شخصيات

قصة مالكوم إكس Malcolm X

مالكوم إكس : في ليلة من ليالي مدينة لانسينج عاصمة ولاية ميشيغان استيقظت أسرة أورلي ليتل على صيحات مروعة و أزيز طلقات نارية .

فوجدوا النيران قد أضرمت في المنزل و أخذت ألسنة اللهب تلتهم كل ما يقف في طريقها ، و لم يتمكن رجال الإطفاء من إخماد النار إلا بعد أن سوّي ذلك المنزل الصغير في الأرض .

كانت هذه الحادثة مجرد إنذار لأورلي ليتل الذي أزعج العنصريين بنشاطه في توعية السود بحقوقهم المسلوبة ، واستمراره بالمطالبة بالحرية الكاملة لأفراد مجتمعه الخاضع لقوانين الفصل العنصري .

فلما لم ينته بعد ذلك الإنذار المرعب عادت عصابات البيض العنصرية مرة أخرى لكن هذه المرة لقتله .

فترصد له العنصريون و ضربوه ضرباً شديداً ثم ألقوه في طريق الحافلة التي دهسته فهشمت رأسه و حطمت عظامه .

حلم اليتيم مالكوم إكس

شكلت هذه الجريمة البشعة صدمة كبيرة لأسرة أورلي ليتل فقد أصبحت الأم أرملة و هي في بداية الثلاثينات من عمرها وتعول ثمانية أطفال .

مما اضطرها إلى أن تعمل خادمة في بيوت البيض حيث كانت تتلقى الإهانات العنصرية و الإساءات اللفظية ، لكنها كانت تحاول التغاضي قدر المستطاع في سبيل تأمين قوت أطفالها .

و مع استمرار هذه الظروف القاسية و تضخم تبعات العناية بالأطفال الثمانية عجزت أرملة أورلي عن الصمود .

و أصيبت بصدمة نفسية أدخلت على إثرها مستشفى الأمراض العقلية و وزع الأبناء على بيوت مختلفة .

كان من بين هؤلاء الأبناء طفل يدعى مالكوم كان هذا الطفل حاد الذكاء متوقد الذهن تلوح منه علامات النجابة و النباهة .

لكنه على الرغم من ذلك عاش حياة التسكع و السرقة و المشاغبة حتى طرد من المدرسة و هو ابن ستة عشر عاماً ، و أودع في سجن الأحداث حيث أكمل تعليمه الثانوي .

و من المواقف المبكرة التي تركت في نفسه أثراً بالغاً هو موقف أستاذ اللغة الإنجليزية الأبيض ، حيث سأل مالكوم قائلاً : هل فكرت بمستقبلك ؟

فقال مالكوم : نعم يا أستاذ أريد أن أصبح محامياً . فابتسم الأستاذ وقال : ينبغي أن تكون واقعياً في هذه الحياة ، إنك زنجي و المحاماة مهنة غير واقعية بالنسبة لك .

أنت ممتاز في دروس النجارة و الجميع يعلم ذلك ، فلم لا تفكر في أن تصبح نجاراً ؟

مالكوم إكس في بوسطن

قرر مالكوم بعد هذا الموقف الصادم أن يترك المدرسة بل قرر أن يترك الولاية بأسرها ، فانتقل مباشرة إلى بوسطن للعيش مع أخته غير الشقيقة التي كانت تسكن هناك .

فانبهر بهذه المدينة الصاخبة ، و أعجب بهذا النمط الجديد من الحياة الذي لم يعهد مثله من قبل .

فمكث مدة يتجول في أرجاء الولاية للتعرف عليها والوقوف على معالمها ثم أشارت عليه أخته أن يبحث عن عمل يكسب منه المال الجيد .

و بدأ بالفعل يبحث عن عمل مناسب فأخبره أحد أصدقائه الجدد عن توفر فرصة للعمل ، و كانت تلك الوظيفة الشاغرة هي وظيفة ماسح أحذية مقابل أحد النوادي الليلية .

فقبل صاحبنا و بدأ بالعمل و أتقن هذه الصنعة في فترة وجيزة ، ثم ترقى حتى أصبح نادلاً ثم تعلم الرقص حتى حقق شهرة واسعة في نوادي بوسطن الليلية .

و بدأ حينها بتدخين السجائر و معاقرة الخمر و تعاطي المخدرات ، و أدمن المقامرة و أقام علاقات نسائية واسعة ، و صار منغمساً في السعي وراء اللذة و تتبع ألوان اللهو والمجون .

و حين بلغ مالكوم ذرة الإمعان في الانحراف و التهور أسس عصابة لسرقة منازل البيض الأثرياء في حي هارلم في مدينة نيويورك .

كانت هذه العصابة مؤلفة من رجلين من السود و امرأتين من البيض ، و قد استثمر ما تلقاه من زبائن النادي الليلي من دروس في مسالك السرقة و السطو لصالحه .

فحقق مكاسب ليلية عظيمة من تلك السرقات التي قامت بها العصابة بحرفية عالية ، و كان يصرف الأشياء المنهوبة عبر تاجر يشتري من السلطات بالجملة حتى تتفرغ العصابة بدورها للسرقة ولا يشغلها أمر البيع .

و في إحدى السرقات قرر أن يبقي على ساعة أعجبته ليستخدمها شخصياً ، فذهب إلى محلات تصليح الساعات فاكتشف صاحب المحل أن الساعة مسروقة .

فأبلغ السلطات التي جاءت مسرعة لاعتقاله ، فصدر في حقه و حق صاحبه الأسود الحكم بالسجن لمدة عشر سنوات ، و حكم على الفتاتين البيضاوين بالسجن لمدة خمس سنوات .

مالكوم إكس في السجن

بدأ فصل جديد من أهم فصول حياة مالكوم وهو حقبة تطبيق حكم الحبس .

كان مزاجه سيئاً جداً في أول أيام السجن نتيجة تأثر جسمه بانقطاع جرعات المخدر التي أدمنها .

و كان هذا المزاج السيء مسيطراً عليه ، حتى جاءت اللحظة الفارقة في حياته حينما فتح رسالة غريبة من أخيه الأصغر يقول فيها :

إياك أن تأكل لحم الخنزير أو تدخن بعد اليوم يا مالكوم ، و سأدلك على طريقة تخرجك من السجن .

تلقى مالكوم هذه الرسالة بنوع من الحيرة و الاستغراب ، فما هي هذه الطريقة التي ستخرجه من السجن ، وما علاقة ذلك بترك التدخين و ترك أكل لحم الخنزير ؟

لكنه مع ذلك نفذ الوصية و امتثل لأمر أخيه على أمل الخروج من السجن كما وعده .

إلى أن جاء الوقت الذي زاره فيه أخوه فدعاه إلى الدخول في أمة الإسلام دين الرجل الأسود ، وفي الحقيقة كان هذا الدين نسخة محرفة من الإسلام الصحيح .

ومن أصول اعتقاد هذا الدين عندهم أن الرجل الأبيض هو الشيطان ، و أن الإله قد تجلى لنبي اسمه إليجاه محمد .

وأخبره أن زمان الرجل الأبيض قد ولى ، و آن أوان السود أن ينهضوا لقيادة العالم من جديد .

فانقطع مالكوم للعبادة و امتلأ وقته بذكر الله و السجود له و دعائه و طلب المغفرة منه ، و كان لذلك الأثر الكبير في تغير سلوكه و تحسين أخلاقه .

نهم القراءة لدى مالكوم

و ذات يوم التقى بمسجون أسود يدعى بيمبي ، كان مثقفاً واسع الاطلاع يتحلق المساجين حوله لسماع موضوعاته الشيقة .

من هنا اشتعلت جذوة حب المعرفة عند مالكوم ، فانطلق إلى مكتبة السجن ، و أقبل على القراءة بنهم شديد فلم يعد يُرى إلا وفي يده كتاب .

و كانت تقدّر مدة مكوثه في مطالعة الكتب بخمسة عشر ساعة يومياً ، فحصل جملة وافرة من العلوم و المعارف المختلفة .

فقد قرأ في التاريخ و الفلسفة و الأديان و السياسة و الأدب ، و انشغل بقوة في تتبع كل ما يتعلق بمعرفة أصل الأمريكان السود .

و يمكننا القول أن نشأة النهم في القراءة عند مالكوم شكلت أحد أهم المنعطفات في مسيرة حياته .

فالتسلح بالعلم والمعرفة أضفى على حياته المعنى و كسر الأغلال المعنوية التي قيد بها الرجل الأبيض عقول السود منذ قرون .

و لذلك يقول واصفاً أثر القراءة في حياته : لقد غيّرت القراءة مجرى حياتي تغييراً جذرياً ، ولم أكن أهدف من ورائها إلى كسب أي شهادات لتحسين مركزي و إنما كنت أريد فقط أن أحيا فكرياً .

مالكوم إكس خارج السجن

في عام 1952 أطلق سراح مالكوم من السجن و أصبح يدعى الآن مالكوم إكس بدلاً من مالكوم ليتل .

وحرف إكس للتعبير عن اسمه الأخير المجهول بسبب عملية التهجير التي تغيرت فيها أسماء الأفارقة إلى أسماء جديدة اختارها الرجل الأبيض .

فانطلق مباشرة إلى المسجد في ديترويت ليلتقي بإخوانه من جماعة أمة الإسلام ، فدخل في حالة من الدهشة والذهول بسبب ما رأى من أخلاق إسلامية لم يعهد مثلها في مجتمعات السود من قبل .

فأعجب بحشمة النساء وزيهم الساتر المحتشم ، و هزت وجدانه طريقة السلام عند الرجال حيث يصافح الرجل أخاه مبتسماً و يلهج لسانه بعبارات الفرحة باللقاء .

و سرّه أنهم لم يكونوا يتخاطبون إلا بعبارة تنم عن الود والاحترام مثل أخي وأختي و سيدي وسيدتي .

وكان في ذلك اليوم اللقاء الأول الذي جمعه بإليجاه محمد ، وقد ترك هذا اللقاء أثراً طيباً في نفس مالكوم .

حيث اعتلى إليجاه محمد المنبر في مشهد مهيب و أنظار أتباعه ترنو إليه ، ثم نادى مالكوم وسط الخطبة و أمره بالوقوف ثم أثنى عليه ثناءاً حسناً أمام الجميع و عرّف الحاضرين عليه .

و منذ تلك اللحظة دفعته شخصيته المتوقدة إلى البدء بمسيرته الدعوية خارج السجن ، فاستثمر مهاراته الاجتماعية التي اكتسبها من حياة الشارع قبل السجن و وظفها في خدمة الدعوة .

فكان ينزل إلى دعوة رواد الملاهي الليلية و الحانات و الجالسين في السكك والمنعطفات ، و تفرغ لذلك تفرغاً تاماً ، فيمضي ليله ونهاره في العمل من أجل أمة الإسلام .

امتداد تأثيره إلى خارج الحدود

و يشهد أخوه ويلفريد بأن أخاه لم يكن ينام سوى أربع ساعات و يقضي بقية الوقت في الدعوة ، فلمع نجم مالكوم إكس بقوة و أصبح الإسم الأكثر بروزاً في أمة الإسلام بعد إليجاه محمد .

ذلك بسبب جهوده الكبيرة في توسيع قاعدة أمة الإسلام العددية ، حيث قفزت أعداد المنتسبين إليها من بضع مئات حين انضم مالكوم إلى ما يزيد على مائتين وخمسين ألفاً في عام 1962 .

و أسلم من المشاهير على يديه صديقه المقرب الملاكم كاسيوس كلاي ، الذي أصبح فيما بعد أسطورة الملاكمة و بطل العالم في الوزن الثقيل محمد علي كلاي .

حيث قال في كتابه الذي وثّق فيه سيرته الشخصية : لقد كان مالكوم مفكراً عظيماً وصديقاً أعظم ومن دونه ما كنت سأعرف طريقاً للإسلام .

وقد جاوز أثر مالكوم الأمريكان السود حتى بلغ الكثير من العرب ، ومن أبرزهم المفكر المصري عبد الوهاب المسيري ، فكان مالكوم أحد أهم أسباب تحول المسيري من الماركسية إلى الإسلام .

حيث يقول في رحلته الفكرية : بدأت أتعرف على التجربة الدينية الإسلامية لأفهم منطلقها الداخلي وكانت مقابلي مع مالكوم إكس الزعيم المسلم لها أعمق الأثر .

ومما يبرهن على قوة تأثير مالكوم و امتداده إلى عموم الجماهير الأمريكية الإستطلاع الذي نشرته مجلة التايمز الأمريكية عام 1960 تبين أنه ثاني أكثر شخصية مطلوبة للجماهير في الجامعات .

و لكن تصدر مالكوم إكس في الساحة الإعلامية و بروزه باعتباره أحد أكبر رموز النضال الحقوقي في أمريكا أثار الأحقاد و الضغائن في نفوس رفقائه في التنظيم .

فأصبحت تدبر له المكائد لتحييده وعزله ، وقد نجحت تلك المساعي الحثيثة لتحييده و توجت بطرده و محاولة فاشلة لقتله .

مالكوم إكس و رحلة الحج

في هذه المرحلة الحرجة تعرف مالكوم على الدكتور محمد يوسف الشواربي ، و أشار عليه أن يرتحل إلى مكة لأداء مناسك الحج و ضرورة الاتصال المباشر مع العالم الإسلامي .

فامتثل لرأي الدكتور محمد الشواربي و حزم أمتعته ثم انطلق إلى أطهر بقاع الأرض .

و قد كانت هذه الرحلة بالنسبة لمالكوم بمثابة انقلاب فكري ، بل يمكننا القول بأنها كانت بمثابة ولادة جديدة لتصوراته .

حيث شاهد بنفسه الأخوة الإسلامية في أبهى صورها ، إذ يختلط البيض مع السود في مكان واحد ، يلبسون نفس الثياب ، و يتوجهون نحو قبلة واحدة ، و يهتفون جميعاً بعبارة واحدة لبيك اللهم لبيك .

وفي هذه اللحظة كان الانتقال الحقيقي لمالكوم إكس من ضيق إسلام الرجل الأسود إلى رحابة إسلام محمد الذي بعث إلى الناس كافة .

فأرسل خطاباً من الأراضي المقدسة إلى زوجته وبعض أصدقائه ، وكان مما قال فيه : في حياتي لم أشهد مثل هذا الإخاء من أناس من جميع الألوان والأجناس .

إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يمكنه حل مشكلة العنصرية .

وبعد انتهائه من رحلة الحج طاف بمجموعة من البلدان ، و التقى فيها ببعض رؤسائها و خطب في برلماناتها .

ثم عاد بعد هذه الرحلة الطويلة إلى نيويورك حيث كان ينتظره في مطار كندي أكبر مؤتمر صحفي في حياته .

أعلن فيه عن اتباعه الإسلام و انتمائه إلى أهل السنة والجماعة و أن مسجده الذي أسسه في نيويورك هو امتداد للمسلمين السنة الموجودين في العالم .

و كذلك أعلن عن تراجعه عن قناعته بإدانة البيض جميعاً ، حيث قال : لقد فتح الإسلام الصحيح عيني على أن إدانة كل البيض كإدانة البيض للسود ، شيء خاطئ .

اغتيال مالكوم إكس

في ليلة من ليالي شهر فبراير عام 1965 تعرض منزله لهجوم بقنابل المولوتوف ، فاشتعلت النيران والتهمت نصف المنزل ، فأدرك حينها أن مسألة اغتياله أصبحت وشيكة .

ومع ذلك لم تثنه هذه الحادثة عن مواصلة المضي في طريق الكفاح ، بل إنه أشوق ما يكون إلى لقاء الموت في سبيل تحقيق مبادئه .

فرتّب بعد هذه الحادثة بأيام مؤتمراً لاجتماع منظمة الوحدة الأفروأمريكية التي أسسها و المسجد الإسلامي الموحد .

وبمجرد صعوده على المنصة أمام مئات من المؤيدين نهض ثلاثة رجال سود و قاموا بإطلاق النار عليه فأصابوه باثنتي عشر رصاصة فارق على إثرها الحياة .

وبذلك أسدل الستار على قصة من قصص النضال و الكفاح ، فقد رحل مالكوم و مات ميتة مجيدة بعد أن سجل اسمه في سجل شرفاء التاريخ الذين أفنوا حياتهم في سبيل إرساء مبادئ العدل و تقويض قواعد الظلم .

خاتمة

وهنا أود بأن أختم بإشارة مهمة عن تفسير سر تهميش هذه الشخصية المحورية في تاريخ أمريكا السياسي والديني .

و لعل من أوضح و أظهر الأسباب أن مالكوم إكس رمز من الرموز الإسلامية الفاعلة بخلاف مارتن لوثر الذي نال نصيباً وافراً من التمجيد والتبجيل لأنه راهب نصراني .

و السبب الأهم و الأخطر على أمريكا من مجرد إسلامه هو إشارته إلى أس الصراع وحقيقته ، حيث بين أن الصراع العرقي في أمريكا ما هو إلا حلقة من سلسلة قضايا حقوق الإنسان ضد النزعة الإستعمارية التسلطية التي تقودها الولايات المتحدة .

ولذلك كان يقول : إن انتفاضة الزنوج الأمريكيين هي جزء من التمرد ضد القمع والاستعمار الموجودين في هذا العصر .

اليوم نشهد انتفاضة عالمية من المظلومين ضد الظالمين ، ومن المستغَلين ضد المستغلِين .

ومن المهم في زمن شيوع خطابات تخدير المظلومين و تزيين الخنوع و الانحناء للمحتلين أن نعيد إحياء هذا النموذج الملهم لمقاومة الظلم بوسائل الدفاع عن النفس المشروعة .

ولذلك كان يقول : ديننا الإسلامي يعلمنا أن نكون أذكياء ، أخبرنا أن العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس والحياة بالحياة .

والذي يرفض تلك التعاليم هو في الحقيقة ذئب يحاول أن يخدعك لافتراسك .

وكان يقول : ليس في كتابنا القرآن الكريم شيئاً يعلمنا أن نعاني بسلام .

في الختام أنصحكم بقراءة سيرة مالكوم إكس الذاتية فهي سيرة مهمة و مفيدة جداً و تستحق القراءة .

و كذلك أدعوكم لقراءة الكتاب الممتع حلم البراءة للمؤلف عبد الرحمن ضاحي ، فهو الكتاب الذي تم الاعتماد عليه بشكل أساسي في الإعداد لهذا المقال .

المصادر

سعد القحطاني

كتاب حلم البراءة للمؤلف عبد الرحمن محمد ضاحي

كتاب مالكوم إكس سيرة ذاتية للمؤلف اليكس هيلي


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

ماكتيوبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى