صندوق سكنر و إدمان الألعاب الإلكترونية
صندوق سكنر وكيف تخدعك الألعاب وتجعلك مدمناً عن طريق تطبيق تجربة صندوق سكنر مع حسين عبد الله.
مرة قمت بتحميل لعبة في هاتفك، وفجأة أصبح يومك كله يدور حول هذه اللعبة. في أوقات الانتظار تلعب، قبل النوم تلعب، وأنت تقود تلعب، لا تنكر.
بعد ساعات وساعات من اللعب، تدريجياً تمل من اللعبة والتكرار، تترك الهاتف وتفكر، كيف أضعت أسبوعاً كاملاً مع هذه اللعبة؟
إذا حدث معك ذلك فمبروك، كنت محبوساً في صندوق سكنر. فغالبية ألعاب الفيديو اليوم، خصوصاً ألعاب الهاتف، مصممة حول فكرة الصندوق.
حيث أن الألعاب تصمم بطريقة تخدع دماغك وتزرع لديك نوعاً من الشره نحو اللعب، فتعود للعب ثانية وثالثة ورابعة.
تجربة صندوق سكنر
في ثلاثينيات القرن الماضي بدأ رجل اسمه برهوس سكنر Burrhus Skinner بدراسة كيفية زراعة سلوك عند الكائنات الحية.
صمم سكنر تجربة بسيطة، أخذ حمامة ووضعها داخل صندوق فارغ ولا يحتوي سوى زر كبير في أحد جدرانه. لو ضغط الزر يفتح الباب وينزل منه بعض الطعام.
سكنر ترك الحمامة داخل الصندوق وبدأ يراقب. في البداية كانت الحمامة تتصرف كأي حمامة وتصدر أصواتاً غريبة وتبحث عن سيارة لتترك هدية لصاحبها.
مع الوقت بدأت الحمامة تجوع، وأخذت تتفحص الصندوق إلى أن لمست الزر. فتح الباب ونزل لها طعام قليل أكلتهم لكن لم تشبع.
بدأت بتفحص الصندوق من جديد إلى أن لمست الزر ثانية، فتح الباب ونزل طعام. الحمامة ليست ذكية لكنها بدأت تفهم أن ضغط الزر يعني طعام.
وبشكل بطيء تكونت لديها عادة، أنها إذا جاعت تضغط الزر. وهذه هي التجربة ببساطة.
نتائج تجربة صندوق سكنر
سكنر أعاد التجربة عدة مرات، بطرق مختلفة ومع حيوانات متعددة. أحياناً يكافئ إذا ضغط الزر، وأحياناً يعاقب إن لم يضغط.
واستنتج عدة أمور:
أولاً: في كثير من الكائنات الحية تقدر أن تزرع عادة، أنه لو قدمت مكافأة صغيرة للكائن بعد تنفيذ فعل معين وهذا ينطبق على البشر.
ثانياً: إذا قدمت للكائن مكافأة في كل مرة بعد تنفيذ الفعل يمل الكائن ويشبع بسرعة ويتوقف.
لكن لو كافأته بشكل عشوائي ومتقطع كأن يحصل على حلوى أو لا. أو إذا ضغط الزر كل ساعتين يحصل على مكافأة، السلوك يزرع بشكل سريع جداً.
ثالثاً: المكافآت الجسدية مثل الأكل والشرب والنوم يشبع منها الكائن بسرعة، لكن المكافآت غير الجسدية كالمال والمديح والمكانة الاجتماعية الرفيعة لا أحد يشبع منها.
وهذه الاستنتاجات صنعت ثورة في الكثير من المجالات كالتسويق والشبكات الاجتماعية وأخيراً الألعاب.
كثير من الألعاب اليوم تستخدم أنظمة المكافآت العشوائية والمتقطعة كي نرجع لها يومياً ونستمر في اللعب لفترات طويلة.
أي يريدون أن يحبسوك في صندوق سكنر.
هذه بعض الطرق التي تستخدمها الألعاب لإجبار اللاعب بالاستمرار باللعب والتي هي مستوحاة من تجربة الصندوق.
نظام لعب المستوى Level
النظام الأشهر والذي أتوقع أن الجميع يعرفه هو نظام المستوى Level وصدقوني موجود في كثير من الألعاب.
عموماً أنظمة المستويات تبدأ بمستوى ضعيف وكلما لعبت تكتسب نقاط خبرة ويرتفع مستواك ويتوسع عالم اللعبة.
ففي مستواك الأول تريد أن تحصل على شيء رائع موجود في المستوى الرابع، ومن ثم شيء أروع في المستوى السابع.
هذه الحركة تراها في نصف ألعاب الهواتف هذه الأيام وسبب وجودها أنها فعالة في جعلك تعود للعبة.
لاحظ أن الكثير من الألعاب تغريك بمواصلة اللعب ليس لأنها ممتعة بالضرورة بل حتى تحصل على مكافأة. فأحياناً تكون مرهقاً وتحتاج أن تتوقف عن اللعب ومن ثم تريد أن تلعب مستوى آخر قبل النوم.
نظام النقاط والمال في الألعاب
المخ البشري يحب التحدي والرهان، فبعض الألعاب تستغل ذلك وتجعل المراهنة جزء كبير من اللعبة حتى تتقدم فيها يلزمك أن ترهن بعض نقاطك.
وكلما رهنت نقاطاً أكثر فامكافأة بعد الفوز تكون أكبر. باختصار قمار لا يحتاج إلى تفسير.
والقمار من أوضح الأمثلة على صندوق سكنر، حيث تقول لنفسك ربما أفوز هذه المرة وهذه المرة وهذه المرة، هذا تفكير المقامر، مثال كلاسيكي على المكافأة العشوائية.
هناك طرق أخرى كثيرة تستخدمها الألعاب لإرجاعنا للعب، كالمديح والجوائز وغيرها، غالباً أي شيء في اللعبة يقدم مكافآت واضحة فهو يستخدم تقنيات سكنر.
المستفيد الحقيقي من الألعاب
طبعاً هذه الأنظمة ليست سيئة بحد ذاتها فأحياناً يضيف متعة للعبة، لكن الكثير من المطورين يستغلونها كي يجبرون أكبر عدد من اللاعبين على إدمان ألعابهم.
وهذا في مصلحة المطور، لما لعبت أكثر كلما رأيت إعلانات أكثر، وزادت احتمالية شرائك أشياء داخل اللعبة، ومال إضافي للمطور.
في النهاية إذا وجدت نفسك مدمن على لعبة، ، سأل نفسك، هل أنا العب لأني مستمتع أم لأني متعود؟
فإن كان جوابك متعود فمبروك، أنت محبوس في صندوق سكنر.
المصادر: