حيوانات

حياة البرية: تنوع الحياة البرية على الأرض

حياة البرية

الحياة البرية على الأرض لها تأثير على الإنسان وعلى استقراره، فعندما بنى البشر أولى مستوطناتهم قبل حوالى 10 آلاف عام، كان العالم من حولهم على اليابسة وفي البحر عامراً بالحياة.طوال أجيال غذى هذا النعيم المستقر حضاراتنا المتنامية. ولكن الآن، في خلال فترة حياة بشرية واحدة، تغير كل هذا.

الحياة البرية والانقراض

في السنوات الأخيرة انخفض عدد الحيوانات في الطبيعة بمعدل 60% ، ولأول مرة في تاريخ البشرية، لم يعد بالإمكان اعتبار استقرار الطبيعة أمراً مسلماً به.

ولكن الطبيعة مرنة، ما زالت تكمن فيها ثروات عظيمة. وبمساعدتنا، يمكن أن يتعافى الكوكب. وأصبح من المهم جداً أن نفهم طريقة عمل الطبيعة وكيفية مساعدتها.

تنوع الحياة البرية في أمريكا الجنوبية

ما زالت الحياة البرية تزدهر بأعداد مذهلة في أماكن ثمينة قليلة، فعلى طول ساحل البيرو في أمريكا الجنوبية تجتمع ملايين الطيور البحرية في مستعمرات وتأتي لتتكاثر.

في كل صباح، تغادر الطيور مستعمراتها لصيد الأسماك في أحد أغنى البحار على كوكب الأرض إنها هجرة يومية مذهلة لـ 5 ملايين طائر. حيث تسعى الأسراب الضخمة من طيور الغاق والأخبل وراء شيء واحد، وهو الأنشوفة.

تنهال طيور الأخبل على المياه، ويشارك المزيد من الطيور في موجات الاقتيات.

يحدث كل هذا التجمع الضخم هناك لأن تيار همبولت المحيطي القوي يندفع من القطب الجنوبي، جالباً معه مغذيات غنية من قاع المحيط. 90% من الحياة في المحيطات تُوجد في البحار الضحلة القريبة من الساحل. بعيداً عن اليابسة.

ورغم أن أغلب البحار تُعتبر صحراء زرقاء. لكن حتى هذه المياه البعيدة يمكن تغذيتها بأكثر رابط غير متوقع باليابسة.

الحياة في المحيطات

الحياة البرية في بعض الصحارى التي تقع عادةً على بعد مئات الكيلومترات من المحيط، تقدم المواد الخام للحياة.

ففي كل عام، تكنس الرياح ملياري طن من الغبار إلى السماء، على الأقل ربع تلك الكمية تسقط في النهاية في البحر، وتوفر المغذيات التي تحتاج إليها الكائنات الحية الدقيقة والتي هي أساس الحياة في المحيط.

تستكشف الدلافين المحيط الشاسع المفتوح بحثاً عن الثروات التي ربما أمنتها الصحاري البعيدة. وتكتشف مجموعة من الإسقمري سرباً من قرديس البحر، القشريات الصغيرة، التي تتغذى على النباتات المجهرية التي تطفو في المحيط.

ولكن الإسقمري نفسه هو طعام الدلافين. فتدفع الإسقمري في اتجاه السطح، نحو منطقة صيد الطيور البحرية، طيور جلم الماء.

الجناحان اللذان يدفعان الطيور عادةً في الهواء يوجهان طيور الجلم عبر الماء حتى عمق 6 أمتار تحت السطح. بينما تلتقط الطيور طعامها من أعلى السرب، تهاجم الدلافين الجانب السفلي. وبعد مرور 20 دقيقة على هذه الوليمة، تحظى الكائنات المفترسة من البحر والجو بكفايتها.

الحياة البرية في قارة أفريقيا

يعتمد توازن الحياة البرية على كوكبنا على تلك الروابط بين المناطق البيئية المختلفة. فتبخر المياه من سطح البحر وتكثفها لتتحول إلى سحب ضخمة، يجعلها بدورها تهطل مياهً عذبة على هيئة أمطار.

ولكن هذه الأمطار مانحة الحياة لا تتوزع بشكل متساو على اليابسة. فبركة ملح شاسعة في أفريقيا هي كل ما تبقى من بحيرة قديمة.

إنها من دون ماء تماماً ومرتفعة الحرارة جداً. وهي من أكثر الأماكن غير الملائمة للحياة. تُوجد عليها بعض الآثار، تركتها حيوانات تبحث عن الماء من دون نجاح يُذكر.

ولكن أحياناً، يتبدل هذا المنظر الطبيعي بأكمله. فطوفان ضخم يغمر بركة الملح. وبعد وصول إشارة غير معلومة إليها، تأتي أسراب النحام القزم من على بعد آلاف الكيلومترات. الطحالب التي يتغذى النحام عليها كانت كامنةً كأبواغ في الغبار. ولكن الأهم، الطيور هنا لتتكاثر.

قد تتوفر الظروف المثالية مرة كل 10 سنوات، فتعشش الطيور على جزيرة بعيداً عن الشاطئ. وتبني تلالاً من الطين لترفع بيضها وتبقيها أبرد قليلاً مما لو كانت على مستوى الأرض. المياه المحيطة بالجزيرة مالحة لدرجة أن الحيوانات المفترسة لا تذهب إلى هناك، لذا تكون أعشاش النحام آمنة.

وبعد 30 يوماً، تبدأ آلاف الصيصان بالخروج من البيض، ولكن لا يُوجد ما يحميها من الشمس الحارقة. والمياه التي كانت تحيط بجزيرتها وتحميها، أصبحت جافةً تماماً الآن.

آخر صوص يخرج من البيضة يجد عالماً قاسياً حوله، وبطريقة أو بأخرى، على الصيصان النامية أن تجد مياهاً عذبةً لتشربها.

لا يمكنها الطيران بعد، لذا عليها أن تسير، بينما يقودها بعض البالغين. فقد يتوجب عليها السير لمسافة 50 كيلومتراً، وبعضها لا يستطيع المواكبة حيث يتجمد الملح حول سيقانها. معظم الصيصان، وبالرغم من كل شيء، وبعد سيرها لأيام، تصل إلى المياه العذبة في نهاية رحلة طويلة، هي أولى المحن التي ستُفرض على طيور النحام هذه بسبب عدم انتظام الأمطار.

الحياة البرية ، لو كان هطول الأمطار أكثر توقعاً وتيقناً، لكانت الحياة ستزدهر بوفرة أكبر، في الأعداد والأنواع.

سيرينغيتي

الحياة البرية في سيرنغتي تأوي أكثر من مليون ثور بري. إذ تتبع القطعان الأمطار الموسمية، وترعى العشب النامي حديثاً الذي يظهر عقب الأمطار.

كل عام، في خلال 3 أسابيع، تلد الإناث أكثر من ربع مليون عجل. وعلى العجل البري الصغير الذي عمره بضعة أيام فحسب أن يقوي اللعب سيقانه من أجل الرحلة الطويلة المقبلة.

ينبغي على العجل أن يظل قريباً من أمه، وقد يتضور جوعاً من دون حليبها.

ترتحل القطعان باستمرار ، متتبعةً الأمطار التي تسقط على السهول ، لكي تجد خضرةً طازجةً لطعامها. وفي النهاية، تصل إلى غابة شجرية. يعتمد مستقبل هذه الهجرة بأكملها على انتظام الأمطار، ولكنه يعتمد أيضاً على الوجود المستمر للمراعي الضخمة المفتوحة التي عبرها تقوم القطعان برحلتها الطويلة.

الحياة البرية في الغابات الاستوائية

الغابات الستوائية لديها الحياة البرية بحيث تنمو الغابات في المناطق التي يهطل المطر فيها بغزارة طوال العام، وفي دفء المناطق الاستوائية، تؤمن الغابات ثروة حياتية لا مثيل لها.

يعيش نصف كل أنواع الحيوانات البرية في هذه العوالم المستقرة. فالتنوع الشديد مبهر، وما زلنا لم نصنف بعد كل الأنواع التي تعيش في الغابات الاستوائية.

العلاقات بينها كلها كثيرة ومعقدة. فغالباً ما تعتمد نباتات الحياة البرية على الحيوانات لتلقيح أزهارها، وهذه الروابط الحميمية مهمة بنفس قدر الروابط العالمية الكبيرة. فمثلاً أزهار السحلبية التي على شكل دلاء حمراء مليئة بسائل زيتي يقطر من الأعلى، فتأتي ذكور النحل التي تحتاج إلى عطر لتثير إعجاب الإناث.

وزهور السحلبية تقدمه لها، لكن الدلو زلق، والسائل الذي سقط فيه ذكر النحل لزج. والطريقة الوحيدة للخروج هي عبر نفق ضيق

عند خروجه، يكون ذكر النحل ممسوكاً بإحكام، مما يمنح النبات الوقت الكافي للصق أكياس اللقاح بظهر ذكر النحل.

تُؤخذ حبوب لقاح السحلبية إلى نبات آخر، ويُكافأ ذكر النحل، حين يتعافى، بالعطر الذي، يمكنه إثارة إعجاب الأنثى. لا تُوجد مواسم واضحة في الغابة المطيرة، إنها تنتج الطعام بطريقة أو بأخرى طوال العام.

إنها غنية بالموارد الطبيعية حتى أن إناث بعض الطيور يمكنها أن تربي صغارها وحدها تماماً، وهذا يسمح للذكور بقضاء وقتها بأكمله في اجتذاب الإناث، كما تفعل طيور الماناكن. الحياة البرية ، تغطي الغابات الاستوائية 7% فحسب من أراضي الكوكب.

الحياة البرية في الغابة الأمريكية الشمالية

الأراضي البعيدة عن خط الاستواء، حيث يكون الطقس موسمياً وأبرد، تكون مختلفةً تماماً. وأعظمها على الإطلاق هي الغابة الشمالية التي تمتد عبر أمريكا الشمالية وأوراسيا.

وحيث لا يمكنها النمو في قبضة الشتاء المتجمدة، فإن الغابات تشكل ملاذاً بالغ الأهمية للأنواع القليلة نسبياً التي يمكنها النجاة هنا.

مع اقتراب الشتاء يتجه غزال الرنة، الذي يرعى في سهول التندرا الباردة الشمالية، جنوباً إلى الغابة ليجد الغذاء والمأوى، في هذه المنطقة، قد تنخفض درجة الحرارة إلى أقل من 40 درجة تحت الصفر.

لكن ستوفر الغابة بعض الحماية من أسوأ حالات الطقس. حيث لا يرتحل غزال الرنة وحيداً.

الذئاب تعيش في الغابة طوال العام، وفي الشتاء تتخصص في صيد غزال الرنة. وعندما تجد آثاراً حديثةً. تتحرك بسرعة متفاديةً الثلوج العميقة، ملتزمةً بالآثار الكثيرة التي تركها قطيع غزلان الرنة، وعندما يختار القطيع أن يتوقف ليستريح على بحيرة متجمدة. ستتمكن الغزلان من رؤية أي خطر يقترب في مكان مفتوح. وبالتأكيد، تلحق الذئاب بها باحثةً عن أي نقطة ضعف.

على البحيرة المفتوحة يمكن لغزلان الرنة أن تسبق الذئاب، لذا تدفعها الذئاب لتعود إلى الغابة حيث الثلوج العميقة، فيكون التقدم أصعب وأبطأ، ويمكن للذئاب المختبئة بين الأشجار أن تقترب منها، ويبدأ الصيد.

مع حلول الربيع، سيتجه قطيع غزلان الرنة إلى الشمال مرة أخرى، تاركاً خلفه الذئاب والغابة ، سيرتحل القطيع مسافة 600 كيلومتر، عابراً جبالاً للوصول إلى سهول التندرا الباردة، حيث تنمو أعشاب الربيع من جديد، ويمكنها أن تلد.

ولكن هذه الهجرات مجرد ظلال لما كانت عليها من قبل، إذ فقد القطيع حوالى 70% من عدده في العشرين عاماً الأخيرة.

الحياة البرية في القطبين

عالمها وكوكبنا بالكامل يتغيران بسرعة الآن. ففي أقصى قطبي الكوكب، تقع البريتان المتجمدتان للقطب الجنوبي والقطب الشمالي.

رغم أنهما يبدوان بعيدين للكثيرين منا، فاستقرار هذه القفار المتجمدة مهم جداً للحياة ككل على الكوكب، ولكن في خلال 70 عاماً فقط، تغيرت الأحوال بسرعة مخيفة في الحياة البرية . إذ تزداد حرارة القطبين أسرع من أي مكان آخر في الكوكب.

القطب الشمالي هو محيط متجمد، والجليد البحري الذي تعتمد عليه كل المخلوقات هنا، يتلاشى. وتتخصص الدببة القطبية في اصطياد الفقمة على المحيط المتجمد.

ولكن ذاك العالم يذوب الآن تحت أقدامها حرفياً. ويتفكك الجليد البحري في كل عام، وحالياً هذا يحدث في وقت أبكر، وموسم الصيد للدببة يصبح أقصر.

لهذا تأثير عميق بالفعل ، تكبر الدياسم (صغار الدببة) في الحياة البرية،  تحت الوزن الموصى به، مما يقلل من فرص نجاتها. في خلال حياتها، قد يخلو القطب الشمالي في الصيف من قدر كبير من الجليد البحري.

ليس الجليد البحري وحده الذي يتلاشى. فالجليد الذي يغطي اليابسة في غرينلاند يتغير بسرعة أيضاً. بمساحة ضخمة توازي خمس مساحة الولايات المتحدة.

هذان المنبسط الجليدي مع الجليد البحري، يحميان كوكبنا بعكس الإشعاع الشمسي بعيداً عن سطح الأرض، وبذلك يمنعان ازدياد درجة حرارة الأرض ، ولكن تزداد درجة حرارة القطب الشمالي على نحو سريع. فتتحرك الأنهار الجليدية 45 متراً في اليوم. لتلتقي بالبحر، يبلغ ارتفاعه 100 متر فوق الماء، ويبلغ عمقه 400 متر أخرى تحت السطح.

طوال العشرين عاماً السابقة اثرت على الحياة البرية ، كانت غرينلاند تفقد الجليد، ويتسارع معدل ذوبان الجليد. والكتل الجليدية الضخمة التي تسقط من قمة النهر الجليدي هي مجرد البداية لحدث أكبر بكثير.

إذ أن امتداداً للواجهة الأمامية من النهر الجليدي بطول أكثر من كيلومتر يبدأ بالانفصال. ومن عمق 400 متر تحت السطح، يندفع الجليد الخفي إلى الأعلى بقوة.

انفصال جبل جليدي بحجم ناطحة سحاب يولد موجةً مديةً ضخمةً. وفي خلال 20 دقيقةً، ينفصل 75 مليون طن من الجليد.

لطالما أطلقت الأنهار الجليدية الجليد إلى المحيط، ولكن الآن هذا يحدث بضعف السرعة تقريباً لما كان يحدث قبل 10 سنوات، حول العالم، يمد الجليد البحر بكميات ضخمة من المياه العذبة، رافعاً من مستوى البحر، ومغيراً معدل الملوحة ومعطلاً للتيارات المحيطية.

من دون تيار همبولت سيصمت ساحل البيرو، وسيزول مشهد الطيور البحرية الرائع، يحدث خلل في الروابط الأساسية في كل أنحاء كوكبنا. ونحن نفقد الاستقرار الذي نعتمد عليه، نحن وكل الكائنات الحية.

اقرأ أيضاً… قنديل البحر والزغب وغيرها، لو دست على هذا الكائن البحري فسارع لطلب المساعدة

اقرأ أيضاً… الحيوانات الاليفة | هل يمكن لـ الحيوانات الاليفة ان تحذرنا بكارثة قادمة ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى