أخبارالحياة والمجتمعقصص وحكايات

الماسونية نشأتها وتطورها


الماسونية تشغل بال الكثيرين، ليس فقط في العالم العربي والاسلامي، بل في كل دول العالم، عادة ما ينسب إلى الماسونية، أو تُحمل بالمسؤولية، عن الكثير إن لم يكن كل الأحداث المهمة في تاريخ العالم والمنطقة، خصوصاً الأحداث التي تحمل خراباً ودماراً للعالم.

كل الأحداث إذا عدت بالذاكرة، ستجد أن هناك من يتهم الماسونية العالمية بالوقوف وراء الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.

وكثير من الحروب الاقليمية سواء في أوروبا أو آسيا، فكثيراً ما ينسب إلى الماسونية الوقوف وراء حملات الاغتيال لكثير من المشاهير.

سواء أكانوا فنانين مثل مايكل جاكسون، لا نعلم ما هو السبب، أو سياسيين كبار مثل الرئيس الأمريكي كندي، في الستينات.

الحقيقة لا يكاد هناك حديث عن مشكلة ما أو أزمة، إلا عندما تجد أحد الجالسين يشير بمنتهى الثقة، إلى مسؤولية الماسونية العالمية، عن هذه المشكلة.

ما معنى الماسونية؟

وإذا سألت الناس ما معنى الماسونية، فلن يعطوك إجابة واضحة، ولكن سيقول الماسونية أي هي الصهيونية العالمية أي اليهود أي الحكومة العالمية، وإذا كان شخصاً أكثر اضطلاعاً واهتماماً، سيبدأ بالدخول إلى تفاصيل أكثر ويتكلم عن فرسان المعبد، وجماعة المستنيرين، والإليومناتي، والحكومة العالمية، والنظام العالمي الجديد.

مشاهير الماسونية

والأكثر ارباكاً للناس، أن كثير من الشخصيات العامة، على الساحة العالمية، والساحة المحلية وبعضهم مشهود له بالكفاءة، والنزاهة، ارتبطت أسماءهم بالماسونية على الأقل في مرحلة من مراحل حياتهم.

أي معظم رؤساء الولايات المتحدة، سواء الآباء المؤسسين، مثل جورج واشنطن أو جفرسون أو غيرهم، مرتبطين وأعضاء في جمعيات ماسونية، والرئيس السابق أوباما يقال أنه أحد أعضاء الماسونية.

وبعض المشاهير في تاريخنا في العالم العربي ومصر، كانوا أعضاءً في المحافل الماسونية، مثل سعد زغلول، ومحمد فريد، والشيخ جمال الدين الأفغاني، رجل الدين العظيم ومفتي مصر الشيخ محمد عبده.

بل إن أحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين وهو الشيخ سيد قطب، لم يكن فقط عضواً في محفل الماسوني المصري، بل كان يكتب افتتاحيات في مجلة المحفل الماسوني المصري، قبل أن يتم حظرها في الستينات، وكتب كثيراً عن فخره وابتهاجه لكونه ماسونياً.

وعدد كبير أيضاً من الفنانين ومشاهير الفن، ارتبطوا بالماسونية، بعضهم كلنا نعرفهم مثل كمال الشناوي، ومحمود المليجي، وأحمد مظهر ويوسف وهبة، وزكي طليمات، وهناك كتاب كذلك الأمر.

الماسونيات المختلفة

المدخل الأساسي لفهم الماسونية بعيداً عن الرغبة في الإثارة والغموض ونظريات المؤامرة، أن نفهم شيء مهم جداً.

هو أنه لا توجد ماسونية واحدة، ولكن توجد عدة ماسونيات، وبالتالي عدة تعريفات مختلفة، وهذا من الممكن أن يفسر لنا لماذا يوجد خلاف كبير وسوء فهم ما بين فريق يتهم الماسونية عن كل شرور العالم، وفريق آخر يعتبرها مجرد جمعيات خيرية بريئة من كل هذه الشائعات وكل هذه النظريات.

قصة بداية الماسونية

سنروي القصة لنفهم الكلام المركب والمهم جداً، المرتبط بهذه المنظمة المهمة في تاريخ العالم، وتاريخ المنطقة.

وأيضاً في بدايات الماسونية هي غامضة، هي غامضة عن كل الناس الذي كتبوا عنها، فالبدايات ليس هناك إجماع عليها، لكن الذي عليه اجماع هو أن كلمة ماسونية، جاءت من الكلمة  الانكليزية ميسنز، أي البنائين.

والبنائين في ذلك الزمان كانت تشير إلى البناء والمهندس ومعلم فنون البناء، أي العاملين في مهنة البناء بصفة عامة.

والبنائين هؤلاء أي الماسونيين، بدأت قصتهم في القرون الوسطى، وتحديداً في القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر، حيث كان هناك نهضة عمرانية كبيرة في أوروبا، وظهرت هذه النهضة تحديداً، في المباني الفخمة للكنائس في كل أوروبا.

وغيرها من المباني، ولكن كانت الكنائس لها وضعية خاصة، وبالتالي كان يوجد طفرة في عمل البنائين، والعمل كان منتعشاً جداً.

وهؤلاء البنائين كانوا يعاملون معاملة خاصة في أوروبا، أوروبا القرون الوسطى حيث كان الحرفيين فيها يتعاملون بنظام المقايضة، فكل شخص يجلس في منزله إذا كان حداد أو حلاق أو نجار.

إنما كان البنائين يعاملوا معاملة خاصة، وأحد أوجه الاختلاف في المعاملة هو أنهم كانوا يقبضون أجورهم مادياً، أي ليس بالمقايضة مقابل الملابس أو بعض الأشياء.

كيف بدأت المحافل الماسونية

وهذا كان يشجعهم على الانتقال من بلد إلى بلد، ولأنهم كانوا يتنقلون كثيراً، فكانوا يقيموا أكواخاً يلتقي بها البنائين، للاستراحة قليلاً أو المبيت، أو مقابلة زملاء المهنة وتبادل المعلومات معهم.

وأهم من هذا أنهم كانوا يستخدمون هذه الأكواخ، إلى تدريس المهنة وأصولها، خصوصاً أنه لم يكن هناك مدارس أو جامعات.

معنى المحفل

وهذه الأكواخ التي سميت باللودج، والتي ترجمت إلى اللغة العربية إلى محفل، فكلمة محفل ممكن أن تكون غامضة قليلاً، لكن المقصود كان مكاناً للتجمع، مكاناً للسكن أو الإقامة أو كوخ.

والأكواخ البسيطة تلك كانت تصنع بشكل سريع، لأنها لم تكن دائمة، هي البداية التي يتفق عليها معظم المؤرخين لفكرة الماسونية، مجموعة من البنائين والنحاتين والمهندسين، يجتمعون لكي يتبادلون شؤون المهنة.

تذكروا أن محفلهم أو الجمعيات التي كانوا يلتقون بها، اتخذت أهمية كبيرة، لأسباب قد تغيب عن الذهن العربي الآن، والوقت الحاضر.

في ذاك الوقت لم يكن هناك جامعات ومدارس، وبالتالي كما قلنا هي تمثل أهمية كبيرة لأصحابها، فكان فيها يتم تبادل المعرفة وأساسيات المهنة، من جيل الأساتذة إلى جيل الممارسين الجدد والتلاميذ، وغالباً يكونوا من الأصدقاء والمعارف، لأن سر المهنة لا يمنح لأي شخص.

الأمر الثاني سنعرفه عندما تتحول في تطور الماسونية، أنه لم تكن هناك أماكن كثيرة للتجمع، فلم يكن هناك نوادي اجتماعية، وبالتالي كان هذا المكان يمثل أهمية كبيرة لأصحابه في البداية، ثم لآخرين في وقت لاحق.

شعائر المحافل الماسونية

عادة نقل المعرفة هذه، فكانت منظمة لمهن أخرى غير مهنة البناء، مهنة الطب مثلاً، حيث كانت تأخذ شعائر أقرب إلى الشعائر الدينية، فالتلميذ يقسم على احترام المهنة وزملائه.

وكان هناك كود أخلاقي من فترة طويلة جداً، فهناك كود أخلاقي للبنائين، عثر عليه عام 1990 كتب فيه كيف تم الالتحاق بهذه الجماعات، وكيفية احترام الزملاء، والحرص على تعليم من هم أقل منه كفاءة، وتوقير الأساتذة، وحمايتهم من تدخلات المتطفلين.

وفي هذا الإطار وهذه الظروف، نمّا هؤلاء البناؤون بعض الرموز السرية لكي يعرفوا بعضهم، حتى لا يفهمهم الآخرون، وحتى يفرقوا بين أنفسهم وبين الدخلاء عليهم.

وظهرت بعض الرموز مثل المثلث والبرجل والمنقلة، وأرقام معينة مثل 3 و 5 و7، وستلاحظون أيضاً أن معظم هذه الرموز مرتبطة دائماً بالبناء والهندسة والعمارة، وليست مصادفة، لأن البداية كانت مهنية بحتة.

مثلاً ستجدون الهرم في مصر أحد رموز الماسونية، الذي ارتبط بكثير من نظريات المؤامرة، هيكل سليمان، وكثير من هذه الرموز كان أساسها اختيار مهني بحت، باعتبار أن هيكل سليمان والهرم، هو أحد أمثلة الاكتمال وقمة الأداء والفخامة المعمارية.

تأثير عصر الإصلاح في أوروبا على المحافل الماسونية

على أية حال ظلت هذه المحافل لعشرات السنوات، حتى تراجع دور البنائين بسبب التغيرات التي حصلت في أوروبا، وتحديداً منذ بداية القرن السادس عشر.

فقد حصلت أشياء كثيرة، ولكن بإيجاز أن أهم هذه التغيرات، هو عصر الإصلاح، والثورة الصناعية، والاكتشافات العلمية الكبيرة، ورغبة في تهميش الدين، وظهور الدول القومية مثل انكلترا وفرنسا وألمانيا وغيرهم.

فهؤلاء العاملين ساهموا في النهاية بظهور دول قوية، ليس لها صلة بالكنيسة، وبالتالي تراجعت حركة البناء بسبب تهميش دور الدين من ناحية.

والناحية الأخرى أن الدول المركزية القوية عندما ظهرت، أصبح لديها ما يعادل الآن وزارة الإسكان ووزارة البناء، لا يحتاجون إلى هؤلاء البنائين الذين يتجولون من بلد إلى آخر.

فتراجع دورهم، بدأوا من عام 1700 أن يلجؤوا إلى حيلة لزيادة مواردهم بهدف أن يأمنوا معيشة أصحاب المهنة، على طريقة النقابات الآن.

فيكفلوا لهم الحد الأدنى من المعيشة، وكذلك لكي تبقى هذه المحافل أو النوادي، قائمة وتخدم أصحابها.

نمو المحافل الماسونية وتكاثرها في أوروبا

ففكروا بفكرة أن ينضم إلى هذه المحافل، أناس من خارج المهنة، كالطبيب والمدرس والصحافي والمفكر والتاجر، مقابل أن يدفع اشتراكات.

وهذه كانت نقطة مفصلية في تغيير حركة الماسونية، لأن انضمام هؤلاء الدخلاء على المهنة، أخذ الماسونية إلى مرحلة بعيدة تماماً عن البناء والهندسة.

وفي عام 1717 في بريطانيا، انضمت عدد من المحافل الصغيرة، وكونوا محفل أكبر وتبعهم بعد ذلك محافل في دول أخرى.

فالمحافل الصغيرة التي كان الحد الأدنى منها 7 أو 8 أشخاص، أصبحت تكبر رويداً رويداً، مثل االمحفل الأكبر في روما وبريطانيا وفرنسا، ودول كثيرة جداً.

وبعد دخول الناس من خارج المهنة تغيرت الماسونية، من الماسونية المهنية، التي كان بها طقوس لدخول المهنة كما ذكرنا، لكن بعدها أخذت شكل آخر.

ثورة الماسونية ضد الملكيات

هذا الشكل الآخر هو أن هذه المحافل الماسونية، لعبت دوراً مهماً في تغيير تاريخ أوروبا، وتغيير العالم، لأنه قد انضم إليها النخبة في هذه الدول، من مثقفين وكتاب، وكانوا يجتمعوا في هذه الأماكن لتبادل الأفكار، ومناقشة حركة الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي في أوروبا.

في هذا العصر كانت أهم شواغل النخبة في أوروبا، هما قضيتان، الأولى هي الرغبة في إقامة جمهوريات مقابل الملكيات.

وخلاصة ذلك لأن هذه النخبة لا تنتمي للأسرة الملكية، وهي نخبة شابة ومثقفة ومؤثرة، تسعى وتطمح أن تلعب دور كبير في بلدانها.

وهذا لا يمكن أن يتحقق لو بقي النظام الملكي، المهيمن على كل شيء، وبالتالي يريدون جمهوريات لكي يستطيعوا أن يمثلوا بشكل أكبر في حكومات بلدانهم.

القضية الثانية أنهم لا يريدون الكنيسة، لأن الكنيسة لعبت دور عنيف جداً، وخصوصاً الكاثوليكية التي طاردت العلماء وحاصرتهم وناصرت الملكية.

فكان هناك هدف شديد لتهميش الكنيسة، وبين قوسين الدين بصفة عامة، خصوصاً الكنيسة الكاثوليكية.

وهذين القضيتين أو الهدفين لم يكونا فقط لدى المحافل الماسونية، بل هناك أناس كثر ليسوا جزءً من هذه المحافل، ولكن كانوا يشاركونهم نفس الأفكار.

الدور الذي لعبته المحافل الماسونية في تغير تاريخ أوروبا والعالم الإسلامي

ولكن الماسونية كانت أكثر تأثيراً، لأنها تحولت إلى أندية ومراكز ضغط، مثل جماهير كرة القدم، فهناك مئات الملايين يشجعون كرة القدم، ولكن الأكثر تأثيراً هم جماعات الألترس، ليس لأنهم الأكثر عدداً، ولكن لأنهم الأكثر تنظيماً.

وبحكم الاهتمام بهذه القضيتين الأساسيتين، لعبت المحافل الماسونية دوراً كبيراً في تغيير أوروبا والعالم، ودور مؤثر مثلاً في قيام الثورة الفرنسية، لم يكونوا لوحدهم، ولكن قد لعبوا دوراً في أحداثها لاحقاً، والتي قامت 1789

وأيضاً في اندلاع ومسار ثورات ما سمي ربيع الشعوب في أوروبا عام 1848، في أكثر من 50 دولة.

والأخطر والأهم والذي يتم التركيز عليه في عالمنا الإسلامي، أنهم لعبوا دوراً في اسقاط الخلافة الاسلامية وعزل السلطان عبد الحميد الثاني في تركية، وقد فعلوا هذا الشيء من خلال الجمعيات الماسونية، الموجودة في تركية.

من خلال جماعة في تركيا وهي جماعة يهود الدونمة، أي اليهود المرتدين، اليهود الذين قالوا أننا أسلمنا، ولكنهم بقوا محتفظين بدينهم، وكان لهم دور مهم جداً في هذه الفترة.

 

المصادر:

يوتيوب / نعرف

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى