الحياة والمجتمعقصص وحكايات

سحر الفودو – ما هي حقيقته في أفريقيا



سحر الفودو

الشعور بوجود الله سبحانه وتعالى شعور متأصل في نفس الإنسان ولو افترضنا ان هناك مجموعة من الناس قد نشأوا بعيدا عن العالم الخارجي غالبا سيقومون بطرح أسئلة بديهية، من عينة:  لماذا نحن هنا؟

من الذي أحضرنا الى هنا؟ ماذا يريد الذي احضرنا الى هنا؟

ومع مرور الوقت، لو لم يصلوا الى إجابة عن طريق رسالة سيضطرون الى اختراع اجابة في محاولة للراحة من الإلحاح الفطري الموجود بداخلهم

لا شك انه قد لفت انتباه الكثير منا الصورة النمطية التي تقوم السينما بعرضها عن الاشخاص في افريقيا، التي عبارة عن الشخص العاري المليء بالاصباغ على جسمه ووجهه الذي في الغالب يكون يرتدي اجزاء من هياكل حيوانات وموجود معه مجموعة من الناس في نفس هيئته

وتجدهم دوما يقومون بتأدية حركات هيستيرية راقصة على ايقاع الطبول وصفير الابواق ونحن لا نعرف مامعنى هذه الممارسات الغريبة

وتتعدد التفسيرات ما بين أن هذه الممارسات هي عبارة عن احتفالات شعبية او ممارسات عقائدية وثنية

والغريب انك حتى لو سألت بعض الممارسين الاصلين لهذا النوع ممن الشعائر ستجد في كل مرة تفسير جديد، يختلف عن الذي قبله ويرجع اضطراب في تفسير هذه المظاهر الغريبة لكون التفسيرات الأصلية اصبحت سر من الاسرار

والسبب في ذلك هو انه من بعد انتشار تجارة العبيد عبر المحيط الاطلسي بدأ المستعمر الاوروبي يصدر قيود صارمة حول اللغة والمعتقد والثقافة الأصلية، هو الأمر الذي أدى مع الوقت إلى اختفاء الأصول القديمة

يعتبر عالم الكيمياء الحيوية صاحب الأصل الإفريقي ماكس بوفوار الذي توفي عام 2015 من أشهر كهنة الفودو، خلال حياته كان يعتبر الكاهن الأعلى للفودو وكان واحد من الذين حملوا اللقب خادم اللوا الاعلى يمكن ان يعتبر شخص كابوفوار مصدر او مرجع لمعرفة بعض الحقائق عن الفودو

لكن أيضا غير البوفوار، من الممكن الاستفادة من شهادات الأكاديمين المحايدين المهتمين بدراسة عقائد الافارقة ومنهم الدكتور بوب كوربيت أستاذ الثقافة والفلسفة السابق في جامعة ويبستر في ولاية ميزوري الامريكية

وهذا بالاضافة الى شهادات بعض الموثقين لهذه الممارسات على الطبيعة ومنهم الكاتبة والمصورة الامريكية لين وربيرغ المهتمة بالثقافات والجامعات الأصلية، والذين من خلال شهاداتهم عن حقيقة الفودو وبعض الممارسات الشعبية

الفودو هو عقيدة وثنية ظهرت منذ حوالي 6 ألاف سنة في غرب افريقيا، وتحديدا في داهومي المعروفة حاليا باسم بنينن، انتشرت العقيدة في البداية في عدة دول افريقية مثل توغو وغانا ونيجريا

لكن عندما بدأ المستعمر الفرنسي استعباد الافارقة ونقلهم للعمل بالسخرة في العالم الجديد، أخذ الأفارقة معتقداتهم معهم وقاموا بنشرها في مناطق عديدة ويقول الكاهن ماكس بوفوار انه مع وصول الافارقة الى العالم الجديد

تم فرض قيود كبيرة على لغتهم وثقافتهم وعقيدتهم وتم فرض قوانين على ملاك الاراضي الأوروبيين ان العبيد الجدد الذين يعملون في اراضيهم عليهم ان يدخلوا في الدين المسيحي وهذا ما ادى الى اختلاط الشعائر الكاثوليكية مع شعائر الفودو القديمة

ويستكمل بوفوار شهادته ويقول انه لغاية يومنا هذا يحتفل معتنقي الفودو بأعياد بعض القديسين المسحيين ويبدأ أتباع الفودو شعائرهم بأداء الصلاة الكاثوليكية وأداء بعض الترانيم الانجيلية

ويقول ان هذه الحكاية لا تمثل اي مشكلة ولا تتعارض مع عقيدة الفودو الاصلية التي مبدأها الاساسي انه كل شيء عبارة روح

والارواح منها من يسكن العالم المرئي مثلنا ومنها من يسكن العالم الخفي المعروف بعالم لوا، والارواح التي تسكن العالم الخفي هي أرواح الأجداد والسابقين الصالحين

وهي الارواح الخالدة التي لها القدرة على المساعدة والعقاب وهي التي يحاول اتباع الفودو استرضاءها بالقرابين والتضحيات

ويعود السبب في هذا انه بحسب اعتقادهم فإن هذه الارواح تمثل الوسيط لنقل الدعوات والتمنيات الى الإله بوندي الكبير والذي يعتبر اعلى شيء في عقيدة الفودو ويتم التعبير عنه او تجسيده بصورة او تمثال افعى ضخمة

وعادة في بداية الشعائر يقوم الحاضرين بالرقص والحركة وذاك بهدف الوصول الى حالة من النشوى تجعلهم ينفصلوا عن العالم المرئي ويلتحمون بأرواح أسلافهم في العالم الخفي

وخلال الحركة والرقص والموسيقى يتم أداء بعض الصلوات ويتم توزيع اللعنات على الارواح الشريرة

وبعد ذلك يتم ذبح القرابين وثم يتم نثر الدقيق او الذرة لكي يكرموا ارواح السابقين، والذين ممكن ان يكونوا الاجداد والصالحين او من الارواح الاصلية للفودو،

ومن اهمهم روح الام العظيمة إرزولي وبحسب اعتقادهم بمقدرة الام ايرزولي توزيع البركات والعطايا، وان تشفي المرضى وتقوي المحاربين، وتنصر الضعفاء

بعد الفترة التي راقبت بها الكاتبة لين وربيرغ تابعي الفودو اكدت شهادة بوفوار، تقول انها خلال مراقبتها لشعائر الفودو في هيتي خلال عقد من الزمن تأكدت تماما من مقولة شائعة

وهي ان 70% من سكان هيتي كاثوليك و30% مبروتوستانت لكن 100% اتباع فودو في اشارة منها الى اخلاط عقائد الفودو مع عقائد الاوروبين في العالم الجديد

وتؤكد الكاتبة ان هؤلاء الناس لم يعودوا يعرفون ما الصح ومالخطأ، وتضيف ان البعض يمارس بععض هذه البدع دون ان يعرف مافائدتها او ما تصنيفها

ومن اشهر البدع التي التصقت بالفودو هي بدعة غرس الدبابيس في دمى من القماش او الصلصال ويعتقد بعض الاهالي انها طريقة تمكنهم من الحاق الأذى بالاعداء

من فيكم حضر سيدة كبيرة من السن في مصر تقوم بعمل دمية لطفل صغير او طفلة صغيرة في محاولة لحمايته من السحر!

وفقا لشهادة وربرغ، فقد بررت هذه الافعال بتعرض العبيد الى الظلم والاضطهاد والتغييب عن عقيدتهم الاصلية،

 وتقول ان هذه الممارسات ماهي الا اشباع نفسي بالانتقام من المستعمر وتختم الشهادة بأنها متفهمة لسلوك هؤلاء الناس

 لكنها لم تستطع ان تفهم الصاق التهم المبالغ فيها بمعتنقي الفودو ومثل هذه التهم ان كهنة الفودو يستطيعون تحويل الناس الى موتى احياء او زومبي

وهناك تهم وصلت للاعتقاد ان سحرة الفودو مسؤولين عن بعض الكوارث الطبيعية مثل البراكين والزلازل

اما الدكتور بوب كوربيت يقول ان الفودو هي كلمة تعني روح في لغة الفون المحلية التي كانت مستخدمة في دهوم القديمة

اما عن استخدام السحر والشعوذة فالدكتور كوربت ينفي عن اتباع الفودو المسؤولية ويقول ان الموضوع قد بدأ من اعداء الفودو على شكل محاولة تسفيه وتنفير الناس منهم

إلا انه قد ادى في النهاية الى شهرة هذا المعتقد وانتهز البعض هذه الفرصة وقد حولوا الامر الى تجارة مربحة فعلى سبيل المثال هناك سوق يسمى اكاديساوا والذي يعتبر اكبر مكان في العالم يوفر احتياجات ممارسي السحر والشعوذة ويقام هذا السوق في العاصمة لومي بتوغو الافريقية

ويحتوي السوق على رؤوس قرود وجماجم طيور وتماسيح بالاضافة الى مجموعة من الهياكل العظمية وانواع الحيوانات الافريقية

ويدعي السوق امتلاكه لكافة انواع الاعشاب والتعويذات القادرة على حل جميع المشكلات

 وتتعدد نوعية الناس الذين يرتادون السوق ما بين ناس من العامة يبحثون عن حل لبعض المشاكل بالاضافة الى كثير من السياح والزوار الباحثين عن المغامرة

وهذه كلها عوامل جعلت المستفيدين من تجارة سحر الفودو لا يهتمون كثير بأي اتهامات ممكن ان يتعرضون لها لان هذه الالتهامات في النهاية كانت مجرد نوع من انواع الدعاية

ويأكد كوربت ان ديانة الفودو لا تقتصر فقط على ممارسة السحر لكنها عبارة عن نظام اخلاقي شامل ينتقل عبر الاجيال من خلال الامثال والقصص والاغاني والفلكلور

 ولكن يعود ويقول ان كل ما تم الصاقه بالفودو هو في النهاية له أصل في المعتقد وبما ان عقيدة الفودو عقيدة روحانية في المقام الاول

 فنجد ان اصحابها يفسرون جميع الظواهر الطبيعية على انها افعال اللوا وهو الذي جعل البعض يعتقد انهم السبب في الكوارث مثل الزلازل والبراكين

 وينهي كوربت شهادته بأنه يرى ان السينيما والروايات الشعبية لا تحترم الفودو وخصوصا ان معتنقي هذه الديانة على مستوى العالم يصل عددهم قرابة 50 مليون انسان

اقرأ أيضاً… ما هو السحر الاسود؟ | أسرار أخطر الممارسات في الكون! – حسن هاشم

اقرأ أيضاً… فى ممر الفئران – ملخص لرواية أحمد خالد توفيق

اقرأ أيضاً… قلعة بهانغار المرعبة | ما قصتها ؟ وما الذي يحدث هناك ؟!

https://www.youtube.com/watch?v=jWn25jwAF6k

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى