة مع كلمة أخرى، كان عبد الوهاب يسجلها في الاستوديو وبحضور طه حسين، وعندما جاء البيت: غير يومٍ لم يعد يذكر غيره يوم أن قابلته أول مرة.
كان عبد الوهاب فيما يبدو يخلط بين عامي وفصيح، أراد الفرار من العامية ففتح تاء قابلته فقال قابلتَه وحقها الضم.
فرفع طه حسين ذراعه، فانتبه محمد عبد الوهاب وأعاد المقطع مصححاً، وفي التسجيل أبقى عبد الوهاب على الخطأ وعلى تصحيحه، لا نزال الأغنية على هذا الشكل هي كذلك على اليوتيوب.
وهذه حادثة غلط فيها عبد الوهاب وجاءه التصححي بعد سنوات كثيرة من غيره.
غنى عبد الوهاب قطعة من قصيدة إيليا ابو ماضي: جئتُ لا أعلم من أين ولكني أتيتُ ولقد أبصرتُ قُدّامي طريقاً فمشيتُ. واستثقلها عبد الوهاب، استثقل قُدّامي فجعلها أمامي فكسر الوزن.
وبعد سنوات غناها عبد الحليم حافظ واستثقل قُدّامي أيضاً وهي فصيحة. فنال استشارة أفضل فجعلها: ولقد أبصرتُ للدنيا طريقاً فمشيت فسلم له الوزن.
كان محمد عبد الوهاب ظريفاً حقاً، سمعته في لقاء متلفز مع ليلى رستم سجلته في لبنان، قالت له: هنا في لبنان مطعم سمك لا يُسمِع زبائنه سوى أغانيك. الناس لا يذهبون ليأكلوا السمك.
وبسرعة قال لها عبد الوهاب: بل ليأكلوا محمد عبد الوهاب.
صحيح وصحيح
تارةً هنا وتارة هناك، مرة هنا ومرة هناك، ونقول أيضاً تارةً هنا وطوراً هناك، المعنى في العربية واحد.
سَعة القاعة ثلاثمائة شخص، ووردت سَعتها أيضاً.
شتّان القول والعمل، أو شتّان بين القول والعمل، كل ذلك صحيح.
شَلّت يده أي أصيبت بالشلل، هذه الصيغة القديمة. قالوا شُلّت يده على البناء للمجهول والعضو أشَلّ أي مشلول واليد شلّاء.
صحراء سَيناء بفتح السين، وقرأ أبو عمرو بن العلاء الآية وشجرة تخرج من طور سِيناء بالكسر واعتبر بطور سينين وقرأها ورش أيضاً بالكسر وقرأ الكسائي بالفتح.
وقال صاحب الصحاح إن الفتح أجود لأنه على أبنية العربية وهي كذا بقراءة حفص المشهورة.
كان قد صرّح، وكان صرّح، صحيحتان.
كِدتُ أقبل العرض، وكِدتُ أن أقبل العرض، صحيحتان.
ناط المدير بمحمود المهمة، نِيطت المهمة بمحمود، هذه قديمة أي عُهد إليه بالمهمة، في أيامنا نقول أناط المدير له بالمهمة وأُنيطت به المهمة.
نحن نقْدُر جهودك الطيبة، وغلب في هذا المعنى تشديدها، نحن نقَدِّر جهودك الطيبة، هذا صحيح وهذا صححي.
وهذه المشكلة تزيد الطين بِلّةً، والبِلّة النداوة، وثمة من قال: بَلّة بفتح اللام.
يتجنب الحصيف أو يجتنب الوقوع في أيدي المحتالين.
الفقرة والجمع فقرات، والواحدة من عظام العمود الفقري وهي أيضاً الجزء من المقال، وجاء في المعاجم أيضاً فِقرة وفَقرة وفقار وفِقار وفَقاري وفِقاري وفِقري وفِقر وفِقرات، قل ما تشاء.
سمّاه صحيحة وأسماه صحيحة.
الأبله والأهبل، سليم دواعي الصبر، أي الذي فيه غفلة، وقال صاحب التاج الزبيدي: الهبل فقد العقل والتمييز.
اتفاق واتفاقية ومعاهدة، ما الفرق بينها؟ ستجد ألف خبير قانوني يجعلون بين هذه الكلمات فروقاً وستجد قول كل خبير مختلفاً عن قول صاحبه.
أجاب عن السؤال أم أجاب على السؤال، كلتاهما صحيحة.
نقول ويقولون
المحفظة: كيس النقود، وهو الهيميان وهو الجزدان.
نقول هبط مستوى الطلب هذا العام، وقالوا بدل مستوى سوية.
المقابلة: اللقاء الإعلامي، وأيضاً المباراة الرياضية، الفارق بينهما أن المقابلة الرياضية تنافس على من سيغلب.
ولكن المقابلة الإعلامية ليس فيها تنافس بين الإعلامي والضيف على من سيتكلم أكثر بل هي سعي حثيث من الإعلامي للحصول على أكبر قدر من المعلومات والمواقف في أقصر وقت ممكن.
المِقرَض: مقص الأظفار، وقالوا القرّاطة.
المقَوّر: المحفور من وسطه وتقوير الخضر بمالقورة حفرها، وقال بعضهم ينقر بالمِنقرة، وقال أهل الشام يحفر بالحفّارة.
المُلاءة: غطاء السرير وهي الشرشف، والمِلاية: ملحفة المرأة، والمِلاية اللف: متران في اربعة أمتار من القماش، كفيلة بستر هرم خوفو. لكنها كانت تهوي أجدادنا.
المنشِّط: المذيع.
النازلة: والجمع نوازل المصيبة، والنزلة في تونس الدعوة القضائية.
النهج في تونس: الشارع الضيق، والنهج مصلطح تستعمله أحزاب المعارضة لوصف سياسات النظام. النهج التفريقي والاستسلامي والاستهلاكي إلى آخر ما هنالك.
الوزغ: سام أبرص، تلك السحلية البيضاء، وسماها بعضهم أبو بريص.
اليرقان: مرض يصيب المرء باصفرار وقالوا الريقان.
أنبوب الغاز أو جرة الغاز أو برميل الغاز، أو أسطوانة الغاز أو قنينة الغاز. لم نتفق على إسم لهذا الشيء باللغة العربية .
كانت مدينة أنطاكيّة كرسي علمٍ وأدب، وفي زمننا ينطقونها أنطاكية وتقع حالياً في تركيا، وما زال أبناءها رغم حملة تتريك دامت عقوداً يعرفون العربية كأن اللغة لا تزول عن اللسان بسهولة.
بَهار وبَهارات: ما يضاف إلى الطعام من توابل، والبهار تابل بعينه يسميه بعض الهنود كُبابة. ويميزه البعض باسم البَهار الحلو وهو حب كالفلفل لكنه بني اللون وليس بحِرّيف.
تبغدد: أي صار مرفّهاً بعد فقر، كمن عاد من بغداد عاصمة الخلافة إلى بلدته الصغيرة بحال حسنة.
وقالوا تبغدد علينا أي ترفّع عنا. وقال شاعر الأردن عرار وقد عاد من دمشق إلى بلدته إربد في منطقة حوران:
قالوا تدمشق قولوا ما يزال على علاته إربدي اللون حوراني
منقول ومقبول
من المنقول الذي لا نتهمه بقلة الفصاحة تعبير الحرس القديم، وهو تعبير سياسي ويعني المحافظين ومعارضي التغيير ضمن نظام سياسي أو منظمة أو حزب.
نقول أخذ سيارة طلباً أو سيارة طلبٍ، أي سيارة تسير بحسب طلبه، وهي التكسي، التكسي عالمية ومتمكنة ومفهومة في كل مكان وكتبوها في المغرب الأقصى بالطاء.
ونقول ركب السرفيس أو سيارة الأجرة، وهي سيارة تنقله مع غيره وتسير في خط لا تبرحه.
التحريفيون: هم بعض أفراد الجيل الثاني من المنظّرين لفكر أو إيديولوجية. يدخلون تعديلات على ما وضعه المؤسسون لمواكبة العصر. ويأتي بعض آخر فيتهمهم بتحريف المبادئ.
وفي أدبيات الفكر الماركسي يوصم كارل كاوتسكي بالتحريفي. وتترجم أحياناً بالمرتد. وبدأ المفكرون الإسلاميون يستعملون كلمة التحريفي لوصم من يأتي ببدعة فكرية كائنة هذه البدعة ما تكون.
المكياج والميك آب: زينة المرأة، اشتقوا منها تمكيجت، لو قالوا تزينت.
أدلج: صبغ بإيديولوجية معينة، كل شيء في هذه المؤسسة أصبح مؤدلجاً بإيديولوجية الحزب الحاكم.
الأدلجة: سعي جماعة ذات فكر معين إلى تسييد فكرها في منحى من مناحي الحياة.
الشخص المؤدلَج: المتشبع بفكر حزبي أو تنظيمي معين. يصلح هذا على الفكر الشيوعي بألوانه وعلى الفكر السلفي بألوانه.
ختام
نعود من حيث أتينا، المِحقَن هو الذي تصب به الزيت في الزجاجة، وإن عدمته فعليك بورقة حتى لو كان زيتاً ليكن خيالك واسعاً، بعضهم يتحير في هذا كثيراً.
هذا عن القِمْع فأما المِقمَعة فهي الهراوة.
النظام القَمْعي في كل بلد يستعمل هذا ويستعمل غيره، ولا نستعمل القِمْع ولا المِقْمعة مع الصحن.
الصحن: يستعمله بعض المعلقين العرب عندما يقولون وزير خارجي في تصريحه هذا يغمس خارج الصحن، أي أنه في واد والأحداث في واد. أُلهِمتم السداد.
اللغة العربية الأنيقة من أين جاءت / عارف حجاوي