الاحتيال : هي استولت على 9 مليار دولار من أباطرة المال والأعمال، في وادي السيليكون، وأطلق عليها لقب أصغر مليارديرة عصامية في التاريخ.
ظهرت على أغلفة أرقى المجلات، وأسموها ستيف جوبز القادم، اليزابيث هولمز من وادي السيليكون رمز الاحتيال الأصغر في العالم.
في العام 2003 تركت هولمز دراسة الهندسة الكيميائية، في جامعة ستانفورد، لتؤسس شركة ثيرانوس في وادي السيليكون.
وحملت معها فكرة جنونية، آلة بحجم كمبيوتر منزلي، ستلغي وظيفة الطبيب كلياً، ادعت هولمز أن آلتها المنشودة ستعرف كل أمراضك.
تقدم لك وصفة الشفاء الأكيدة، عبر سحب نقطة دم واحدة من جسمك، فكرة تبدو أقرب إلى الخيال.
لكن ما رأيك أن هولمز استطاعت أن تقنع بها كيانات مالية ضخمة، وهي بعمر 19 عاماً فقط، لتعرف كيف فعلتها، إليك قواعد الاحتيال الستة:
قاعدة الاحتيال الأولى استلهم روح وادي السيليكون
معظمنا ينظر لشخص ترك الجامعة على أنه فاشل، لكن ليس في وادي السيليكون، هنا ستجد أن الذين تركوا جامعاتهم، أصبحوا ملوك التكنولوجية في العالم.
ستيف جوبز، مارك زوكربيرغ، بيل جيتس، بالنسبة لملوك المال، كانت حالة هولمز التي أتت من وادي السيليكون مثالية، فتاة تركت الجامعة، وبدأت شركتها من قبو المنزل.
ومن لم يفعل ذلك في وادي السيليكون؟
قاعدة الاحتيال الثانية قل إنك ستيف جوبز القادم
اليزابيث كانت تقلّد جوبز بشكل مبالغ فيه، وهذا في قمة الاحتيال، تلبس مثله، وتأخذ نفس وضعيته عند التقاط الصور، بل وكانت اجتماعاتها الأسبوعية مع فريق العمل، في نفس يوم اجتماعات جوبز مع فريقه.
ولم تأخذ أي إجازات خلال عملها، تماماً كما فعل جوبز، كما أنها استعانت بنفس فريق التسويق، الذي وظفته آبل عند انطلاقتها الثورية، بقيادة آفي تيفانيان.
قاعدة الاحتيال الثالثة املأ العالم ضجيجاً بجمل التحفيز
حينما ترى هولمز في محاضرات تيد، ستجدها تتحدث دائماً عن ذلك الشغف الشديد بما تفعله، وكأنها قادرة على الإتيان بالمعجزات، لتصل إلى الاحتيال على الناس.
ستجد أحاديث تقول فيها، أنت تستطيع، أو لا تدع أحد يخبرك بما تريد، حتى إنها بعد انتشار أولى فضائح شركتها في جريدة وول ستريت.
كان ردها: لقد أتيت من وادي السيليكون وهذا ما يحدث عندما تعمل على تغيير الأشياء، يعتقدون أولاً أنك مجنون، ثم يحاربونك، ويصفونك بصفة الاحتيال، ثم فجأة تغير العالم.
قاعدة الاحتيال الرابعة اظهر بمظهر الاحتيال
الاحتيال هو أكثر الناس أناقة في الحجرة، منذ اللحظة الأولى، عملت هولمز على إظهار نفسها في مكانة عالية، فكرياً ومادياً.
ظهرت على أغلفة أرقى المجلات، مثل الفوربس والفورشن، وظهرت أيضاً في تيد اكس، وبرامج الصباح والمساء، كانت في كل مكان، وكلما شاهدتها ستجدها تتحدث عن الإنجاز والعمل والنجاح، كنوع من الاحتيال على البشر.
الرئيس كلينتون: لقد أسست هذه الشركة قبل 12 عاماً صحيح؟ أخبريهم كم كان عمرك؟
هولمز: كنت في 19 من العمر.
الرئيس كلينتون: لا تقلقوا على المستقبل، نحن بأيدي أمينة إذاً.
قاعدة الاحتيال الخامسة قدم نموذج استثمار بسيط ومنطقي ومغري
حرصت هولمز طيلة خمس عشر سنة، على أن تقدم مشروعها بصورة منمقة وبسيطة ومغرية، لذلك تركت الأساسات العلمية الدقيقة لجهازها، وانتقلت مباشرة إلى الإمكانيات التي تسيل لعاب المستثمرين، من أجل الاحتيال عليهم.
فعملية فحص الدم بتلك البساطة، وجهاز بحجم حاسوب المنزل، ستدفع أعداداً أكبر من الناس لإجراء الفحوصات.
وبالتالي لا تحتاج إلى مخبر التحاليل ولا داعي للطبيب، ستفعل كل شيء في المنزل، لذلك فإن هذا الجهاز البسيط، كان بمنزلة الآيفون الجديد، في عالم الرعاية الصحية.
لقد استطاعت هولمز اقناع أكبر رجال المال والأعمال في أمريكا، بطريقة الاحتيال هذه، لكي يدفعوا لها عشرات الملايين، وبينهم أسماء كبيرة جداً.
قاعدة الاحتيال السادسة استعن بجيش من المحامين لإيقاف التعليقات السلبية
اعتمدت هولمز منذ البداية على السرية التامة، لكي لا يعرف أحد أي شيء عن مشروعها، انتهجت من أجل ذلك سياسات تخويفية غاية في القسوة.
حيث فرضت غرامات ضخمة، على كل من يفشي سراً من أسرار شركتها، سواء من الموظفين أو حتى الزائرين العابرين.
وعينت من أجل الملاحقات القانونية رجلاً اسمه ديفيد بوبز، ويعد من أشهر المحامين في أمريكا، وكانت النتيجة أنه كلما حاول أحدهم النطق بكلمة عن ثيرانوس.
قام فريق المحامين بالتحرش القانوني به لعدة شهور، حتى يسكت، وبالفعل دفعت هولمز بثلاثة من موظفيها لساحات القضاء.
فضائح الاحتيال لشركة ثيرانوس
استمرت الأمور بتلك الحالة من السرية التامة، حتى جاء جون كاريرو، الصحفي في وول ستريت جورنال.
اشتبه كاريرو في الأمر، وبدأ بطرح التساؤلات، في الوسط الطبي، فإن ابتكار جهاز كهذا يمكن أن يأخذ عقوداً طويلة، وليس عدة أشهر في قبو المنزل.
في وادي السيليكون قد يعتمد رائد الأعمال على طريقة اكذب حتى تفعلها، يجمع التمويل أولاً، ثم بعد ذلك يبدأ في العمل على الفكرة، والاحتيال.
ولكن في عالم الأجهزة الطبية، لا بد من عشرات الورقات العلمية والتقارير المعقدة، الموثقة في مجلات رفيعة الشأن.
ليس الأمر أن تكتب كود اللعبة، بدت هذه التقنية غير ممكنة للمتخصصين، فسحب الدم عبر الإصبع، أقل جودة من سحبه مباشرة عبر الوريد.
وذلك لأن تحليلات الدم تختلف عن بعضها البعض بصورة لا تسمح باتحادها، لأن بعض الفحوص يتلف العينة أو يغير من طبيعتها.
كشف الاحتيال عن طريق تحقيقات كاريرو
كتب كاريرو أكثر من أربعين تحقيقاً عن هذه القصة، وتمكن شيئاً فشيئاً بالاتحاد مع مجموعة من المهتمين بالأمر.
إلى دفع الحكومة الأمريكية إلى تقصي أوضاع ثيرانوس في وادي السيليكون، وأخيراً ثبت احتيالها.
هولمز الآن متهمة بالكذب والاحتيال، وأجبرت شركتها على إغلاق معاملها ومراكز اختباراتها، وتوقفت عن العمل للأبد.
بينما تواجه هولمز السجن لمدة عشرين عاماً، بسبب تهديد الصحة آلاف البشر عبر استخدام أجهزة فاسدة، وبسبب الاحتيال على الحكومة.
اليزابيث هي نموذج لكل ما هو سطحي في العالم المعاصر، استخدمت معلومات مغلوطة وسطحية، لكنها مقدمة بلغة جميلة ومنمقة.
قدمت نفسها كنموذج للنجاح ليس بإنجازاتها ولكن بما تقوله من جمل التحفيز، انتشرت أخبارها كالنار في الهشيم.
وصورتها المنشورات الصحافية على أنها ستيف جوبز القادم، وصدقها الناس على مدى أكثر من عشر سنوات، ووقع الجميع على تحت تأثيرها.
ولم يفكر الكثيرون في السؤال عن أهم شيء في تلك القصة.
ما هو جهاز هولمز الذي تتحدث عنه؟ هل تتخيل حجم الكارثة؟
لا يمكن أن يحدث ذلك إلا في عالم زائف بطبعه، ويدخل الاحتيال به في كل شيء، يقدس المظاهر فوق أي شيء آخر، وهذا بدوره يدعونا للكثير من التأمل.