محمود سعيد واحد من أساطير الصوت الخالد في أذهاننا ، لقب بصاحب الحنجرة الذهبية ، و لقب بعيون الصقر و لقب بفارس الشاشة .
عشنا معه لوحات فنية عديدة ، جمع بين التمثيل و السينما و التلفاز و الدوبلاج و المسرح و التعليق الصوتي .
ارتبط صوته الرخيم بالعروبة و الشعر و الفصاحة و القوة ، مكّن كل من يسمعه أن يعرفه من صوته ، يتبارزون اليوم على تقليد و محاكاة أدائه و صوته الجميل .
إنه ابن يافا ، أسطورة الصوت و الأداء ، صاحب شخصية تسوتسو في المسلسل الكرتوني صراع الجبابرة ، المعلق الصوتي و الممثل الكبير العملاق محمود سعيد .
حياة محمود سعيد وأعماله
ولد محمود سعيد في مدينة يافا الفلسطينية في 15 ديسمبر لعام 1941 ، انتقل في سن السابعة من عمره مع والدته إلى لبنان ليعيش هناك فترة من الزمن .
و انتقل فيما بعد إلى الأردن حيث بدأ بدخول عالم المسلسلات البدوية و اشتهر فيها .
ترك المدرسة في المرحلة الثانوية و بدأ الاهتمام باللغة و الفن و الأدب ، بعد ذلك دخل عالم الفن بشكل قوي عام 1959 .
لكن كانت انطلاقته الحقيقية مع مسلسل سر الغريب عام 1967 ، و دخل عالم التعليق الصوتي و التمثيل مع بداية غالبية ظهور الشاشات في العالم العربي .
في الأردن بدأ بدخول المسلسلات مثل مسلسل عذاب ، ثم أصبح فارس الدراما البدوية و أحد أعمدتها و بالتحديد مسلسل فارس ونجود ، و كان هذا المسلسل علامة فارقة في حياة الأستاذ محمود .
حصل على أهم أدواره السينمائية مع المخرج مصطفى العقاد في فيلم الرسالة عام 1976 .
من أهم أعماله المسرحية المهرج لمحمد الماغوط ، و موسم هجرة الشمال ، و أدى الأستاذ محمود أدواراً كثيرة كان فيها صاحب دور الراوي في المسلسلات و الدوبلاج .
ترك خلفه العشرات من أعمال المعلقات الشعرية و الصوتية بصوته المخملي الجميل .
الأستاذ محمود عاش حياة أسرية قلقة لدرجة أنه تزوج سبعة مرات و لم يستمر مع أي زوجة ، وفي تسعينات القرن الماضي خفتت نجوميته و عانى من عزلة فنية ومن مشكلات أخرى .
توفي رحمه الله بسرطان الرئة في الثلاثين من ديسمبر لعام 2014 .
التحليل الصوتي للممثل محمود سعيد
سنسلط الضوء على مجموعة من نقاط القوة في الأستاذ محمود سعيد و أدائه و إلقائه ، فنحن سنبحث عن مواطن القوة و نظهرها على شكل نقاط .
فلو حللنا صوت الأستاذ محمود و أدائه و شخصيته سنجد :
خامة الصوت
هي التي تميزه فهو له خامة صوت بارزة كبصمة من النادر أن تتكرر أو يكون لها شبيه ، لدرجة أن مجموعة من الناس حاولوا تقليده كمحاكاة لجمال صوته .
مخارج الحروف
تبعاً لأداء الأستاذ محمود فإن مخارجه متزنة و صحيحة ، ولا شك أن أي شخص يُقبل على هذا العمل لا بد له من أساسات لا يمكنه القفز عنها .
لكن بشكل نسبي هو فعلاً له مخارج حروف ممتازة .
أسلوب القراءة
أسلوبه و وقفاته في القراءة مميزة ، فلديه وقفات مفاجئة لها نمط معين و انطباع يعطي أسلوبه تفرداً ، فلو أديته بصوت آخر فستعرف تقنية و أسلوب محمود سعيد .
في النهاية هو شيء يقدره صاحب الأداء ، فيقدّر الشكل و النوع و الأسلوب المناسب ، بحيث يحافظ على النص و يعطيه الشكل الجميل الذي لا يغير أصل المعنى و يظهر طابعاً معيناً .
التمثيل
لا شك أن تنوع التمثيل و أشكاله و ألوانه أكسبته مهارة عالية جعلته عند أدائه النص تشعر أنه يمثله تمثيلاً و هذا هو المطلوب .
و بنفس الوقت يحاول مخاطبة الجمهور من خلال التعليق الصوتي بطريقة هائلة جداً و هذا ما يميزه ، فهو قامة و أسطورة .
ارتكاز الأداء
لا يرتبك فلديه ثبات انفعالي على مستوى عام مع تلوين في انخفاض و ارتفاع ، فيبقى ضمن أطر معينة لا يخرج و يصبح هجومياً أو يغير في النبرة بشكل كامل .
الدوبلاج
في عالم الدوبلاج فعلاً لا يليق به إلا الأدوار الكبيرة ، و بين عالم التمثيل و الدوبلاج فهو رقم واحد ، أما في التعليق الصوتي فيعتمد على التصور الذهني .
شخصية محمود سعيد
سنسلط الضوء على أرشيفه القديم وشخصيته و ما هي أهم المراحل التي مر بها الأستاذ و الفنان محمود سعيد في حياته .
المرحلة الأولى
مرحلة البداية ، عدم الشهرة و تلمس الطريق ، التمرس و الدراسة ، و كانت بدايتها بعد ست سنوات بدأت في مسلسل سر الغريب و هو برنامج تاريخي .
المرحلة الثانية
بعد مرور أربع سنوات بدأ في مسلسل التائه المأخوذة قصته عن القصة العالمية مرتفعات ويذرينج .
المرحلة الثالثة
كانت عام 1971 في مسلسل بدوي بالأسود والبيض اسمه فارس ونجود مع الفنانة سميرة توفيق .
ويشكل صوته من شخصيته جزءاً كبيراً ، لأننا كعرب نحب الكلمة و الصوت الجميل ، فكان يُطلب منه أداء برامج شعرية في منتصف الليل ، و دعايات و إعلانات و أدوار معينة بحاجة لإبراز الكلمة .
وقد لقبه الأستاذ حسيب يوسف بعيون الصقر ، واختير لتمثيل شخصية خالد بن الوليد في فيلم الرسالة ، مع أنه تقدم للفحص على شخصية أبو سفيان .
و يمكن هذا أسلوب من أساليب السينما العالمية ، أنهم لا يفحصونك على الدور الذي سيعطى لك ، ولم يعرف ما دوره إلا قبل أسبوع من بدء التحضير للعمل .
وكان مفاجأة له أن يكون شخصية خالد بن الوليد رغم قصر الدور و حجمه من حيث الزمن في الفيلم ، لأن أمنيته كانت أن يقوم بدور في فيلم طويل .
وعلق مرة في مقابلة تلفزيونية معه أنه لو عاد به الزمان لحقبة ماضية ، فأي حقبة يختار ليعود إليها ، أجاب مرحلة صلاح الدين الأيوبي .
لأن تلك المرحلة تشبه مرحلتنا الحالية التي نعيشها و انتهت باستعادتنا للقدس ، وهو كان يتمنى أن تعود القدس .
وهكذا انتهت رحلتنا مع أسطورة الصوت و التمثيل و التعليق الصوتي محمود سعيد .
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com