بسم الله الرحمن الرحيم
سنتعرف بإذن الله على أساسيات علم الحديث ، وعلى أي أساس اعتمد العلماء عندما قالوا هذا صحيح وهذا ضعيف وهذا موضوع وما معنى مصطلحات الحديث التي نسمعها دائماً.
علماؤنا منذ القدم وضعوا قواعد لنعرف بها مدى نسبة القول إلى قائله، وخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن كلامه مبين.
ويجب أن نستوثق من صحة نسبة الكلام إليه كي لا يزيد أحد للدين أو ينقص منه.
فلنقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جهة وأنت في الجهة الأخرى، وبينكما مسافة زمنية قدرها مئات السنين.
وسمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلاماً فكيف تعرف أن هذا الكلام الذي قيل صحيح وقد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
في هذه المسافة الزمنية يوجد مصنفون، أناس جمعوا الأحاديث من شتى بقاع الأرض، وجمعوها في كتب كالبخاري ومسلم وابن داود والترمذي وهذه الكتب وصلت إلينا بالتواتر.
ما هي دراسة الحديث
تكون في هذه المسافة بين المصنف ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فنأتي إلى المصنف، ونقول له كيف عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام؟ وأنت لم تلتق به ولم تسمع به؟
فيقولك سمعته من فلان وفلان سمعه من فلان وهكذا، حتى نصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتشكلت لدينا سلسلة من الرواة تسمى هذه السلسلة سنداً أو طريقاً.
حتى يكون السند صحيحاً، يجب أن تكون السلسلة قوية ومترابطة وكل حلقة منها لها بداية ونهاية زمنية، وهي حياة الراوي.
الضعيف
فإن مات الراوي في سنة 100 والراوي الذي يليه ولد في 101 فالسلسلة منقطعة، فالحديث ضعيف لأنه من الطبيعي أن هناك شخص صلة بين الراويين لكن هذا الشخص لا نعرفه وسقط من الإسناد.
المعلق
وهذا الراوي إن لم نعرف من هو فلا نأخذ بكلامه، لأننا لا نأخذ ديننا عن مجاهيل، وهذا الانقطاع إذا كان في أول السند من جهة المصنف فنسمي الحديث معلق لأنه من معلق من الأعلى.
والانقطاع من الأسفل كذلك إذا كان السند كله ساقط فالحديث يطلق عليه معلق أيضاً.
المرسل
أما إذا كان الانقطاع في آخر السند من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جهته، نسمي الحديث مرسلاً، كأننا أرسلناه فلم يصل.
المعضل
وإذا كان الانقطاع في الوسط نسميه حديث منقطع، وإذا سقط من السند راويان على التوالي فأكثر، فنسمي الحديث معضل.
الضعيف
وإذا كانت السلسلة مكتملة، وليس فيها انقطاع لكن هناك خلل في إحدى هذه الحلقات، كأن يكون الراوي سيء الحفظ، فنقول عن الحديث ضعيف.
لأن الرجل يمكن أن يروي الحديث بطريقة غير التي أرادها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد يغير في المعنى أو مفهوم الحديث.
وكذلك إن كان قليل الدين لا يتقي الله فيما يروي، أو داع إلى بدعة، قد يغير في الحديث للترويج لبدعته، أو كان الراوي عديم المروءة، فهؤلاء لا يمكننا أن نأخذ منهم ديناً.
الموضوع
أما إذا كان الراوي معروفاً بالكذب، فنقول عن الحديث أنه موضوع أو مكذوب.
كيف يمكننا أن نعرف حال هؤلاء الرواة؟
في تلك العصور كان أهل العلم يكتبون عن أحوال الرواة، فكانوا يكتبون ماذا قال شيوخ هذا الراوي فيه، وكذلك تلاميذه وأقرانه ماذا قالوا عنه.
وكانوا أيضاً يمتحنونه، يختبرون حفظ الراوي و وراء الراوي، ومن أشهر الامتحانات امتحان أهل العراق للامام البخاري رحمه الله. والقصة موجودة في اليوتيوب استمعوا لها.
في النهاية يكتب هذا في مجلدات وكتب، مثل كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، تاريخ مدينة دمشق، وكتاب تهذيب الكمال.
لو كان لدينا حديث وله سند وفيه حلقة ضعيفة، والحديث ضعيف لكن لو وجدنا له سند آخر ضعيف أيضاً، فهل يبقى ضعيفاً؟ لا.
الحسن لغيره
لأن الرجلان الضعيفان لا يمكن أن يتفقا على خطأ واحد، فالحديث ارتقى وارتفع عنه الضعف لوجود هذين السندين وأصبح يسمى حسن لغيره. وأصبحنا نأخذ به.
ما هو الحديث الحسن
الحسن مثل حديث صحيح لكن يكون أحد رواة الحديث فيه ضعف يسير فنسمي حديثه حسن.
الصحيح لغيره
وهناك حديث صحيح لغيره أي حديث له سندين، كل منهما حسن، يقوي أحدهما الآخر، فأصبح الحديث صحيح بغيره.
المتواتر
وقد يكون للحديث طرق كثيرة يستحيل أن يتوافق أصحابها على الكذب أو الخطأ، فنسمي هذا الحديث متواتر وهو في أعلى درجات الصحة.
يتبقى من الأنواع المشهورة الشاذ والمنكر
الشاذ
فلنقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حديثاً، ورواه عنه راوِ وهذا الراوي روى عنه ثلاث رواة، الراوي الأول والثاني رويا الحديث على شكل، والراوي الثالث رواه على شكل آخر، والكل ثقاة.
لكن لا يمكن أن نقول أن الأول والثاني أخطآ، والثالث على صواب. فالثالث هو من أخطأ فأصبحت هذه الحالة شاذة، فأسمينا الحديث شاذ وهو من صنف الضعيف.
المنكر
المنكر نفس المبدأ، لكن الراوي الثالث الذي أخطأ هو راو ضعيف، فعندما خالف الثقاة نسمي حديثه منكراً.
المقبول
في الحديث عموماً له نوعان إما أن يكون مقبولاً، وهو الذي نأخذ منه ديننا ونرويه وهو الصحيح والصحيح لغيره والحسن والحسن لغيره.
المردود
أو أن يكون مردوداً والمردود الذي لا نرويه ولا نأخذ به ولا نأخذ منه ديناً، ومنه الضعيف بأنواعه من منقطع ومعضل وشاذ ومنكر، والموضوع.
لماذا أحياناً نجد أن هناك من صحح الحديث وهناك من قال بضعفه
أقول في دراسة السند يوجد في الأسانيد علل، يمكن أن تكون خفية، تخفى على بعض أهل العلم، قد يكون في الحديث شذوذ غاب عن بعض أهل العلم.
ففي دراسة الأسانيد يوجد أمور خفي شديدة الدقة، يقضي أهل العلم حياتهم كلها في البحث والتدقيق والمراجعة.