إسلامالحياة والمجتمع

ضرب الزوجة في القرآن الكريم


الدكتور عبد الله رشدي- تفسير معنى كلمة واضربوهن

هناك كثير من الناس يتحدثون عن قضية ضرب الزوجة في الإسلام، ويذكرون الآية القرآنية (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن).

فبالنسبة للرجل أن كلمة واضربوهن في الإسلام، هي الدليل أو الإباحة، أو المستند الذي يجعل الرجل يضرب زوجته.

هل فعلاً معنى واضربوهن في القرآن الكريم، تبيح كل أفعال الضرب، التي يقوم بها الرجل تجاه المرأة؟

معنى الضرب للزوجة في القرآن الكريم

الله سبحانه وتعالى قال (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) إذاً في البداية يجب أن نعلم الضرب متوجه لمن؟

الضرب معناه هنا، أنه موجه للمرأة الناشز، وهي التي لديها سوء في السلوك والأدب بالتعامل، وفاقدة الأدب، وتتطاول على زوجها بالسب والقذف والضرب.

وعندما تحدث الفقهاء عن معنى اضربوهن قالوا: أنها المرأة التي كمن قالت لزوجها، يا حمار يا أبله، أو سبته أو لعنته، أو شتمته أو مزق ثيابه، أو أخذت لحيته.

فهذه التي تفعل هذه الأفعال، هذه هي التي توجه لها قول الله سبحانه وتعالى، فاضربوهن.

ما طبيعة الضرب في الآية؟

عند الفقهاء في الإسلام، اتفقوا على أنه ضرب لا يؤذي، ولا يؤلم، أي الضرب غير المبرح، أي الذي لا يصب أي أذى على المضروب، ولا يترك فيه نوع من الإيلام.

مثل الضرب بالسواك ونحوه، وإذا كانت المرأة من النوع الذي يتطلب كثيراً، وتتحدث بأسئلة كثيرة، فهذه ليست مبررات في الشرع الإسلامي، أن تضرب.

هنا يتحدث عن امرأة معينة، تسب وتشتم وتلعن، أو تضرب زوجها، وعندها قال أن الحل، ينقسم إلى ثلاثة مراحل.

مرحلة الوعظ للمرأة

في هذه المرحلة، تجلس مع الزوجة، وتتحدث معها، وتخبرها أن هذا عيب وحرام، ولا يجب فعل ذلك، ولتكن فترة جيدة من النصح والوعظ.

مرحلة الهجر في المضاجع

والمرحلة الثانية، إذا بقيت الزوجة مستمرة على سوء الأدب، الذي لديها، فيمكن هجرها في الفراش، وعدم الاقتراب منها.

مرحلة الضرب

وعندما لا تجد فائدة من النصح والهجر، تنتقل إلى المرحلة الثالثة، وهي الضرب، وكما قلنا، أن الضرب بدون إيلام ولا إيجاع.

لأن هناك بعض الجهلاء، اعتقدوا أن معنى الضرب، هو التكسير والإيلام، والمبالغة في الإيذاء لزوجاتهم، فهذا ليس من الشرع بشيء، بل هو محرم باتفاق الفقهاء كلهم.

حتى أنه متفق على حرمة لطم خد زوجته بكفه، وحرمة لطم وجه كل كائن حي في هذه الأرض، مثل الحيوان والبهائم والحمير.

لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما بلغكم، أني قد لعنت من وسم دابته، أو لطم دابة على وجهها.

لدينا كمية من النظم والدلالات الأخلاقية، في النظام الإسلامي، يستحيل أن تجدها في أي مكان على وجه الأرض، إلا في الدين الإسلامي.

لدرجة أن الله رتب اللعن والحرمان من الجنة، والعقاب والعذاب، لمجرد أن تضرب حيواناً على وجهه بيدك.

فما بالك على أن تضرب زوجتك على وجهها، وتضرب أولادك وتلاميذك مثلاً، فكل هذا محرم.

هل الإسلام أباح العنف ضد الزوجة؟

هذا من الخبل ومن الضلال، الإسلام أباح الضرب، الذي بالسواك ونحوه، كما ورد في القرآن الكريم، وتفاسيره المعروفة والمنقولة، عن صحابة رسول الله صلى  الله عليه وسلم.

وعندما سأل عبد الله بن عباس، النبي عليه الصلاة والسلام، ماذا يعني الضرب، قال لهم: ضرب غير مبرح، قالوا له: ماذا يعني ذلك، قال لهم بالسواك.

ولكن السواك لن يؤلمها ولن يوجعها، فالغرض هنا، أنك لن تؤلم الزوجة مادياً، وإنما الغرض إيلامها معنوياً ونفسياً، بأن الذي فعلته شيء سيء.

الفرق بين الضرب والهجران

ويقال أن الضرب هنا، معناه الهجران، ولكن هذا غير صحيح، لأننا قلنا أن الضرب، ليس هو الإيلام ولا التكسير والتعذيب، بل هو شيء بسيط جداً.

فلا يجوز تحريف الكلمة في القرآن، هناك فرق لغوي، فمعنى اضربهن، غير اضربوا عنهن، لأن اضربوا عنهن، معناها البعد عنهن.

هناك الفعل المتعدي بنفسه، والمتعدي بغيره، ففعل الضرب متعدي بنفسه، وحقيقة الضرب معروفة، فعل الضرب عندما يتعدى، اضرب عن يعني ابتعد.

والله سبحانه وتعالى قال: فعظوهن واهجروهن واضربوهن، فلا يمكن أن يكون المعنى مشابه، لمعنى واهجروهن، لأن الهجر معروف، والضرب معروف.

ودائماً عندما نحاول أن نقول فكرة، يجب أن نرى أبعاد الفكرة، ونزنها جيداً ثم نقولها، وفكرة واضربوهن، بمعنى البعد عن، هي فسادة في اللغة، وفي التنفيذ على الواقع.

لأن الله سبحانه وتعالى، ليس بغرضه أن يحصل تفكك في الأسرة، بأن يكون الزوج في جهة، والزوجة في الجهة الأخرى، وأحدهم يشتم الآخر يصمت، إنما الغرض هو حل المشكلة.

هل يمكن تضرب الزوجة زوجها إذا كان سيئاً معها؟

لا ينفع ذلك، لأن الزوجة هي أضعف منه، فلو فعلت ذلك، يمكن أن يكون الرد قاس جداً، وتكبر المشكلة أكبر بكثير.

ولأن الزوجة بطبيعتها، خلقها الله لطيفة وحساسة، والضرب والخشونة، ليسوا من الصفات الملائمة لها، وليست منطقية.

وعند الفقهاء قالوا: لو أن الزوج نشز على زوجته، بسب أو ضرب مبرح، أو بإيذاء، ترفع أمره للقاضي، والقاضي يؤدبه.

وكما نعلم في الشرع، يكون إما بالجلد أو الحبس، أي يجلده القاضي، لأنه سب زوجته، إذاً لدينا عدل تام في الأمرين.

لماذا لا يذهب الزوج إلى القاضي إذا كانت الزوجة سيئة؟

هنا يكون معايرة لها، وفضيحة، وستعرف أن الزوجة الفلانية، ذهبت إلى القاضي، وحبست وجلدت، لأنها شتمت زوجها، وأقلت من الأدب معه.

فهذا معرة لها، ولأولادها ولزوجها ولأهلها، إنما إذا حصل الأمر مع الرجل، فلن يكون معرة له، بل هو تأديب جيد له.

وهنا ضبط الشرع الشريف لهذه القضية، نؤكد على أنه ضرب بالسواك غير مبرح، وغير مؤلم لزوجة فاقدة الأدب، بعد الوعظ والهجر، فهل هو شيء ينتقد ويقال أنه خاطئ؟

الإسلام يحترم المرأة ويقدرها

الفقه الإسلامي منضبط مائة بالمائة، ولن يوجد فيه خلل أبداً، ولكن أصحاب الفكر الليبرالي مندفعين، ولا يعرفون ولا يقرأون جيداً، لهذا هم يفسرون بشكل مختلف.

وفي الغرب في كل ثلاثة أيام، يوجد جريمة قتل امرأة، وحالات العنف ضد المرأة، ومعدلات الجرائم ضد المرأة كبيرة جداً.

وحتى معدلات التحرش بالنساء في الجيش الأمريكي، والجيوش الغربية مخيفة، بعكس ما يظهرون من احترام للمرأة وتحررها.

وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، عندما سئل عن حق الزوجة على زوجها قال:

أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر، إلا في البيت.

فلا يجب أن تقبحها وتعيرها بخلقتها، وهي خلقة الله سبحانه، ولا تترك المنزل، فيظهر أمام الناس أنكما متخاصمين.

والهجر يكون في الفراش فقط، وتخبرها بأنك مستاء قليلاً منها، لأنها فعلت كذا وكذا، وهذا هو الذي يريده الإسلام، وليس الذي يهيء للناس، أن الإسلام أباح الضرب.

هذا ليس صحيحاً، الإسلام يعظم المرأة ويحترمها، وننبه بالنسبة للزوجة، أن لا تفهم معنى اضربوهن، أن من حق زوجك، أن يضربك.

وللعلم، لا يوجد في القوانين الأوروبية والعلمانية، شيء يوجب على الزوج، أن يكون مسؤولاً عن نفقة زوجته.

 عبد الله رشدي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى