نتطرق دائماً إلى مقدمة ابن خلدون كلما أردنا أن نبحث في مجال الاجتماع والتاريخ.
ابن خلدون الباحث الاجتماعي وصاحب كتاب المقدمة الشهير والذي يعتبر أحد أفضل النتاجات الفكرية في القرن الرابع عشر.
نبذة عن مقدمة ابن خلدون
اهتم ابن خلدون بالبدو من العرب والبربر والترك وقارنهم بحياة التمدن.
أكثر ما يعرف عنه كتاب مقدمة ابن خلدون الذي هو ملخص لكتاب العبر أو تاريخ ابن خلدون والذي جاء في سبعة مجلدات.
اهتم ابن خلدون بالبحث في التاريخ وحاول إيجاد المنطق فيه أو القانون الذي يسيره.
الأخلاق
لماذا تصعد أمم ومن ثم تسقط؟ ما الذي يدفع بهذا التغيير؟
هل هناك جانب أخلاقي أو بمعنى آخر أن الأخلاق هي من يحرك التاريخ؟
هل سقطت السلالة الفلانية لأنها سيئة أو أنها منحطة خلقياً؟
إرادة الله
لكن كذلك هناك ممن يقتصرون على تفسير كل شيء بأنها مشيئة الله والتي تدل بشكل حرفي على أن:
نبي يأتي ليهدي قومه، إذا تبعوه نجوا، وإن عصوه حل عليهم غضب الله. فرخاء الأمة يعتمد على رضا الله.
الاقتصاد
هل نفسر التاريخ من الناحية الاجتماعية والاقتصادية؟ وأن الحروب والصراعات هي فقط من أجل الحصول على الموارد الطبيعية لتلك الأرض؟
والتساؤل في مقدمة ابن خلدون أي من هذه معقولة أكثر حسب واقعنا؟
الأمة في زمن ابن خلدون
يجب أن ندرك أن هذه الأسئلة جاءت بسبب الاضطرابات التي شهدها ابن خلدون في زمنه.
خاصة مع ما شهدته بلدان المسلمين من تيمورلنك وفرط العنف وقبله المغول من دمار بغداد عاصمة العلم في زمنه.
في فترة حياة ابن خلدون كانت بلاد المسلمين ممزقة بين عدة ممالك صغيرة وبنفس الوقت القوى الأوروبية بدأت تتوغل في شمال أفريقيا من أجل التجارة.
حتى أن العديد من الحكام المسلمين كانوا دمى في أيدي النفوذ الأوروبي ولم يمانعوا التحالف مع الأوروبيين ضد إخوتهم المسلمين.
ابن خلدون أراد أن يفهم ما يحصل المسلمون ينكسرون أمام الكفار والبعض يخونون إخوتهم ويستعملون الدين كغطاء لمصالحهم.
كان هذا فراغ روح وصدمة كبيرة. فكيف يمكن أن تضعف شوكة المسلمين بهذا الشكل؟ كيف نفهم المنطق الإلهي في هذا؟
ليس هذا فقط فقد شهدت البشرية أسوأ الكوارث الطبيعية، الطاعون، والذي أهلك ما يقرب من ثلث البشرية في العالم المعروف.
المؤمن وغير المؤمن يموت عشوائياً فالموت لا يعتمد على عقيدة الفرد.
ابن خلدون كان نتاج زمانه والمشكلة الفكرية في عصره كانت محور أفكاره وضعف الإسلام كان التحدي الفكري لابن خلدون.
لأن مع الهزيمة تضعف العقدية وتبدأ الأسئلة: أين وجه العدل في هذا؟
ربما حتى في يومنا هناك الكثير من الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات التي تقضي على الآلاف من الأبرياء وغير الأبرياء كل مرة
لا نتكلم عن المصائب التي يصنعها البشر.
دراسة الناحية الاجتماعية
في مقدمة ابن خلدون كان يسأل كيف نفهم وعد الله بنصره لعباده المؤمنين بينما الحياة قاسية وغير منصفة؟
درس ابن خلدون الناحية الاجتماعية لتاريخ البشر لكنه في نفس الوقت حاول التوفيق بينه وبين العقيدة.
حاول تفسير أن ما نلاحظه في الواقع لا يمكن أن يتعارض مع كلام الله والقرآن.
نظريته كانت تتمحور حول موازين القوى في الأساس لكن يصاحب هذا التدخل الإلهي.
بداية كل حضارة تبدأ من البادية
ربما يكون هذا الكلام غير منطقي في البداية لكون التحضر يقتصر على المدن بالإضافة إلى الآية السابعة والتسعين من سورة التوبة:
الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم
الإسلام ظهر في البداية في مكة ولاحقاً أسست الدولة في المدينة المنورة. لم يكن للبدو دور كبير في تاريخ الإسلام.
لكنه لاحظ من التاريخ أن البدو الرحل والذين يستقرون في المدن يعطونها حياة جديدة حيث تظهر فيها علامات الانحطاط الخلقي.
فالترف والرفاهية تفسد أخلاق أهل المدن، والتناقض الذي يراه ابن خلدون في كون المدن متطورة ومراكز العلم والثقافة بالرغم من كونها ممزقة وتعيش حياة الانحطاط، لكن كيف؟
العصبية القبلية
كل قبيلة من البدو تحاول أن تزيد من جهود أفرادها في الحصول على الموارد ومحاولة فرض السلطة في مناطقها.
البدو يتمتعون بقوة العصبية التي يفتقدها أهل المدينة وهي الغراء الذي يلصق الأفراد ببعضهم. ويجعل القبيلة مستقلة ومعتمدة على نفسها.
فالعصبية هي التي تجعل أفراد القبيلة يتكاتفون ويضحون بأنفسهم من أجل القبيلة وهي مهمة لأن الفرد بحاجة أن يحتمي بالجماعة.
بساطة الصحراء
حياة الصحراء نفسها تعطي الإنسان مستوى من الفضيلة لكونه بعيداً عن المغريات التي تفسد الروح والتي تتواجد في المدن.
والبدو يعيشون الإنسانية بمعانيها حيث البساطة وأواصر العلاقات القوية ومساعدة الآخرين.
الألفة أو الأواصر العصبية هي التي تشكل في الإنسان الأخلاق غير المكتوبة مثل الشرف والواجب.
دور الدين
يبدو أن الحياة غير منصفة فهي تعطيهم إحداهما إما الثقافة والعلم أو الإنسانية. فالمتمدن يحتاج إلى حكومة أو سلطة لكي تحميه وهذا ما يجعله تابعاً أكثر.
لكن البدوي هو شرطي نفسه على عاتقه حماية أسرته وتوفير الطعام لهم وبذلك يميل البدوي إلى تطبيق التعاليم الدينية حرفياً.
فالدين له دور أكبر في تنظيم حياة البداوة، والبدوي كونه مستقل يدين نفسه عن طريق الدين بدلاً من جهة تحاسبه.
ولا توجد جهة قمعية تعمل باسم الدين، لكن العصبية هي الأقوى في حياة البداوة وهي التي تخلق الشخصية الأم.
وحسب مقدمة ابن خلدون متى ما ضعفت هذه العصبية انهارت الأمة، لذلك في البادية الدين يساعد في تقوية العصبية أكثر.
والدين يساعد القبيلة القوية في ضم القبائل الأصغر تحت مسمى الدين وهذه هي اللبنة الأساس لتكون سلالة عائلة مالكة قوية.
لكن متى ما حظت إحدى العوائل بهذا الامتياز فإنها في نفس الوقت تسيطر على ثروات طائلة تغير من مبادئها.
ومع تعاقب الأجيال تتحول السلالة من صاحبة قضية إلى الانغماس في البذخ والإسراف وتسخير رعاياها والسلطة لتلبية هذه الرغبات.
وهذا هو الذي يضعف الدولة حيث لا يبقى للرعية دافع لتقديم الولاء للحاكم، وحتى الامتياز الديني الذي مكّن السلالة من التفرد بالسلطة يصبح عبئاً على البقية.
الأغلبية ستهاجر إلى أماكن أخرى فقط للتخلص من الضرائب والممارسات القمعية التي تقوم بها العائلة المالكة.
أجيال الحكم عند ابن خلدون
في مقدمة ابن خلدون حدّد لكل عائلة أربعة أجيال من بداية تتمثل بالنبل إلى الانحطاط في الجيل الرابع.
تقريباً مائة وخمسون إلى مائتي سنة وهنا تصبح الدولة أرضاً خصبة لعائلة بدوية جديدة لتطيح بالعائلة القديمة وتتسلم زمام الحكم.
في لقائه مع تيمور لنك على مدخل دمشق قال له إنك الدليل الحي على صدق نظريتي أن العصبية القبلية أقوى عامل يمكن للتجمع البشري أن يحصل عليه.
بشكل عام الظلم والطغيان لا يستمران والشعب له الدور بشكل غير مباشر في تقرير من يبقى ومن يرحل.
بالنسبة لابن خلدون هذا النموذج من التاريخ يعيد نفسه دائماً، قبيلة بدوية تصعد للحكم وهذه القبيلة ستفسد بسبب رفاهية التمدن.
وبعد أجيال الجميع ينسون حياة الفضيلة الصعبة للبادية وبعدها تأتي قبيلة جديدة تطيح بسابقتها والعجلة تدور من جديد.
لكن ما علاقة هذه الدورة للسلالات بالإسلام وبشريعة الله؟
هل التغيير بيد المجتمع أم بيد الله؟
كيف استطاع ابن خلدون من دراسة المجتمع فهم طريقة الله في تسيير التاريخ؟
ابن خلدون يعتبر أن دورة حياة الملوك والسلالات هي جزء من سنة الله، وهو ما اختلف به مع المفكرين الآخرين.
فهو كان يرى تدخلاً إلهياً في التاريخ، وبذلك التاريخ والدين لا يختلفان، فالمتدين وغير المتدين يتفقان في طريقة دراسة التاريخ لكن الاختلاف هو في فهم المعاني التي نستخلصها
فالله والأخلاق لا يتعارضان مع أحداث التاريخ، الأمر يعود للمؤرخ كيف يسرد الأسباب وابن خلدون كان متشدداً كثيراً بالجانب الأخلاقي.
فيفسر أن الله تعالى ينشر رسالاته بالقوانين الطبيعية للبشر، فسر نجاح رسالة الإسلام حسب رأيه أنها بدأت في عصبية قبلية.
ومن ثم تأسست الدولة عليها. ونشر العقيدة يجب أن يكون واقعياً ومعتمداً كثيراً على الطبيعة الاجتماعية لتلك الملة.
القوة التي جاءت من الإسلام هو أمر لم يشهده العرب من قبل لكن التدخل الإلهي هنا ليس بالضرورة نزول الملائكة أو كوارث تحل بالكفار.
فالوحدة الفكر والعصبية التي تحولت من قبلية إلى دينية لكن بعد انتهاء النبوة بدأت بوادر العصبية القبلية تعود من جديد.
صحيح أن الخلفاء الراشدين استمروا على حياة الفضيلة لذلك كانت أفكارهم نقية وحكمهم عادلاً لكن التاريخ والطبيعة عادا يفرضان نفسهما.
كالخلافة الأموية والعباسية تسميتهم تأتي من نسب العائلة فهي عصبية قبلية، وليس خافياً أنه لم يرتق أحد لمستوى الخلفاء الراشدين.
المال والثروة لعبا دوراً كبيراً في إضعاف الدولة الإسلامية، وكان محتماً أن تأتي قوة عصبية جديدة لتستولي على سدة الحكم.
الأمر لا يقتصر على العرب، فبلاد فارس شهدت تعاقب سلالات بنفس الطريقة، وفي الصين كذلك نفس الحالة.
حتى مع بني إسرائيل حيث بدأت الصراعات الداخلية وانقسمت الدولة بعد وفاة نبي الله سليمان عليه السلام.
هذه هي طبيعة البشر حسب مقدمة ابن خلدون والإسلام ليس استثناءً.
دراسة التاريخ
يجب أن ندرك أن طريقة ابن خلدون في دراسة التاريخ كانت فريدة من نوعها، فلم يبحث الذين سبقوه بهكذا أسلوب.
السابقون كانوا يدرسون التاريخ إما من ناحية نصوص القرآن وما يمكن تطبيقها على أرض الواقع أو من ناحية الملوك وإنجازاتهم.
فلم يعر أحد الاهتمام إلى الجانب الاجتماعي للأقوام وكان ابن خلدون يريد حلاً وسطاً بين الفكرتين لوجود عيوب في كلتيهما.
بالنسبة له بعث الأنبياء يصلح لمرحلة معينة بتذكير الشعوب بفضائل الأخلاق لكن صراعات البشرية لم تتوقف.
رسالات الأنبياء لها دور لكنها لا تفسر كل شيء في مجريات التاريخ.
أشار ابن خلدون أن هناك ممالك وامبراطوريات تزدهر بدون أنبياء وأن الشريعة الإلهية والدين ليسا المعيار الوحيد لنهوض الأمم وسقوطها.
ولا في نفس الوقت سطوة الحكام ومقدار ظلمهم أو فتوحاتهم.
من الممكن تشبيه المجتمع على أنه كائن حي ينظف نفسه بين فترة وأخرى من الحاكم الظالم بعدم نصرته.
عندما يكون بأمس الحاجة لشعبه، ففي النهاية قوة الحاكم تأتي من رعاياه فهم الذين يزودونه بالمال والجيش.
بالنسبة لابن خلدون دورة السلالات هذه هي الطريقة الإلهية في تذكير البشر بالأخلاق.
كيف تعمل سنة الله
ربما سوء فهم المؤرخين السابقين يأتي من سوء تأويل النصوص القرآنية فسقوط الأمم كان دائماً يفهم على أنه يأتي بالتدخل الإلهي الخارجي
فربما ممالك مثل قوم نوح وعاد و ثمود حالات خاصة فسادها الأخلاقي لم يعط مجالاً للإصلاح بالطريقة الاعتيادية.
لذلك لا تنطبق هذه الآيات على باقي المجتمعات، لم يعر أحد الاهتمام إلى دورة الحياة الطبيعية للأمم.
ففي سورة فاطر الآية: فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً
هذه الآية كانت محور التفكير لابن خلدون فكيف تعمل سنة الله؟ هل انطبقت سنة الله على المسلمين في عهده؟
الله يبعث الأنبياء على قوم فالقوم يرفضون التعاليم الدينية، الله يهلكهم وتبقى آثار القوم لتكون عبرة للأقوام اللاحقين.
هذا النموذج تكرر لأكثر من مرة في القرى، وأراد ابن خلدون تفسيره من ناحية اجتماعية وسرد التاريخ من مجراه الطبيعي.
وما فعله لم يتمكن أحد قبله من تفسيره لذلك علينا أن نسأل: كيف تعمل سنة الله في زمننا الحديث؟ كيف نستطيع أن نفهم طريقتها؟
حاول ابن خلدون إيجاد ربط بين التدخل الإلهي والسياسة وموازين القوى والاجتماع والأخلاق.
واستخلص في النهاية أن سنة الله ليست بالضرورة تدخله الخارجي بل القانون الذي يسيّر المجتمعات وطبيعة البشر هي أيضاً إحدى طرق الله تعالى.
القوة تكمن في البادية التي تعيد تذكير المدينة بالأخلاق وتجددها بين فترة وأخرى. لكن المدينة هي مركز الثقافة والعلم والحضارة.
بشكل عام تعتمد على الموازنة بين البادية والمدينة، وعندما يختل هذا التوازن تأتي قوة أجنبية لتتبدل ديمغرافية تلك المنطقة.
سر نجاح أمة على حساب أخرى هي أنها تحمل معايير أخلاقية بينما البقية تسقط في فخ الفساد.
هذا ما كان يريد الإشارة إليه عن سنة الله، العالم قد يكون غير مثالي وغير مستقر لكنه يعكس رسالة القرآن.
وبالتحديد تجدد الأخلاق والقضاء على الفساد في النهاية حتى لو لم تكن واضحة لنا.
سنة الله دائماً موجودة إلا أنها تعمل بطريقة يصعب علينا فهمها لكن النتيجة واضحة، الأخلاق تتجدد كل بضعة أجيال.
انتقادات ضد ابن خلدون
ربما اذا تمعنت قليلاً فيما قيل في هذا المقال ستجد الكثير من التناقضات.
لأن بن خلدون حاول أن يضع نموذجاً واحداً يصف فيه كل البشرية. وهذا برأي الكثيرين خطأ كبير وفكرة غير عملية.
فعلم الاجتماع ليس مثل العلوم التطبيقية كالرياضيات، لا تستطيع أن تضع قانوناً يصف كل البشر.
رأي أرسطو في البدو
توجه ابن خلدون لتنسيب الفضيلة إلى البدو بينما المفكرون ومنذ أيام الإغريق كانوا دائماً ينتقدونهم كما ذكر عنهم أرسطو:
إن البدو يستهلكون الضروري لهم دون بذل جهد كبير، لذلك وصفهم بأنهم قوم كسالى يمتهنون الصيد والسرقة.
بينما الحضر يعملون بشكل متصل بما يكفل لهم الحياة كما أنهم يستثمرون المصادر الطبيعية ويصيغونها بما يلائم حاجاتهم.
إذن كيف نستطيع أن نفسر تغيّر التاريخ كله بداية من حياة البداوة؟ وأيهما أصح أرسطو أم ابن خلدون؟
لذلك يبدو هذا النموذج غير محكم والبعض يتهمونه بالسذاجة ومنذ زمنه وصولاً إلى الآن لم تتحقق نظريته بالشكل الذي تصوره.
وتأييد هذه الفكرة حالياً أمر خطير، معناه التبرير للتشدد الديني والذي هو آخر شيء يمكن أن تعطى له الشرعية.
من وجهة نظر المتدينين لا يمكن الاعتماد على التاريخ الذي كتبه البشر، فهو خاطئ في معظمه لأن التاريخ يكتبه المنتصرون.
هنالك تفاصيل لكل حادثة وهنالك خصوصية لكل أمة يجب أن تذكر، وهذه بالتأكيد معلومات ضائعة من المستحيل الاطلاع عليها.
رأي طه حسين في مقدمة ابن خلدون
طه حسين بحث أخطاء المقدمة في رسالته الماجستير فيقول أن طريقة سرد التاريخ في الكتاب لم تكن خطية تتبع السنوات.
بل قسّم التاريخ لفصول وكل فصل يتحدث عن أسرة أو دولة معينة، فيصعب على المتلقي فهم التداخلات والصراعات التي تحصل.
فهناك العديد من الأخطاء التاريخية بسبب هذا الأسلوب. واتهم طه حسين ابن خلدون في عدم تمكنه من معرفة تاريخ الشرق.
ويقول أنه كان عليه أن يقتصر في مناقشة تاريخ المغرب العربي الذي عاش فيه.
ثم ذكر طه حسين أن ابن خلدون أهمل القوانين الثلاثة التي يجب أن يلتزم بها المؤرخ، وهذه القوانين هي:
قانون العلية
وهو ربط السبب بالمسبب، فالمؤرخ ليس من واجبه أن يفسر كل حادثة بل سردها والبحث في تفاصيلها، أما المسببات فهي عمل رجال الدين أو الفلاسفة.
لكن ابن خلدون كما قلنا حاول إيجاد الربط بين التدخل الإلهي والسياسة وموازين القوى والاجتماع والأخلاق.
ولا يمكن للعقل البشري أن يبدع في جميع هذه المجالات.
قانون التشابه
وهو مجال عقلي. كان ابن خلدون يميل كثيراً إلى تشبيه الأقوام ببعضهم بحجة أن الأصل واحد.
قانون التباين
وهومجال تجريبي، أن الزمن لا يسير على وتيرة واحدة وهذا عكس ما زعمه ابن خلدون.
خصوصية كل مجتمع وعدم إمكانية الإلمام بكافة الجوانب دفع ابن خلدون للوقوع في مغالطات كثيرة.
لكن لنكن منصفين ونعطيه العذر فهو بشر ويمكن أن يقع في الخطأ.
فبحث التاريخ بالمنهاج العلمي الحديث الذي نعرفه اليوم كان أمراً غائباً عن المفكرين في زمنه لذلك نحن نميل إلى انتقاد أفكاره أكثر من تأييدها.
بالرغم من اعتبار أعماله تحفة زمنه وأهمها مقدمة ابن خلدون لكنه مهما كان عبقرياً لا يستطيع أن يخرج من إطار فكر القرن الرابع عشر.
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com