الدينار الكويتي هو الأغلى قيمة على مستوى العالم فالدينار الواحد يساوي 3.3 دولار وهذا لا يعني أنه الأقوى.
لو قارنا بين وزن شخصين أحدهما سمين والآخر قوي فإن وزن السمين أكبر من القوي. فهل معنى ذلك أن السمين هو الأفضل؟
ذات الفكرة يمكن أن نطبقها على قيمة الدينار الكويتي أمام الدولار.
من يحدد قيمة الدينار الكويتي
يجب أن نعرف شيئاً مهماً جداً أن تحديد قيمة العملات وتسعيرها يعود في الأساس إلى الإدارة المالية والاقتصادية في الدولة.
فحسب السياسة النقدية التي يتبعونها يتخذون قرار تسعيرة العملة سواء كان القرار ارتفاع للقيمة أو انخفاضها.
والأسواق من ناحيتها ترد على هذا القرار. فلو تم تحديد العملة بعشر دولارات سيتدخل السوق ويفرض كلمته.
في مصر قيمة الدولار الواحد بثمانية عشر جنيهاً تقريباً، بينما في نوفمبر عام 2016 كان بثمانية جنيهات قبل التعويم.
وهذا ببساطة يعود للحكومة لو كانت قررت أن السعر يظل ثمانية جنيهات مع النقص الشديد في النقد الأجنبي وضعف الاقتصاد.
كانت الأمور ستسوء جداً وسيحدث مضاعفات خطيرة في الاقتصاد مثل:
توحش السوق السوداء وارتفاع سعر الدولار بأضعاف السعر الرسمي.
تراجع الاستثمارات لأن المستثمر لا يمكنه حسم المكاسب والخسائر لمشروعه في ظل سعري الصرف.
الحكومة تتحول إلى أحد زبائن السوق السوداء لأنها تحتاج إلى الدولار ليشتروا به القمح وغيره.
مثل وضع السودان حالياً تماماً حيث أن سعري الصرف الفارق بينهما 100% تقريباً.
طبعاً التعويم الذي قامت به الحكومة المصرية لا ينهي المشكلة لكنه أدى دور المهدئ لاقتصاد في انتظار زيادة النقد الأجنبي.
وبالتالي بشكل تلقائي ستجد الأسواق ترد على التسعير الذي قامت به الحكومة لعملتها.
أغلى العملات في العالم
نعود للدينار الكويتي، لماذا هو أغلى عملة في العالم؟
الدينار الكويتي ليس وحيداً فهناك الريال البحريني يعد ثاني أغلى عملة في العالم والريال العماني ثالث أغلى عملة في العالم.
السبب أن البنك المركزي الكويتي يريد أن تكون قيمة عملته كذلك وليحافظ على هذه القيمة اتبع نظام سعر الصرف الثابت.
فالدينار لا يتأثر بالطلب أو العرض، والبنك المركزي يريد للدينار أن يساوي 3.3 دولار أمريكي كي يزيد الأرباح من النفط.
فتستطيع تغيير الدولار القادم من الخارج بقيمة 3.3 للدولار. والبترول للكويت يمثل 95% من عائدات التصدير والدخل الحكومي.
الاقتصاد النفطي
عندما تزيد قيمة العملة تقل الصادرات لتصبح البضاعة غالية، ولكن هذا ينطبق على السلع والخدمات غير المسعرة عالمياً كالنفط والقمح.
فلو أن الكويت وفنزويلا لديهما برميلا نفط برنت ستبيعانهما بمبلغ 80 دولاراً مثلاً أي بنفس السعر.
رغم أن الدولار الواحد يساوي 250 ألف بوليفار فنزويلي.
والكويت لا تصدر شيئاً تقريباً عدا النفط، ففي عام 2017 كانت صادرات الكويت غير النفطية بقيمة 440 مليون دولار تقريباً.
بما يعادل ما تصدره محافظة الاسماعيلية في مصر من الخضار والفاكهة كل سنة. فلا تحتاج إلى دينار قيمته قليلة لتنافس صادراتها في الخارج.
تأثير انخفاض الطلب على النفط على استقرار الدينار
قلنا سابقاً أن الأسواق لها رد فعل تجاه تسعير قيمة العملة، وثباتها يناسب الكويت والوضع الاقتصادي.
فلديهم فائض ميزان مدفوعات ضخم وتدفق نقدي هائل بأكثر من 50 مليار دولار.
وهي بلد صغيرة وسكانها عددهم 4.5 مليون نسمة فقط كويتيين وأجانب وبالتالي فهو اقتصاد صغير أصلاً.
لكن هذا الوصع لن يستمر إلى ما لا نهاية لأن هناك تغييرات كبيرة ستأتي في المستقبل
فسياسة الاعتماد على النفط وحده من أكبر أخطاء دولة الكويت لأن العالم بدأ يشهد بدائل للوقود الأحفوري.
والغرب يبحث عن وسائل بديلة وآمنة ومتجددة للطاقة مثل الكهرباء من الطاقة الشمسية أو من الرياح.
والعالم كله يتجه الآن إلى مصادر الطاقة النظيفة مثل السيارات الكهربائية والقطارات التي تسير بالطاقة الهيدروجينية.
والطلب على البنزين في أمريكا ثابت منذ فترة رغم ضخ ملايين السيارات سنوياً، فالمخاوف تصعد حتى من داخل شركات النفط.
أحد التنفيذيين في شركة شيل يعتقد أن الطلب على النفط سيصل إلى الذروة بغضون 5 إلى 15 سنة من الآن.
وذروة الطلب تعني أن منحنى الطلب على النفط سيبدأ رحلة الهبوط. وهذا لا يعني أنه سيستغني العالم عن النفط فجأة.
ولكن هناك تغييرات عميقة تحدث في سوق الطاقة العالمي الذي كنا نعتقده حلماً بعيداً. وسنرى كيف سيكون الطلب على النفط بعد عشر سنوات.
وهكذا يجب أن تتغير سياسة الاعتماد على النفط وتبدأ الكويت بتنويع اقتصادها وإلا القيمة العالية للدينار لن تظل كما هي.
بل سيأتي يوم والبنك المركزي الكويتي سيضطر لتخفيض قيمة الدينار الكويتي، والأسواق سيكون لها رد فعل على تقييم قيمة العملة.
فلا يوجد هناك حالة سكون، طالما أن هناك تغيرات تحدث في السوق العالمي يجب أن يكون للأسواق رد فعل بالتبعية.
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com