إسلام

حلف الفضول مؤسسه وزعيمه وأعضائه

حلف الفضول / الربيع الأول – وضاح خنفر:

في عام 590 النبي صلى الله عليه وسلم كان في عمر العشرين عاماً، وكان هناك حدث مهم يرويه الاخباريون، ويتحدثون عنه، وفيه دلالة استراتيجية مهمة.

حلف الفضول وانقسام قريش

حلف الفضول وانقسام قريش

قلنا أن قريش قد انقسمت عملياً إلى حلفين رئيسيين، حلف المطيبين، الذي يدعم القيم والعدالة، ويعطي بني هاشم حقهم في الساقية والرفادة.

وحلف الأحلاف، وهو رأس المال والسلطة، وهو قائم على الجشع والتفاخر، والتكاثر والسؤدد، فهو حلف سياسي بحت.

الحادثة التي تشكل على إثرها حلف الفضول

والذي حدث في هذا العام، أن رجلاً أزدي، كان يتاجر مع أحد زعماء حلف الأحلاف، وهو العاص بن وائل السهمي، زعيم بني سهم.

فكان حلف الأحلاف، يتشكل من بني مخزوم، وبني جمح، وبني سهم، وهذا الرجل كان ثرياً جداً.

وهو والد عمرو بن العاص، وكان كبيراً في السن.

وقد حدث أن العاص بن وائل السهمي، رفض أن يعطي حق الرجل هذا في التجارة، فحاول أن يستنهض الأحلاف.

وذهب إليهم وقال لهم: هذا صاحبكم قد منعني حقي، فأرجوا أن تتدخلوا، فنهروه وطردوه، دون أن يردوا عليه حقه.

فذهب إلى حلف المطيبين، إلى عبد الله بن جدعان، وعبد الله بن جدعان، كان في عام 590 زعيم حزب المطيبين.

وكان بن جدعان أيضاً زعيم قبيلة تيم، من قريش، وتيم كان منها أبو بكر الصديق، وعبد الله بن جدعان، هو بن عم أبي قحافة، والد أبا بكر،

كان رجلاً ثرياً جداً، لدرجة أن المؤرخين عندما كانوا يتحدثون عن ثروته، تحدثوا عن خرافات، مثل أنه كان يمشي في الجبل، فوجد مغارة وقبور لرجال، فيها كنز من المال.

وعبد الله بن جدعان معروف بالكرم، ونجدة الفقراء، وأنه يمثل شخصية معتدلة، ذات مزاج راق داخل مكة، أي هو عملياً، أكبر زعماء حلف المطيبين، وينظر إليه في المشكلات الكبرى.

تشكل حلف الفضول من حلف المطيبين

ذهب الرجل الأزدي إليه، وعرض عليه المشكلة، فدعا بن جدعان في داره إلى اجتماع عام، لجماعته من حلف المطيبين.

فكان من الذين حضروا، بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو تيم، وحلف بني زهرة، القبيلة التي كان لديها نسب مع بني هاشم، ومجموعة من الأحلاف القريبة.

وتحالفوا وتعاقدوا، على نصرة المظلوم، وأن يردوا لأي شخص أياً كان حقه، في مكة، وأن يتقاسموا بينهم في المعاش، وخدمة الناس القادمين، وتقديم صورة من القيم والعدل والإنصاف.

أي أن يقمعوا شهوة السلطة والجشع المالي، الذي يمثله حلف الأحلاف، وفي هذه الحالة، العاص بن وائل السهمي، علم أن الحلف قد استهدفه.

فردوا إلى الرجل الأزدي حقه، ومنذ ذلك الوقت، عرف هذا الحلف بحلف الفضول، وقد حضره النبي صلى الله عليه وسلم شخصياً.

وُذكر في الحديث أنه قال: لقد حضرت مع عمومتي في دار بن جدعان حلفاً، ما أحب لو أن لي فيه حمواً عم، ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت.

وزعيم حلف الأحلاف في تلك الفترة، كان الوليد بن المغيرة، وهو شيخ بني مخزوم، الذي يكون ابن أخيه هو أبو جهل.

وزعيم بني جمح كان أمية بن خلف، وزعيم بني سهم العاص ين وائل السهمي، وكانوا متقدمين في السن كلهم.

فالوليد عندما توفي كان عمره 92 عاماً، بعد أشهر من الهجرة النبوية، والعاص توفي بنفس الوقت، وعمره 82 عاماً، وأمية بن خلف قتل في معركة بدر.

وكانت هناك قبيلة عدي، التي منها عمر بن الخطاب، بعد دخول عمر في الإسلام، خرجت القبيلة من حلف الأحلاف.

الاختلافات بين حلف الفضول وحلف المطيبين

نعود مرة ثانية إلى حلف الفضول، هناك شيء مهم يختلف عن المطيبين، فقد خرجت مجموعة من حلف المطيبين، لم تحضر في دار بني جدعان، ولم يكن لها ذكر في حلف الفضول.

وهم بنو عبد شمس بن عبد مناف، وبنو نوفل بن عبد مناف، وهم أولاد عم بني هاشم، وعدم حضورهم، لأن خلاف قد شب بينهم، وأخرجهم من هذا التحالف.

وهذه أدت إلى أن هذان البطنان، لم ينضما إلى الأحلاف، ولكن أسسا ما يمكن تسميته، بالطريق الثالث.

فكان يعرف بنو أمية، أن بني مخزوم وحلفائهم من الأحلاف، يكرهون كل أبناء عبد مناف، وأبناء قصي.

وأن الخلاف أصله كان تنافساً في الزعامة، وحسداً، وكل من جاء بعدهم، أن يكونوا زعماء في قريش.

الخلاف بين حلف الأحلاف وحلف الفضول في النبوة

وهذا بدا لاحقاً، في أخبار نقلت كثيرة، منها مثلاً، عن الأخنس بن شريق، في معركة بدر، حيث التقى مع أبو جهل، وقال له: اصدقني القول هل محمد كذاب؟ قال له: إن محمد ليس بكذاب.

فقال له: لماذا نقاتله إذاً؟ فقال له: كنا نحن وبنو عبد مناف، أطعموا tأطعمنا، وسقوا فأسقينا، وأجاروا فأجرنا، حتى إذا ما تحاذينا في الركب، قالوا: منا نبي، فمن أين نأتي نحن بنبي؟

فاعترف أبو جهل بأن المشكلة مع بني عبد مناف، أن لديهم نبي، فكيف يكون زعيماً على قوم، قالوا لديهم نبي.

التيار الثالث لبني أمية

فبني أمية يعرفون أن أصل الخلاف، هو خلاف يشملهم، فلا يستطيعون أن يكونوا في الأحلاف، لكن عدائهم بني هاشم، وبني مطلب، وأبي طالب، ثم للنبي.

أصبح جزءً من شخصيتهم، فشكلوا ما يشبه التيار الثالث في مكة، وهذا له أثر بعد معركة بدر، عندما يقتل معظم زعماء الأحلاف، وتؤول سيادة قريش لأبي سفيان لاحقاً.

إذاً حلف الفضول، رسخ أنه حلف قيم وعدالة، وفيه شخصية عبد الله بن جدعان، المسمى بحاسي الذهب.

سألت عائشة رضي الله عنها مرة، النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: يا رسول الله، عبد الله بن جدعان، كان يصل الرحم، ويعطي الفقير، هل يشفع له ذلك يوم القيامة؟

قال لها: لا، لأنه لم يقل يوماً، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.

المصادر

 وضاح خنفر

شاهد أيضاً:

جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى