الحياة والمجتمعصحة

المورفين نبات السعادة الفرعوني


المورفين والأدوية الخطيرة على جسم الإنسان

في عام 3400 قبل الميلاد تم اكتشاف مادة مفعولها سحري، تستطيع أن تميت أي نوع من الألم مهما كانت شدته أو حدته، أو امتداده في جميع أجزاء الجسم.

وتم الاستعانة بها كمسكن رسمي وقاتل للآلام في الحضارة السومرية، وأطلقوا عليها اسم نبات السعادة، وتم استخدامها أيضاً في الحضارة اليونانية والفارسية.

وأخيراً تم استخدامها في أقوى حضارة عرفتها البشرية، وهي الحضارة الفرعونية تحت حكم الملك توت عنخ آمون في عام 1333 و1334 قبل الميلاد، المورفين هو أول وأقوى قاتل للألم عرفته البشرية منذ فجر التاريخ.

المورفين وتأثيره على جسم الإنسان

تخيل عندما تكسر عظمة في جسدك، حينها الخلايا العصبية الموجودة في المنطقة المحيطة بالكسر ترسل إشارة إلى الحبل الشوكي، والحبل الشوكي يرسل إشارة للمخ.

والمخ يترجم هذه الإشارة على أنها ألم عنيف، وهذه الخلايا العصبية تكون محاطة بمستقبلات اسمها opioid receptors أو مستقبلات المورفين.

وهذه المستقبلات تكون عبارة عن قفل، وعند دخول المفتاح بها يعطيها شعور غريب وممتع ويخلصنا من الآلام ويشعرنا بالسعادة.

وهناك بعض المفاتيح التي تفرز في الجسم بشكل طبيعي، وتدخل في هذه الأقفال وتعطينا نفس التأثير الجميل الذي يقلل من الشعور بالألم.

والمفاتيح الطبيعية اسمها endorphins، وهذا يكون من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا، أنه مسكن قوي وفعال جداً، وبأنه يرتبط بهذه الأقفال دون التسبب بأي مشاكل.

وعند معالجة كسر اليد مثلاً وبعد ثلاثة أشهر، يبدأ الإنسان بالشعور ببعض الآلام، تشبه الآلام التي شعر بها في وقت الحادث الماضي.

وهذا الألم من كثرة قوته لا يستطيع الإنسان النوم، ويدخله في حالة اكتئاب، فيذهب إلى الطبيب ويسجل له الطبيب مسكن للألم فعال وقوي جداً، عن طريق حبة واحدة فقط، وهذا المسكن اسمه مورفين morphine.

ما هو تأثير المورفين عند دخوله إلى الجسم؟

المورفين morphine يشبه تماماً المادة التي يفرزها جسم الإنسان بشكل طبيعي، وتركب في الأقفال التي تحدثنا عنها والتي اسمها endorphins.

ومع أول جرعة من المورفين فإن الإشارات العصبية التي كانت تذهب إلى المخ، وتشعره بأن هناك ألم يحدث في الجسم، كلها تمنع وتخدر.

وذلك لأن منبع السعادة قد دخل إلى الجسم، والذي هو الدوبامين، لأن المورفين كما أنه يرتبط بالأقفال التي تحدثنا عنها سابقاً، فهو يرتبط أيضاً مع أقفال في منطقة اسمها vta.

وهذه المنطقة في المخ تكون مليئة بالعضيات العصبية، التي تكون مسؤولة عن افراز الدوبامين في الجسم.

أي مع كل مرة تأخذ بها المورفين حتى يسكن الألم، يذهب إلى vta العضيات العصبية ويخرج الدوبامين مسؤول السعادة في الجسم.

والذي يحدث أن المخ سيبحث عن الشعور بالسعادة عن طريق جرعات أعلى من المورفين، ويبدأ الجسم بالتعود على المورفين لأغراض أخرى غير تسكين الألم.

ولكن المشكلة أنه يحدث شيء اسمه توليرنس، وهي معناها أن الجرعة المعتادة لم تعد تؤثر في الجسم بعد ذلك.

والشخص الذي كسر يده مثلاً، والذي بدأ يتناول دواء المورفين في سبيل تخفيف الألم، بعد تناوله لمجرد حبة واحدة من المورفين في اليوم سيأخذ حبتان منه.

وبعد ذلك تصبح ثلاثة حبات، وبعد مدة تصبح الجرعة أربع حبات، إلى أن ينقطع الدواء فيشعر بأعراض الإنسحاب، والتي هي التعب وألم في الجسم والانفلونزا.

المورفين مسكن آلام قوي وفعال

المورفين من أكثر المسكنات القوية والفعالة على مر التاريخ، والمرة الأولى التي استطاع البشر الحصول بها على المورفين كانت من نبات الخشخاش.

ولكن استخدامه في الوقت الحالي أصبح محدوداً، بسبب أعراض الانسحاب التي كانت خطيرة وصعبة، وبسبب سوء الاستخدام وحدوث بعض الانتكاسات حتى بعد التوقف عن التعاطي.

الشكل النقي من المورفين يكون أقوى في التأثير عشر مرات من باقي مشتقات الأفيون، وبسبب قوة تأثيره، تم استخدامه في الحرب الأهلية الأمريكية كمسكن للجنود ونتج عنه مئات الجنود المدمنين للمورفين.

وبعدها في القرن التاسع عشر، حاولوا البحث عن بديل للمورفين يكون أقل ادماناً حتى استقروا على مادة غريبة حيث قرروا استخدام الهيروين.

وعلى الرغم من ذلك يعتبر المورفين من أقوى مشتقات الأفيون، مثل الكودايين والميثادون والفنتنايل وغيرهم.

وأول منتج من المورفين تم الموافقة عليه من منظمة الغذاء والدواء fda كان في عام 1984، هناك بعض التقارير والاحصائيات أكدت أن ما يقارب نصف ضحايا الجرعة الزائدة، كانوا ضحايا للمورفين والهيروين.

19 مليون مواطن أمريكي مدمن لمسكنات الأفيون، الذي هو مثل المورفين و10% من جميع سكان الولايات المتحدة، أساؤوا استخدام مسكنات الأفيون، واعترف أكثر من 60% منهم أنهم أخذوه بتوصية من أصدقاء وأقارب.

ما هي استخدامات المورفين الرئيسية؟

هناك بعض أنواع الآلام التي يجب أن يتدخل المورفين في علاجها، مثل آلام مرضى السرطان أو مرضى الإيدز أو ضحايا الحوادث، أو بعض العمليات الجراحية الكبرى أو آلام الظهر، أو تسكين الآلام الشديدة التي يفشل بها باقي المسكنات.

والمفيد أنه يكون له تأثير مهدئ يحمي من الإرهاق، الذي يكون في حالات الصدمة النفسية أو النزيف الداخلي، وفشل القلب الاحتقاني وبعض أشكال حمى التيفوئيد.

وفي أغلب الأحيان يؤخذ عن طريق الحقن، حتى يتم ضمان سرعة وصوله إلى الدم وسرعة مفعوله.

ماذا يعني المورفين أساساً؟

كلمة مورفين مشتقة من كلمة مورفيوس Morpheus، وهذا اسم إله الأحلام اليوناني، نظراً بأن تأثيره يكون أشبه بالحلم.

حيث أنه يخلص الإنسان من كل الآلام الشديدة ويشعره بالسعادة، ويعتبر وصفة سحرية لأي نوع من الألم، ولكن بالرغم من كل هذه المميزات، قد يتعرض الشخص إلى الإدمان.

لأنه يعطي الشعور بالراحة والمتعة والنشوة الدماغية، فهو يتسبب في إفراز الدوبامين، وبالرغم من أنه أقوى في التأثير بعشر مرات من الأفيون، إلا أنه سيء ويتحول إلى الإدمان.

المورفين كعلاج مثله مثل أي دواء، يختلف وصفه للمرضى من حالة إلى أخرى، وهذا يكون حسب طبيعة المرض ودرجة حدته لكل حالة من الحالات.

لدينا مثلاً كبريتات المورفين، التي تكون سريعة في المفعول وتؤخذ بحجم 15 إلى 30 ميليغرام لكل أربع ساعات، ولكن يجب الانتباه من الجرعات العالية لأنه قد تحدث آثار مدمرة وقاتلة.

تم تصنيف المورفين كمادة مدرجة في الجدول الثاني، تحت إدارة الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة المخدرات dea التابعة لوزارة العدل.

ويتم تعريف الجدول الثاني على أنه، الأدوية التي لها احتمالية كبيرة في سوء الاستخدام، ومن الممكن أن تؤدي إلى اعتلال نفسي وبدني شديد، لهذا يجب أن يؤخذ بدقة وحذر وتحت اشراف الطبيب.

ما هو تأثير المورفين على المرأة الحامل والجنين؟

للأسف تعاطي المورفين أثناء الحمل لأغراض علاجية أو غير علاجية، سيؤدي إلى تعود الجنين على المورفين.

وعندما تتوقف الأم عن تعاطي المورفين، سيحدث للجنين أعراض انسحاب حتى بعد الولادة، وهذا لأن المورفين يدخل عن طريق المشيمة التي توصل الأم بالجنين.

والمشيمة من وظائفها أنها توصل الغذاء والأكسجين إلى الجنين، وعندما يدخل المورفين في جسم الجنين، يحدث هبوط في معدل تنفس الطفل، وهذا غير المشاكل التي تحدث في وظائف الجسم والمخ.

هل المورفين يؤثر على الخصوبة؟

إن الاستعمال المستمر للمورفين يقلل الخصوبة عند الرجال والنساء، ومن أكبر المشاكل المتعلقة باستخدام المورفين، اضافة إلى الإدمان، فهو يؤثر على الجهاز التنفسي.

وفي بعض الأحيان يحدث شلل في الرئتين، وهذه المشاكل قد تسبب الوفاة خصوصاً في الجرعات العالية.

ومشاكل التنفس هذه تحدث أكثر مع تداخل تناول جرعات المورفين، مع أنواع المخدرات الأخرى والخمور.

وعلى الرغم من أن مفعول المورفين يكون لوقت قليل، إلا أنه يبقى في الجهاز العصبي لمدة طويلة، أكثر من المواد الأفيونية الأخرى مثل الفنتانيل.

ويبقى المورفين في الدم لحوالي 12 ساعة، وفي البول من يومين إلى ثلاثة أيام، ويبقى في الشعر لمدة 90 يوماً تقريباً.

هناك عوامل كثيرة تؤثر على إزالة بقايا المورفين من الجسم، مثل أن يأخذ شخصين نفس الجرعة من المورفين، فإن تخلص أجسامهم من المورفين تختلف بينهما.

من ضمن العوامل المتحكمة في مدة بقاء المورفين في أجسامنا، هي العمر، فكلما كان العمر أصغر كلما كانت قدرة الجسم على التخلص من بقايا الأدوية أسرع، وذلك بسبب عملية الأيض السريعة.

ومن ضمن العوامل الأخرى أيضاً، هي طول الإنسان ووزنه ونسبة الدهون في جسده، وكفاءة الكبد والكليتين، وأخيراً الصفات الوراثية.

لأن الصفات الوراثية عند الإنسان لا تكون مسؤولة فقط عن الشكل والجسم، فقد تكون مسؤولة عن درجة استعدادك للإدمان.

أي لو أتينا بشخص وشخص آخر وأعطيناهم نفس الجرعة من المورفين، قد يتعرض أولهم للادمان أكثر من الآخر، لأن الصفات الوراثية لهذا الشخص تجعله أكثر عرضة للإدمان عن الآخر.

أين يزرع المورفين؟

هناك أربع دول تزرع الأفيون في أراضيها بشكل قانوني، مثل أستراليا وفرنسا وتركيا واسبانيا، حيث يتم زراعته لأغراض طبية علاجية، وذلك لتلبية الاحتياجات المتزايدة على مادة الأفيون.

ولكن هذا ليس معناه أن المورفين ليس موجود في دول أخرى، لأنه موجود أيضاً في تايلند وافغانستان والمكسيك، وهذه الدول تزرعه للاستخدام الغير مشروع.

 ماهي اعراض انسحاب المورفين من الجسم؟

في البداية شيء سيكون الشعور بالأرق وقلة النوم، وتشنجات في المعدة والإسهال، آلام في العضلات والمفاصل، وسيلان في الأنف وتعرق غزير.

ورعشة مع ضعف عام في الجسم، خمول مع فقدان للشهية، وتسرع ضربات القلب والعطس المستمر.

ودرجة الحدة في هذه الأعراض تعتمد على عدة عوامل، حسب درجة إدمان الإنسان للمورفين، والانتظام في الجرعات وقدرة الجسم على ازالة المورفين من النظام الداخلي.

وعندما يبدأ الإنسان في مرحلة التعافي والتخلص من أعراض الانسحاب، يجب التخلص من كل هذه السموم تحت إشراف طبي متخصص.

حيث أنه يساعد في استكمال طريق العلاج دون أي انتكاسات، ويوفر أيضاً بيئة مناسبة تساعد في استكمال الطريق بأقل الآثار الجانبية.

وبعد التخلص نهائياً من الادمان، يجب أن يكون هناك برنامج علاجي على المدى الطويل، وذلك حتى لا يعود الإنسان إلى هذا الطريق مرة أخرى.

المورفين من أخطر أنواع المخدرات، وأسرعها ادماناً حتى من المرات الأولى من تناوله، وعلى الرغم من أنه مسكن للآلام في المقام الأول، إلا أن الإنسان أحياناً يسخره في خدمة مزاجه وحاجته للشعور بالسعادة.

وكل هذا يكون سلاح ذو حدين، فمن الممكن أن يشفي عند الآلام القوية، وقد يضر ويجعل الإنسان عبد لتأثيره، لهذا دائماً يجب أن تعرف، أن الطريق الذي يكون مخاطره الإدمان، يبدأ دائماً بتجربة واحدة.

ومن المستحيل أن تجد شيئاً هو خطر على الإنسان غير الإنسان نفسه.

فارماستان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى