قوانين الكون الأربعة
العالم مكان مليء بالنشاط والتغيير، الشمس تشرق في كل يوم وتغرب، القمر يظهر ويختفي، وحتى النجوم لها مدارات خاصة، الفصول تتغير بشكل مستمر، البذرة تتحول لشجرة، الانسان نفسه يتقدم في العمر ويموت في نهاية الأمر ومن هنا بدأ الانسان بالسؤال
ماهو سبب هذه الحركة والتغيير؟
على الرغم من ان العالم مكان غني جدا بالأنظمة الفيزيائية من أول ذرة متناهية الصغر حتى المجرة بالغة الكبر إلا أن معظم هذه الظواهر الطبيعية يمكن تفسيرها عبر 4 قولنين أساسية فقط
القوى الاساسية الأولى في الكون تم التعرف عليها هي الجاذبية
الانسان يشعر بقوة الجاذبية في كل لحظة تقريبا لكن التعرف على دورها الحقيقي كقوى اساسية كان من خلال اعمال اسحاق نيوتن من خلال قوانينه استطعنا معرفة ان مجال الجاذبية لا يقتصر على الارض انما هي تعمل في الفضاء بين الشمس والقمر والكواكب والنجوم بل انها المسؤولة عن دوران القمر حول الارض ودوران الارض حول الشمس ودوران الشمس حول مركز المجرة
قوة الجاذبية بوجه عام لها سمتين واضحتين الاولى كونها شاملة ولا يوجد اي شيء في الكون يفلت منها، وثاني سمة كونها تجذب ولا تتوقف عن الجذب إطلاقا
وبالرغم من كونها اكثر قوة مشهورة بين جميع القوانين الكونية الا انها تعتبر قوة ضعيفة مقارنة بالقوى الاخرى
على سبيل المثال: القوة الكهربائية أقوى بمقدار عشرة أمامها أربعين صفر من قوة الجاذبية لكن من فضل الله فهذا الامر جيد، ولنعرف لماذا هو امر جيد لنتخيل ان قوة الجاذبية على مستوى الكون بأسره إزدادت ضعف قوتها فقط
فبدل ان تكون 1 أصبحت 2، برغم ان هذه الزيادة من وجهة نظر البعض ممكن ان تكون قليلة الا ان تأثيرها على العالم سيكون مهول، لو الجاذبية كانت اقوى بمرتين الضغط في باطن النجوم سيكون اشد
بالتالي التفاعلات والاندماجات النووية ستكون أكثر عنفا وسيترتب عليها ان مخزون المادة داخل النجوم سيتحول الى طاقة بشكل اسرع وحينها ستحترق النجوم بشكل اسرع وتموت في سن مبكر اي بدل ان يبقى عمر النجم الافتراضي عشرة مليار سنة سيصبح عمره 100 مليون سنة
الامر الثاني الذي سيحصل هو ان ضياء الشمس وأشعتها ستزداد قوتهم حوالي 100 مرة، كوكب الارض على سبيل المثال سيتحول الى محرقة ضخمة وسيتجرد تماما من الغلاف الجوي، جميع الانهار والمسطحات المائية ستتبخر وتتلاشى وستفقد الارض جميع مظاهر الحياة الموجودة بها جميه هذا سيخصل عندما تزداد قوة الجاذبية الضعف فقط
السر الذي يجعل قوة الجاذبية مؤثرة بهذا الشكل كونها قوة تراكمية فكلما تزداد المادة كلما تزداد الجاذبية وهذا يجعل الجاذبية لديها القدرة على صناعة كيانات مرعبة في الكون فهي السبب الرئيسي في صناعة الثقوب السوداء،
الجاذبية تجعل الثقب الاسود مرعب لدرجة انه حتى الضوء لا يستطيع الهرب من جاذبيته لذا جميع ما يدخل الثقب الاسود عبارة عن لغز، الضوء لا يستطيع الهرب من الجاذبية بالتالي لا يستطيع ان يعكسه كي يفصح عن مكنون هذا الكيان الغريب
القوة التي تحتل المركز الثاني ضمن القوى الاربعة الاساسية في الكون هي القوة النووية الضعيفة، هذه القوة غير مشهورة ومن النادر ان يكون قد تم السماع عنها وهذا لان هذه القوة لا تحتك بشكل مباشر بأي شيء موجود في حياتنا ولكن برغم هذا فهي قوة مهمة جدا مثل الجاذبية بالزبط ولا تقل عنها اهمية مطلقا
في عام 1054 علماء الفلك اكتشفوا ظاهرة غريبة جدا وهي ظهور ضوء ساطع جدا في السماء، لم يكونوا يعلمون من اين ظهر وما هو سبب ظهوره وحينها لم يكن هناك احد قد شاهد ضوء بهذا اللمعان في السماء،
وحينها قاموا بتوثيق المشهد وتسجيله بالرسومات لعل الاجيال القادمة تملك تفسير لما حصل وفي عصرنا الحديث تم معرفة ما هو الضوء الذي ظهر
من شاهد هذا المشهد قد عاصر واحدة من أكثر اللحظات ندرة في العالم، موت النجوم يكون عبارة تفكك عنيف مفاجئ لجزيئاته ويسمى بالسوبر نوفا،
جزيئاته تنفجر بعنف والغبار الخاص به يتناثر لمليارات الكيلومترات في الفضاء ولو كنت تتسائل نحن كبشر ماذا نستفاد من موت النجم
لنشرح اولا كيف انفجر هذا النجم وما القوى الاساسية التي كانت وراء الانفجار، النجوم كتلتها تكون عالية جدا والامر الذي يمسك مادة النجم هو النواة،
لكن نواة النجم من أجل ان تستطيع المحافظة على تماسك النجم تحتاج الوقود، وهذا الوقود يكون عادة الهيدروجين وهو الذي تستمد النجوم طاقتها عن طريق حرقه وتحويله لغاز الهيليوم
لكن هذا الوقود سيأتي يوم وينتهي وبالتالي عندما ينتهي الهيدروجين سيبدأ الهيليوم بالاحتراق والتحول لمادة اخرى وهكذا حتى يصل الى عنصر الحديد وحينها الوقود الذي يوجد داخل النجم سيكون قد انتهى وتكون النواة عاجزة ان تبقى ممسكة بكتلة النجم
ويبقى الوضع هكذا حتى يصل الى مرحلة حرجة وهي مرحلة الاستسلام وحينها النجم يبدأ بالانهيار والانكماش على نفسه وبعدها يترتد وينفجر بانفجار مهول، مربط الفرس من هذا الموضوع كله هو سبب ارتداد النجم مرة أخرى، النجم بعد انكماشه عن نفسه لماذا يرتد ياترى!
الاجابة: هي انه في اثناء انكماش هذا النجم تبدأ مادة البروتونات والالكترونات بالانضغاط بعنف وكثافة النجم تزداد الى درجة ان السنيمتر المكعب الواحد ممكن ان تصل كتلته الى مليار طن،
وبسبب هذا الضغط العنيف تبدأ القوة النووية الضعيفة بالتدخل وهنا يظهر دورها بأوضح شكل، في هذا الوقت تحول القوة النووية الضعيفة البروتونات الموجودة في النجم الى نيترونات وهذه النيترونات تقوم بضغط عكسي وتدفع سطح النجم الى الخارج بالتالي تقوم بتدميره الى أشلاء
بالتالي القوة النووية الضعيفة هي السبب في عملية ارتداد النجم وانفجاره بالكامل وأهم خدمة القوى النووية الضعيفة تقوم بتقديمها الى الكون هي أنها تنشر عدد كبير جدا من العناصر في أرجاء الكون
عناصر هامة مثل الكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم والكبريت والصوديوم والكلور والمغنيزيوم وغيرهم الكثير عناصر ضرورية جدا في الحياة لكنها ليست متوفرة في كل مكان ومصدرها الاساسي هو النجوم،
وعندما ينفجر النجم بسبب القوة النووية الضعيفة تبدأ هذه العناصر بالانتشار في ارجاء الفضاء وتكوين التربة الخاصة بالكواكب والاجرام السماوية المختلفة
أي العناصر الموجودة في تربة هذه الارض كانت في يوم من الايام في الفضاء الخارجي ولو كانت النجوم تموت وتتبقى على حالها بدون انفجار وبدون تدخل للقوة النووية الضعيفة كانت ستبقى هذه العناصر مسجونة في نجوم ميتة عديمة النفع من دون ان نستطيع الاستفادة منها على الاطلاق
القوة الثالثة التي سنتكلم عنها هي القوة النووية الشديدة وهي مختلفة قليلا عن القوة النووية الضعيفة فهي وضعت تحت اختبار البشر عدة مرات وهم يعرفونها بشكل جيد، كما نعلم ان الذرة تتكون من أجزاء داخلية بروتونات ونيترونات والكترونات
البروتونات نفسها مركبة من جسيمات أصغرة وهي الكوركات والذي يقوم بربط هذه الجسيمات ببعضها هي أشد قوة في قوانين الكون والتي هي القوة النووية الشديدة،
وكما ان الضوء والحرارة الذين يخرجون من الشمس السبب في وجودهم هي عملية الاندماج النووي التي تحصل في باطن الشمس الذي تعتبر القوة النووية الشديدة هي المسؤولة عنه، اي ان القوة النووية الشيدة هي احد الاسباب الرئيسية والهامة جدا لوجود الحياة وترابط الكون
القوة الرابعة هي القوة الكهرومغناطيسية والتي يظهر من اسمها انها تقسم الى شقين: شق كهربائي وشق مغناطيسي، والرابط ما بينهم تم اكتشافه على يد العالم الامريكي مايكل فاراداي والعلاقة بينهم هي ببساطة ان التيار الكهربائي يولد مجال مغناطيسي
وهذه هي الظاهرة التي يتم استغلالها في جرس الباب او اجهزة الهاتف، وكما يتم استخدامها في اي جهاز الكتروني يتم استخدامه في حياتنا اليومية وعلى عكس كل هذا ان المجال المغناطيسي يولد مجال كهربائي لذا يتم دمجهما هم الاثنان سوية
القوة الكهرومغناطيسية فائدتها القصوى تكمن في ربط أجزاء الذرة مع بعضها والمقصود هنا الأجزاء الكبيرة وليست الاجزاء المتناهية الصغر من غيرها اي شيء مركب من ذرات لن يكون مستقرا وطبعا لا يوجد اي شيء في الكون إلا وهي مركبة من ذرات وبالتالي وجودها في الكون شيء حتمي
اقرأ أيضاً… تلسكوب ناسا الجديد: رصد أضواء اصطناعية على كوكب القنطور الأقرب “ب”
اقرأ أيضاً… الثقب الأسود العملاق: رصده علماء الفلك وهو يلتهم ثقباً ثانياً
اقرأ أيضاً… مجرة درب التبانة تفقد مجموعة من التوابع
قوانين الكون الأربعة – قوانين الكون الأربعة – قوانين الكون الأربعة