ليطمئن قلبي
إذا كنت تظن أنك تعاني من الكثير من المشاكل وتمر بالكثير من المصاعب، وانك في حين تواجدك في مكان ما انت الوحيد الذي تعاني، سوف تكتشف العكس في هذه الرواية اليوم بحيث انها غنية بالكثير من المواضيع التي هي جزء من حياتنا، تم جمعها في مكان واحد
كل هذه المواضيع التي تطرق لها الكاتب تدور وسط حافلة اليوم سنقوم باكتشافها في مراجعة لرواية ليطمئن قلبي
ليطمئن قلبي، للكاتب أدهم الشرقاوي الملقب بقيس بن ساعدة ذو الجذور الفلسطينية، عدد صفحاتها 338
تدور احداث الرواية في حافلة تسير بنا في دروب الحياة تكشف لنا في كل مرة داخلها حكاية جديدة بأبطال مختلفين يحمل كل منهم أملاً، خيبة، حباً،حلماً.
مجموعة من القصص خلف كل منها دروس وحكم، الحب من أول نظرة، والصداقة بين الرجل والمرأة، مرض السرطان، العقم وأثاره على المرأة، الوهم الذي نصنعه فقط لنتجنب قول الحقيقة، وغيرها من القصص
اسلوب الكاتب يعزف على أوتار القلب فالرواية عبارة عن رسالة مطولة يكتبها البطل لحبيبته التي جمعته بها إحدى الحافلات التي يستقلونها كل صباح، لذهاب احدهم الى العمل والأخر الى الجامعة
الكاتب أثناء حديثه مع حبيبته كانت يتطرق بين الحين والأخر الى الحديث عن بقية ركاب الحافلة الذين ربطتهم ببعضهم علاقة وثيقة نتيجة للقاء اليومي في الحافلة،
فتارة يتحدث عن إحدى ركاب الحافلة وهي الخالة أحمد مريضة السرطان والتي تستقل الحافلة للذهاب الى جلسات العلاج الكيماوي والإياب منها حاكيا لنا حكايتها ليترك في قلبنا زفرة وفي حناجرنا غصة عندما يخبر حبيبته بما حصل للمرأة أثناء غيابها، ويحدثنا أيضا عن بقية ركاب الحافلة
سارد لنا حكاية كل منهم لنتفاعل معها ونتأثر بها وكأننا ضمن ركاب الحافلة وليس مجرد قراء لكلام قد خط على ورق، فكثيرا ما شعرت أنني ضمن الركاب وكثيرا ما تمنيت ذلك
الكاتب حدثنا أيضا عن امرآة عاقر، ومأساة طلاقها وتوقها للأمومة، حدثنا أيضا عن رجل عجوز فقد بصره عندما كان صغيرا وتركنا نرى الدنيا من خلال عينيه المملؤتان بالظلام الدامس
في الحافلة أيضا شاب تقي قلبه امتلئ بالايمان وامتلئ عقله بالاسلام، وصحفي ملحد قلبه امتلئ بالشك وعقله امتلئ بالأسئلة، وكثيرا ما جرت الحوارات والمناقشات بينهما وسط صمت وهدوء كل من في الحافلة
ترى لمن ستكون الغلبة في النهاية؟ وهل سيكتب ذاك الصحفي الملحد يوما ما خبر إسلامه؟
تعرفنا ايضا عن حكاية كاتب مغمور، يحلم بنشر كتاباته لكن القدر لم يساعده في ذلك، كما اننا تعرفنا على قصة شاب في الثلاثين من عمره لكنه لا زال طفل في الخامسة، توقفت سنوات عمره عن الجريان عندما كان يعبث بمسدس أبيه فانطلقت من رصاصة استقرت في قلب أمه.
واخيرا، تعرفنا على قصة البطل الذي يحكي لنا كل هذا، تعرفنا على قصة كريم ووعد ونهايتهما المفجعة.
منذ الصفحة الاولى جذبتني الرواية واجلستني معهم في الحافلة ولم تتركني الا بعد ان انتهيت من الصفحة الاخيرة تركتني وشعور بالحزن يلفني لمفارقة الحافلة
هذه الرواية لا تشبه كتابات ادهم الشرقاوي ابدا، لقد تفوق على نفسه بشكل مبالغ فيه رغم انه رائع في كل كتاباته السابقة الا ان هذه تختلف عن كل ما قرأته له او لغيره، مهما حاولت ان اصف شعوري بها لن استطيع انه مزيج من الدهشة والانبهار والحزن
الكاتب لغته قوية للغاية والاحرف ترقص طربا بين دفتي كتابه ولا أحد من الكتاب المعاصرين نجح في استعمال اللغة وترويضها لقلمه كما فعل ادهم الشرقاوي، فالكاتب موهوب في السرد والاستطراد والتنقل بين المواضيع بخفة وسهولة
الكاتب مثقف الى الحد الذي يجعلك تقف منبهراً امام هذا الكم الهائل من المعلومات المتنوعة التي يتطرق إليها
فالكاتب أدهم الشرقاوي ليس مجرد كاتب او سارد للحكايات فإنه يدرسنا ويعلمنا ويعطينا دروس في الحياة، تحدث الكاتب في الكثير من الموضوعات وعالجها بطريقة موضوعية ومثمرة للغاية واستدل على ذلك بالنظريات العلمية وكلام العلماء ورجال الدين
الرواية هي رواية مدهشة ومميزة ومشوقة ومثيرة وبسيطة رغم عمقها، وعميقة رغم بساطتها، النهاية حزينة للغاية وإن كانت تحمل جزءا مشرقا لكنها أوجعتني وأصابتني في المقتل
وأخيرا كانت رواية تعادل مكتبة بأكملها، يقدسها كل من له في القراءة باع ولا أبالغ ان قلت ان كاتبنا هو الكاتب الذي تأوي اليه فكرة كل قارئ كما يأوي كل رضيع الى أمه
لتحميل الرواية من هنا
اقرأ أيضاً… كتب رائعة ستغير تفكيرك في ٢٠٢٢ – اليك افضل سبعة كتب
اقرأ أيضاً… أفضل عشرة كتب علمية لعام 2021
اقرأ أيضاً… الكونت دي مونت كريستو: ملخص رواية الكونت دي مونت كريستو للكاتب ألكسندر دوماس