في سؤال الشيخ الألباني: بسم الله الرحمن الرحيم، بارك الله فيكم.
بالنسبة لأمر تنظيم النسل من أجل تربية الأولاد وراحة الأم لا من أجل الرزق وما إلى ذلك.
ويقولون أن الأم يجب أن ترتاح سنتين ما بين كل حمل وحمل، لأنها تستهلك من طاقة جسمها الكثير، بالإضافة إلى تربية الطفل. فبالتالي يتم اللجوء إلى موانع الحمل حتى يتم هذا التنظيم.
جواب الشيخ عن تنظيم النسل
ما ينبغي على كل مسلم متزوج بل وغير متزوج الاستماع لقوله عليه السلام: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم.
هذا الحديث واضح الدلالة جداً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن تتكاثر أمته، وهذا التكاثر ليس مصلحة مادية كما تنبه لها بعض الساسة الأوروبيين وأعني بالذات هتلر.
حينما فرض معاشاً وراتباً لكل مولود يلد، فإنه كان لديه شيء من العقل السياسي الحربي، وعرف جيداً أن الأمة التي تريد أن تتحكم بالشعوب الأخرى لا بد أن يكون نسلها وافراً.
ولذلك اتخذ قانوناً على خلاف ما تتخذه بعض الدول اليوم، ولا يهمنا الدول الكافرة الذين وصفهم الله دائماً بأنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله.
والآية معروفة: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
ليست هذه الدول ما تهمنا ولكن تهمنا بعض الدول العربية، الذين يتخذون هذه القوانين التي تحد من تكاثر المسلمين.
هذا الرجل الألماني هتلر عرف فائدة التكاثر من الناحية المادية، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعني هذا، وإن عناه فلا يعنيه لأجل السيطرة والتسلط على البشر وإنما كما قال عليه السلام:
من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.
ولذلك جاء في حديث مرسل، إسناده صحيح لكنه مرسل، وهو في النتيجة ما نستطيع أن نجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نطق بهذا الحديث لكن معناه صحيح بشهادة الحديث الأول:
والحديث المرسل هو: أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة.
لماذا؟ لأنه أكثر تبعاً وأمةً، لهذا المعنى مفهوم الحديث الأول والمؤيد من الحديث الآخر، قال عليه الصلاة والسلام: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم.
سبب تكثير الأمة
ما يهمنا نحن المسلمون أن نرسخ في أذهاننا جميعاً أن تكثير أمتنا المحمدية مما نرضي به نبينا عليه السلام بتقصدنا بإكثار نسلنا والعكس بالعكس تماماً.
فتحديد النسل يغاير الرغبة النبوية والمباهاة الشريفة التي قال فيها: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم.
لذلك تحديد النسل أو تنظيم النسل فلسفتان عصريتان وهناك تفريق بينهما معروف لدى الجميع. وهو من باب تخصيص، تنظيم النسل أقل من تحديد النسل.
جواز تحديد النسل
ونقول أن أصل هذا التحديد أنه لا ينزل عن الكراهة لحديث المباهاة الذي ذكرناه آنفاً، لكن هذه المباهاة من الناحية الفقهية يمكن أن تنخفض وتزول بالكلية ويمكن أن ترتفع وتدخل في مرتبة الحرام.
ولكل من هذا وهذا أمثلة، ونحن سنكتفي بأن نقول: إن كان هناك إمرأة ولود وكل سنة تحمل ولداً، هنا النساء بلا شك يختلفن، ومنهن من تتحمل هذا النسل المتتابع ويبقى جسمها قوياً ومنهن من لا تصمد وتضعف.
ويهمني هذا الجانب الأخير، إن كانت المرأة بسبب كثرة الولادة، كما يقول الأطباء أن هذا قد يسبب لها فقراً في الدم.
فإذا تعرضت المرأة الولود بسبب كثرة ولادتها وبدأت مظاهر الضرر في بدنها فلا أرى مانعاً من أن تنظم نسلها وليس أن تحدد نسلها.
بمعنى ان تراعي صحتها، فإذا وجدت أنه عاد إليها نشاطها وقوتها امتنعت عن التنظيم. وهذا مثال عن أن هذه الكراهة قد تزول.
كراهة تحديد النسل
وقلنا بالمقابل قد تتضاعف وتدخل في باب التحريم، والتحريم يأتي من جوانب: أقواها ما نسمعه من كثير من المسلمين لكن للأسف ضعيفي العلم والإيمان.
يقولون أنا موظف وراتبي كذا بالكاد يكفيني أنا وزوجتي وابني وابنتي.
هذا منطق الجاهلية الأولى الذين كانوا يلجأون إلى قتل أولادهم الذين نهاهم الله حينما أسلموا بقوله: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيرا
إذن، هذه عقيدة جاهلية يحرم على الزوجين أن يتفقا أو يتعاونا على تحديد النسل خوفاً من الفقر.
ثواب تكثير الأولاد
قريب من هذا ولا أقول مثله، أن كثيراً من الآباء والأمهات يستثقلن القيام بتربية الأولاد، هذا في الواقع بلا شك غفلة عن حديث المباهاة.
وهذه يصحبها غفلات كثيرة جداً عن ثمرة تربية الأولاد إن عاشوا بل وثمرة تربية الأولاد وإن ماتوا
أما إن عاشوا فواضح جداً يكون هذا الولد الذي عاش مسلماً على الأقل، مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وخاصة إن كان يصلي ويصوم فهنيئاً لأبويه.
حسناته كلها تكتب في صحيفتهما، خاصة إذا كان بعد ذلك من طلبة العلم الشرعي، فيكون الأبوان غريقان في الحسنات من حيث لا يشعرون بسبب إنشائهم للأولاد ومن ثم صبرهم على تربيتهم حتى يبلغوا مبلغ الرجال.
وكل هذا إن عاشوا، وإن ماتوا فالأجر بالغ جداً لدرجة أن لو جاء لتمنى الإنسان أن يتزوج ويتكاثر أولاده ويموتون ويكونوا له أفراطاً.
دلائل تكثير الولد من الحديث النبوي
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنّة بفضل رحمته إيّاهم. متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد لا تمسّه النّار إلا تحلّة القسم. متفق عليه.
وعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ذهب الرّجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلّمنا ممّا علّمك الله.
قال: اجتمعن يوم كذا وكذا، فاجتمعن، فأتاهنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم فعلّمهنّ ممّا علّمه الله، ثمّ قال:
ما منكنّ من امرأة تقدّم ثلاثةً من الولد إلّا كانوا لها حجاباً من النّار، فقالت امرأة: واثنين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنين. متفق عليه.
خاتمة
إذن، الأولاد فائدتهم إن ماتوا أو إن عاشوا لا تقدر، فهؤلاء الذين يحاولون تحديد النسل أو تنظيم النسل هم في غفلة ساهون.
وأظن هذا الجواب شمل كل الناس، وكل إنسان يقدّر الوضع الذي يتناسب معه، وسبحانك اللهم وبحمدك وأشهد أن لا إله إلا الله.