الآداب

خطوة واحدة صغيرة تغير مجرى الحياة


الحياة : عندما يريد الناس أن يغيروا شيء في حياتهم، غالباً يلجؤون لاستراتيجية التجديد، استراتيجية التجديد هذه علمية تغيير شاملة وسريعة في وقت صغير.

أنت مثلاً لديكِ مشكلة في وزنك، وتريدين تغييرها، يجب أن تغير مجرى الحياة ، فاستراتيجية التجديد بالنسبة لك، هو أنك منذ الغد ستسيرين على نظام غذائي شديد، وستلتزمين بتمارين رياضية لمدة ثلاث شهور مثلاً، وبعد ذلك ستحققين النتائج التي تريدينها.

استراتيجية التجديد جميلة، ولكن له مشكلة بديهية، هي أنها صعبة، فهي كأنك تحاولين أن تصعدين تل شديد الانحدار.

أي شخص يحاول أن يصعد على التل، أول شيء سيفعله أنه سينظر إليه أنه صعب جداً، فيشعر بالكسل أن يصعد إليه، أو يحاول أن يصعد إليه، ولكن بعد فترة يفقد الطاقة فينز، ولن يغير مجرى الحياة.

يعني معنى ذلك هناك أكثر من احتمالية للفشل، لذلك سنتحدث عن طريقة تعتبر بديل لاستراتيجية التجديد الصعبة هذه.

الكايزن

ممكن أن نختصر تعريفه بأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة لتغير مجرى الحياة، لو التجديد يحتاج فعل اصلاحات صارمة وجذرية، فإن الكايزن هو فعل خطوات صغيرة ومريحة لتغير مجرى الحياة، لكن بثبات أقل.

وخطوات صغيرة جداً لدرجة أنها تظهر للوهلة الأولى، تظهر أنها تافهة وحتى مثيرة للإحراج، ولكن أنها تكون صغيرة جداً هذا مهم، لكي تكون سهلة جداً لدرجة أنك مستحيل أن تفشل بها.

يعني لو نعود للمثال الأول، فأنت بدل أن تلتزمين بنظام قاسي فجأة، ما رأيك أن تمشي لمدة دقيقة واحدة كل يوم أمام التلفاز، دقيقة واحدة، وبعد المشي وتستمري عليها فترة، سنرى نشاط ثاني وثالث ورابع، وهكذا نراكم في أنشطة صغيرة ومفيدة، حتى يتغير مجرى الحياة.

طبعاً الستين ثانية التي بدأنا بهم ليسوا هم الذين سيبدلون حياتك، ويحققون لك الهدف التي تريديه، ولكن المهم أن تكوني محافظة على اتجاهك.

في التجديد الناس تشعر بالتخاذل وفي النهاية الفشل وخيبة الأمل، وهذا يجعلهم يغيرون اتجاههم بعد فترة، ولا يتابعون.

لكن في الكايزن ولأن الخطوات بسيطة جداً، فأنت مستحيل أن تفشل بها، وهذا سيحقق لك نجاح صغير، وسيتغير مجرى الحياة.

وهذه النجاحات لن تجعلك تشعر بخيبة الأمل، وستشجعك أن تكمل الطريق، ولا تغير اتجاهك، وفي النهاية ستكتشف أنك وصلت إلى الهدف وأنت لم تنتبه.

ماهو سر نجاح الكايزن؟

والكايزن هو فرص نجاحه أكبر من فرص نجاح التجديد وتغير مجرى الحياة، لأن التغير يستدعي المخاوف، فأنت عندما تحاول الوصول لهدفك، عن طريق أن تقوم بوسائل جذرية وتغيرات كبيرة.

أنت هكذا تبتعد عن نظامك اليومي المعتاد، وهذا يجعل المخ الأوسط يولد استجابة الكر والفر، فتشعر بالخوف، الخوف هذا هو الذي يصعب عليك الأمر، ولن تغير مجرى الحياة.

الجسم مصمم، أما استجابة الكر والفر هذه تحصل أن يهرب، ويعود إلى الأمان والنظام الذي تعود عليه، طبعاً هناك بعض الناس حظها جيد، وتعرف كيف تهرب من مشكلة الخوف.

بأنهم يحولوا خوفهم لانفعال من نوع ثاني، إثارة وحماس مثلاً، لكن بالنسبة لبقية الناس، فالتغيرات الكبيرة تستدعي المخاوف الكبيرة، التي تشلهم ولا يعرفون الهروب منها.

أنت لو أردت أن تتخطى هذا الموضوع، ابعد عن التغيرات الكبيرة، أنت هكذا ستدمر جسمك، فلن يوقظ استجابة الكر والفر، ويتركها نائمة.

اطرح أسئلة صغيرة

لكي تبدأ بهذا الموضوع وتمهد لبرنامج كايزن مناسب لحياتك، ابتعد عن الأسئلة الكبيرة، وعود نفسك أن لا تسأل إلا أسئلة صغيرة.

هناك أسئلة مثل كيف يكون جسدي مناسب؟ أو كيف أصبح غنياً؟ أو كيف أصنع منتج يضيف ملايين للشركة؟ هذه أسئلة كبيرة جداً، كيف أغير مجرى الحياة؟

الأسئلة التي تتكون بهذا الحجم تصحي استجابة المخ الأوسط، وتجعلك تشعر بالخوف، وكما قلنا عندما تشعر بالخوف، جسدك سيكون من أولوياته هو حماية نفسه.

يريد أن يهرب ولا يفكر، فأنت هكذا ستعيق مسار ابداعك، لكن لو سألت أسئلة صغيرة من نوعية.

ما هي الخطوة الصغيرة؟ ما الخطوة ممكنة التي سأفعلها وأكون أكثر فعالية؟ أو ما الذي من الممكن أن أفعله كل يوم لمدة 5 دقائق لأقلل ديوني؟ كيف أغير مجرى الحياة؟

هذه الأسئلة بهذا الحجم، هي التي ستسمح لك أن تلف حول مخاوفك، وستركز على حل المشكلة.

قم بأفعال صغيرة

بعد جزء الأسئلة نأتي لجزء الإجابات، الفعل هو جوهر الكايزن، مهم أن يكون الفعل صغير بحيث أن يظهر أنه تافه أو مضحك، يكون سخيفاً لدرجة أنك تشعر أنه لن يفيد بشيء.

أصلاً هذا هو الهدف، أن لا يشعر عقلك بأنك تتغير، لأنه لو شعر بالتغيير، سيوقظ مقاومة التغيير المتأصلة بنا، وسيبدأ بالاستجابة بأن يولد معدلات مرتفعة من هرمونات الضغط، بمعدلات متدنية من الابداع، ونحن نريد العكس.

لذلك من المهم أن تكون التغيرات بالغة الصغر، لدرجة أن عقلك يشعر أن الأمر ليس له لزوم، أن يرفع معدل الجهد لأجلها، وهكذا تستطيع أن تغير مجرى الحياة.

وكمثال عن ذلك، أنت مثلاً تريد أن تتوقف عن الإسراف في مشترياتك من المحلات، فالفكرة البسيطة هنا التي من الممكن أن تستخدمها، هي أنك كل مرة قبل أن تذهب وتدفع، عين منتجاً واحداً في عربية التسوق خاصتك، فأقل منتج لا تحتاجه منهم، وأعده مكانه.

لا تحاول أن تقوم بخطوة أكبر من هذه، المهم أن تبقى مستديماً عليها فترة، وبعد ذلك يد فعلاً صغيراً أيضاً، وهكذا ومع كل نجاح شهيتك ستفتح أكثر على الطرق المستدام للتغير

الأسئلة الأفعال هؤلاء هم المكونات الأساسية للكايزن، أما المكونات المساعدة وهي لتطبيق طريقة الكايزن في حياتك:

حل مشكلات صغيرة

تعودنا أن نعيش مع المضايقات الصغيرة ولا نهتم بها، ولا نصححها، ولكن هذه المشاكل، ستتراكم، وستبقى في النهاية كتلة كبيرة تقفل الطريق عليك.

لكن لو اهتمت بالتعامل معها ستوفر على نفسك سنوات من التصحيح غالي الثمن، أنظر إلى هذه المشكلات الصغيرة كعلامات تحذيرية دائماً.

تخيل لدينا سيدة تشتكي من زوجها، وأنه يفتقر إلى التعاطف معها ومع الناس، وهذا بالنسبة لها مشكلة لا تعرف كيف تتحملها.

عندما نعود بالزمن إلى الماضي، سنرى أن المشكلة الكبيرة هذه، ظهرت على شكل مشكلة صغيرة بفترة الخطوبة، ولكن هي تجاهلته ولم تتعامل معه، وهذا الذي وصل الأمر إلى هنا، ولم تستطع أن تغير مجرى الحياة التي تعيشها.

ليس من الحكمة أن تتجاهل المشكلات الصغيرة، لا تحتقرها ولا تبسطها، وأنت تعيش يومك أعطها المزيد من الانتباه.

قدم مكافآت صغيرة

لو تريد أن تدرب نفسك أو الآخرين على اكتساب عادات أفضل، فأفضل شيء والتشجيع المثالي لك ولهم، هي المكافآت الصغيرة جداً، لمساعدتهم على تغير مجرى الحياة التي هم بها.

ولا تستقل بالمكافآت التي تكون بهذا الحجم، لأنها محفز مهم، سنرشحها في مثال على مستوى

تخيل شركة تقدم للعاملين فيها مكافآت مالية ضخمة، كنسبة من حجم المال الذي توفره أفكارهم للشركة لو نجحت.

كلام جميل وسيشجع الموظفين أن يعملوا ويقدموا أفكاراً أفضل للشركة، هذه الطريقة في التحفيز حسمت النية، ولكن في نفس الوقت ستجعل العاملين غير مهتمين غير بالأفكار الضخمة التي ستصل إلى مكافآت مالية ضخمة وفورية.

لن يهتموا بأي شيء آخر، مهما كان مهم، وأيضاً هناك شيء خطير هنا، الطبيعة البشرية كلما كانت المكافآت الخارجية والحافز الخارجي كبير، كلما قلل من الحافز الداخلي، حتى تزيله تماماً في النهاية.

لأنها ستتحول إلى هدف بذاتها، وستحل محل الرغبة الطبيعية لدى العمال في العمل، وبمجرد أن تنتهي المكافأة من يديهم، ستلاشى لديهم أي حافز للاستمرار في السلوك المنشود.

على العكس منها المكافآت الصغيرة، فهي تشجع الحافز الداخلي، لأنها تعتبر شكل من أشكال الاعتراف والتقدير، ليست مكسب مادي مباشر.

هي تشير لاعتراف الناس وتقديرهم للعمل، وهذا سيزيد من حافز الشخص الداخلي، أن يعمل أكثر ويتطورون أكثر في الحياة.

المكافآت الصغيرة التي نتحدث عنها، مثل جواب شكر، أو كلمة بسيطة تعبر عن الحب والاهتمام، أو مجاملة من المشرف، أشياء ليس من الشرط أن يكون لها قيمة مادية، ولكن ستشعر الشخص بالاعتراف والتقدير.

اكتشف اللحظات الصغيرة

طريقة الكايزن تتطلب العيش بوتيرة أبطئ والاحتفاء باللحظات الصغيرة في الحياة، نيشان الحياة بهذا الأسلوب، أن يقودك إلى اندفاعات يومية، نحو التفوق والاتجاه إلى هدفك.

هناك فكرة منتشرة أن التغير والتقدم إلى الأمام، يأتون في لحظات استثنائية، رؤية تأتي للعالم أو الفنان وهو جالس في صومعته، ومنعزل يعذب نفسه في التفكير، إلى أن يأتي الالهام.

ولكن هذا غير صحيح، اللحظات العظيمة لو تتبعنا أغلبها، سنجد أنها كلها تأتي في لحظات يومية عادية من الحياة.

تأت من الاهتمام اليومي في الحياة بالعمل بالأمور صغيرة، اللحظات التي شكلها عادي، ليست استثنائية، هذه التي يأتي منها أفكار التغيير العظيمة.

لهذا من المهم أن تهتم بها، وأيضاً عندما تكون منخرطاً مثلاً في شيء، وأحسست بالإرهاق والتعب، من الممكن أن تستخدم مبدأ اكتشاف اللحظات الصغيرة، لكي يساعدك.

لأنك به ستستطيع أن تبحث عن اللحظات السعيدة المخبأة في الحياة، عندما تريد أن تفعل شيئاً ابحث عن الأشياء الممتعة الممكنة داخلها، حتى لو صغيرة، وفكر بها.

الأشخاص الناجحين في تحسين عاداتهم في الحياة، هم الذين يستطيعون أن يحولوا التمرينات البدنية، أو تناول الطعام الصحي مثلاً، لمصدر للسرور والفخر.

المبدع الحقيقي هو الذي يستطيع بصورة دائمة، أن يكشف عناصر تستحق الملاحظة حوله، حتى في أشد الأمور شيوعاً وتفاهة.

 

المصدر يوتيوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى