إسلام

قصة زيد بن حارثة مع الرسول صلى الله عليه وسلم


قصة زيد بن حارثة الشيخ سعيد الكملي:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

من بطون قضاعة المشهورة قبيلة كلب وهو كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.

ومن مشهوريهم زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه.

أصابه سبي في الجاهلية، فبيع في مكة فوقع عند خديجة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ، فآتته رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان عنده.

بكاء حارثة بن شراحيل على ولده زيد بن حارثة

يقال إن أباه حارثة بن شراحيل لما فقد ابنه كان يبكيه بأبيات يقول فيها:

بكيت على زيد ولم أدر ما فعل أحيٌ فيرجى أتى دونه الأجل

فوالله لا أدري وأني لسائل أغالك بعدي السهل أم غالك الجبل

فيا ليت شعري هل لك الدهر أوبة فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل

تذكرنيه الشمس عند طلوعها وتعرض ذكراه إذا غربها أفل

وإن هبت الأرياح هيجن ذكره فيا طول ما حزني عليه وما وجل

سأعمل نص العيس في الأرض جاهداً ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل

حياتي أن تأتي علي منيتي فكل امرء فانٍ وإن غره الأمل

فيقال إن طائفة من قومه من كلب ذهبوا يحجون، فحين وصلوا مكة، رأوا زيداً هناك فعرفوه فلما انقلبوا إلى ديارهم، أخبروا أباه أنهم وجدوا زيداً بمكة.

مقابلة حارثة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

فخرج حارثة بن شراحيل وأخوه كعب في طائفة من كلب بالفداء، ليأتوا بزيد بن حارثة. فلما أتوا مكة سألوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقيل لهم في المسجد فأتوه.

فقالوا: يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وأنتم جيرانه، تطعمون العاني وتفكون الأسير جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا وأحسن إلينا في الفداء فإنا سنغلي لك فيه.

فقال صلى الله عليه وسلم: من هو؟ قالوا: زيد بن حارثة فقال صلى الله عليه وسلم: فهل لكم في خير مما سألتم؟ قالوا: ما هو؟

قال: أدعوه وخيروه، فإن اختاركم فاذهبوا به بلا فداء. وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً؟ فقالوا: لقد أحسنت إلينا وزدتنا على النصفة.

رد زيد بن حارثة على أبيه

فدعي زيد بن حارثة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي. فقال له صلى الله عليه وسلم: فأنا ما قد علمت وعرفت صحبتي، فاخترني أو اخترهم.

فقال زيد بن حارثة: والله ما أنا بالذي أختار عليك أحداً أبداً. فدهش أبوه وعمه. فقال له أبوه: ويحك، أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهلك؟

قال: نعم، فإني قد رأيت من هذا الرجل أمراً ما أنا بالذي أختار عليه أحداً أبداً. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وأن زيداً اختاره على أبيه وعمه. أخذ بيده حتى أخرجه إلى حجر الكعبة.

ونادى صلى الله عليه وسلم بصوته: يا معشر من حضر، اشهدوا أن زيداً ابني أرثه ويرثني. فلما رأى الأب والعم ذلك رضيا وطابت أنفسهما ورجعا، فصار يدعى زيد بن محمد من ذلك اليوم.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: ما كنا ندعوا زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد.

حتى نزل في القرآن( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) قال: فقلنا زيد بن حارثة .

حِب الرسول زيد

وكان زيد هذا محبوباً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حباً شديداً.

روى الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في حديث: وأما أنت يا زيد فمولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي.

وروى بخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثاً وعقد عليهم لأسامة بن زيد بن حارثة فطعن بعض الناس بإمارته.

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، ويمالله إن كان لخليقاً للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده.

استشهد الصحابي زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة وكان أحد أمرائها سنة ثمان من الهجرة.

دحية بن خليفة الكلبي

ومن مشاهير كلب، دحية بن خليفة الكلبي الصحابي وكان يضرب فيه المثل في حسن الصورة، وكان جبريل عليه السلام إذا أتى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة آدمي أتاه في صورة دحية الكلبي.

هذا وصح ذلك من حديث أم سلمة ومن حيث عائشة ومن حديث عمر رضي الله عنهم.

مشاهد من قبيلة كلب

ومن مشاهد كلب صحابي يقال له حابس بن دغنة الكلبي، روى ابن حجر من رواية هشام بن السائب الكلبي بإسناده إلى عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: كان عندي عسيف من كلب يقال له حابس بن دغنة.

والعسيف الأجير، قال: فبين أنا ذات يوم بفنائي، إذا به يقبل وهو مروع الفؤاد، ويقول: دونك إبلك. فقلت له: ما هاجك؟ فقص عليه قصة عجيبة.

قال: بين أنا بالوادي، إذ برجل كأن رأسه رخمة ينحدر من شعب بجبل تجاهي، ينحدر مترسلاً وهو غير منزعج حتى استكانت قدماه بالحضيض. قال: وأنا أعظم ما أرى فأقبل إلي فقال لي:

يا حابس بن دغنة يا حابس لا تعرضن لقلبك الوساوس

هذا سنا النور بكف القابس فاجدح إلى الحق ولا تدالس

قال: فسرحت إبلي وذهبت إلى واد آخر قال: فاضجعت فإذا براكب يركضني قال: فاستيقظت فإذا صاحبي وهو يقول:

يا حابس اسمع ما أقول ترشد

ليس ضلول حائر كمهتدي

لا تتركن نهج الطريق الأرشد

قد نسخ الدين بدين أحمد

قال: فأغمي علي والله. فلما استيقظت فإذا الله قد امتحن قلبي بالإسلام فأسلمت.

ومن كلب رجلان يقال لأحدهما عصام بن عامر الكلبي، والآخر عامر بن جبلة الكلبي، وكان عامر بن جبيلة يقص أن سدن صنمهم هو عصام بن عامر ذاك.

فقال: بينما هما ذات يوم عند الصنم، إذا بصوت من جوف الصنم ينادي فيقول:

يا عصام يا عصام ذهبت الأصنام وجاء الإسلام ووصلت الأرحام.

فهذا شيء عجيب أن الصنم يتكلم، وإن كانا يعبدانه لم يعهدا منه تكليماً، فخشيا وخافا، فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهم الإسلام فأسلما.

وإلى لقاء آخر إن شاء الله.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك والحمد لله رب العالمين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى