النبي زكريا
قصتنا اليوم عن نبي من انبياء الله المرسلين، نبي ذكر في القرآن الكريم والانجيل والتورات وارتبط اسمه بحادثة شهيرة لنبي الاسلام محمد عليه الصلاة والسلام
نبي كان الكفيل لأقدس نساء الكون ووالد نبي قتل ظلما وبهتانا وهو ايضا قتل بطريقة مأساوية ومن قتله هو إبليس
في بعض كتب المؤرخين ورد انه عندما عرج بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام الى السموات السبع رأى بعض الانبياء السابقين ابتداء من أدم وصولا الى عيسى عليهما السلام،
كان النبي زكريا عليه السلام بطل مقالنا اليوم من بين هؤلاء فبعد ان سلم النبي محمد عليه الصلاة والسلام عليه سأله عن سبب وكيفية قتله
وكان جواب النبي زكريا ان ابليس قتلني. فكيف ؟ ولماذا ؟ وماهي التفاصيل؟ هذا ما سنتعرف عليه
النبي زكريا نبي مذكور في اسفار العهد القديم وفي الانجيل والقرآن الكريم وهو في التورات مذكور باسم زكريا بن برخيا أحد الانبياء الصغار بحسب سفر العهد القديم
وفي الانجيل هو والد يوحنا المعمدان و النبي يحيى هو يوحنا المعمدان في الديانة المسيحية اما في القرآن الكريم فقد ذكر في سورة آل عمران و الانعام و مريم والأنبياء
اما عن نسبه فهو زكريا بن برخيا او زكريا بن دان وينتهي نسبه الى يهوذا ابن النبي يعقوب عليه السلام
بحسب اغلب المصادر فقد ولد النبي زكريا في القرن الاول قبل الميلاد في مدينة الخليل ارسل زكريا الى بني اسرائيل داعيا للحق وعبادة الله الأوحد
عاش زكريا حياته متفانيا في خدمة الرب وقد كان عمران والد مريكم العذراء معاصرا له ومن المؤمنين برسالته
اما عن عمران فلم يرزقه الله بذرية لثلاثين سنة فكان ان حملت زوجته والتي ذكرتها المصادر باسم حنة او حنا امتنانا للرب وشكرا لنعمته نذرت حمل ما في بطنها لخدمة الرب وبيته راجية ان يكون ذكرا الا ان المولود كان أنثى وسميت مريم
بالطبع ام مريم وفت بنذرها فقدمت مريم لبيت المقدس لخدمة الرب في هذه الفترة توفي عمران والد مريم فتنافس الكهنة وخدمة بيت المقدس لكفالة مريم لما كان لوالدها من خصال وسمات حسنة
اصر زكريا على كفالتها لعلها تبدل نار الاشتياق الى الذرية فهو قد اضحى شيخا كبيرا وامرأته عجوز عاقر وكانت له الكفالة، كبرت مريم في جو النبوة والعبادة والديانة وكان لها محرابها الخاص للتعبد
وكان نبي الله زكريا كلما دخل عليها المحراب يجد عندها من الفاكهة مالذ وطاب وكلما سألها عن مصدر هذا الرزق تجيب انه من عند الله
وفي ذات الوقت كان زكريا دائم الدعاء لربه ان يرزقه بغلام ذكر يرث النبوة والشريعة منه كي لا تؤل الى الفاسقين من بني اسرائيل فكانت له البشرى بيحيى عليه السلام وهو قائم بالمحراب يصلي ليذكر هو وابنه بالقرآن في سورة الانعام
تربى النبي يحيى في كنف والده زكريا فكان الزاهد الورع التقي منذ صغره فلم يكن يشارك الصبيان في لعبهم فهو قد أوتي النبوة منذ صغره
النبي زكريا كان شديد التعلق بولده وكان يخشى عليه من بني اسرائيل اما النبي يحيى فلم يكن يخشى قول الحق ولو كان الحساب حياته
وهذا ما حصل فقد قتل ظلما وقطع رأسه بهتانا لأنه لم ينتهي عن قول الحق ولم يرضى بالمنكر ليفقد حياته ويهدى رأسه الى احدى بغايا بني اسرائيل
هنا بدأت فصول مأساة النبي زكريا فالولد الذي انتظره كثيرا قد رحل الى خالقه وليس بأي ولد بل نبي منذ الصغر
وفي هذا الامر أي علاقة مقتل النبي زكريا بمقتل النبي يحيى اكثر من رواية
الرواية الاولى
تقول انه بعد مقتل النبي يحيى ظلما على يد بني اسرائيل وبعد ان وضع رأسه في الطشت وفوران الدم الذي تبلاه غضب الرب جل وعلا لمظلومية نبيه فقام بإنزال عقاب سريع بحق الملك وحاشيته الذين اقدموا على هذا الفعل الشديد
ولذلك في صباح اليوم التالي اتفق القوم على الانتقام لملكهم من زكريا وذلك لمعرفتهم بأن رب زكريا ويحيى من غضب لما لحق بنبيه فعاقب الملك ولكن النذير كان قد سبقهم الى زكريا يحذره من بطش القوم فما كان من زكريا الا ان هرب منهم حتى وصل الى الشجرة
الرواية الثانية
تقول انه بعد موت يحيى عليه السلام وقبل ان يعاقب قاتلوه على يد نبوخذ نصر امر ملك بني اسرائيل ونقصد هنا قاتل يحيى عليه السلام ان يحضر النبي زكريا بين يديه والنية كانت قتله والحاقه بولده كي لا يقلب القوم عليه، وصل الخبر لزكريا الذي هرب بدوره حتى وصل الى الشجرة
الرواية الثالثة
تقول انه بعد ان وضعت مريم وليدها شاع خبر كاذب بين الناس ان زكريا عليه السلام هو من اوقع السيدة العذراء في الفاحشة فهو الوحيد الذي كان يدخل عليها المحراب فأقبل القوم يريدون سفك دمه جزاء على فعلته بحسب ظنهم ليهرب زكريا عليه السلام منهم وايضا يصل الى الشجرة
فما قصة الشجرة ولماذا كانت هي بداية النهاية؟
الروايات الثلاث تحمل نفس النهاية ففي اثناء هربه من القوم الفاسقين وصل الى بستان فلم يجد سبيل للاختباء منهم فأنطق الله شجرة لتدعو زكريا للاختباء في داخلها قائلة: إلي إلي يا زكريا ادخل فيا
فاتجه زكريا الى الشجرة التي انشقت له ودخل في جوفها ولكن ابليس اللعين كان حاضر كل الوقت فرأى ما دار بين الشجرة وزكريا عليه السلام
لذلك قبل ان يدخل نبي الله زكريا في الشجرة ويختفي بشكل كلي قام ابليس بأخذ بعض من رداء زكريا عليه السلام وجعله يتدلى خارج الشجرة
وصل القوم الى البستان الا انهم لم يجدوا لزكريا أثرا فما كان من ابليس الا ان اخبرهم او وسوس اليهم بأن زكريا استخدم سحره لشق جذع الشجرة واختبئ في داخلها وتأكيدا لما أحبره به قام بإرشادهم الى الشجرة والرداء المتدلي من جوف الشجرة فاختلف رأي القوم حول كيفية اخراجه واقترح احدهم ان يحرقوا الشجرة بمن فيها
الا ان اللعين ابليس وسوس لهم بأن ينشروا الشجرة الى نصفين وبالفعل بدأ بنو اسرائيل بنشر الشجرة ونبي الله زكريا فيها حتى وصلت أسنان المنشار على جسده الشريف فشق الجسد الطاهر الى نصفين مع الشجرة
وبذلك يكون ابليس اللعين هو قاتل زكريا عليه السلام على يد قتلة الانبياء من بني اسرائيل في جريمة تاريخية و انسانية بحق اب وولده من أطهر خلق الله جريمة لن ينساها التاريخ
في الكتب التي تناولت حوار النبي زكريا مع محمد عليه السلام خلال معجزة الاسراء والمعراج يذكر سؤال محمد لزكريا عليه الصلاة والسلام حول الاحساس بالألم في تلك اللحظة
فأجابه ان الشجرة هي من احست بالألم لان الله جعل روح زكريا بها لتنتهي بذلك فصول قصة من اكثر قصص الانبياء إيلاما وحزنا حالها كحال قصة النبي يحيى عليه السلام ودائما القاتل الحقيقي وادوات تنفيذ هذه الجرائم هم وجهان لعملة واحدة
هذه القصة ترينا ان الدعاء والتضرع الى الله بقلب صادق ستكون نتيجته الحتمية هي اجابة الدعاء كما ان جزاء الصبر لا يضاهيه جزاء
قصة ترينا ان الشيطان كان ومازال منذ بدء الخليقة الى يومنا هذا ومن تغير هو فقط الادوات التي يختارها اللعين لتحقيق مأربه
قصة تعلمنا ان دم المظلوم هو من ينصر والظالم من يعيش نشوة النصر المؤقتة ليأتيه العذاب الحق ولو بعد حين
اقرأ أيضاً… كيف مات النبي يحيى، من قطع رأسه؟ والمفاجأة، من انتقم له ؟! – حسن هاشم
اقرأ أيضاً… أصحاب الرس | قتلوه لأجل شجرة، أصحاب الرس والنبي المجهول ! حسن هاشم