بسم الله الرحمن الرحيم، يجب أن نتعلم جميعاً في أن القضاء إذا نزل بنا نُسلم به.
المرحلة الأولى هي أنه لا يُرفع القضاء حتى يُرضى به، لا يملك أحد أن يطالب الله بشيء. إن لم ترضَ ستبقى في البلاء.
لذلك الذين يعيشون في البلاء طويلاً هم سبب بلائهم، لأنهم لا يرضون بالقضاء، فلو رضوا رفع الله عنهم البلاء.
فإن دخلت على إبنك ووجدته يلعب الورق فضربته، إن استسلم ورضي فماذا تفعل به؟ تراضيه وتربت عليه، لكن إن تمسّك بالخطأ فستضربه مرة أخرى.
إذن، الحق سبحانه وتعالى يعاملنا كذلك، إن رضينا بالقضاء يقول: فمن رضي بقدري أعطيته على قدري.
الصبر على القضاء
فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل
هل صبر يوسف عليه السلام أم لم يصبر؟ انظر ما فعلوه به في الجب وفي السجن، إنما في الأخير ماذا فعل الله له:
وكذلك مكّنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء
فرفعه الله على عرش مصر ورفع أبويه على العرش معه، إذن المسألة إن رضيت بالقضاء ربنا يبين لك الحكمة في هذا القضاء .
المقياس هو النفس
ولذلك قلنا إن الإنسان إذا أصابه شيء يكرهه ونفسه تنزعج منه يعرض الأمر على نفسه، فهل هو السبب في حدوث المصيبة أم لا.
مثل قول: رسب لأنه لم يدرس. ويكون العلاج بأن يدرس، وهو رسب كي يدرس كل سنة.
وإن كان لسبب آخر مثل: أنه درس وحفظ وفعل كل ما باستطاعته وذهب للامتحان فأصيب بدوار فلم يستطع الإجابة الصحيحة.
فنقول له هذا ليس بسببك أنت، بل من أصابك بالدوار وهو الله.
إذن فله حكمة من هذا، ربما تصبح مغروراً ومعجباً بنفسك أو تصاب بالحسد أو لا تحصل على المجموع الذي يدخلك الكلية التي ترغب بها.
ولذلك قلنا أن المقياس هو النفس.
الأخذ بالأسباب
لو دخل ولد على أبيه ووجهه ينزف دماً، ويرى الأب وجه ابنه ينزف دماً ولم يؤخذ برؤية الدم بل سأله حتى يعرف من فعل به ذلك.
فأول سؤال سيسأله هو: من الذي فعل بك ذلك؟ يقول الولد: هو عمي الذي فعل. فيأخذه لعمه ليسأله لم فعل ذلك.
حينها يجيب عمه: أنه كان يقطع الشارع والسيارة قادمة نحوه فلم أقدر على سحبه إلا من وجهه وأظافري فعلت به ذلك. فهل يشكره أم لا؟
إذن، لا يأخذك الحدث إلا إذا عرفت من فعله. فالمؤمن لا ينظر إلى الحدث إلا نظرتين:
إن كان من نفسه يعالجها.
وإن كان من عند الله فإن له في ذلك حكمة، فإن رضي بهذا القضاء رفع الله عنه البلاء.